Sameh

لكومبس - وكالات: يهرب السوريون على اختلاف طبقاتهم من الموت إلى أوروبا، فيسافر الأثرياء على متن طائرات ويخوت مريحة، بينما يلجأ الفقراء إلى القوارب، فينتهي بهم المطاف في قاع المتوسط.

وسط متاجر بيع المجوهرات وبين الصالونات الفنية في منطقة راقية من بيروت، كان مكتب السفريات مزدحمًا بالزبائن. نساء أنيقات يرتدين نظارات غوتشي، يقلِّبن بأنامل ناعمة الكراسات التي تعلن عن رحلات ممتعة بسفن سياحية في البحر المتوسط ومنتجعات للراحة والاستجمام ريثما يأتي دورهن.

وكان وكيل السفر يتعامل مع طلبات الزبائن، بما في ذلك شراء جوازات مقابل رشوة، وكذلك العديد من التأشيرات الاوروبية. وقد تكون الرحلة طويلة لكنها آمنة، تُنظَّم بما يؤمن للزبون "راحة قصوى"، كما أكد وكيل السفر مطمئنًا السيدة الجالسة أمامه.

جوازات سورية بالرشوى

وفيما يخاطر آلاف اللاجئين السوريين بحياتهم محشورين على متن قوارب متداعية، أو مختفين بين الحيوانات المصدَّرة إلى اوروبا، أو متسللين عبر مناطق محفوفة بالأخطار، فإن أثرياء سوريا يُهربون إلى اوروبا بطائرات وسفن سياحية فاخرة. وكشف تحقيق اجرته صحيفة ديلي تلغراف عن وجود شبكة متخصصة بتهريب النخبة تمتد من لبنان عبر تركيا إلى وجهات اوروبية، مثل باريس وستوكهولم ولندن.

وقد تكلف عملية التهريب آلاف الدولارات، لكن الهجرة غير القانونية تكون سهلة نسبيًا بفضل ما يملكه هؤلاء الأثرياء من مال. والوصول إلى اوروبا على جناحي المال والرشوة هو خيار آلاف الأثرياء السوريين الآن. واستعرض وكيل السفر في بيروت الطرق المتاحة لمراسلة الصحيفة التي تظاهرت بأنها زبون محتمل. وكان الوكيل يقترح سلسلة من الخيارات لتسفير زبائنه.

ويستطيع المهرب أن يحصل على جواز سفر صادر في سوريا مقابل رشوة لا تزيد على بضع مئات من الدولارات للزبون الذي لا يحمل اوراق سفر. وإذا اختار الزبون الطريق الأكثر رواجًا فانه سيغادر بيروت جوًا إلى اسطنبول، حيث لا يحتاج السوريون إلى تأشيرة. ومن اسطنبول يتولى شخص يتصل به الزبون عملية تهريبه إلى بلغاريا.

بوابة بلغاريا

يقول خبراء في الهجرة واللجوء إن بلغاريا اصبحت بوابة إلى اوروبا في الأشهر الأخيرة. ففي ايلول (سبتمبر) الماضي وحده، اعتقلت السلطات البلغارية 2377 مهاجرًا على الحدود، لكن المهربين يقولون إن الاجراءات الأمنية تتراخى مع الأثرياء. وشرح وكيل السفر في بيروت قائلًا: "هناك لبناني طيب أخذ اشخاصًا من قبل وأوصلهم سالمين"، مضيفا أن له علاقات بسلطات الهجرة التي تغض الطرف.

ومن بلغاريا، يقترح المهربون على الزبون طرقًا مختلفة للوصول إلى النمسا وايطاليا وحتى السويد، لا سيما أن هذه الأخيرة باتت وجهة مفضلة تمنح اللجوء وفي بعض الحالات حق الاقامة للسوريين الذين يصلون اراضيها. وذهب وكيل السفر المختص بتهريب الأثرياء السوريين إلى أن لديه موظفين في البلدان الواقعة على الطريق إلى هذه الوجهات، يرشون مسؤولي الحدود لتمكين الزبون من العبور بلا اوراق سفر اصلية، أو لتهريبه بالالتفاف على المخافر الحدودية.

وأكد وكيل السفر الذي ينظم عملية التهريب من بيروت أن الرحلة بالحافلة، لكن الرحلة من بيروت إلى بلغاريا وحدها تكلف نحو 10 آلاف دولار. ومن بلغاريا يتفاوت السعر حسب الوجهة المنشودة. وفي كل الحالات، لن يكون الزبون مختفيًا في مؤخرة شاحنة، فالرحلة قد تكون طويلة لكنها مريحة. وادعى المهرب أن لديه عملاء في عدد من السفارات الاوروبية يستطيعون تيسير اصدار التأشيرات "مجانا".

التسعيرة مختلفة

طريق آخر يبدأ برحلة بحرية من تركيا إلى اليونان. وقالت أم سورية مسيحية أن ابن اختها هرب بسفينة سياحية. وروت: "كان جنديًا في الجيش النظامي، وقتل جميع الجنود في وحدته في المعارك فأدركنا أن علينا تهريبه، وحين وصل إلى تركيا اقترح عليه المهربون ثلاثة خيارات للعبور إلى اليونان، فالعبور بقارب مطاطي يكلف 1700 جنيه استرليني (2730 دولارا) وبقارب تجديف 2500 جنيه استرليني (4 آلاف دولار) أو تهريبه على سفينة سياحية مقابل 3400 جنيه استرليني (5460 دولارا)".

وقالت السيدة المسيحية التي قدمت نفسها باسم هناء انها تعرف 110 سوريين جرى تهريبهم خلال الأشهر القليلة الماضية". وفي اليونان، يتسلمهم مهربون يزودونهم بوثائق لمواصلة الرحلة. وقال سالم، وهو مقاتل سابق في المعارضة تحدث عبر سكايب من اليونان حيث ينتظر السفر إلى السويد: "ابو ابراهيم مهرب عراقي ذائع الصيت، لديه اكثر من 5000 جواز سفر مسروق أو مزور، يأتون اليه فيسلمهم جواز سفر صورة صاحبه مشابهة، وإذا لم يتمكن الزبون من الحصول على جواز سفر فان المهربين يرشون عاملين على متن يخت أو سفينة سياحية ويصل الزبون إلى السويد بهذه الطريقة". وروى احمد، سوري من حمص أن الوصول إلى سويسرا استغرقه ستة اشهر ونحو 40 الف يورو.

الصور المصغرة للصور المرفقة