نظرة على شركات الإنتاج في الدراما السورية ...

[ArcadA]

نهضت الدراما التلفزيونية السورية على أكتاف الشركات الخاصة، هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يتعامى عنها أي إن هذا النجاح الكبير يقف وراءه أفراد إما كانوا يديرون شركات لرجال أعمال فضّلوا البقاء وراء الستار وإما كانوا ينفذون إنتاجاً لمصلحة شركات وفضائيات عربية معروفة. :0069:


وقد استغل أو انتهز أو اغتنم هؤلاء رغبة مديرية الإنتاج في التلفزيون العربي السوري بأخذ قسط من الراحة وها هي ما زالت ومنذ عقدين من الزمان وأكثر في غفوة تستفيق منها بين وقت وآخر لتقدم أعمالاً درامية أعتقد أن غفوتها أجدى وأنفع على الأقل من الناحية المادية منها وقصة شركات الإنتاج الخاصة قصة نجاح بدأ منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي مع محاولات داوود شيخاني وفيصل مرعي وهيثم حقي الذين قدموا أعمالاً اعتُبرت الشرارات الأولى لانطلاق شعلة هذه الدراما مثل (حرب السنوات الأربع) و(بصمات على جدار الزمن) و(البركان) و(دائرة النار) ولكن تبقى شركة (الشام) للإنتاج الفني التي كان يديرها الفنان أيمن زيدان هي العلامة الأبرز فهي التي قدّمت العمل الأول الذي انتشر في العالم العربي وكان (ثورة) في ذاك الزمان وهو مسلسل (نهاية رجل شجاع) وأعقبته بعمل آخر وهو (إخوة التراب) وكان هذا العمل بجزئه الأول إعلاناً لا لبس فيه أن هناك دراما سورية مختلفة وجديدة قادمة فاستعدوا. ثم بدأت سلسلة طويلة من الأعمال المتميزة التي قدمتها هذه الشركات على مدى سنوات طويلة وقد أغرى نجاح (الشام) الكبير البعض فقرر تأسيس شركات إنتاج كانت بعد ذلك رافداً مهماً للحركة الدرامية السورية لعل أهمها شركة (سورية) الدولية التي أصبحت بعد ذلك اللاعب الأساسي في ملعب المشهد الدرامي السوري العربي وقد بدأت نشاطها بمسلسل (الفوارس) ثم مسلسل (الزير سالم) الذي حقق شهرة واسعة للدراما السورية في الخليج العربي الأمر الذي أكد حضورها الطاغي ثم بدأت الأعمال الجيدة تتوالى بدءاً من (صلاح الدين) ومروراً بسلسلة الأندلس وأعمال اجتماعية مهمة ولعل العلامة الأبرز في مسيرة هذه الشركة كان مسلسل (بقعة ضوء) الذي كان قفزة وحركة تجديد ليس بالكوميديا السورية فحسب بل في الكوميديا العربية كلها ويُحسب للشركة تبنيها لهذه التجربة الجريئة كما قدمت الشركة عملاً يعتبر الأول على مستوى الدراما العربية الذي يقترب إلى درجة الالتصاق بالقضية العربية المقدسة (قضية فلسطين) وهو مسلسل (التغريبة الفلسطينية) وما زالت هذه الشركة ناشطة وفاعلة وتعد الأعلى بين الشركات من حيث كم الأعمال التي تنتجها كل عام.
وقد حاول الفنان أيمن زيدان إعادة سيرته في شركة (الشام) مع شركة (الشرق) التي تأسست منذ أكثر من عشر سنوات حيث قدم من خلالها عدة أعمال لعل أبرزها (هولاكو) وقد تفرعت من هذه الشركة شركة أخرى هي (لين)، التي أشعلت شمعات في طريق الدراما السورية وكانت في وقت من الأوقات من أنشط الشركات العاملة ولعل مسلسل (غزلان في غابة الذئاب) الذي أثار جدلاً كثيراً أبرز إنتاجاتها يضاف إليها (نزار قباني) و(بكرى أحلى) و(أشواك ناعمة) وقد هدأ بعض الشيء نشاطها في العامين الأخيرين، ومع بداية القرن الجديد ظهرت عدة شركات أخرى أصبحت اليوم في واجهة مشهد الإنتاج الدرامي ومنها شركة (عاج) التي قدمت أعمال البيئة الشامية الشهيرة مثل (ليالي الصالحية) و(باب الحارة) بجزأيه الأول والثاني ويعتبر هذا العمل ذروة سنام نجاح الدراما السورية وقدمت بعد ذلك أعمالاً اجتماعية مهمة آخرها كان (زمن العار) ومازالت الشركة نشطة وتعد بأعمال كبيرة في المستقبل وهنا لا ننسى تجربة شركة (عرب) للإنتاج التي قدمت أعمالاً مهمة منها (الخوالي) ومن الشركات الناشطة اليوم شركة (سامة) التي تتباهى بعملها (ضيعة ضايعة) وشركة (بانة) التي يديرها المخرج نجدة أنزور وشركة (المساء) و(العربية) و(الهاني) وشركة (ريل فيلم) التي يديرها المخرج هيثم حقي وغيرها من الشركات الخاصة وكل هذه الشركات لها وعليها. لها أنها وضعت الدراما السورية في مقدمة المشهد الدرامي العربي من خلال تبنيها لنصوص جريئة وإفساحها المجال لعدد من المخرجين السوريين الذين ابتكروا واجترحوا أساليب إخراج أثبتت تخلف الأساليب القديمة فقدموا مقترحات بصرية غاية في الروعة والغنى ولها أيضاً تبنيها لعدد كبير من الكتاب وأغلبهم أعطتهم الفرصة الأولى فأثبتوا بعد ذلك أنهم يحملون رؤى جديدة وينظرون إلى الواقع أو للتاريخ العربي من زوايا واسعة ولها أيضاً فتح المجال لخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية الذين ظل أغلبهم ينتظر الفرصة لإثبات قدرة الممثل السوري وتفوقه ونتيجة الحاجة المتزايدة أصبحت المسلسلات السورية معاهد تدريب للفنيين على اختلاف مهنهم (مديرو تصوير وإضاءة، ملابس، مكياج، غرافيك، مونتاج، مكساج..) ليس هذا فحسب بل إن شركات الإنتاج حرّضت البعض على التخصص حتى في مجال الكومبارس والفروسية والمجازفة حتى أصبحنا نملك عدداً لا بأس به من الخيّالة والمجازفين الذين أغنوا المعارك في الأعمال التاريخية والأهم من كل هذا أن الشركات الخاصة هي التي كانت الرافعة للخطاب الثقافي والاجتماعي وحتى السياسي السوري. لقد أصبحت سورية. في واجهة الاهتمام الإعلامي والشعبي العربي وهذا أمر لا يقدر بثمن كما يحسب لهذه الشركات رفد الاقتصاد الوطني بصناعة تدر ملايين الليرات وتوفر فرص عمل للألوف، ولكن على بعض شركات الإنتاج وخاصة الوليدة منها أنها لم تبدأ من حيث بدأت الشركات الرائدة بل إن بعضها أوغل في الإساءة للدراما السورية من خلال تقديم أعمال حقيقية بل رديئة إلى أبعد الحدود يقف وراءها كتاب (نص كم) ومخرجون تأبى أدواتهم أن تتطور وممثلون مواهبهم لا تنمو.
وقد بدأ استسهال واستهتار هذه الشركات يثير حفيظة الشركات التي تريد للدراما السورية المحافظة على ألقها.

ولكن على الرغم من النجاح الكبير الذي حققناه إلا أننا ما زلنا نفتقر ونفتقد المؤسسات الإنتاجية التي تحمل مشروعاً واضحاً باستثناءات بسيطة قد لا تشكل دعامة حقيقية للدراما في القادم من الأيام ما زالت أغلب الشركات تعمل على طريقة (اضرب واهرب).

إننا نحتاج إلى المؤسسات التي يحمل أصحابها أفكاراً ورؤى ومشروعات تحتاج إلى مؤسسات غير مرتبطة بأفراد تترسخ أقدامها وتتجذر بحيث لا تتأثر بفشل عارض.

ونقول أخيرا
أن التاجر (الشاطر) هو الذي يقدم الفن الجيد والراقي لأنه بضاعة لا تكسد.


أعدكم إن شاء الله بموضوع تفصيلي عن شركات الإنتاج في سوريا في القريب العاجل إن شاء الله
دمتم بخير و صحة و سلام

[iass]

شكرا على الموضوع

[ArcadA]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة iass    شكرا على الموضوع

شكرا لك أخي iass على مرورك الجميل و العطر


:005: