المصارف السورية تتريث في منح القروض

[وائل77]

إصلاح القطاع المصرفي، واتخاذ خطواتٍ جدّية للخروج من الحالة الراهنة بأقلّ الخسائر الممكنة، أمرٌ ملحٌّ لا مفرّ منه، ورغم محاولات السلطة النقدية، ممثلةً بمصرف سورية المركزي، اتخاذ قراراتٍ تسهل عمل المنظومة المصرفية، وتمتصُّ السيولة بالشكل الذي ينشِّط عمل هذا القطاع في الفترة الحالية، مع ازدياد السحوبات المصرفية، إلا أنَّ بعضهم يعتبر أنَّ الإجراءات والقرارات، على أهمية بعضها، بحاجة إلى منهجية جدية حتى لا تكون مجرد ردود فعل غير محسوبة العواقب، وحتى لا يتمَّ إصدار قرارات قد تكون متناقضة أو يفرغ بعضها محتوى الآخر،

وقد حاول المركزي تنظيم العمل للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة وحماية المنظومة المصرفية من أيّ خللٍ، إلا أنّ هناك أصواتاً تتحدَّث عن أهمية الرجوع إلى سياسات متوازنة لا تسمح بزيادة الهواجس النفسية، لا سيما أنَّ ثبات الليرة يأتي من استمرار الثقة بها.
أصدر مصرف سورية المركزي جملةً من القرارات كان آخرها القرار المتعلِّق بتعديل هوامش الحركة لأسعار الفائدة الدائنة التي تدفعها المصارف على ودائعها بالليرة السورية، كما تضمَّن أيضاً تخفيض أسعار الفائدة الدائنة التي تدفعها المصارف على الودائع لأجل بالدولار الأمريكي واليورو بمقدار نقطة مئوية واحدة، إضافةً إلى القرار المتعلِّق بنسب التركزات الائتمانيّة الناجمة عن توظيفات المصارف العاملة لدى المصارف والمراسلين في الخارج، إلى جانب قرار لجنة إدارة مصرف سورية المركزي المتضمّن تعديل تعليمات تسليم الحوالة، حيث ألزم القرار الجديد المصارف المسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي، وشركات الصرافة العاملة بتنفيذ الحوالات الواردة من الخارج إمّا بالليرة السورية أو بالعملة الأجنبية المحررة بها، حسب تعليمات تسليم هذه الحوالات والمحدَّدة بالاتفاق مع مرسلها حصراً.
وفي تعليقه على هذه القرارات وغيرها، يشير الخبير المالي والمصرفي، الدكتور أسامة سعيد، إلى ما شهدته المصارف في الآونة الأخيرة من اتجاه عدد من المودعين إلى القيام بإجراء سحوبات بالليرة السورية، وفي المقابل يلاحظ أنّ المصارف العامة والخاصة تتريّث في منحها القروض، وهذا الواقع ناجم عن مخاوف المصارف والمودعين، وأيضاً عائد إلى الإجراءات النقدية المتَّخذة وقراراتها لاحتواء الأزمة.


امتصاص الهواجس

يشير سعيد إلى أنّ قرار المركزي رفعَ سعر الفائدة أو تخفيضها ينعكس مباشرة على تكاليف وأعباء إدارة السيولة لدى المصارف، وهذا أيضاً ترافق مع قيام المركزي بتخفيض الاحتياطي الإلزامي لتلك المصارف إلى 5 % وسمح للمصارف بإدخال أدوات ومنتجات مصرفية جديدة، كتطبيق سعر فائدة متغيّرة على الودائع، واللجوء إلى رفع أسعار الفوائد الدائنة هدفه مواجهة ظروف معينة، لكنه يحمّل المصارف تكلفة قد تكون غير مستعدَّة لتحملها، وكذلك الاقتصاد قد يتحمَّل تكلفة كبيرة نتيجة توجّه الأموال إلى قطاعات غير منتجة، وأيضاً إلى خارج الدائرة المصرفية. والحلول التي يمكن أن يتّجه إليها المركزي، يوضحها سعيد بتمثلها إمكانية تعويض المصارف عبر السماح بتخفيض الاحتياطي الإلزامي أو السماح باستثماره في أدوات مالية قصيرة الأجل، وإعلام المصرف المركزي المصارف أنّه على استعداد تام لتوفير السيولة السريعة لها عند الحاجة. أما في ما يخصّ التريث في منح القروض، فيشير سعيد إلى ما له انعكاساتٍ مباشرة على الاقتصاد، وهذا يعكس انخفاض السيولة لدى هذه المصارف، كما أنّ السياسة النقدية المتبعة تعدُّ غير متوازنة نسبياً، وتميل أكثر إلى أنّها عبارة عن ردات فعل، أكثر منها سياسة واضحة، ما أسهم في زيادة الهواجس لدى جميع الأطراف في السوق.