عاود السوق تحركه التصاعدي خلال الأسبوع الماضي معوضاً نصف خسائره خلال الأسابيع الماضية وذلك بعد هبوط قاسٍ هو الأول من نوعه منذ افتتاح السوق في آذار 2009 ولقد كان لتحرك إدارة السوق وهيئة الأوراق المالية بإطلاق التصريحات المطمئنة وإقامة الندوات والمحاضرات وفتح الحوار مع المستثمرين الأثر الواضح في إعادة المناخ التفاؤلي العام للسوق وإعادة زرع الثقة التي اهتزت في عدة مناسبات وبسبب عدة قرارات بعضها كان خاطئاً في المضمون وبعضها الآخر كان خاطئاً في التوقيت، ولقد انطلقت من عدة أشخاص ماليين تصريحات بضرورة إقامة صناديق الاستثمار أو المشتركة كنوع من حل إسعافي أو وقائي في حالات هبوط أخرى مبررين ذلك بألا يترك السوق لكبار المستثمرين الذين يستغلون فرص هبوط الأسعار للشراء بأسعار رخيصة ومغرية وبالتالي فإن المستفيد الأكبر هم هؤلاء.
ولكن الصندوق الاستثماري والذي يأتي مناسباً لصغار المستثمرين الذين ليس لديهم القدرة على التنويع في الأسهم أو للمستثمرين الذين يملكون المال ولكن ليس لديهم الوقت للاستثمار أو الذين ليس لديهم المعرفة الأساسية للبيع والشراء في السوق والتحليل المالي الاحترافي لن يكون بالضرورة الفارس المنقذ للسوق في أوقات الأزمات، فالصندوق أيضاً له أهداف عامة وله استراتيجيات موضوعة ومطلوب منه عوائد محددة فالصناديق التي تعتمد استراتيجيات النمو تختلف عن تلك التي تعتمد استراتيجيات الدخل إضافة إلى أن الصناديق تتخصص في عدة قطاعات فهي من الممكن أن تكون عامة تتبع مؤشر السوق أو أنها في قطاع محدد كالقطاع الصناعي أو الخدمي ومن الممكن أن تكون أكثر تخصصاً أيضاً بأن تتوجه مثلاً للقطاع البنكي من القطاع الخدمي.
كما أن
صناديق الاستثمار لا تلعب دائماً دور البريء المدافع عن حقوق صغار المساهمين، فالصناديق وخاصة السيادية قد تتعمد رفع القيمة السوقية للسوق عامة أو للقطاع المتخصصة فيه ومن ثم تقوم بعمليات جني للأرباح مستخدمة حجمها الكبير نسبياً مقارنة بحجم السوق نفسه كما أنها ليست بالضرورة من الذين يكبحون خوف وهلع المستثمرين عند الأزمات فقد تكون الصناديق أول البائعين كما أنها قد تكون أكبر المشترين بالأسعار المتدنية فيتم استبدال كبار المستثمرين بالصناديق الاستثمارية والنتيجة واحدة على المستثمر الفرد.
الصناديق الاستثمارية بأنواعها ذات رأس المال المفتوح ورأس المال المغلق وصناديق الوحدات والتبادل التجاري غدت ركناً من أركان السوق المالية مع بداية القرن الماضي وهي ابتكار أمريكي بامتياز ولكن لنوضح لكل أداة ووسيلة استثمارية مالها من ميزات وماعليها من عيوب فالترويج للإيجابيات دون السلبيات أو بالعكس هو نوع من أنواع التدليس الإعلامي والمالي فالصناديق الاستثمارية تتميز بالرسوم والنقفات المرتفعة إجمالاً من رسوم استرداد ومبيعات وعمولات بيع وشراء ونفقات إدارية تؤثر على العوائد السنوية للمستثمرين.
وأخيراً فإن للأدوات المالية دائماً وجهان كما للحقيقة في السوق المالي وجهان.
د. وائل حبش