الأوامر الوهمية خطر لا يزال قائماً في سوقنا الناشئ

[M3Maher]

تعتبر أوامر البيع والشراء من الأمور المهمة التي يجب مراقبتها في أي سوق للأوراق المالية من خلال وضوح ودقة إجراءات التعامل التي تساعد في نجاح الاستثمار والتداول بشكل عام، كما أن دقة هذه الإجراءات ووضوحها وفرض رقابة صارمة تكفل التقيد بها تسهم بشكل كبير في منع عمليات أو أساليب التلاعب وفي الوقت عينه تمنع وقوع الأخطاء التي تؤدي في أحيان كثيرة إلى النتيجة نفسها التي يتسبب بها الغش والتلاعب.
وتعدّ الأوامر الوهمية من أشكال التلاعب التي تهدف إلى التأثير في سعر السهم وتوجيهه صعوداً أو هبوطاً بشكل مصطنع مخالف لسعره العادل أو الحقيقي الناتج عن قوى العرض والطلب العادية.
فما خطورة الأوامر الوهمية، وهل تمكنت هذه الظاهرة من ولوج سوقنا المالي، وإلى أي حد استطاعت الجهات المعنية بالرقابة التصدي لها؟.
المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية محمد جليلاتي أجاب عن هذا السؤال في تصريح لـ«الوطن»: إن الأوامر الوهمية التي يتم إدخالها في سوق الأوراق المالية تشكل خطورة على السوق وعلى التداولات لأن الغاية منها هي التأثير على حركة السعر، فمن يقم بإدخال أوامر وهمية سواء أكانت أوامر بيع أم أوامر شراء فإنما يرمي للتأثير في قناعة المستثمرين والإيحاء بأن السعر سيرتفع أو سيتراجع ومن ثم يرمي لدفع المستثمرين إلى الشراء أو البيع.
وأشار جليلاتي إلى الدور الرقابي الذي يلعبه كل من السوق والهيئة لمنع هذه الظاهرة من الولوج إلى السوق مبيناً أن لكل من السوق والهيئة وظيفة رقابية مختلفة، فرقابة السوق آنيّة على حين رقابة الهيئة يمكن أن تكون لاحقة، فالسوق عندما تشتبه في وقوع مخالفة ترسل اشتباه المخالفة إلى الهيئة التي تقوم بالتحقيق مع أصحاب العلاقة واستدعائهم واستجوابهم، وعند التحقق من المخالفة تقوم بفرض العقوبة المناسبة.
ولفت جليلاتي إلى أن قسم الرقابة في السوق اشتبه في أحيان قليلة بعمليات إدخال أوامر وهمية وحقق فيها وتم إرسال دراسات حولها إلى الهيئة التي حققت بدورها في الموضوع وتأكدت من صحة ما ذهب إليه الاشتباه، وفرضت الهيئة العقوبات اللازمة بحق المخالفين.
بدوره بين زياد شاكبازوف المدير التنفيذي لشركة ضمان الشام للوساطة والخدمات المالية أن الأوامر الوهمية قد تكون موجودة في معظم الأسواق المالية إلا أنها قد لا تظهر بسبب عمق هذه الأسواق، وقد تكون مقصودة بنيّة التلاعب بقيمة الأسهم، وقد تكون غير مقصودة وغير مبنية على سوء نية.
وقال شاكبازوف: إن النزاهة هنا بالغة الأهمية وخصوصاً أن دورنا كشركات وساطة أو كوسطاء هو الوساطة في بيع أو شراء الأسهم وفقاً للقواعد والقوانين الحاكمة للعمل في البورصة. كما أن هناك دوراً مهماً يجب أن تضطلع به شركات الوساطة وهو توعية المستثمرين وتعريفهم بالأنظمة والقوانين وبحيثيات العمل بهدف بناء الثقة بينها وبين العملاء، الأمر الذي ينطوي على فوائد كبيرة للطرفين من خلال العلاقات الجيدة المبنية على الثقة والتي تعتبر من الركائز الأساسية لأداء الأسهم في البورصة. وعليه فإن استخدام الأوامر الوهمية من مستثمر أو شركة وساطة مالية بشكل مقصود في مرحلة ما قبل افتتاح جلسة التداول يندرج تحت ما يسمى التلاعب معرباً عن اعتقاده أن الحرفية في التعاطي معها تتعارض بشكل كبير مع استخدام مثل هذه الأساليب.
وأضاف شاكبازوف: تكمن خطورة الأوامر الوهمية في أنها قد تتدخل بطريقة غير مشروعة بأسعار أسهم دون أسهم أخرى ومن ثم فهذه الأوامر تعطي للسهم قيمة غير حقيقية من خلال طلبات وهمية يتم إدراجها وإلغاؤها ما يخلق حركة مزيفة على هذا السهم بشكل مغاير للحقيقة، على حين قد لا تكون هناك أي حركة سعرية عليه، وهذا يكوّن صورة مغلوطة عن سعر السهم لأن هناك من لعب أو يلعب بمصداقيته سواء من حيث عروض البيع أم طلبات الشراء.
ورأى شاكبازوف أن آلية الرقابة الآنية واللاحقة في السوق والهيئة أثبتت حتى الآن كفاءتها في منع وردع دخول ظاهرة الأوامر الوهمية إلى سوق دمشق للأوراق المالية، فالهيئة كجهة ناظمة لعمل هذه الشركات توفر البنية القانونية اللازمة لضبط وتنظيم العمل.
من جهته بيّن مدير التحليل المالي في شركة بايونيرز للوساطة المالية حكم طربين أن الأوامر الوهمية تتسبب في خلق تشوهات في حركة السوق لأن هذه الحركة ستكون غير سليمة وخصوصاً إذا كان السوق يتهيأ لدخول مرحلة تصحيح لمساره فقد تمنع هذه الأوامر السوق من التصحيح، وقد يكون هناك أسهم تتهيأ للارتفاع مدفوعة بضغط طلبات الشراء فتتدخل الأوامر الوهمية (أوامر بيع بأسعار منخفضة) وتلغي إمكانية ارتفاع سعر هذه الأسهم.
وأضاف طربين: إن الأوامر الوهمية تصب في مصلحة بعض المستثمرين الذين يحاولون خلق صورة مخالفة لاتجاه السوق الحي، فهذه الأوامر التي يتم إدراجها خلال جلسة ما قبل الافتتاح تحاول إعطاء قيمة غير حقيقية للسهم من خلال أوامر البيع أو الشراء «المزيفة» فعندما يكون اتجاه السوق هابطاً تقوم أوامر البيع الوهمية وخصوصاً إذا كانت بأسعار مرتفعة وبعدد كبير من الأسهم بتشجيع المستثمرين على الشراء وهذا يتسبب بتشوهات ناتجة عن التلاعب بحركة السوق الحقيقية وبمعنى آخر تتسبب في قلب قناعات باقي المستثمرين وهذا يخدم عدداً محدوداً من المستثمرين على حساب الآخرين وخصوصاً على حساب صغار المستثمرين.
وعن الأوامر الوهمية في سوق دمشق للأوراق المالية تحدث طربين فبيّن أنها كانت موجودة بوضوح خلال فترات سابقة، وكانت تتكرر وبأحجام كبيرة وصلت في بعض الأحيان إلى 10 آلاف سهم وكان هناك محاولات كثيرة للتلاعب بحركة السوق مشيراً إلى أن هذه الظاهرة ليست جديدة في سوقنا المالي.