أهم تحد يواجه السوق

[غالب]

أهم تحد يواجه السوق... لمــــاذا تنأى مؤســـــسات الاقتصـاد الحقيــقي عن الســوق؟‏
حمــــــــــــدان يحـــــرّض المساهمين لمســـــــاءلة إداراتهــــــــم عن الأســــــباب‏
ليس واضحاً بعد كيف ستقارب هيئة الأسواق والأوراق المالية استحقاق إلزام الشركات المساهمة إدراج أسهمها في البورصة هذا العام، لكن ما يبدو مؤكداً أن الأخيرة لن تسير في هذه المسألة على النهج التسامحي الذي اعتمدته مع إدارات الشركات المساهمة العام الماضي انطلاقاً من مسؤوليتها الكبيرة تجاه المساهمين والمجتمع وليس آخراً الاقتصاد الوطني!‏
مد وجزر!‏
مرة أخرى تفوت إدارات الشركات المساهمة فرصة جني فوائد الإدراج في بورصة دمشق لتنهي سنوات ثلاث من المد والجزر، إلا أن تهربها هذه المرة لم يكن مرده أسباباً قانونية، بل إنه على العكس تماماً تفاصيل هامشية تستند إلى حجج غير مقنعة كأن تنحصر مشكلة إحدى الشركات بعدد المساهمين البالغ 22 مساهماً فقط وهو أقل من الحد الأدنى للسوق الموازية بـ25 مساهماً، أو أن تتذرع أخرى بعدم استكمال النواقص برغم المدة الزمنية المفتوحة والتسهيلات التي وفرها القانون لشروط الإدراج، ولم تدرج أسهمها لخاصية المزاجية!‏
أكثر من ذلك تبرر إدارات الشركات مخاوف الإدراج في السوق وسط أزمة اقتصادية يتحسب المستثمرون فيها من عدم قدرة السوق على مواجهتها ودخولها لعبة حرق الوقت التي انزلق إليها الكثير من الأسواق في دور تحديد الخطة الفعالة والإطار الزمني للخروج من الأزمة.. إذ تحمل هذه المرحلة في طياتها هواجس الأخطار المباشرة على الأسواق الناشئة كسوقنا سواء لناحية حدوث بعض التقلبات الحادة في الأسعار أو حدوث أرباح أو خسائر مبالغ فيها، ورغم التسهيلات التي وفرتها الجهات المعنية من شروط إدراج ميسرة وصلت إلى درجة إحداث سوقين في البورصة يتم فيها طرح رؤوس أموال لشركات مساهمة ذات جدوى اقتصادية مفيدة بإمكانها أن تتعايش وتضم تجمعاً مالياً، إلا أن التهرب من الإدراج بقي السمة الأبرز التي اتسمت بها السوق، الأمر الذي سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى إخراج الملف من صيغته المطاطة وإلزامه بصيغة قانونية جديدة وهو ما أوحى به أكثر من مصدر متابع، إذ تقاطعت معلومات عن وجود ترتيبات لإيجاد صيغة قانونية جديدة لا تزال غير واضحة تلزم الشركات المسوية أوضاعها المالية والاقتصادية بإدراج أسهمها في البورصة خلال فترة زمنية محددة.‏
وبحسب مأمون حمدان المدير التنفيذي للسوق في تصريح «للثورة» أن جميع الشركات السورية العامة المساهمة التي طرحت أسهمها على الاكتتاب مآلها إلى الإدراج عاجلاً أم آجلاً بحكم القانون ولاسيما أن الصندوق السيادي سيزيد أوامر الشراء هذا العام وينعكس على أسعار الأسهم بالارتفاع ويحسن وضع السوق ويسهل عملية استثمار أموال الشركات العامة من مصارف حكومية ومؤسسات نقابية التي لديها فوائض مالية خاصة.‏
قائم على أفراد‏
كان من المتوقع أن ترتفع نسبة عدد الشركات المساهمة في السوق العام الماضي إلا أن ظهور الأزمة المحلية خلال الأشهر الماضية ومحدودية الثقافة الاستثمارية المؤسساتية وغياب صناع السوق لعب دوراً أساسياً في تريث الشركات المستوفية الشروط بالإدراج، وينظر المراقبون إلى هذا التحدي كأهم تحد يواجه السوق في الوقت الحالي، إذ تتحدث الأرقام عن شركتين أو ثلاث شركات ذات رأسمال جيد وإمكانيات إدارية متميزة ولديها منتجات مطلوبة عدا ذلك فإن الشركات الموجودة هي شركات صغيرة محدودة رأس المال ولا يمكنها أن تقوم بعمليات كبيرة خصوصاً في مثل هذه الظروف، فمشكلة سوق دمشق للأوراق المالية أنه قائم على أفراد وليس مؤسسات استثمارية كبيرة، فما الذي يحول دون إدراج مؤسسات الاقتصاد الحقيقي؟‏
يقول مدير البورصة: يمتلك الاقتصاد الوطني مؤسسات استثمارية كبيرة لكنها لا تستثمر في سوق الأوراق المالية نتيجة ضعف الخبرة، وتدني مستوى الثقافة المالية حيث إن هذه الأخيرة جديدة حتى على القطاع المصرفي.. ولأفترض هنا أنني مدير مصرف عام أو مدير مؤسسة التأمينات الاجتماعية أو إحدى النقابات المهنية التي لديها فوائض كبيرة جداً وترغب الاستثمار في الأسهم فإنني سأتحسب لأسعار الأسهم لجهة انخفاضها وتراجع حجم تداولاتها، ولكن في حال وجود المحافظ الاستثمارية المتنوعة والمحفظة السيادية سيختلف الأمر في شأن إقبال مؤسسات الاقتصاد الحقيقي على استثمار أموالها في البورصة إذ لن تسأل أو تحاسب عن حسن إدارة الأموال بل المحافظ تتولى ذلك مما سيسهل عملية إدراج أسهم هذه الجهات من مصادر حكومية أو أي مؤسسة عامة أخرى لديها فوائض كبيرة، وستطمئن لاستثمار أموالها بمهنية عالية من أجل التأثير على الأرباح.‏
ويدعو حمدان في السياق جميع المساهمين في الشركات غير المدرجة في السوق أن يسألوا إداراتهم عن أسباب عدم الإدراج لاسيما مع توفر الشفافية لكل شركة مساهمة عامة تخضع لرقابة الهيئة بإصلاحاتها وقوائمها المالية ومع الميزات النسبية التي يوفرها هذا الإدراج لجهة حماية حقوق المساهمين والمسؤولية الكبيرة تجاه المجتمع والاقتصاد الوطني مؤكداً أن الهيئة والسوق تتابعان هذه الشركات التي سيتم إدراجها في البورصة عاجلاً أم آجلاً.‏
سيبقى محدوداً!‏
لا يمكن النظر إلى بورصة دمشق نظرة وردية بالرغم من أنها استطاعت تحييد نفسها عبر قطاعها المصرفي من الدخول في لعبة البورصات العالمية، والاستثمار في السندات والأوراق المالية عالية الخطورة فإذا لم تتوفر في البورصة عشرات الشركات المساهمة في القطاعات الزراعية والصناعية سيبقى العمل فيها محدوداً وخاصة أن القطاعات الريعية (مصارف وتأمين) تشكل النسبة الأكبر من السوق ونسبة الأسهم المتداولة في أي مصرف تتراوح بين 10 - 30 بالمئة.‏
ووفقاً لمدير الإدراج أن سوق دمشق حاولت تعديل شروط الإدراج وخفض عدد المساهمين إلى 25 مساهماً لجذب أكبر عدد ممكن من الشركات المدرجة ومنها «القطاعات الزراعية والصناعية» لكن عدد الشركات المساهمة التي طرحت للاكتتاب العام بلغت 65 شركة، استطاعت إدراج نحو 20 شركة فقط وهي الشركات التي توافقت شروطها مع شروط السوق كالمصارف وشركات التأمين، لهذا يشكل القطاع البنكي النسبة الأكبر في السوق لأنه عمل في السوق السورية ضمن أسس ومعايير المحاسبة الدولية والإفصاح فكان السباق بالالتزام، وطبقت الشروط الخاصة بالبورصة عليه.‏
الوصول الأسرع‏
قد يكون لإدراج الشركات المساهمة أسهمها في السوق حالة خاصة تعتمد على بنية وطبيعة الشركة وحجمها وحصتها السوقية وربحيتها والوضع القانوني لها إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالإنتاجية وكفاءة الإدارة غير أنه من المؤكد أن إدراج الشركات في سوق الأوراق المالية سيشكل لها فرصة متميزة للوصول إلى قاعدة كبيرة من المستثمرين من مختلف الشرائح يتمتعون بالسيولة، وسيضمن لها سبل وأسباب النجاح نتيجة توفر ثقة جديدة وآليات عمل مختلفة يمكن أن تسلكها للحصول على تمويل وغير مكلف، كما سيعطي فرصة حقيقية للاستثمار وربحاً مزدوجاً خصوصاً في ظل الظروف الحالية!!‏
أمل السبط‏