الزوايا المظلمة في القصر ألعدلي

[ابراهيم طاهر]

الزوايا المظلمة في القصر ألعدلي

كان بناء فرنسي اثري قديم في أحد الدول العربية ترى أمام بابه العالي عشوائية الناس تهرول فقد دخله الملايين من اجل الإنصاف تراه هرما" عجوزا لا يستطيع التفكير عندما تدخله ترى درجا" حفرته وقهرته أرجل الظلام والمظلومين فيه ازدحام وضوضاء وزفير وأهات المقهورين فيه زواياه عتمه كأن الشياطين تجلس بها توجد غرف عتيقة بداخلها القوس , ففيه قضاة شرفاء وفيه أيضا مرتشين لقد طلق الصحافة الحرة نهائيا" واعتبرها عدوا" له فهو هرم لا يموت ولا يعود شبابا" فهو عالة على المجتمع ومركز من مراكز التخلف والتمييع والانتظار الطويل.
كان يعمل به رجل طيب جاءني وجهه احمر خانق من شدة الانفعال وانعدام الأوكسجين كانت رقبته قصيرة ويضع ربطة عنق كأنه مشنوق كان يضع شعار المحاماة على صدره , انه صديقي المخلص الأستاذ أنور انتهت مرافعته وكأنه خرج من مأزق في مظاهرة , قال لي : هيا إلى قهوة ..... (الفلكلورية) كان حديثه طوال الطريق إلى القهوة عن التجاوزات في القضاء ومدة الدعوة جلسنا في النوفرة وطلبنا نرجيلة وكان يسحب النفس ويضخه في الهواء كأنه يتفشش من خيبة الأمل ويقول لا أظن انه ينصلح أبدا" توجد دعوة لأسرة لها خمسين عاما جاء عليها أجيال من القضاة والمحامين وحكى لي كلام لا أستطيع أن اذكره لأنكم لن تصدقوني .

ومازلت اقترح لتحقيق العدالة النسبية وجود عشرة محلفين من الحكماء والقضاة في كل قوس محكمة لسماع كل من المدعي والمدعى عليه وبعد دراسة القضية يتم التصويت و البت بها بسرعة ويكون للمحلفين مستشار هو الذي يأخذ نتيجة التصويت وتحت مراقبة صحافة حرة وبعدها يتم إصدار قرار الحكم .
عندها يخاف الظالم وتكون عدد الدعاوى المقامة في المحكمة قليلة جدا لأن لا سبيل للرشاوى أو النفوذ أمام جيش من الحكماء والقضاة فيصعب على المدعى عليه المتنفذ التعامل مع جيش المحلفين أثناء سير الدعوة بجميع الوسائل الفاسدة وعندها لا يتجرأ احد أن يعتدي على احد كونه سيحاسب بسرعة ولا مجال للمماطلة أو التسويف , هذا التحول في القضاء سيخلق الرضا والعدل لان الإنسان حياته محدودة ليس من المعقول أن يقضيها في المحاكم ويصاب بالجلطة .
ومازلت أقول أن القاضي الذي يدرس الدعوة ويبت بالقضية غير كافي وحده لتحمل هذه المسؤولية الخطيرة وبدون صحافة أيضا لأنه قد يكون فاسدا أو مضغوطا عليه من جهات ذات نفوذ أو أن عقله لا يستوعب الأمور أو انه مريضا نفسيا أو يكره الناس ويريد أن ينتقم لان القاضي ليس ملاكا منزل من السماء أو نبيا نسلمه مستقبلنا ومصيرنا لوحده .

نظرة إبراهيم طاهر