إشكاليات سوق التأمين السورية بلغة وأرقام البورصة

[BROKER]

من المعروف أن علاقة وثيقة تربط بين نجاح أي شركة مدرجة في سوق الأوراق المالية ومستوى أدائها وربحيتها ومدى الإقبال على استثمار أسهمها في السوق، وخاصة من مستثمري المديين المتوسط والطويل، حيث تسبق مؤشرات الربحية قوى السوق (العرض - الطلب) بتأثيرها على أسعار الأسهم في السوق ارتفاعاً وانخفاضاً، فكلما حققت الشركة تقدماً في ربحيتها ومستوى أدائها انعكس ذلك على حركة التداول بأسهمها والعكس صحيح، وفي بورصة دمشق حققت بعض المصارف هذه المعادلة على حين لا تزال شركات أخرى في البورصة متأخرة، فلا أرباح كبيرة تتحقق ولا تداول يذكر تحظى به أسهمها، ولعل بعض شركات التأمين هي خير مثال على هذه الشركات، وهذا مرتبط أصلاً بحداثة عهد سوق التأمين في البلاد وبتواضع الثقافة التأمينية لدى السوريين ثم بقلة مردود أعمال التأمين «كقطاع» حتى الآن على حين يحقق قطاع المصارف أرباحاً أكبر، طبعاً هذا الكلام يقف على الهامش عند الحديث عن بعض الحالات التي تشهد إقبالاً كبيراً جداً على تداول بعض أسهم الشركات رغم خسارتها، الأمر العائد للمضاربة على تلك الأسهم، وهنا القضية مختلفة كلياً عن السابقة.





«الوطن» حققت في أسباب ضعف التداول على أسهم شركات التأمين المدرجة وعدم تمكنها من فرض وجودها في سوق الأوراق المالية حتى الآن.
المدير العام لشركة العقيلة للتأمين التكافلي فراس العظم بين لـ«الوطن» أنه لا يزال من المبكر الحديث عن حركة تداول كبيرة تشهدها أسهم شركات التأمين فسوق التأمين في سورية لا تزال حديثة العهد وتخطو أولى خطواتها، فلم تشهد أكثر من سنتي عمل، كما أن 75% من أعمالها تتعلق بالتأمين على السيارات وهو تأمين إلزامي طويل الأمد ويحتاج إلى وقت طويل قبل بلوغ النتائج المرجوة.

وقال العظم: بحسب الدراسات صرف المواطن السوري على التأمين 19 دولاراً أميركياً عام 2010، وهو رقم متواضع مقارنة مع دول الجوار الذي بلغ في الأردن أكثر من 80 دولاراً وفي تركيا نحو 75 دولاراً، وتجاوز في لبنان مئتي دولار، فإذا أردنا بلوغ مستوى الدول النامية في هذا الخصوص أي «75 دولاراً» فنحن بحاجة ليرتفع إنفاق المواطن بمقدار 50 دولاراً وعندها يمكننا القول: إن سوق التأمين في سورية بخير.
وتابع العظم بالقول: ولكن هذه السوق في الوقت عينه سوق واعدة وطموحاتنا فيها كبيرة، فإذا راجعنا أرقام السنوات الأربع الأخيرة فسنجد أن حجم أقساط التأمين ارتفع من 6.4 مليارات ليرة عام 2006 إلى قرابة 20 ملياراً مع نهاية عام 2010 مع أن دخول الشركات الخاصة إلى السوق خلق منافسة كبيرة وأدى إلى انخفاض السعر التأميني عما كان قبل 2006، فالتأمين البحري الإلزامي مثلاً انخفض من 0.25 % إلى 0.12%، كما أن آلية التأمين في سورية ظلت ضعيفة لأكثر من 40 عاماً ولكن خلال السنوات الأربع الأخيرة تطورت هذه الآلية وتطورت معها السوق إلى ما هي عليها الآن.

وعن مستقبل قطاع التأمين في سورية توقع العظم أن يشهد نمواً كبيراً وخصوصاً أن الاقتصاد السوري يتحول من سوق موجه إلى اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يلعب القطاع الخاص دوراً كبيراً فيه وأن مسؤولية المواطن عن نفسه ستكبر ومن هنا سيأخذ التأمين دوره كما يجب.
وتحدث العظم عن معوقات لا تزال تؤخر نمو سوق التأمين ومنها أن الثقافة التأمينية في المجتمع السوري ينقصها النضج، «ولنأخذ التأمين الصحي كمثال.. فهو أرخص تأمين صحي في المنطقة «450 ليرة» شهرياً ومع ذلك فالإقبال عليه لم يكن مهماً فالمدخن «مثلاً» الذي يصرف شهرياً ألفي ليرة ثمناً للتبغ ليس مستعداً لدفع 450 ليرة شهرياً للإنفاق على تكاليف الاستشفاء «التأمين» مع أنها أقل بكثير مما ينفقه على التدخين، ولذلك فهناك مشكلة قناعة بفوائد خدمات التأمين وهذا يلعب دوراً مهماً في ضعف سوق التأمين وضعف التداول على أسهم شركات التأمين المساهمة المدرجة.

وفي الإطار عينه بيّن المدير العام لشركة بايونيرز للوساطة المالية لؤي الحبال أن موضوع التأمين هو أمر لا يزال جديداً على السوريين فالكثيرون لا يدركون ما شركات التأمين وما آلية عملها وما حجم أرباحها وما مستقبل هذه الأرباح، وخصوصاً أن البنوك تحقق أرباحاً أكبر بكثير من أرباح شركات الـتأمين وهو ما يعتبر سبب الإقبال على تداول أسهم البنوك، أي الأسهم التي تكوَّنَ لدى المستثمرين فهماً لآلية عملها.

وبيّن الحبال في الوقت عينه أنه على الرغم من ذلك بدأت الحركة على أسهم شركات التأمين بعد فترة طويلة من الجمود وأعرب عن اعتقاده أنه خلال فترة قصيرة سينشط التداول على أسهم شركات التأمين بشكل واضح لافتاً إلى ما حققته بعض الشركات من نمو وربحية وإلى التحرك الذي بدأت تشهده أسهمها في سوق الأوراق المالية وخصوصاً أسهم الشركات التي شهدت قبل إدراجها حركة بيع وشراء كبيرة ما أدى إلى اتساع حلقة المساهمين، وساعد في تحريك الأسهم كذلك بعد الإدراج.
وبالحديث عن ضعف التداول على أسهم بعض الشركات رأى المدير العام لشركة بيمو السعودي الفرنسي المالية عمر غراوي أن السبب الرئيس لذلك هو صغر قاعدة المساهمين بها، فمثلاً بعض شركات التأمين لا يتجاوز عدد مساهميها مئتي مساهم، ونسبة الأسهم الحرة فيها ضئيلة ومن ثم لا تتحقق أحجام تداول كبيرة على أسهم هذه الشركات. وهذا الأمر لا ينطبق على شركات التأمين فحسب فهناك أسهم بعض المصارف تعاني أيضاً ضعفاً في أحجام التداول للسبب ذاته، مؤكداً أنه وعلى العكس فاتساع قاعدة المستثمرين لشركة معينة له دور في تحريك التداول على أسهمها في السوق. ونتيجة لذلك، فإن المستثمر القصير الأجل، عندما يراقب اليوم الأسهم التي حققت نتائج إيجابية لمالكيها سيفضل الاستثمار فيها أكثر من الأسهم الثابتة التي تشهد ثباتاً في الحركة.

كما أعرب الغراوي عن اعتقاده أن تخفيض القيمة الاسمية للسهم من 500 إلى 100 ل.س المنصوص عليه في قانون الشركات الجديد، سيعمل بدوره على توسيع قاعدة المساهمين من خلال فتح المجال لشرائح أوسع من المكتتبين ليتملكوا أسهم الشركات التي سوف تدرج في السوق مستقبلاً ما سيزيد من سيولة الأسهم وسيزداد نشاطها.


الوطن