قد يبدو منطقياً ومعقولاً أن نقرأ في نشرات إعلانية عن بيوت معروضة للايجار أو دكاكين معروضة للاستثمار ، أما أن نقرأ اسبوعياً، وعلى امتداد سنوات عن شهادات صيادلة أو أطباء شعاعيين أو اختصاصيي مخبر معروضة للايجار أو الاستثمار، فهذا يدعو للتوقف والتساؤل عن هذه الظاهرة اللامنطقية واللامعقولة التي تطالعنا بها النشرات الاعلانية مطلع كل اسبوع.
هل هو الانحدار المتسارع في سلم الأخلاقيات والقيم؟ أم هي الضائقة المالية؟ وقلة فرص العمل هي التي دفعت بأصحاب الشهادات لبيع كنزهم الثمين بأبخس الأسعار؟ أم هو الطمع والشره، وغياب الضمير؟ ،حيث تجد الواحد منهم يشغل أكثر من عمل وظيفي، ويؤجر شهادته، فالوظيفة في مثل بلادنا لاتحجز الشهادة ويتاجر بما تتيحه له الفرصة رافعاً شعار «هل من مزيد»..؟ أم هو غياب الجهات الرقابية ونقابات الأطباء والصيادلة وهيئة مخابر التحاليل الطبية وثغرات قوانين الجهات الرسمية كوزارة الصحة ؟
ومابين جشع النخبة، وغياب الردع يضيع حق المواطن في الحصول على خدمة صحية حقيقية ، رغم تسديده كل ما يترتب عليه جراء فاتورة لتحاليل طبية - غالباً ما تكون نتائجها الطبية مزورة أو مفبركة وتقارير شعاعية بعيدة عن المصداقية في عيادات تعوزها الخبرة والدقة، بسبب ادارتها من مستأجري الشهادات وليس من أصحابها، إضافة لوصفات دواء تصرف كأي سلعة تباع في السوبر ماركت، دون ارشاد أو نصيحة حقيقية من اختصاصي فنى عمره في السهر للحصول على شهادته.
وهنا نجد أنفسنا رافعي الأيدي راجين الإغاثة ممن يملكون القدرة على تصحيح الواقع ، ومحاربة هذا الفساد ، قبل أن يصل الطامعون إلى قاع سحيق ، يصعب عندها الخروج منه ويختلط الحابل بالنابل ويعتقد مستأجرو الشهادات أنهم أصحابها ، وينسى أصحابها أن شهاداتهم لهم.