18-02-2012, 08:14 PM | #1 |
عضو متابع
شكراً: 3,361
تم شكره 1,821 مرة في 473 مشاركة
|
أسرار النظام المالي العالمي وقصة المضاربات بين الذهب والعملات
إشارة اإلى مشاركتي القديمة بعنوان ( حين يتحول المال إلى سراب ) أقدم لكم هذه المقالة القيمة و المفيدة و التي تبين أسباب الكوارث التي تصيب أقتصاديات العالم الناتجة عن السياسات الأقتصادية الخاطئة الأمريكية و العالمية، كما نستطيع أن نستنتج من خلالها بأن الذهب مرشح ليكون الملجأ الآمن للمستثمرين للهروب من تخبط البورصات و العملات التي تنصلت أغلب الحكومات من تغطيتها بالذهب الذي كان يعطيها القيمة الحقيقية. الذهب الذي يمكن أن يصل سعره إلى أرقام قياسية في حال بدأ تسارع أنهيار هذا النظام المالي الحالي نتيجة السياسات المالية المدمرة التي تعتمد على الأقتصاد الوهمي و ليس الحقيقي. نضال العلي الكاتب: نادر الشيخ الغنيمي | تاريخ المقال: 2012-02-18 لقد تكلمنا عن مخالفة النظام المالي العالمي الحالي لمفهوم المال الإسلامي القائم على أن للمال قيمة حقيقية ذاتية لا يمكن لأحد أن ينفيها عنه، وأنه لايمكن معاملة الدولار معاملة الذهب وأحكامه. وهنا سنحاول أن نبين الإجحاف في هذا النظام ومساوئه وسيتبين للقارئ ملامح أسباب قرب انهيارهذا النظام المالي خلال عرض مساوئ هذا النظام ولكن نؤجل بيان ذلك إلى مكان آخر. هذا النظام بُني على إستراتجيات محلية وعالمية وأفكار ومفاهيم لابد أن نمر بها سريعاً خلال سرد مساوئ هذا النظام. إن الحكومات منذ أن وُجدت ميالة إلى فرط الإنفاق وهذا قد يتجاوز ما لديها من أموال. وقديماً عمد الحكام إلى تقليل كمية الذهب في مصكوكاتهم ولكن سرعان ما كانت شعوبهم تكتشف ذلك. بالرغم من أن النظام المالي القديم السائد في العالم منذ قرون كان مرتبطاً بالذهب إلا أن الحكومات كانت تلجأ إلى الإلتفاف على ذلك في بعض الفترات، وخاصةً الحروب وإن بريطانيا العظمى مرت بعدة مراحل دعمت الحكومة بنك إنكلترا وأوقفت دفعه للذهب لعدة سنوات مقابل الجنيه الإسترليني ولكن ذلك كان مؤقتاً تعاود الحكومات بعدها إلى التقييد بمعيار الذهب. وفي عام 1931 خرجت بريطانيا عن معيار الذهب وبعد إتفاق بريتون وود عادت إلى نظام الذهب والدولار عام 1944. إن ميل الحكومات إلى فرط الإنفاق ولو على حساب قيمة عملتها بررها بعض الإقتصاديين مثل Keynes الذي يرى أن زيادة الكتلة المالية المتداولة تؤدي إلى زيادة في الناتج القومي وفق المعادلة: الكتلة المالية * سرعة تداولها = الناتج القومي V*M=GDP لذا يعتقد أنصار هذا المبدأ أنه لاضير من زيادة الكتلة المالية لزيادة النمو الإقتصادي. وإن الحكومات يجب أن تزيد من النفقات في حالات الكساد، لأن هذه الزيادة لها مفعول تكبيري مضاعف لأن الناس سيزداد إنفاقهم وينشطون بذلك الحركة الإقتصادية. وفقاً لقانون الكونغرس الأميركي عام 1792 كان الدولار يساوي 24.75 حبة(16/1 غ) من الذهب أو 371.25 حبة فضة خالصة ثم صدر قانون عام 1873 بإلغاء مرجعية الفضة وبقي الدولار مقيماً ب 20.67 دولاراًللأونصة. إن أول المتضررين من النطام المالي الحالي كانوا هم الأمريكيين، ففي محاولة لإخراج البلاد من الركود الكبير قام الرئيس روزفلت بإصدار قانون يجرم فيه إقتناء الذهب في أبريل عا م 1933 وطلب من الأمريكيين تسليم الذهب خلال فترة وجيزة (3أسابيع). ولما أتم ذلك، قام بخفض قيمة الدولار فأصبح 35 دولاراً للأونصة في يناير 1934أي فقد الدولار 44%. هذا الأمرلم يلق إعتراضاً واسعاً بسبب الشعور الوطني السائد وخاصة ًبعد وصول البلاد إلى حالة مزرية بسبب الركود. إن تمرير هذا الأمر دون إعتراضات شعبية أو من الإقتصاديين فتحت شهية الحكومات في المستقبل إلى خطوات أخرى حيث أن الرئيس روزفلت زاد من مصروفات الدولة، وأنشأ نظام مساعدات للمزارعين وأقام مشاريع كثيرة، ولكنه لم يتخل تماماً عن فكرة محاولة الوصول إلى توازن في الميزانية الإتحادية. ولكن من أتى من الرؤساء من بعده لم يلتزم بذلك فكانت النفقات الكبيرة لايقابلها ضرائب جديدة وهكذا دخلت الولايات المتحدة في دوامة عجز الميزانية بلع حجمها الحالي تسعة (9) تريليونات وتزداد مليوناً كل دقيقة و1.4 بليوناً كل يوم وكل أمريكي يقع عليه 29990 دولاراً حتى نهاية 2007. لقد أصبحت الولايات المتحدة في وضع لايحسد عليه إذ كلما فكر أعضاء الكونغرس بفرض عقوبات على الصين لتخفيض صادراتها يجدون من يذكرهم أن ذلك سيؤدي إلى خفض كمية الأموال التي تقرضها كل من الصين واليابان للحكومة الأمريكية من خلال شراء سندات الخزينة الأمريكية بفوائد قليلة نسبياً فأصبح الوضع كمن يحاول أن يقتل الأوزة التي تبيض ذهباً. وهذه العلاقة وضعت البلدين معاً في وضع لا يحسد عليه. فالصين ربحت بإنتقال كثيراً من الصناعات إليها عبر الشركات متعددة الجنسيات، ونما بذلك إقتصادها نمواً هائلاً ولكنها تتلقى بالمقابل عملات ورقية تقرضها من جديد إلى الولايات المتحدة. عدم إستقرار الأسعار إن النظام المالي العالمي الحالي بعد فك إرتباط الدولار عن الذهب بقرار من الرئيس نيكسون عام 1971 أدى إلى عدم الإستقرار في الأسعار وساعد في زيادة التضخم. ولابد لنا ان نشير إلى الإستراتيجية التي تقف وراء دلك والذي لخصها هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ثم وزير الخارجية: من يسيطر على الغذاء يسيطر على الشعوب ومن يسيطر على الطاقة يسيطر على القارات ومن يسطر على المال يسيطر على العالم. إن الدولار تحول إلى عملة ورقية تعتمد على قرار بإعتمادها وسيلة دفع fiat Money. إن فكرة إستخدام القوة لفرض عملة ورقية، ليست حديثة العهد لقد أقدم إمبراطور الصين من عائلة المينغ بتاريخ 1273 بطبع عملات ورقية، فبدلاً من كتابة أنه يتعهد بدفع مقابلها ذهباً كان يتوعد من يرفضها بالويلات وصادر الذهب والفضة، وبعد فترة سوء استخدام للعملة تم إلغاؤها في القرن 14 ولم تعد الصين إلى العملة الورقية إلا في القرن 20. أما ما بين عام 1800 وعام 1900 حين كان الدولار مرتبطاً بالذهب حافظت الأسعار على ثباتها بل على العكس كان هناك إنخفاضاً سنوياً بسيطاً في الأسعار. وهذا يعود إلى أن كمية الذهب المستخرج الذي يضاف إلى مخزون الذهب العالمي الذي إستغرق بناؤه قروناً عديدة تقل كميته قليلاً عن كمية الزيادة في السلع. لذا حافظ الأجر الحقيقي للعامل على قوته الشرائية ومابين عام 1872 و1897 أدى تحسن طرق الإنتاج إلى هبوط أسعار السلع مثل االذرة والحليب والزبدة واللحوم بنسبة 40% مما عزز شعور المواطن الأمريكي بإزدياد قدرته الشرائية. وهنا لا بد أن نشير أن ما بين عام 1500 و 1600 بسبب ظهور المستعمرات الإسبانية في أمريكا وبسبب نقل الذهب إلى إسبانيا بكثافة مما أدى إلى إزدياد المعروض من الذهب بشكل حاد (الكتلة المالية) وهذا أدى إلى إرتفاع الأسعار في إسبانيا في هذا القرن 400% وهذه حالة لايمكن تكرارها. مابين عام 1945 وعام 1965 حين كان إتفاق بريتون وود سارياً زادت كمية الدولارات المتداولة بنسبة 55% فقط أما بعد ما بين 1965 -2001 فإن كمية الدولارات زادت 2000%.فلاعجب أن تصبح قيمة الدولار الشرائية عام 1998 لا تشكل إلا 14% من قيمته عام 1945. إن نظرة الشعوب إلى التضخم تختلف من مكان لآخروإن دور العملات الورقية يبدو واضحاً. لابد أن نذكر هنا حادثة تاريخية تعتبر أكبر حالة تضخم حصلت لقنت الشعب الألماني درساً قاسياً جعلته وإقتصادييه من أكثر المعارضين للتضخم، وأصبح بعدها المارك القوي عزيزاً عليه لم يتركه إلا بعد أن كبل بقية دول اليورو بمعايير صارمة ضد التضخم رغم أن فرنسا وإيطاليا لا تنظر إلى التضخم بنفس الطريقة. في عام 1923 قامت فرنسا وبلجيكا وإيطاليا بإحتلال وادى الرور الألماني الصناعي وفرضت حصاراً إقتصادياً على ألمانيا لإلزامها بدفع تعويضات الحرب العالمية الأولى التي بلغت 123 بليون مارك ألماني ذهبي. قام العمال بالإضراب لسوء الأحوال فاضطرت الحكومة الألمانية إلى طبع الأموال دون رصيد لملاقاة حاجاتها بشكل خيالي، فارتفع التضخم إلى حد فلكي بلغ في آخر العام 4 ترليون مارك للدولار.!! وكان العمال يأخذون أجرهم مرتين يومياً ويعطوا بعد الدفعة الأولى فرصة لشراء السلع قبل أن ترتفع الأسعار. لقد كان في عام 1920 ثمن رغيف الخبز1.2 ماركاً وفي بداية عام 1923 أصبح سعر رغيف الخبز 700 ماركاً وفي بداية نوفمبر 1923 أصبح ثمن الرغيف 3 بليون مارك وفي 15 نوفمبر بلغ سعر الرغيف 80 بليون مارك! وكانت النسوة التي تملك نقوداً ذات فئات صغيرة تقوم بالتدفئة بها فتدوم النار أكثر من دوام الخشب الذي يمكن شراؤه بها، فماذا تفعل فئة الألف مارك وكانت قد صدرت فئة المئة تريليون مارك!! لا عجب أن نجد شركات بيع الذهب تعتمد على تذكير الأمريكيين بهذا الحدث لحثهم على شراء الذهب حالياً. في عام 1924 صدر المارك الجديد الذي يساوي تريليون مارك قديم واستقرت الأسعار بعد أن أفقرت كافة الألمان. ولقد حصل شيئٌ مشابهُ لهنغاريا 1945-1946 وليوغسلافيا عام 1993. هذه المصيبة جعلت في ذاكرة الألمان كرهاً شديداً للتضخم وكانت السبب في تشددهم بعد النهوض من الحرب الثانية في معايير مكافحة التضخم وكان المارك الألماني مثالاً للعملات المستقرة فضلاً على أن ألمانيا تمتلك ثاني أكبر إحتياطي ذهب في العالم 3417.4 طن، ولقد قاوم البنك المركزي الألماني التيار الذي تزعمه البنك المركزي البريطاني الذي باع الذهب بإفراط ووصل إحتياطه نهاية 2007 فقط 310 طناً وسنذكر الدور الذي لعبه هذا البنك في بيع الذهب لذر الرماد في العيون. تلاعب المصارف المركزية بسعر الذهب بعد أن أصدر نيكسون قراره عام 1971 إرتفع سعر الأونصة بشكل حاد وإستفاد كثير من المضاربين الذين أحسوا أن نظام بريتون وود أوشك على نهايته، فاشتروا الذهب مسبقاً واستمر الذهب بالإرتفاع حتى تجاوز 800$ للأونصة مما إنعكس بحدوث تضخم هائل ووصل سعر الفائدة في عام 1978 إلى 21%. لذر الرماد في العيون أقدمت البنوك المركزية المؤتمنة على ذهب الأمم بإغراق الأسواق بالذهب. وبما أن الذهب فقد دوره المالي إقتصر إستعماله على بعض الصناعات إضافةً إلى صناعة الحلي ويقدر حاجة السوق السنوية بـ 3500 طناً يتم تغطيتها من إنتاج المناجم والذهب المعاد إستخدامه من الحلي القديمة. لذلك فإن طرح كمية قليلة من الذهب من البنوك المركزية كان كافياً لإغراق السوق وخفض الأسعار. إضافةً لذلك لجأت كثير من البنوك المركزية إلى أسلوب غير نزيه، وذلك لإيجاد ريعاً لمخزونها من الذهب فقام قسم كبير منهابإقراض الذهب وبلغ حجم الذهب المقرض 5000 طناً وإنه من المعروف في أسواق التداول ان من يقوم بإقتراض الذهب سيقوم ببيعه في الأسواق بما يسمى بيعاً مكشوفاً Short selling لقد ساهم ذلك في خفض سعر الذهب مما أوهم البعض بأنه تمت السيطرة على التضخم وهذا غير صحيح. لقد وقف البنك الألماني ضد فكرة بيع الذهب واحتفظ بـ3417 طناً وكذلك عارض البنك الفرنسي هذه الفكرة ويحتفظ بثالث إحتياط عالمي 2622 طناً وأما بنك إنكلترا فباع معظم ما عنده ووصل إحتياطه 310 طناً فقط. هذا الوضع إنكشف بعد ذلك حين إرتفع سعر الذهب بشكل حاد ووصل إلى 1000 $ وإستفاد من ذلك من حافظ على ذهبه كما في حالة مصرف لبنان الذي يملك أكبر إحتياطي في العالم العربي إذ بلغ 286 طناً نهاية 2007 بينما يملك العرب مجتمعين في بنوكهم المركزية 1006 طناً. وتُشكل نسبة الذهب في إحتياطات العالم العربي من العملات حوالي 6% بينما عند الأوربيين 56% والولايات المتحدة 79% ولو كانت البنوك المركزية العربية تعتمد النسبة المعتمدة عند الأوربيين لكان عندها الآن 15000 طناً. إن فكرة الابتعاد عن الذهب نجمت من أن الذهب ليس له ريعٌ وأن العملات وسندات الخزينة لها ريع سنوي. لقد سيقت هذه الحجة قبل سنوات لإقناع مصرف لبنان لبيع ذهبه ولكنه رفض. ولتوضيح الإجحاف في هذا النظام يجب مقارنة ما عند الصين مثلاً من فائض الدولارات والعملات وما عندها من الذهب. فالصين تملك أكبر إحتباطي عملات وصلت إلى 1.68 تريليون دولار بينما لا تمتلك إلا 600 طناً من الذهب أي نسبة 1% أما اليابان فتمتلك ثاني إحتياط عملات 1.006 تريليون بينما تمتلك 765 طناً من الذهب أي نسبة 2% أما روسيا فتملك 0.5 تريليون عملات مقابل 438 طناً من الذهب. ماذا يحدث لو قررت الصين أو اليابان رفع نسبة ذهبها إلى العملات إلى 25%؟ إنهم بحاجة لشراء حوالي 30000 طناً من الذهب بالسعر الحالي، ولكن مجمل إحتياطي البنوك في العالم لا يبلغ إلا 29955 طناً .أي ما سيحدث هو إرتفاع سعر الذهب بشكل حاد لدرجة أن كافة إحتياطي الصين من العملات لن يشتر لها حصةً مثل حصة أمريكا البالغة 8131 طناً. تفاقم العجز في الميزان التجاري يتنازع العالم توجهان الأول هو أن التصدير بحد ذاته يزيد من الثروة الوطنية وهذا كان يتحقق في نظام التعامل الذهبي، فكان ينتقل الذهب من بلد المستورد إلى البلد المصدر ويحدث توازن حين يصبح الذهب قليلاً وهذا يعني أن الأسعار تصبح أقل تنافسية في البلد المستورد فتنتفي الفائدة من الإستيراد. وأما التوجه الثاني فهو يعبر عنه آدم سميث يحذر من تقييم الغنى بتوافر المال معتبراً أن الغنى الحقيقي أو فقر أي بلد يعتمد على توفر أو ندرة المواد القابلة للإستهلاك . الغريب أن الولايات المتحدة جمعت بين الأمرين بهذا النظام غير العادل فاحتفظت بذهبها وزاد عجزها التجاري فبلغ عام 2007 أكثر من 600 بليون دولاراً في السنة. إن الصين واليابان واألمانيا اعتمدت سياسة النمو الإقتصادي المعتمد بكثافة على التصدير بينما تراجعت تصديرات أمريكا وشكل الإستهلاك حوالي 75% من الناتج القومي. في عام 1970 كانت أمريكا تنتج 18% من صادرات العالم هبطت إلى 14% في 1998 ووصلت إلى 8.4% عام 2007. ذلك نجم عن أن الشركات المتعددة الجنسيات وهي المستفيدة الأكبر من هذا العجز في الميزان التجاري قامت بتقل الإنتاج إلى بلدان أخرى أقل تكلفةً. هذه المصانع الخارجية قامت بتأمين حاجات البلدان الموجودة فيها والتصدير إلى أمريكا. فمثلاً المكسيك تصدر سيارات إلى الولايات المتحدة أكثر مما تصدره أمريكا إلى كافة العالم والمصدر الأساسي في المكسيك هي ديملر كرايزلر. فبينما أدت إتفاقيات النافتا والأورغواي للتجارة إلى زيادة أرباح الشركات المتعددة الجنسيات, فإن العجز الميزان التجاري في الولايات المتحدة قد أدى إلى إنخفاض في الأجور الحقيقية. فبينما كانت هذه الأجور ترتفع منذ عام 1950 إلى 1973 إنخفضت منذ عام 1978 بأكثر من 11%.إن العجز في الميزان التجاري أدت إلى ندرة المهن الجيدة وقلل من متوسط الأجر في الإقتصاد. فبينما كانت نسبة العاملين في القطاع الصناعي في عام 1970 حوالي 30% أما اليوم فأصبح 11%. لذا لاعجب أن تصيب خيبة الأمل هنري كيسنجر أحد مهندسي هذا النظام حين حذر في مؤتمر كمبيوتر أسوِشيت في تموز 2006 أن الولايات المتحدة مهددة بتدمير طبقتها الوسطى وذلك بعد أن نقلت للخارج كثيراً من صناعاتها الإستراتيجية إلى الصين والهند ودولاً أخرى رخيصة التكلفة. ولكن هذا لايمنع أن هناك من يتلقى أجوراً فلكية في الولايات المتحدة إذ نشأت طبقة المدراء التنفيذيين ففي عام 2006 كان أجر المديرين التنفيذين لـ500 شركة مبلغاً 6.4 بليون دولاراً الأعلى لمدير أوراكل 182 مليون ولكن وسطياً 12.8 مليون للمدير الواحد، بينما راتب رئيس الولايات المتحدة لا يتجاوز 450ألف دولاراً سنوياً. ويتفق كثيرُ من العلماء أن عجز الميزان التجاري مسؤول عن 20-25% من الزيادة في عدم المساواة في الدخل التي حذر منها حتى آلن غريسبان رئيس البنك الفدرالي السابق والمعلوم إنحيازه للشركات ويحمله الكثر من علماء الإقتصاد تدهور الوضع المالي الحالي. إن العولمة أتاحت لكثير من الشركات الهرب من الضوابط وأصبحت تراعي حقوق المستثمرين وتغفل حقوق العمال والإنسان والبيئة. وهنا لابد أن نشير أن الركود الإقتصادي الذي حصل في عام 1929 أدى إلى نشوء آليات رقابة وتنظيم رداً على الرأسمالية المفرطة. إن المشكلات الحالية تحتاج إلى جهد كبير ولا يمكن حلها إلا بالنظر إلى الصورة الشاملة. إثقال كاهل المواطنين الأمريكيين بالديون أصبح 75% من الإقتصاد الأمريكي يعتمد على الاستهلاك لذا قامت السياسات المالية الداخلية على تسهيل الحصول على قروض ولعب رئيس الإحتياطي الفدرالي آلن غريسبان دوراً كبيراً في زيادة المعروض من الكتلة المالية وتسبب ذلك في رفع أسعار الأسهم والعقارات فشعر الأمريكيون بالغنى الوهمي . ولحض الناس على الإنفاق تم إقناع الكثيرين بإستبدال رهوناتهم القديمة على منازلهم برهونات جديدة تتناسب مع الأسعار المرتفعة للعقارات فزادت كتلة المال في أيدي الناس وزاد إستهلاكهم، ولكن ذلك أدى إلى إرتفاع كبير في حجم الديون الفردية لتصل إلى 8.7 تريليون، وأصبح الشعب الأمريكي الأقل إدخاراٍ. أثر المضاربات على الإقتصاد العالمي هناك حلقتان من الأسواق في الاقتصاد العالمي حلقة يتم فيها تبادل جميع السلع والخدمات والمنتجات وتشكل الناتج القومي. أما الحلقة الثانية فهي التي يتم فيها تبادل العملات وحجم هذا السوق أكثر من تريليون يومياً علماً أنه في عام 2007 بلغت مجموع تبادلات التجارة الخارجية العالمية السنوي للسلع والمنتجات 13.9 تريليون دولاراً وحجم الخدمات 3.3 تريليون دولاراً. أي أن التبادل في العملات يتم بشكل أكبر بكثير مما تحتاج إليه السوق وإنما تتم بدوافع المضاربة. ولقد انتعشت مؤسسات كثيرة على هذه التبادلات في العملات ولكن على حساب الشركات المنتجة. فمثلاً تضطر شركة إيرباص لكي تثبت نسبة تكاليف الإنتاج والبيع بشكل لاتخسر إذا تغير سعر الصرف أن تقوم بشراء ما يعرف بخيارات بيع أو شراء للعملات calls & puts وهذه تكلفة إضافية تدفعها وكلما زادت تقلبات أسعار السوق زادت أسعار الخيارات فتعود بالأرباح على المضاربين في العملات. كذلك فإن توافر كتلة مالية متزايدة دفعت صناديق التحوط بالمضاربة خوفاً من التضخم وأحياناً بدافع الربح على كثير من السلع. ويعتقد كثيرٌ من الإقتصاديين أن عامل المضاربة يشكل حوالي 40 دولاراً من سعر البترول الحالي. وفي مثال آخر حين ظن البعض أن الطقس سيكون غير مؤاتي لزراعة القمح ارتفعت أسعار القمح نتيجة للمضاربة ووصل إلى رقم قياسي في شهر نوفمبر 2007 ولما تبين أن إنتاج القمح سيزداد بمقدار 50 مليون طناً فهبط السعر في ايار 2008 بمقدار 44%. إن من المفارقات أن بتجاوز سعر البترول 139 $إن العالم سيحتاج إلى 4 تريليون دولاراً لتغطية الإنتاج السنوي العالمي للبترول أي حوالي 30% من حجم التجارة العالمية لعام كامل مقارنةً مع 240 بليون دولاراً ثمن 600 مليون طناً من القمح وهو إنتاج السنوي للعالم من القمح. هذا النظام المالي يتناقض مع الليبرالية يتبين لنا بعد إستعراض مظاهر الإجحاف في النظام المالي العالمي الحالي أن هناك مفارقة فيه، فبينما يقوم العالم الغربي على فكرة إبعاد الدولة عن التدخل في إدارة الشؤون الإقتصادية وترك نظام السوق يحدد آليات الإنتاج ويبشر بالخصخصة، فإنه لم يكتف بتأميم المال بل ألزم دولاً أخرى بأخذ الأمر على علاته. إن تدخل الدولة بتحديد قيمة المال لايتحقق في حال كون المال ذهباً أما في العملة المقيمة بالذهب، فإن أي تغيير يراه الناس بوضوح في النسبة التي تحددها الدولة للعلاقة بين هذه العملة والذهب ويتحتم على الحكومة الإنضباط بالإنفاق وفرض الضرائب حسب الحاجة، ولكن يتطلب ذلك جرأة قد لا يملكها بعض السياسيين وخير وصف لذلك حين علق البعض على حجم الديون الهائلة المترتبة على كل فردٍ قي الولايات المتحدة لقد رهنا مستقبلنا من أجل حاضرنا! منقول عن مجلة الاقتصادياونلاين. التعديل الأخير تم بواسطة نضال العلي ; 20-02-2012 الساعة 03:17 AM. سبب آخر: تحديث |
7 أعضاء قالوا شكراً لـ نضال العلي على المشاركة المفيدة: |
Ahmad Hamdi AlSharif (18-02-2012),
best time (19-02-2012),
البلخي (18-02-2012),
رندة (18-02-2012),
SyrianWolf (18-02-2012),
عمار ـ متابع (18-02-2012),
yamen (19-02-2012)
|
18-02-2012, 10:10 PM | #2 |
عضو أساسي
شكراً: 1,516
تم شكره 2,144 مرة في 458 مشاركة
|
رد: أسرار النظام المالي العالمي وقصة المضاربات بين الذهب والعملات
السؤال الذي يدور ببالي ماهو الوقت الذي يحتاجه النظام المالي العالمي للانهيار !!!!!!!! |
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ Ahmad Hamdi AlSharif على المشاركة المفيدة: |
نضال العلي (18-02-2012)
|
18-02-2012, 10:17 PM | #3 |
عضوية مميزة
شكراً: 929
تم شكره 2,346 مرة في 829 مشاركة
|
رد: أسرار النظام المالي العالمي وقصة المضاربات بين الذهب والعملات
موضوع قيم و لكن أستبعد تماما انهيار النظام المالي العالمي لأن النظريات و التطبيقات العالمية مرتبطة ارتباط وثيق بهذا النظام ، و لكن ممكن حصول تبدل في النظام مثل ما حصل في السبعينات بحيث تحل عملات أخرى مكان الدولار و اليورو |
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ البلخي على المشاركة المفيدة: |
نضال العلي (18-02-2012)
|
18-02-2012, 10:33 PM | #4 |
عضو متابع
شكراً: 3,361
تم شكره 1,821 مرة في 473 مشاركة
|
رد: أسرار النظام المالي العالمي وقصة المضاربات بين الذهب والعملات
[السؤال الذي يدور ببالي ماهو الوقت الذي يحتاجه النظام المالي العالمي للانهيار !!!!!!!![ المشكلة أن الولايات المتحدة الأمريكية أستطاعت بمكرها و دهائها أن توصل المعادلة التالية الى كل العالم و هي: أنا أمريكا و نعم أنا أبيعكم دولاراً لا قيمة له سوى بعض السنتات قيمة طباعته، و لكن أصمتوا لأنه بإنهياري سينهار العالم كله معي. |
3 أعضاء قالوا شكراً لـ نضال العلي على المشاركة المفيدة: |
18-02-2012, 11:05 PM | #5 | |||||||||||||||||||||||
عضو متابع
شكراً: 3,361
تم شكره 1,821 مرة في 473 مشاركة
|
رد: أسرار النظام المالي العالمي وقصة المضاربات بين الذهب والعملات
إن أمريكا تقف وراء إفشال كل محاولة لاستبدال هذا النظام المالي الكارثي الذي كانت هي و علماؤها الاقتصاديين و حتى السياسيين وراء تشكله للحصول على المال الوفير لتمويل سياساتها و أنشطتها و حروبها ( حرب فيتنام -حرب الخليج -حرب أفغانستان- وحتى حرب النجوم و الحرب الباردة ) لما تستنزفه هذه الحروب من تمويل ماهول لا تستطيع تأمينه من خلال موارد أقتصادها الحقيقي ، لذلك لجأت الى نظام مالي وهمي لا تغطية حقيقية لعملاته من الاقتصاد الحقيقي و الذهب ، نظام سمح لها كلما أحتاجت الى التمويل و شراء ما يلزمها من طاقة و غيرها سمح لها طباعة الترليونات من الدولارات التي لا قيمة لها. كيف يمكن أن تحل عملة أخرى مكان الدولار، هذا الأمر يحتاج الى توافق كبير بين الدول الصناعية الغنية، و هذا التوافق من الصعب التوصل اليه فمعظم هذه الدول مترابطة مع الولايات المتحدة أقتصادياً فأذا أرتفعت حرارة أمريكا مرض العالم. ان اعتماد عملة عالمية جديدة يعني ضعف الدولار أو حتى انهياره، مما يعني الخسارة الفادحة لهذه الدول التي تملك أحتياطيات هائلة من الدولار ( شراء سندات الخزينة الامريكية) مثل الصين و اليابان أكبر شريكان تجاريان للولايات المتحدة و غيرها من دول الاتحاد الاوربي و روسيا و دول الخليج. لذلك اقول لك: أن الولايات المتحدة الأمريكية أستطاعت بمكرها و دهائها أن توصل المعادلة التالية الى كل العالم و هي: أنا أمريكا و نعم أنا أبيعكم دولاراً لا قيمة له سوى بعض السنتات قيمة طباعته، و لكن أصمتوا لأنه بإنهياري سينهار العالم كله معي. |
|||||||||||||||||||||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ذهب،نضال |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أخبار الذهب و الاقتصاد العالمي _السبت و الاحد 14/15/1/2012 | abo haydara | الـذهـب Gold | 12 | 14-01-2012 09:23 PM |
أسرار وخفايا الأمر تشغيل( Run ) | ابو حمادة | علوم وتكنولوجيا واتصالات | 43 | 26-11-2011 08:52 PM |
الذهب والعملات الورقية | arnouri | اقتصاد العرب | 54 | 08-06-2011 12:43 PM |
70% من أعضاء مجلس الذهب العالمي سوريون | Rihab | استراحة المضاربين | 3 | 17-12-2010 11:46 PM |
أسرار علمية في السنة النبوية | أبو عبد الرحمان الدمشقي | المنتدى الإسلامي | 0 | 27-05-2009 08:46 AM |