بغض النظر عن تأثرنا بالأزمة المالية التي عصفت بالعالم, أو عدم تأثرنا, فقد لاحظنا أن مصارفنا العامة والخاصة قد سارت على خطا المصارف العالمية في تخفيض سعر الفائدة على الأموال المودعة لديها.. وهذا الإجراء يبدو منطقياً لأن الأزمة المالية العالمية قد خلقت نوعاً من الركود الاقتصادي, والخوف من الدخول في مشروعات غير مضمونة الأرباح, وبالتالي فإن سعر الفائدة قد انخفض على صعيد المصارف العالمية إلى الواحد بالمئة, وربما دون ذلك, خاصة إذا كانت تلك الإيداعات بالعملات الصعبة... وفي سورية انخفضت نسبة الفائدة بشكل كبير جداً وذلك بالنسبة للحسابات الجارية والتي ربما لا تتجاوز الـ1% فيما انخفضت فوائد حساب التوفير ولمبالغ دون المليون ليرة سورية إلى النصف تقريباً. والمؤسف أن هذا الانخفاض الكبير بالنسبة لشريحة ذوي الدخل المحدود الذي لا تتجاوز إيداعاتهم المليون ليرة سورية قد تنعش آمال بعض ضعاف النفوس في تكرار التجارب السابقة القاسية التي عاناها بعض المواطنين مع جامعي الأموال, سعياً وراء ريعية أفضل لرؤوس أموالهم المحدودة التي يرون بأنها شبه مجمدة في مصارف لا تمنح أكثر من 4% أو 5% على الودائع...
المشكلة الحقيقية أن معظم الناس لا يستفيدون من تجارب غيرهم, ومن خسائر غيرهم, ويعتقدون أن الأشخاص الجدد بأسمائهم وأزيائهم ومشروعاتهم الوهمية أو الحقيقية هم أهل للثقة ولا يكتشفون الحقيقة إلا بعد فوات الأوان.
ما نريده اليوم أن تتم إعادة النظر بالفوائد المصرفية بالنسبة للمودعين, أو بالنسبة للمقترضين فمن غير المعقول أن تكون الفائدة على المبالغ التي يتم اقتراضها بنسبة 9% أو أكثر وفوائد الحسابات الجارية1%..
إن تشجيع الناس على الاقتراض لتمويل مشروعات اقتصادية/كبيرة- متوسطة- صغيرة- متناهية الصغر يستدعي تقديم القروض بفوائد معقولة لا تلتهم كل ما يمكن تحقيقه من أرباح حقيقية من المشروعات التي يتم فيها توظيف الأموال المستقرضة من البنوك... ولا بد من الإشارة إلى مشكلة أخرى يعانيها جميع المستقرضين من البنوك والمتمثلة بحسم فوائد القرض مع القسط الأول في اليوم الأول لاستلام القرض, ما يعني أن المستقرض يحرم من الإفادة من حوالي 20% من قيمة القرض طويل الأمد الذي يتجاوز الثلاث سنوات... رغم الحاجة الماسة لكامل المبلغ الذي سعى لاقتراضه..
لقد بات من المعلوم أن الودائع المصرفية لدينا قد وصلت إلى ألف ومئة وسبعة وخمسين مليار ليرة سورية, وهذا ما يجب أن يدفع المصارف إلى إيجاد محفزات للمقترضين ممن تتأمن لديهم ضمانات سداد القروض سواء أكان ذلك بتخفيض سعر الفائدة, أم تسليم كامل القرض للمستقرض وسحب الأقساط مع فوائدها المستحقة حين الاستحقاق.. ومع الأمل أيضاً بإعادة النظر بسعر الفائدة للمودعين وبما يضمن حقوق المودعين وربح المصارف في آن معاً.