|
اقتصاد العرب كل ما يجب معرفته عن اقتصاد العرب .. لأهميته وتأثيره على اقتصادنا. |
|
أدوات الموضوع |
26-08-2010, 02:54 PM | #1 |
عضو متابع
شكراً: 108
تم شكره 154 مرة في 87 مشاركة
|
لماذا طبّقت اليابان الفائدة الصفرية بينما اسعار الفائدة دمّرت الدول
سأتناول هذا الموضوع في المباحث التالية: المبحث الأول: سوء توزيع الثروة المبحث الثاني: هدر الموارد الاقتصادية المبحث الثالث: ضعف التنمية الاقتصادية والاستثمار المبحث الرابع: التّضخّم المبحث الخامس: البطالة المبحث الأول: سوء توزيع الثروة صورة لعالم الاقتصاد الألماني المعروف شاخت مدير بنك الرايخ الألماني سابقا تتركز عملية الإقراض بفائدة [15] ( الإقراض الرّبويّ ) على الأشخاص القادرين على تقديم ضمانات تسديد القروض وفوائدها، وهو ما يؤدّي إلى تركّز ثروة البلاد في أيدي عددٍ قليل من الأشخاص [16] وتأييداً لهذا المعنى يقول الدكتور شاخت الألماني(HjalmarSchacht) الجنسيّة والمدير السّابق لبنك الرّايخ الألماني(Reichsbank): "إنّه بعمليّة غير متناهية يتّضح أن جميع مال الأرض صائر إلى عددٍ قليل جداً من المرابين، ذلك لأنّ المرابي يربح دائماً في كل عمليّة، بينما المدين معرّض للرّبح والخسارة، ومن ثمّ فإنّ المال كلّه في النّهاية لابدّ بالحساب الرّياضيّ أن يصير إلى الّذي يربح دائماً" [17]. ومن مظاهر سوء توزيع الثّروة تسخير العمل لحساب رأس المال، حيث يقوم الإنتاج على عنصرين: العمل والمال، والعمل هو الأساس الأوّل، لأنّه هو الّذي يوجد المال في الأصل، وموجب ذلك أن يتحمّل كل من العنصرين نصيبه من الرّبح والخسارة، فإذا أشركنا صاحب المال في الربح، وجب أن يشترك في الخسارة النّازلة، غير أن الفائدة تهدم هذا البنيان الطّبيعيّ، وتسخّر العمل لحساب رأس المال، لأن المنتج وهو المدين دائماً، يضمن للمرابي رأس ماله، ونصيبه من الربح، دون أن يشارك هذا الأخير في الخسارة النّازلة.[18] وبناءً على ما سبق فإنّ الّذين يتركّز عندهم المال فئتان: الفئة الأولى: المرابون الّذين يقرضون المال ويربحون دائماً. الفئة الثانية: الأشخاص الأغنياء المقترضون القادرون على تقديم ضمانات تسديد قروضهم. وهذا يؤدي إلى تداول المال بين المرابين والأغنياء القادرين على تقديم ضمانات مما يجعل المال متداولاً بين هؤلاء وهو مخالف لمنهج الإسلام. إن منهج الإسلام يقوم على توزيع المال بين الناس، وتداوله وحركته بينهم، ولذلك جعل علّة توزيع الفيء – كأحد مصادر المال في الإسلام – على المستحقّين منع تركيز المال في أيدي الأغنياء فقط، بل يتداول بين الناس، لقوله تعالى: (( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب))[19]. إن الطريقة الإسلامية يهمّها أن يكون الأشخاص القائمين على المشاريع من أهل الأمانة والخبرة والالتزام، وهذا يؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثّروة والدخل بين الناس.[20] إن ربّ المال – في نظام المشاركة الإسلامي – لا يطلب ضمانات، لأنّه هو الضّامن للمال، بحيث يتحمّل خسرانه إذا وقع مقابل تحمّل العامل ضياع عمله.[21] وهذه المقارنة منطقيّة تقبلها العقول السليمة، فلو قسمنا الناس إلى فئتين: فئة تقرض بفائدة وفئة تقترض بفائدة، أمّا التي تقرض فتربح دائماً، وأمّا الّتي تقترض فهي معرّضة للربح والخسارة، فإذا تم تداول كمية من المال بين هاتين الفئتين، فإن هذه الكمية صائرة إلى الذين يربحون دائماً، لأنهم يسترجعون رأس المال مضافاً إليه الفائدة، أما الفئة الأخرى فهي معرّضة للخسارة وأغلب الظّنّ أنّها ستحصل ولو لمرّة واحدة، فيتمّ تسخير جهدهم وعملهم لخدمة رأس مال الفئة الأولى. المقرضون المقترضون 1-لا يشاركون في الخسارة 1-يربح أو يخسر 2-يسترجع رأس ماله مضافاً إليه الفائدة 2-تم تسخير عمل هؤلاء وجهودهم لخدمة رأس مال المقترض وبناءً على ما سبق لا يمكن لنظام الفائدة أن يُعالج مشكلة الفقر أو يصلح الدول الفقيرة، فالنّزيف مستمر من الفقراء إلى أصحاب المال، وأصحاب المال تزيد أموالهم زيادة مستمرّة، فالأغنياء يزدادون غنىً والفقراء يزدادون فقراً، ومديونيّة الدّول الفقيرة في ازدياد وفوائد هذه الدّيون في ازدياد أيضاً، وأضرب مثالاً على هذا مديونيّة بلدي الأردن وفوائدها في الجدول التالي: جدول رقم (1) يبيّن مديونيّة الأردن وفوائدها [22] نلاحظ من البيانات التي تتعلق بخدمة الدين العام الخارجي أنه بالرغم من دفع الأقساط والفوائد إلا أن رصيد الدين العام يزيد وتبقى الدولة مدينة، وتخضع لإملاءات الدول الغنيّة المقرضة، وهو نوع جديد من أنواع الاستعمار والاستعباد الفكري والاقتصادي والاجتماعي ولكن في ثوب جديد. إنّه الظّلم وأكل أموال الناس بالباطل الذي نصّ عليه القرآن الكريم، وهذا وجه من وجوه إعجاز هذا التشريع الخالد الذي جاء به القرآن الكريم. المبحث الثاني: هدر الموارد الاقتصادية ينتج هذا عند الإقراض بفائدة لأموال لا يتم توجيهها إلى أنشطة ومشاريع ذات جدوى ومنفعة حقيقية لحياة الناس.[23] ودليل ذلك ما نشاهده اليوم عند كثير من الناس الذين يقترضون بالفائدة من أجل أدوات منزلية كمالية كالثلاجات والغسالات والتلفزيونات والفضائيات، أو سلع استهلاكية كالطعام والشراب ونحوه وخلويات وسيارات وحواسيب للترف والترفيه، وإنني أرى أن الناس ينفقون ملايين الدنانير الأردنية مثلاً على كلام في الخلويات لا ينفع، بل كثير منه يضر، وهكذا في كثير من السلع. إن التمويل الربوي يؤدي إلى سهولة المداينات دون أي ارتباط بالنشاط الاقتصادي الفعلي، وهذا بدوره يؤدي إلى نتيجتين هما: أولا: تفاقم الإنفاق الاستهلاكي، لأن نسبة كبيرة من القروض الفردية ستوجّه إلى الحاجات الآنية على حساب الاحتياجات المستقبلية، وهذا يعني اختلال أنماط الإنفاق في المجتمع، مما يجعل الأفراد أكثر اعتماداً على الديون لتسيير حياتهم اليومية، وكلما كانت آليات الإقراض النقدي أكثر تيسيراً كلما ازداد اعتماد الأفراد عليها، ويصبح الأمر مثل كرة الثلج لا تزداد مع التدحرج إلا ضخامة.[27] ودليل ذلك أن التداول النافع للسلع من المصالح الكليّة، وهو الذي يجعل السلعة متاحة لأكثر الناس انتفاعاً بها، ويؤدي إلى تحريك السوق.[28] 4- البيع والتجارة تتضمن مخاطرة من وجهين: أولهما: مخاطرة انخفاض السعر، أو كساد السلعة وبوارها حينما يريد بيعها. ثانيهما: مخاطرة الهلاك والتلف، فترة بقائها في حوزته. ورأس مال الربا لا مخاطرة فيه، بل هو دين مضمون في الذمة، واجب الرد بمثله، فلا يتعرض لأية مخاطرة.[31] فالإسلام يُعطي لكل نوعٍ من أنواع رأس المال لوناً مناسباً من المكافأة ( الربح ): يعطي رأس المال البشري ( العمل ) أجراً ثابتاً أو مشاركة ( شركة أعمال مثلاً )، ويعطي رأس المال المثلي ( الإقراضي ) ربحاً بالمشاركة دون الأجر الثابت، ويعطي رأس المال القيمي ( الإيجاري ) أجراً دون مشاركة، مثل أجر أدوات الإنتاج كالمحراث والآلات الزراعية ونحوها. كل ذلك بما يحفظ العدالة ويدفع إلى الإحسان.[32] المبحث الثالث: ضعف التنمية الاقتصادية والاستثمار [33] الإقراض بنظام الفائدة يؤدي إلى تضييق دائرة التمويل، لأنه يعتمد على ضمانات لا يقدر عليها إلا الأغنياء. ورب المال في نظام الفائدة أقل اهتماماً بنجاح المشروع، ولا تهمّه الأمانة والخبرة والمقدرة في العمل، لأن أكثر ما يهمّه لأن يكون المقترض غنيّاً ومليئاً، وأن تكون فائدته ثابتة، ورأس ماله مضموناً.[37] وبناءًُ عليه فكلّما توسّع الناس في الضمانات فإنه يؤدي إلى تخفيض التمويل، وهذا يعني تقليل الاستثمار، والذي يأخذ فائدة مضمونة لا يهتم بنجاح المشاريع الاقتصادية، وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف التنمية الاقتصادية. وإن تقلّص دور الضمانات في نظام المشاركة مثلاً يساعد على توسيع دائرة التمويل بحيث تشمل الفئات الأقل من العمال المهرة.[38] وتوسيع دائرة التمويل يؤدّي إلى زيادة الاستثمار وتشجيعه، بحيث يشمل العمال المهرة كالحدادين والنجارين وأصحاب المعامل الصغيرة على اختلاف حِرفهم. إن الإقراض بنظام الفائدة يقوم على تحديد سعر الفائدة مسبقاً، وهذا يؤدي إلى حجب بعض المشروعات التي يقل مردودها عن الفائدة الواجب دفعها، أو يساويها، أو لا يزيد عنها إلا قليلاً.[39] فتحديد سعر الفائدة مقدّماً – قبل أن يعلم أحدٌ قيمتها الحقيقية بالضبط – ظلم للمقترض أو المقرض، فإذا ازدادت نسبة صافي الربح الفعلي عن سعر الفائدة وقع على المقرض ظلم بحرمانه من هذه الزيادة، وإذا قلّت نسبة صافي الربح الفعلي عن سعر الفائدة وقع على المقترض ظلم بإلزامه بسداد الفائدة بالكامل رغم زيادتها على الربح المحقق فعلاً.[40] وهذا بيان للظلم الذي يقع على المقرض أو المقترض بسبب الإقراض بفائدة. هذا بالنسبة إلى تحديد سعر الفائدة مسبقاً، أما ارتفاع سعر الفائدة فإنه يؤدي إلى إعاقة التنمية الاقتصادية، لأن رجل الأعمال عندما يفكّر في توسيع مصنعه أو إنشاء مصنع جديد يرى أن سعر الفائدة سيلتهم ثمرة عمله فيحجم عن هذه المخاطرة، بل قد يؤثر الكثيرون السلامة والكسل فيودعون أموالهم في البنوك صورة لعالم الاقتصاد البريطاني جون كنيز أو شهادات الادخار قانعين بما تدرّه عليهم من فوائد معرضين عن الخوض في مجال التنمية وإيجاد الرزق الحلال والعمل الطيب للناس.[41] ويؤكّد هذه المعاني الاقتصادي المشهور كينز (JohnMaynard Keynes) فيقول: إن معدل سعر الفائدة يعوق النمو الاقتصادي لأنه يعطل حركة الأموال نحو الاستثمار في حرية وانطلاق، فإن أمكن إزالة هذا العائق فإن رأس المال سيتحرّك وينمو بسرعة.[42] وبرهان ذلك أنه من المقرر محاسبيّاً احتساب الفائدة ضمن تكاليف الإنتاج، فتعتبر كأي نفقة من نفقات الإنتاج، مثل الإيجار والنور والمياه. وبناء على هذا تزيد النفقات كلما زادت الفائدة، وتقل كلما قلت، وبالتالي فإن الأرباح تقل كلما زادت الفائدة وتزيد كلما قلت الفائدة، فارتفاع سعر الفائدة يؤدي إلى انخفاض صافي الربح، وهذا بدوره يؤدي إلى انكماش حجم الاستثمار، وإلى توقّف التكوين الرّأسمالي، وإلى هبوط الدخل القومي، وانخفاض القوة الشرائية، والعكس صحيح، ومن هنا يتّضح أن من مصلحة الاقتصاد القومي القضاء نهائياً على الفائدة.[43] ومما يعيق التنمية الاقتصادية ويضعف الاستثمار ما تفرضه السياسة النقدية للبنوك المركزية على البنوك الأخرى الخاضعة لها ضرورة الاحتفاظ بنسبة معينة من إجمالي الودائع الخاصة بكل بنك في حساب خاص به لدى البنك المركزي فيما يُعرف بالاحتياطي القانوني بهدف حماية أموال المودعين من ناحية، وتحجيم دور البنوك في زيادة العرض النقدي، هذه السياسة النقدية – التي تلائم المصارف التي تعتمد على نظام الفائدة – تؤدي إلى تعطيل جزء من الأموال التي قدمها أصحابها لتلك المؤسسات بغرض استثمارها.[44] وهذه السياسة النقدية غير ملائمة للطريقة الإسلامية، فمثلاً نظام المضاربة لا يترتب عليه رد الأموال في أي وقت لارتباطها بمشروعات استثمارية موظّفة بها من ناحية، وارتباطها بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة من ناحية أخرى. وقد أدّت هذه السياسة إلى تعطيل جزءٍ من أموال البنوك الإسلامية مما يؤثر سلباً على ربحية هذه الاستثمارات.[45] ويتلخّص لدينا مما سبق أن نظام الفائدة يعيق التنمية الاقتصادية للأسباب التالية: 1- التوسّع في الضمانات للقرض الربويّ توسّعاً لا يقدر عليه إلّا الأغنياء، وهذا يمنع عاملين مهرة في الاستثمار لعدم وجود ضمانات كافية. 2- اهتمام المقرضين باسترجاع رأس مالهم مضافاً إليه الفائدة أكثر من اهتمامهم بنجاح المشروع. 3- زيادة تكاليف الإنتاج مما يؤدي إلى انخفاض صافي الربح، وهذا بدوره لا يشجع على الاستثمار. 4- الاحتفاظ بالاحتياطي القانوني لكل بنك في البنوك المركزية يعطّل جزءاً من المال عن الاستثمار والإنتاج والمشاركة في التنمية. المبحث الرابع: التضخم: يدور مفهوم التضخم حول الزيادة في كمية النقود تؤدي إلى ارتفاع في الأسعار، فهو ظاهرة تتمثل في انخفاض القوة الشرائية للنقود المقترضة أو ارتفاع الأسعار.[46] ومن أسباب هذه الظاهرة زيادة كمية النقود.[47] وتأييداً لهذا يرى عالما الاقتصاد السويدي فيكسل والإنجليزي كينزان التضخم يحدث عندما تزداد كمية النقود، حيث يزيد الطلب الكلي على السلع والخدمات أكثر من العرض الكلي لهذه السلع والخدمات.[48] ويفسّر فيكسل ظاهرة ارتفاع الأسعار بالمقارنة ما بين سعر الفائدة النقدي الذي تمارسه البنوك عند الإقراض أي نفقة الاقتراض من البنوك مثلاً والعائد الذي يمكن أن يحققه رأس المال المستثمر ( أي سعر الفائدة الحقيقي ). ولو قامت البنوك التجارية بتخفيض سعر الفائدة النقدية بالمقارنة بسعر الفائدة الحقيقية، فإنه يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لأنه يؤدي إلى زيادة الاستثمار ومن ثم زيادة الطلب على عناصر الإنتاج، وارتفاع أسعارها، فتزداد نفقات الإنتاج وتزداد الأسعار، ويؤدي أيضاً إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولو قامت البنوك برفع سعر الفائدة فإنه يؤدي إلى ارتفاع في كلفة رؤوس الأموال مما يؤدي إلى رفع الأسعار.[49] ودليل آخر على أثر الفائدة في التضخم أن صاحب المال لا يرضى إذا استثمر ماله في صناعة أو زراعة أو شراء سلعة أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، لأنه يفكر أنه استثمر المال وبذل الجهد واستعدّ لتحمّل الخسارة، فلابد أن تكون نسبة الربح أكثر من نسبة الربا، وكلما ازدادت نسبة الربا غلت الأسعار أكثر منها بكثير، هذا إذا كانت المنتج أو التاجر صاحب مال، وأما إذا كان ممن يقترض بالربا فرفعه للأسعار أمرٌ بدهيّ، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه من الربا.[50] ويمكن توضيح ذلك في الشكل التالي: وبالتّأمّل في هذا الشكل تبيّن ما يلي: 1- إن كمية النقود كثيرة وكمية السلع والخدمات محدودة، ولذلك فإن الحكومات تطبع من الأوراق النقدية كميات كثيرة جداً، مما يؤدي إلى زيادة كمية النقود في البلد ويؤدي إلى الخلل. 2- هذا الخلل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهذا يدفع الحكومة إلى رفع سعر الفائدة، لإغراء أصحاب المال كي يدفعوها للحكومة ، من أجل امتصاص النقود من السوق، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، ويؤدي إلى غلاء الأسعار، وهكذا تدور الدورة من جديد، وتبقى الأسعار في دوامة لا تستقر. وأما دور البنوك في إيجاد التضخم فيؤكده الاقتصاديون الغربيون فيقولون: "البنوك تخلق النقود"، وهذه حقيقة فعليّة في البنوك الرّبويّة التي تخلق نقوداً حسابية بأن تفتح للعميل اعتمادات يسحب منها دون أن يودع لدى البنك نقوداً وبذلك تسهم في إيجاد التضخم، لأننا نراها عندما تحاول الحكومة امتصاص الزائد من النقود في السوق برفع سعر الفائدة على الودائع، تقوم هذه البنوك بإعادة الأموال للسوق بل وزيادتها بما تمنحه من اعتمادات.[52] وبناء على ما سبق فإن نظام الفائدة الربوية جعل التضخم ظاهرة عامة تخضع لها كافة الاقتصاديات الصناعية المتقدمة، فالأسعار في ارتفاع مستمر، وقيمة العملات الوطنية في تناقص مستمر، ونفقات المعيشة وأسعار التجزئة تتجه إلى أعلى دائماً.[53] ويتلخّص مما سبق أن من أسباب ارتفاع الأسعار ما يلي: 1- زيادة عرض النقود في السوق: إنني أرى أن نظام الإقراض بفائدة يؤدي إلى زيادة عرض النقود في السوق وهذا بدوره يؤدي إلى غلاء الأسعار. ولذلك سنّت السلطات النقدية في معظم الدول النامية رفع الفائدة كجزء من برنامج مكافحة التضخم، لتخفيض طلب المقترضين على القروض، فتحديد الإقراض عامل من عوامل مكافحة التضخم.[54] 2- سعر الفائدة: إن زيادة سعر الفائدة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ومن العجيب أن خفض سعر الفائدة يؤدي أيضاً إلى ارتفاع الأسعار من وجه آخر، فالأسعار في ازدياد مادام هنالك فائدة، ولا تستقر الأسعار إلا بانعدام الفائدة. المبحث الخامس: البطالة أكبر مشكلتين يواجههما الاقتصاد الرأسمالي: البطالة والتضخم، وتزيد معدلات البطالة مع ارتفاع التضخم، فارتفاع الأسعار دون زيادة متناسبة في الأجور سوف تؤدي إلى الإقلال من الطلب على السلع، وبالتالي إلى انخفاض حجم الاستثمار والإنتاج ومن ثم زيادة معدلات البطالة.[55] لقد ساعدت الفائدة على وجود طبقة من البطالة المقنعة تمثل في هؤلاء المدخرين الذين يقعدون عن العمل اكتفاءً بما توفره لهم الفائدة من دخل ثابت مما يحرم كثيراً من المشاريع من عمل هؤلاء المدّخرين، وكذلك فإن أصحاب الأموال يفضّلون إقراض أموالهم بالربا على استثمارها في إقامة مشاريع صناعية أو زراعية أو تجارية، ولهذا يقلل فرص العمل، فتنتشر البطالة في المجتمعات التي يسود فيها التعامل الربوي.[56] ويؤكّد هذه الفكرة الاقتصادي المشهور كينْز فيقول: ( إن العمالة الكاملة هي الواجب الأول للدولة ولا تتحقق إلا إذا أنزل سعر الفائدة إلى الصفر أو ما يقرب من ذلك، والعمالة الكاملة هي أن يجد كل راغب في العمل فرصته ).[57] فيرى الاقتصادي كينْز أن علاج مشكلة البطالة يكون بانعدام الفائدة أو بتخفيضها إلى أدنى حد ممكن، وهذا رأي علماء الاقتصاد الذين لا يدينون بالإسلام، مما يدل على أن الإسلام في موضوع الربا معجز (اليابان طبقت مفهوم الفائدة الصفرية منذ 15 سنة ممّ جعل اقتصادها يزدهر بشكل سريع). وأما تعليل ذلك فإن الفائدة تؤدي إلى زيادة أسعار السلع فينقص الطلب عليها وينحسر الاستهلاك مما يؤدي إلى فائض في المنتجات، وقد يلجأ المنتجون في سبيل تخفيض الأسعار إلى تخفيض أجور العمال أو الاستغناء عن بعضهم.[58] التعديل الأخير تم بواسطة manar ; 30-08-2010 الساعة 04:19 PM. |
30-08-2010, 04:17 PM | #2 |
عضو أساسي
شكراً: 393
تم شكره 6,182 مرة في 2,354 مشاركة
|
جزاك الله خيراً |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
البنك المركزي البريطاني يبقي سعر الفائدة | shabounco | العملات العالمية forex | 0 | 06-08-2010 11:20 AM |
اسعار اسهم البنوك | fawazz | الاسهم السورية | 3 | 02-08-2010 06:46 PM |
الضوابط المالية لا تساعد في تحريك أسعار الفائدة بشكل صحيح | Speculator | اقتصاد سوريا | 0 | 25-03-2010 03:47 PM |
مطالب بتخفيض سعر الفائدة | ArcadA | اقتصاد سوريا | 0 | 28-01-2010 09:34 PM |
تراجع النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعة, بينما قطاع المنازل يشير إلى تحسن ملحوظ | shabounco | الإقتصاد الأمريكي والعالمي | 1 | 02-12-2009 03:15 PM |