رندة
17-05-2012, 05:25 PM
البقشيش
البقشيش يعد من الظواهر الإجتماعية المنتشرة فى جميع انحاء العالم ، وهو ليس حكراً على شعب معين ، أو طبقة محددة ولكنه يتحول أحيانا إلى ما يشبه الرشوة أو التسول ، وذلك تحت مسميات أخرى حسب ظروف الحالة ، فالبقشيش هو أكسير الحياة.
ولا يزال مفهوم البقشيش متباينا في المجتمعات المختلفة بل وبين أفراد وفئات المجتمع نفسه ، فهنالك من يؤيده وبشدة بوصفة وسيلة تعبير جيدة للامتنان والرضا عن الخدمة المقدمة ، وهنالك من يراه صورة من صور الوجاهة والاعتزاز ، وعلى النقيض من ذلك تجد من يراه وسيلة للابتزاز بل وربما يرفضه كمبدأ.
وبين هذين الصنفين تتدرج مستويات مختلفة من التأييد في مواقف معينة والاستحباب في مواقف أخرى أو التحرج منه في أحيان أخرى بالرغم من الرغبة في إعطائه.
والبقشيش بالرغم من أنه ظاهرة عالمية وصورة اجتماعية ثابتة أحيانا إلا أنه لا يزال مثار جدل في المجالس وبين الأصدقاء وخصوصا في مواسم الصيف وما يتبعها من حمى استنزاف للمال والأعصاب أحيانا.
نشأة الظاهرة &
وظهرت فكرة البقشيش في الولايات المتحدة الأمريكية لذا يعرف بالإنجليزية بـ "TIPS" وهي اختصار للكلمات :To Insure Prompt Service ، ولكنها ما لبثت أن انتشرت في كل بقاع العالم.
وقد دخلت ظاهرة البقشيش إلى العالم العربي عن طريق الأتراك ، لذلك فان أصل الكلمة "بقشيش" تركي ، وأخذ البقشيش أشكالا مختلفة بحيث أصبح الفرق بينه وبين الرشوة ضئيلا ، وهو ما استدعى تدخل رجال الدين للفتوى في هذا الأمر، حيث يعتبر البعض منهم بالقول بأن ما يدفع من المال برضا نفس فهو حلال استنادا إلى القول القائل "ما أتاك من هذا المال من غير سؤال ولا استشراف فخذه"، لكن شريطة أن لا يكون هناك شكل من أشكال الإلحاح أو التلميح أو ربط الخدمة وجودتها بذلك".
الفرق بين الرشوة والبقشيش &
فالرِّشوة بعيدة كل البعد عن "البقشيش" في طبيعتها ودوافعها ، فمَن يُعطَى البقشيش ليس صاحب "نفوذ" أو "سلطة" يتحكَّم عن طريقها في قضاء المصالح والحاجِيّات ، هو في العادة "متواضِع" يريد أن يفعل ما في وُسْعه لراحة الآخرين في خدمتهم. ثُمَّ في الوقت نفسه ليس "متعيَّنًا" أو ليس هو "وحده" الذي يباشِر الخدمة.
ولكن مَن يأخذ الرِّشوة هو يُمليها في واقع الأمر، بحكم سُلطته ونفوذه وتفرُّده في أداء الواجبات والخدمات للآخرين في مُحيطه ، وقد يُمليها في عُنْجُهيّة وغَطْرسة ، لإحساسه بالتفرُّد في العمل من جانب، وبحاجة صاحب المصلحة في أداء العمل له من جانب آخر.
ومَن يأخذ البقشيش يُعَبِّر عن شكره لما أخذ. لكنْ قلَّما يَشكُر مَن قَبِل الرِّشوة أو فرضَها مَن تقدَّم إليه بها. فكبرياء سلطته ونفوذه يَحُول دون ذلك. وربَّما إحساسه "بالخطف" واستغلال النفوذ يجعله يتستَّر بعدم إعلان الشكر على جريمته ، ومَن يعطي البقشيش هو راضِ النفس، ولكنْ مَن يُعطي الرِّشوة مُكْرَه عليها، وحاقد على مَن طلبها منه في سبيل ضرورة لديه.
فالفساد الإداري يدفع بعض الموظفين من المستويات الدنيا والمتوسطة في الهرم الإداري ، وغالباً ما يشترك في الفساد الإداري طرفان ، طالب الخدمة من جهة، والموظف الحكومي من جهة أخرى.
ومقابل تسهيل معاملات الطرف الأول وانجازها بأسرع وقت ، يتقاضى الطرف الثاني من الطرف الأول الرشوة تحت مسميات من قبيل : "إكرامية"، "بقشيش"، "حسنة"، كونها تسهم في تحسين دخل الموظف المتدني أصلاً.
جدير بالذكر أن هذا النوع من الفساد تسهل مكافحته عبر تبسيط القوانين الإدارية والتشدد في تطبيقها ومراقبتها من الأجهزة المعنية، بالإضافة إلى زيادة رواتب الموظفين حتى لا يجدوا مبرراً لارتكاب الفساد ومخالفة النظام العام.
ويعد الفساد الإداري العدو الرئيس للشفافية ، فالفساد من حيث المبدأ يجهض خطط التنمية ويفشلها، وكذلك يفسد السياسة، ولكن ما هو فساد في ثقافة ما قد لا يكون فساداً في ثقافة أخرى.
وبغض النظر عن نسبية الفساد، فإن أغلب الدول تعاني من الفساد الإداري وإن كان بدرجات متفاوتة، إذ لا توجد دولة محصنة ضد الفساد، سواء كانت متقدمة أو نامية، وتبقى العبرة في طريقة مقاومته، والتي تفترض بالضرورة المحاسبة الصارمة للراشي والمرتشي.
وحتى ولو كانت الرشوة في صورة "بقشيش" أو "حسنة"، إذ يميز الموظف بين من يدفع ومن لا يدفع له "البقشيش"، ويطلب بالتالي دفع المزيد، وممارسات كهذه مخالفة للقانون، وإن كانت بعض المجتمعات تبررها ولا تدينها ، علماً بأن شرف الوظيفة العامة يملي ألا يتقاضى الموظف سوى راتبه والمكافآت التي تجيزها له الأنظمة.
اختلاف النظرة *
بقشيش &
وتختلف النظرة لعادة البقشيش من بلد عربي إلى أخر ، ففي مصر ودول المغرب العربي مثلا يعتبر البقشيش "خبز العامل" ، كما يطلق علية هناك ، وهو عادة منتشرة بكثرة.
وقد يستقبلك شخص مثلاً أمام الفندق ويحاول مساعدتك ولو بحمل الصحيفة التي في يدك على أمل الحصول على مقابل ، وأحيانا يصل الأمر إلى حد الإلحاح للحصول على البقشيش سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
أما في اليمن فان قيام الزبون بدفع إكرامية هي ظاهرة نادرة وإن أصبحت تأخذ بالظهور في المطاعم الكبيرة، لكن لا يتخذ ذلك صفة العادة أو الإجبار.
وفي العراق كان يعتبر البقشيش إلى وقت قريب نوعا من الإهانة ولكن بعد الظروف الاقتصادية بسبب الحرب والحصار صار البقشيش شيئا عاديا ، فقد يساعدك شخص ما في البحث عن بدله مناسبة لك وتدفع له مقابل ذلك بقشيشا.
أما في الإمارات أصبحت هذه احدى العادات الأساسية , ويحكم على من لا يفعلها أو يمارسها بالبخل , ولذلك اعتاد الناس عليها لدفع الكلام عن أنفسهم، وعموما تنتشر عادة دفع الإكرامية هذه مقابل خدمات معينة بذاتها مثل المطاعم والحانات والفنادق وسيارات الأجرة.
وأما المجتمعات الغربية فتختلف ثقافة البقشيش باختلاف الثقافات ، فمثلا في الصين واليابان لا تعرف هذه المجتمعات تقاليد للبقشيش سوى بشكل محدود جدا وينظر إليها عادة كنوع من الإهانة.
وفي الدول الأوروبية ، تنتشر عادة البقشيش ولكن مع ذلك لها أصولها وثقافتها ، فهي مثلا يجب أن تشكل نسبة معينة من قيمة الخدمة او السلعة وما أدنى ذلك يعتبر إهانة في بعض الدول وبالذات إذا كان البقشيش من قطع النقود الصغيرة.
وفي الوقت الذي يدفع البقشيش مع فاتورة الحساب أو يسلم للشخص في المطعم أو الحانة مثلا ، فانه في بعض الدول يترك على الطاولة عند مغادرة المكان.
وفي ألمانيا يدفع البقشيش عادة في الحانات والمطاعم وسيارات الأجرة والفنادق، غير أنه في المحلات التجارية والمؤسسات الحكومية والخدمية يحظر تماما دفع أي شيء من هذا القبيل.
صكوك العبودية &
وعن ظاهرة العمل بدون أجر ، تقول (ن ، ح) تعمل في كافيتريا بوسط القاهرة : " في البداية كنت أحصل علي راتب ثابت لكن الأجر توقف بعد قترة، وأصبح دخلي متوقفا علي نصيبي من البقشيش وهو لا يتجاوز 400 جنيه لكنه أفضل من لا شيء ، لكن المشكلة هي السخافات التي أتعرض من الزبائن مقابل البقشيش".
وتتفق معها فى الكلام " سحر محمود" فتقول :" أعيش علي البقشيش ، وكثيرا ما اتعرض للمضايقات ، لكنني مجبرة علي أن أستمر في هذا العمل كي أساعد أسرتي علي تحمل تكاليف المعيشة ، فانا أعمل بدون أي مرتب وفقا للشروط التي وضعها صاحب الكافتيريا ، واعتمد علي البقشيش الذي يجود به الزبائن الذين يطمع بعضهم في مقابل له ".
المعاناة واحدة سواء كان العاملون رجالا أم نساء فالكل يعاني من ضغوط مختلفة وخانقة وعلي حد تعبير ، فيقول "م " جرسون بأحد الملاهي الليلية بمحافظة حلوان : " رضينا بالهم والهم مش راضي بينا "، فأنا حاصل علي مؤهل عال ، وظللت أبحث عن وظيفة ، وفشلت حتي وجدت هذه الوظيفة التي تعتمد علي البقشيش الذي لا يتجاوز 500 جنيه بأي حال علاوة علي أن صاحب المحل يهددني بالطرد في أي لحظة حال حدوث أي خطأ.. فماذا أفعل؟!.
وقال عامل بمحطة بنزين بمنطقة فم الخليج تكشف كثيراً من الجوانب الخفية في حياتهم ، فقد يتعرض الواحد منهم للإصابة بأمراض خطيرة علي رأسها الأمراض الصدرية والجلدية الناتجة من التعامل مع المواد الكيماوية ، ويضيف: " لست متزوجا ولا أفكر في الزواج لأن الحياة صعبة والواحد مش ضامن بكرة".
الجانب الدينى &
وعن حكم البقشيش من الناحية الدنيية ، يقول فضيلة الدكتور محمد البهي – رحمه الله - عميد كلية أصول الدين الأسبق: إذا كان السبب في العطاء القليل الذي نسمِّيه بالبَقْشيش أو بالإكرامية هو الاستحسان، أي هو التعبير عن رضاء النفس من الخدمة التي تُقَدَّم للإنسان ، فهو في واقع الأمر عطاء في مقابِل .. عطاء مادِّيّ في مقابل معنويّ ، ولكنه ليس أجرًا على عمل ؛ لأن شرط الأجر على العمل أن يتَّفق عليه.
وعطاء شيء مادّي في مقابل ما يأتي به الآخر مما يسُرُّ النفس ويُريحها أمرٌ مقبول، لا إثم ولا معصية فيه. والعطاء في الوقت نفسه قام على أساس من اختيار المُعطي وعدم الإكراه فيه.
ومثل العطاء للاستحسان العطاء بحكم العادة والعُرف ، فالعادة، وخصوصًا التي لا تنطوي على ضَرَر، تُفضّل رعايتها عند التعامل بين أصحاب العُرف الواحد. بل قد تُعتبر شرطًا غير مكتوب لصِحّة المعاملة ، فإذا كان سبب العطاء الاستحسان، والعادة معًا فليستْ هناك شائبة من حرَج، في مساوقة العادة، وفي التعبير عن رضاء النفس.
أما إذا كان دفع البقشيش للرِّياء ـ وليس تعبيرًا عن رضا النفس بما قام به الطَّرَف المُعطي ـ فهو حرام ؛ لأن الرياء من شأنه أن يُفسِد العمل الطيب فقراءة القرآن إذا كانت رياء كانت حرامًا. وإنفاق المال من ذوي اليَسار إذا كان رِياء فهو حرام. والعلم من العالم إذا كان رياء فهو حرام.
.المصدر موضوع البقشيش– المنتدى العام
البقشيش يعد من الظواهر الإجتماعية المنتشرة فى جميع انحاء العالم ، وهو ليس حكراً على شعب معين ، أو طبقة محددة ولكنه يتحول أحيانا إلى ما يشبه الرشوة أو التسول ، وذلك تحت مسميات أخرى حسب ظروف الحالة ، فالبقشيش هو أكسير الحياة.
ولا يزال مفهوم البقشيش متباينا في المجتمعات المختلفة بل وبين أفراد وفئات المجتمع نفسه ، فهنالك من يؤيده وبشدة بوصفة وسيلة تعبير جيدة للامتنان والرضا عن الخدمة المقدمة ، وهنالك من يراه صورة من صور الوجاهة والاعتزاز ، وعلى النقيض من ذلك تجد من يراه وسيلة للابتزاز بل وربما يرفضه كمبدأ.
وبين هذين الصنفين تتدرج مستويات مختلفة من التأييد في مواقف معينة والاستحباب في مواقف أخرى أو التحرج منه في أحيان أخرى بالرغم من الرغبة في إعطائه.
والبقشيش بالرغم من أنه ظاهرة عالمية وصورة اجتماعية ثابتة أحيانا إلا أنه لا يزال مثار جدل في المجالس وبين الأصدقاء وخصوصا في مواسم الصيف وما يتبعها من حمى استنزاف للمال والأعصاب أحيانا.
نشأة الظاهرة &
وظهرت فكرة البقشيش في الولايات المتحدة الأمريكية لذا يعرف بالإنجليزية بـ "TIPS" وهي اختصار للكلمات :To Insure Prompt Service ، ولكنها ما لبثت أن انتشرت في كل بقاع العالم.
وقد دخلت ظاهرة البقشيش إلى العالم العربي عن طريق الأتراك ، لذلك فان أصل الكلمة "بقشيش" تركي ، وأخذ البقشيش أشكالا مختلفة بحيث أصبح الفرق بينه وبين الرشوة ضئيلا ، وهو ما استدعى تدخل رجال الدين للفتوى في هذا الأمر، حيث يعتبر البعض منهم بالقول بأن ما يدفع من المال برضا نفس فهو حلال استنادا إلى القول القائل "ما أتاك من هذا المال من غير سؤال ولا استشراف فخذه"، لكن شريطة أن لا يكون هناك شكل من أشكال الإلحاح أو التلميح أو ربط الخدمة وجودتها بذلك".
الفرق بين الرشوة والبقشيش &
فالرِّشوة بعيدة كل البعد عن "البقشيش" في طبيعتها ودوافعها ، فمَن يُعطَى البقشيش ليس صاحب "نفوذ" أو "سلطة" يتحكَّم عن طريقها في قضاء المصالح والحاجِيّات ، هو في العادة "متواضِع" يريد أن يفعل ما في وُسْعه لراحة الآخرين في خدمتهم. ثُمَّ في الوقت نفسه ليس "متعيَّنًا" أو ليس هو "وحده" الذي يباشِر الخدمة.
ولكن مَن يأخذ الرِّشوة هو يُمليها في واقع الأمر، بحكم سُلطته ونفوذه وتفرُّده في أداء الواجبات والخدمات للآخرين في مُحيطه ، وقد يُمليها في عُنْجُهيّة وغَطْرسة ، لإحساسه بالتفرُّد في العمل من جانب، وبحاجة صاحب المصلحة في أداء العمل له من جانب آخر.
ومَن يأخذ البقشيش يُعَبِّر عن شكره لما أخذ. لكنْ قلَّما يَشكُر مَن قَبِل الرِّشوة أو فرضَها مَن تقدَّم إليه بها. فكبرياء سلطته ونفوذه يَحُول دون ذلك. وربَّما إحساسه "بالخطف" واستغلال النفوذ يجعله يتستَّر بعدم إعلان الشكر على جريمته ، ومَن يعطي البقشيش هو راضِ النفس، ولكنْ مَن يُعطي الرِّشوة مُكْرَه عليها، وحاقد على مَن طلبها منه في سبيل ضرورة لديه.
فالفساد الإداري يدفع بعض الموظفين من المستويات الدنيا والمتوسطة في الهرم الإداري ، وغالباً ما يشترك في الفساد الإداري طرفان ، طالب الخدمة من جهة، والموظف الحكومي من جهة أخرى.
ومقابل تسهيل معاملات الطرف الأول وانجازها بأسرع وقت ، يتقاضى الطرف الثاني من الطرف الأول الرشوة تحت مسميات من قبيل : "إكرامية"، "بقشيش"، "حسنة"، كونها تسهم في تحسين دخل الموظف المتدني أصلاً.
جدير بالذكر أن هذا النوع من الفساد تسهل مكافحته عبر تبسيط القوانين الإدارية والتشدد في تطبيقها ومراقبتها من الأجهزة المعنية، بالإضافة إلى زيادة رواتب الموظفين حتى لا يجدوا مبرراً لارتكاب الفساد ومخالفة النظام العام.
ويعد الفساد الإداري العدو الرئيس للشفافية ، فالفساد من حيث المبدأ يجهض خطط التنمية ويفشلها، وكذلك يفسد السياسة، ولكن ما هو فساد في ثقافة ما قد لا يكون فساداً في ثقافة أخرى.
وبغض النظر عن نسبية الفساد، فإن أغلب الدول تعاني من الفساد الإداري وإن كان بدرجات متفاوتة، إذ لا توجد دولة محصنة ضد الفساد، سواء كانت متقدمة أو نامية، وتبقى العبرة في طريقة مقاومته، والتي تفترض بالضرورة المحاسبة الصارمة للراشي والمرتشي.
وحتى ولو كانت الرشوة في صورة "بقشيش" أو "حسنة"، إذ يميز الموظف بين من يدفع ومن لا يدفع له "البقشيش"، ويطلب بالتالي دفع المزيد، وممارسات كهذه مخالفة للقانون، وإن كانت بعض المجتمعات تبررها ولا تدينها ، علماً بأن شرف الوظيفة العامة يملي ألا يتقاضى الموظف سوى راتبه والمكافآت التي تجيزها له الأنظمة.
اختلاف النظرة *
بقشيش &
وتختلف النظرة لعادة البقشيش من بلد عربي إلى أخر ، ففي مصر ودول المغرب العربي مثلا يعتبر البقشيش "خبز العامل" ، كما يطلق علية هناك ، وهو عادة منتشرة بكثرة.
وقد يستقبلك شخص مثلاً أمام الفندق ويحاول مساعدتك ولو بحمل الصحيفة التي في يدك على أمل الحصول على مقابل ، وأحيانا يصل الأمر إلى حد الإلحاح للحصول على البقشيش سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
أما في اليمن فان قيام الزبون بدفع إكرامية هي ظاهرة نادرة وإن أصبحت تأخذ بالظهور في المطاعم الكبيرة، لكن لا يتخذ ذلك صفة العادة أو الإجبار.
وفي العراق كان يعتبر البقشيش إلى وقت قريب نوعا من الإهانة ولكن بعد الظروف الاقتصادية بسبب الحرب والحصار صار البقشيش شيئا عاديا ، فقد يساعدك شخص ما في البحث عن بدله مناسبة لك وتدفع له مقابل ذلك بقشيشا.
أما في الإمارات أصبحت هذه احدى العادات الأساسية , ويحكم على من لا يفعلها أو يمارسها بالبخل , ولذلك اعتاد الناس عليها لدفع الكلام عن أنفسهم، وعموما تنتشر عادة دفع الإكرامية هذه مقابل خدمات معينة بذاتها مثل المطاعم والحانات والفنادق وسيارات الأجرة.
وأما المجتمعات الغربية فتختلف ثقافة البقشيش باختلاف الثقافات ، فمثلا في الصين واليابان لا تعرف هذه المجتمعات تقاليد للبقشيش سوى بشكل محدود جدا وينظر إليها عادة كنوع من الإهانة.
وفي الدول الأوروبية ، تنتشر عادة البقشيش ولكن مع ذلك لها أصولها وثقافتها ، فهي مثلا يجب أن تشكل نسبة معينة من قيمة الخدمة او السلعة وما أدنى ذلك يعتبر إهانة في بعض الدول وبالذات إذا كان البقشيش من قطع النقود الصغيرة.
وفي الوقت الذي يدفع البقشيش مع فاتورة الحساب أو يسلم للشخص في المطعم أو الحانة مثلا ، فانه في بعض الدول يترك على الطاولة عند مغادرة المكان.
وفي ألمانيا يدفع البقشيش عادة في الحانات والمطاعم وسيارات الأجرة والفنادق، غير أنه في المحلات التجارية والمؤسسات الحكومية والخدمية يحظر تماما دفع أي شيء من هذا القبيل.
صكوك العبودية &
وعن ظاهرة العمل بدون أجر ، تقول (ن ، ح) تعمل في كافيتريا بوسط القاهرة : " في البداية كنت أحصل علي راتب ثابت لكن الأجر توقف بعد قترة، وأصبح دخلي متوقفا علي نصيبي من البقشيش وهو لا يتجاوز 400 جنيه لكنه أفضل من لا شيء ، لكن المشكلة هي السخافات التي أتعرض من الزبائن مقابل البقشيش".
وتتفق معها فى الكلام " سحر محمود" فتقول :" أعيش علي البقشيش ، وكثيرا ما اتعرض للمضايقات ، لكنني مجبرة علي أن أستمر في هذا العمل كي أساعد أسرتي علي تحمل تكاليف المعيشة ، فانا أعمل بدون أي مرتب وفقا للشروط التي وضعها صاحب الكافتيريا ، واعتمد علي البقشيش الذي يجود به الزبائن الذين يطمع بعضهم في مقابل له ".
المعاناة واحدة سواء كان العاملون رجالا أم نساء فالكل يعاني من ضغوط مختلفة وخانقة وعلي حد تعبير ، فيقول "م " جرسون بأحد الملاهي الليلية بمحافظة حلوان : " رضينا بالهم والهم مش راضي بينا "، فأنا حاصل علي مؤهل عال ، وظللت أبحث عن وظيفة ، وفشلت حتي وجدت هذه الوظيفة التي تعتمد علي البقشيش الذي لا يتجاوز 500 جنيه بأي حال علاوة علي أن صاحب المحل يهددني بالطرد في أي لحظة حال حدوث أي خطأ.. فماذا أفعل؟!.
وقال عامل بمحطة بنزين بمنطقة فم الخليج تكشف كثيراً من الجوانب الخفية في حياتهم ، فقد يتعرض الواحد منهم للإصابة بأمراض خطيرة علي رأسها الأمراض الصدرية والجلدية الناتجة من التعامل مع المواد الكيماوية ، ويضيف: " لست متزوجا ولا أفكر في الزواج لأن الحياة صعبة والواحد مش ضامن بكرة".
الجانب الدينى &
وعن حكم البقشيش من الناحية الدنيية ، يقول فضيلة الدكتور محمد البهي – رحمه الله - عميد كلية أصول الدين الأسبق: إذا كان السبب في العطاء القليل الذي نسمِّيه بالبَقْشيش أو بالإكرامية هو الاستحسان، أي هو التعبير عن رضاء النفس من الخدمة التي تُقَدَّم للإنسان ، فهو في واقع الأمر عطاء في مقابِل .. عطاء مادِّيّ في مقابل معنويّ ، ولكنه ليس أجرًا على عمل ؛ لأن شرط الأجر على العمل أن يتَّفق عليه.
وعطاء شيء مادّي في مقابل ما يأتي به الآخر مما يسُرُّ النفس ويُريحها أمرٌ مقبول، لا إثم ولا معصية فيه. والعطاء في الوقت نفسه قام على أساس من اختيار المُعطي وعدم الإكراه فيه.
ومثل العطاء للاستحسان العطاء بحكم العادة والعُرف ، فالعادة، وخصوصًا التي لا تنطوي على ضَرَر، تُفضّل رعايتها عند التعامل بين أصحاب العُرف الواحد. بل قد تُعتبر شرطًا غير مكتوب لصِحّة المعاملة ، فإذا كان سبب العطاء الاستحسان، والعادة معًا فليستْ هناك شائبة من حرَج، في مساوقة العادة، وفي التعبير عن رضاء النفس.
أما إذا كان دفع البقشيش للرِّياء ـ وليس تعبيرًا عن رضا النفس بما قام به الطَّرَف المُعطي ـ فهو حرام ؛ لأن الرياء من شأنه أن يُفسِد العمل الطيب فقراءة القرآن إذا كانت رياء كانت حرامًا. وإنفاق المال من ذوي اليَسار إذا كان رِياء فهو حرام. والعلم من العالم إذا كان رياء فهو حرام.
.المصدر موضوع البقشيش– المنتدى العام