|
المنتدى الإسلامي يتم وضع الفتاوى والآراء الإسلامية المختصة بالبورصة ... وبحوث المجامع الفقهية المعاصرة . |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 |
مشرف
شكراً: 15,520
تم شكره 33,601 مرة في 9,056 مشاركة
|
![]() كل عام و انتم بخير هكذا تمر بنا مرة أخرى ذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة يحتضنها عام هجري جديد، تمر بنا هذه الذكرى كعادتها في صمت وتواضع لا تُعَبِّرُ عنها إلا العطلة الرسمية التي تلفت الأنظار وتنبه السادرين وتوقظ الغافلين، ولعله صمت تواضع وخشية ولعله صمت تدبر وتأمل، إذاً تعالوا نستثمر هذا الصمت، نستثمره لاقتطاف العبرة وللوقوف أمام بعضٍ من دروس هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه. عباد الله دعونا نتساءل أفكانت هجرة النبي عليه الصلاة والسلام اجتواءً من مكان لأنه فضَّل عليه مكاناً آخر؟ معاذ الله، لم يكن فضل مكة أقل من فضل المدينة المنورة عند الله وعند رسوله، إذاً ما الذي دعا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن يهجر مكة وهي البلدة ذات القداسة التي لا ريب فيها؟ الذي دعاه إلى أن يهاجر عنها الابتعاد عما يبغض الله، الابتعاد عن رؤية المحرمات التي لم يعد يستطيع القضاء عليها، الذي دعاه إلى الهجرة أن المدينة المنورة تنتظره ليشيد عليها أول دولة من دول الإسلام، ليشيد عليها المجتمع الإسلامي الذي يحتضن ويتبنى مبادئ الإسلام وشرائعه والذي يَبْتَعِدُ ويُبْعِدُ سائر ما حرمه الله سبحانه وتعالى عن تلك الأرض، إذاً هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لم تكن اجتواءً لمكان لأنه فضل مكاناً آخر عليه ولكن هجرته كانت إلى تلك الأرض التي يتسنى له فيها أن يطبق مبادئ الإسلام وأن ينفذ شرائع الله عز وجل وأن يطهرها من الموبقات والمحرمات، وإذا كان الأمر كذلك فالهجرة بهذا المعنى باقية إلى يوم القيامة لأنه مبدأ نطق به المصطفى صلى الله عليه وسلم بسلوكه قبل أن ينطق به بلسانه أن الأرض التي يجد المسلم نفسه فيها غريباً لا يستطيع أن ينفذ فيها أوامر الله ولا يستطيع فيها أن يتقي رشاش المعاصي التي قد تصيبه من هنا أو هناك إذاً ينبغي بل يجب عليه أن يدع تلك الأرض ويهاجر منها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتغي أرضاً أخرى يستطيع فيها أن يؤدي رسالة الله، يستطيع فيها أن يبتعد عما حرَّمَ الله سبحانه وتعالى، هذا الذي فعله المصطفى هو ذاته الذي ينطق به بيان الله القائل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً، إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [النساء:97-98]. والآن ونحن نمر بهذه الذكرى أو قل إن هذه الذكرى العزيزة تمر بنا كما قلت لكم في خشوعٍ وهدوءٍ وتواضعٍ وصمتٍ أين هم الذين يقطفون منها ثمار العبرة؟ أين هم المسلمون الذين يقطفون من هذه الذكرى الدروس والعظات التي نطق بها رسول الله بسلوكه والتي بيَّنَها بيان الله عز وجل بأبلغ بيان؟ كثيرون هم المسلمون الذين طاب لهم المُقام في مجتمعات الإسلام فيها غريب بل الإسلام فيها محكومٌ وليس حاكماً يقول أحدهم إن بلسان حاله أو بلسان مقاله إن تطبيق الإسلام الذي أمر الله عز وجل به لا يتأتَّى مع العيش الذي ينبغي أن نوفره لأنفسنا، العيش المترف، العيش الباذخ، إذاً فلنغمض العين عن كثير مما أمر الله به مما لا يتأتَّى لنا تنفيذه في هذا المكان الغريب، إن المجتمع ليس مجتمعاً إسلامياً وإن التيارات الحاكمة فيه ليست تيارات مهتدية بهدي الإسلام إذاً فلنغمض العين ولنصدر الفتوى التي تنطق بأن الربا لم يعد محرماً ذلك لأن الضرورة تقتضي ذلك، وما الضرورة؟ الضرورة هي البقاء مع العيش الباذخ، الضرورة هي التقلب بنعيم ورغدٍ من العيش، هذه هي الضرورة، إن النظام الإسلامي للأسرة لا يتأتَّى تطبيقه هناك ولابد من البقاء إذاً فلنغمض العين عن كثيرٍ مما شرع الله عز وجل من أحكامٍ تتعلق بالأسرة ولنصدر الفتوى المؤكدة بأنه لا حرج من أن تتزوج الفتاة المسلمة من رجل غير مسلم مخالفين لنص كتاب الله سبحانه وتعالى، ويقول قائلهم إننا نعيش في مجتمع الإسلام فيه غريب ولا يتأتَّى لنا أن ننفذ ما قد أمر الله مما نقرؤه في محكم تبيانه أو مما نردده على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذاً فلا حرج من أن نحتك بالمحرمات ونجالس العصاة ونجلس مع المعاصي، لا حرج من أن نرى المعاصي في المجالس ولا حرج من أن نرى محرمات الله عز وجل تُنْتَهَك لأننا نعيش في مجتمع لا يعرف معنى للإيمان ولا للإسلام والضرورة تقتضينا البقاء، ما هي الضرورة؟ الضرورة كما قلت لكم أن الواحد منهم لا يتأتَّى منه أن يترك عيشه الباذخ، لا يتأتَّى منه أن يترك نعيمه الذي يتقلب فيه، لقد تعود على ذلك ولابد أن يبقى وأن يستمرئ هذه الحياة التي اعتاد عليها. رسول الله صلى الله عليه وسلم يستجيب لأمر ربه فيهاجر الأرض التي أحبها، يهجرها، الأرض المقدسة التي لا تقل قداسةً عن المدينة المنورة لأنه يريد أن يهجر المعاصي، يريد أن يهجر المحرمات، بل لأن عليه أن يبتعد عن رؤية المحرم الذي لا يستطيع إنكاره ولا يستطيع القضاء عليه، هكذا يفعل رسول الله وهكذا يوصينا وهكذا يعلمنا بل هكذا يأمرنا كتاب الله عز وجل وفي المسلمين كثرة كاثرة تعرض عن هذا الذي فعله رسول الله وتتناسى في يوم ذكراه، يوم هجرته هذا المعنى الذي أقوله لكم، تُصَنَّعُ الفتاوى تلو الفتاوى تلوى الفتاوى حسب الطلب، حسب ما تقتضيه الظروف. هذه عبرة من العبر بل هو درس من الدروس التي ينبغي أن نقف عندها وأن تتشبع عقولنا منها ثم نطبقها في حياتنا فهل عسيتم يا عباد الله أن تجددوا اليوم البيعة مع مولانا وخالقنا، أن نكون على قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما فعل، الضرورة! الضرورة هناك وليست الضرورة متمثلة في حياة من يستمرئون العيش الرغيد في المجتمعات الغربية، الضرورة تتمثل في أولئك الذين تركوا بيوتهم، تركوا بلغة عيشهم بل فيهم من ترك زوجته، من ترك ضروريات عيشه ليلحق بحبيبه المصطفى، ليوجَدَ فوق أرض يستطيع أن يتنفس فيها الصعداء معبراً عن استجابته لأمر الله عز وجل، هكذا يكون المسلمون الصادقون، وعندما نعيد سيرة ذلك الرعيل الأول بسلوكنا فلسوف نجد مصداق قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}[لأنفال: من الآية36]، التعديل الأخير تم بواسطة saeed ; 26-11-2011 الساعة 12:04 PM. |
![]() |
![]() |
4 أعضاء قالوا شكراً لـ abu mhd على المشاركة المفيدة: |
![]() |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
في ذكرى عيد الشهداء | رندة | مناسبات ستوكسية | 3 | 14-05-2011 06:40 PM |
في ذكرى المولد النبوي الشريف | abu mhd | مناسبات ستوكسية | 2 | 17-02-2011 10:41 PM |
العام الجديد 1432 للهجرة النبوية الشريفة | the king | مناسبات ستوكسية | 3 | 02-12-2010 02:31 PM |
في ذكرى ميسلون | hythm | مناسبات ستوكسية | 10 | 26-07-2009 02:18 AM |
أسرار علمية في السنة النبوية | أبو عبد الرحمان الدمشقي | المنتدى الإسلامي | 0 | 27-05-2009 08:46 AM |