كثير منا سمع عن العملات الأجنبية التي يحاول البعض تهريبها عبر الحدود ولعل الكثير لا يعرف ما المخاطر الناتجة عن تهريب العملة الأجنبية، والآثار الناتجة عنها على الاقتصاد، وما دوافع تهريب العملة أساساً.
مصادر مصرف سورية المركزي وفي تصريح خاص قالت: إن ظاهرة تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج عادة ما تتفاقم خلال فترات الأزمات ويلجأ أصحاب رؤوس الأموال إلى تهريبها إلى الخارج نتيجة عدم اليقين وترددهم في الاستمرار باستثماراتهم، إضافة إلى المخاوف من انخفاض حاد في سعر الصرف وعدم قدرة المصرف المركزي على الدفاع عن سعر صرف مستقر للعملة المحلية.
آثار اقتصادية سلبية
ينتج عن تهريب رؤوس الأموال مجموعة من الآثار الاقتصادية السلبية التي تؤدي إلى تفاقم الأزمة الحاصلة حيث يؤدي تهريب العملات إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية الأمر الذي يؤثر بشكلٍ مباشر على شرائح المجتمع الأضعف، إضافة إلى آثاره السلبيّة على المستثمرين ورغبتهم في الاستثمار ومن ثم ارتفاع معدلات البطالة، وحرمان الدولة من موارد القطع الأجنبي اللازمة لتمويل مشاريع اقتصادية وتنموية تدر دخولاً للدولة وللأفراد، وتساهم في الحدّ من البطالة.
ولعل أهم مخاطر تهريب العملة – حسب مصادر المركزي- تتمثل في عدم القدرة على تحديد مقدار الأموال المهربة بدقة ما يحول دون إمكانية التنبؤ بالأثر الحاصل في الوضع الاقتصادي والمالي، وعدم القدرة على اتخاذ قرار اقتصادي سليم.
كيفية التهريب
توضح المصادر بأن تهريب العملة يتم عادةً على شكل أوراق نقدية عبر المنافذ الحدودية، بدلاً من إرسالها كحوالة عبر أحد المصارف أو شركات الصرافة المرخصة، ما يعوق إمكانية تتبعها من الجهات الرقابية حيث تكمن الدوافع وراء تهريب العملة الأجنبية في الطمع بالربح الكبير والسريع، حيث يحاول ضعاف النفوس استغلال الأوضاع غير المستقرة لتحقيق مكاسب شخصية من خلال تهريب أموالهم للخارج بعد تحويلها إلى عملات أجنبية، ما ينعكس سلباً على قيمة العملة المحلية، إضافة إلى غسل الأموال بهدف إخراج الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية إلى الخارج بهدف إخفاء وتمويه مصادرها.
إشاعات
وتؤكد مصادر المركزي في هذا السياق أن جميع ما أشيع عن تهريب رؤوس الأموال السورية إلى الخارج ولاسيما إلى الدول المجاورة ومنها لبنان والأرقام المتباينة التي تداولتها بعض وسائل الإعلام ما هي إلا بهدف التضليل وقد أكدت مصادر رسمية لبنانية عدم صحة ما جاء في هذه الأخبار بل تم التأكيد أنه على العكس من ذلك فإن معدل نمو الودائع في المصارف اللبنانية خلال العام الحالي قد انخفض عن مثيله في العام الماضي.
ضبط التهريب والمهربات
وعن كيفية ضبط عمليات تهريب الأموال، قالت مصادر المركزي: إن تهريب الأموال يتم عادة على شكل أوراق نقدية أجنبية بنكنوت عبر المنافذ الحدودية وليس عبر القنوات المصرفية بحيث يتم إخفاء هوية المرسل والمستفيد، وتعمل الجهات المسؤولة وعلى رأسها مديرية الجمارك بشكل دؤوب للحد من هذه الظاهرة عن طريق تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية، إلى جانب ما تقوم به هيئة مكافحة غسل الأموال من تحقيقات وتحريات لضبط أي عملية تحويل أموال مشبوهة، مع الأخذ بالحسبان أن وعي المواطن السوري وثقته باقتصاده الوطني وبعملته المحلية قد أسهم إلى حد كبير في الحد من هذه الظاهرة.
إجراءات المركزي
وعن الإجراءات التي اتخذها مصرف سورية المركزي لضبط عمليات تحويل الأموال، قالت المصادر: إن ضبط عمليات تحويل الأموال يتم من خلال مجموعة من القنوات بالاعتماد على الآلية التي وضعها المصرف المركزي لتحويل الأموال إلى الخارج، من خلال تمويل المستوردات، حيث يتابع المركزي من خلال دوره الرقابي وبصورةٍ مستمرة عمليات تمويل المصارف العاملة للمستوردات حيث تعتمد آلية الضبط على إلزام المصارف بالتأكد من شخصية المستورد ومدى صحة وتناسب قيم البوالص الواردة إليها من المصرف المراسل مع ملاءة المستورد وحجم أعماله، ووجوب إبراز المستوردين للمصارف بالشهادة الجمركية التي تثبت أن عملية الاستيراد حقيقية وأن تمويلها الذي تم من خلال المصارف العاملة في القطر مبرر، حيث تقوم المصارف المحلية المعنية بمقارنة الكميات والقيم الواردة بهذه الشهادة مع كميات وقيم البضائع المستوردة المحددة بالاعتمادات أو البوالص الواردة التي تم التمويل وتحويل القطع للخارج على أساسها بحيث يتم إعلام المصرف المركزي بأي فروقات كما يتم إعلامه بأسماء وبيانات المستوردين الذين تخلفوا عن إحضار الشهادة الجمركية.
يضاف إلى كل ما سبق العمليات غير التجارية المحددة «نفقات الدراسة والعلاج والحج... إلخ» حيث يجب على المصارف وشركات الصرافة المعنية أن تقوم بتسجيل هذه العمليات لمصلحة المستفيد الحقيقي إلى جانب تدوين البيانات الخاصة لمقدم طلب الشراء والاحتفاظ بصورة عن هويته الشخصية إضافة إلى توقيعه التعهد المعد لهذه الغاية، مع لحظ الالتزام الكامل بتعليمات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فيما يتعلق بحركة تحويل الأموال من وإلى خارج البلاد، ومن أهمها التحقق من هوية العميل، مراقبة الحوالات المصرفية، إضافة إلى الاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة.