شركة قطر القابضة

[غسان]

بعد ساعات فقط على ابرامه صفقة قوامها 5. 1 مليار جينه استرليني لشراء متاجر هارودز البريطانية الشهيرة، كان أحمد السيد، الرئيس التنفيذي لقطر القابضة يسارع للحاق برحلة العودة الى الشرق الأوسط. وفي حديث له الى صحيفة فايننشال تايمز قبل فترة وجيزة على مغادرته فندق كونوت في ماي فير، قال السيد إن صفقة هارودز هي جزء من استراتيجية للاستحواذ على «الشركات المرموقة ذات الأداء الشديد التفوق وشرائها في الوقت المناسب من الدورة الاقتصادية».
شراء هارودز من محمد الفايد، المصري المولد الذي يملك فندق ريتز في باريس ونادي فولهام لكرة القدم، يعد أحدث نموذج على استخدام قطر القابضة لايرادات الغاز والنفط واستثمارها في بعض أشهر العلامات التجارية الأوروبية.

جرأة ونظرة ثاقبة
اذ استغلت «قطر القابضة»، من مقرها في الدوحة، الأزمة المالية، لاقتناص حصص في باركليز وكريديت سويس وبورشه وفولكس فاغن وكاناري وورف. كما تملك حصصا في بورصة لندن ومجموعة السوبرماركت جي سينسبوري.
الا أن الاستحواذ على متاجر هارودز، التي تأسست كمحل بقالة صغير في 1849ويؤمها حاليا بالغو الثراء، يشكل تحولا استراتيجيا لدى قطر القابضة، الذراع الاستثمارية المباشرة لهيئة قطر الاستمثارية التي تأسست في 2005 لتنويع أصول الامارة ومصادر دخلها بعيدا عن النفط والغاز.
فهي المرة الأولى التي يشتري فيها صندوق للثروات السيادية حصة نسبتها %100 في شركة أوروبية بصورة مباشرة، مما يشير الى أنها أصبحت أكثر جرأة في الصفقات التي تسعى وراءها. فكما يقول السيد، الذي يرفع تقاريره الى الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس وزراء قطر والرئيس التنفيذي لهيئة قطر الاستثمارية ورئيس مجلس ادارة قطر القابضة «نحن نراجع استراتيجيتنا من وقت لآخر».
ووفق مصادر مقربة من الصفقة، فان هارودز أكثر بكثير من مجرد أصل رفيع المستوى. وفي الوقت الراهن، فان السيد يلتزم الصمت بشأن تطوير هارودز، مكتفيا بالقول ان لديه «بعض الأفكار» حول أصله الجديد.
ومع ذلك فهو لديه قائمة واضحة يعمل من خلالها. فهو بداية يبحث فيما اذا كان سيفتح متجرا في شنغهاي لخدمة جنوب شرق آسيا، واستنساخ النجاح الذي حققته متاجر هارودز في لندن في خدمتها لأوروبا ونيويورك. وثانيا تطوير العلامة التجارية لهارودز بطريقة أقوى. كما ينبغي على السيد النظر في ما اذا كان على هارودز تطوير متجر عبر الانترنت.
أما المجال الرابع فسيكون العمل على متاجر هارودز الرئيسية في نايتسبريدج، وربما يشمل تجديده لزيادة وتيرة المبيعات. وأشار السيد الى أنهم سيسعون الى «تطوير وتوسيع» هارودز، في الوقت الذي أشاد فيه بادارة المتجر بقيادة مايكل وورد لـ«قيامهم بعمل ممتاز».
غير أن السيد رفض فكرة أن «قطر القابضة» تتصيد الصفقات الرفيعة المستوى للعائلة الحاكمة في قطر. فكما يقول في هذا الصدد: اننا مؤسسة تعمل بدافع مالي، وأول مانتطلع اليه عند الدخول في أي استثمار هو العائد. ولانسعي وراء الأصول الرفيعة المستوى. وتشمل الصفقة متجر نايتسبريدج وديونا بنحو 600 مليون جنيه استرليني فضلا عن خدمة هارودز للهليكوبتر التاكسي ووكالة للعقارات الفاخرة. وقد بلغت دورة المبيعات في هارودز 751.7 مليون جنيه استرليني.

انتكاسات سابقة
وكانت قطر القابضة شهدت بعض النكسات، قبل أن يتولي السيد قيادتها في أكتوبر 2008، لاسيما في بريطانيا. اذ كانت الشركة المستثمر المهيمن في صندوق «ثري دلتا» للملكية الخاصة، الذي قدم عرضا فاشلا قوامه 10.6 مليارات جنيه استرليني لشراء سينسبوري وتكبد خسائر في عدد من صفقات الرعاية الصحية المثقلة بالدين، بما في ذلك صفقة شراء دور التمريض فور سيزونز الممولة بالقروض بقيمة 1.4 مليار جنيه استرليني. ومنذ أن تولى الرئاسة التنفيذية، جمع السيد فريقا خاصا به مكونا من 25 شخصا، بدلا من الاعتماد على الوسطاء كما حدث مع ثري دلتا. وجعل ذلك من عملية عقد الصفقات أكثر بساطة.
يقول كين كوستا، رئيس لازارد انترناشيونال الذي قضى أشهرا وهو يقوم بدور الوسيط بين الطرفين في الصفقة «أدهشتني حرفية الفريق القطري في ادارته للمباحثات. كانوا مركزين للغاية وواضحين بشأن أهدافهم».

امبراطورية تتوسع
ويعني ارتفاع أسعار النفط والغاز تدفق مزيد من الأموال والايرادات على خزينة قطر القابضة المخصصة للاستحواذات. وكان رئيس الوزراء خصص بالفعل 30 مليار دولار اضافية لدعم موارد هيئة قطر للاستثمار التي قدرت بنحو 75 مليار دولار هذا العام.
ويعمل السيد على التوسع في آسيا، اذ فتح مكتبا في الهند ويعتزم فتح آخر في الصين. كما لدى الهيئة مكتبا في باريس حيث تملك حصة نسبتها %7 في مجموعة لاغاردير، للاعلام والدفاع فضلا عن أصول عقارية.
وعند سؤاله عما اذا كانت قطر القابضة ستفتح مكتبا لها في لندن بعد صفقة هارودز، ضحك السيد من السؤال وقال «لاحاجة الى وجود مكتب هذه الأيام. فنحن في لندن كل أسبوع، وهارودز هو مكتبنا الجديد».

فايننشال تايمز