مرة أخرى أرى نفسي مضطراً للخوض من جديد في قضية الشركة العربية السورية للمنشآت السياحية التي تخوض نزاعاً صعباً لمواجهة ما يشبه "حملة" ضدها تأكدنا تماماً أنها ليست نتيجة "قرار حكومي عام " .
في المرة الماضية كان رأينا أنّ هناك اتجاهاً خاطئاً لحل المشكلات العالقة تقوم به الحكومة وتم استخدام "أدوات" غير مجدية من بينها التقرير الشهير للمدير التنفيذي لبورصة دمشق الدكتور جليلاتي والذي اختفى في ظروف غامضة ، وسحبت إدارة السوق يدها من التقرير معتبرة أن لا علاقة لها به على الاطلاق.
كما أن لجنة التدقيق المكلفة من وزارة الاقتصاد والمسماة من قبل وزارة السياحة قدمت تقريراً- نشر في الإعلام - أظهرت فيه انحيازاً واضحاً لم يبن على أسس مهنية متهمة الشركة بـ"عدم التعاون " !
ويبدو أن وزارة الاقتصاد لديها هواجسها بشكل جعلها تتريث في اعتماد التقرير لإعادة دراسته بشكل يؤشر على "عدم قناعة".
من جهتها هيئة الأوراق المالية التي التزمت الصمت تجاه تقرير مدير بورصة دمشق والتي كان يفترض أن تتخذ موقفاً لجهة حق صاحب هكذا منصب في "ذلك العمل " ! الهيئة تتريث هي الأخرى في نشر إفصاحات الشركة عن الربع الثالث وهي لم تردها مع ملاحظات مبررة ولم تنشرها مما يعيق إنجاز ميزانية 2010 تمهيداً لعرضها على الهيئة العامة وتعزو الهيئة التأخير بأنها تنتظر تقرير المفتشين لإرفاق ملاحظاتهم لدى النشر مع العلم أن الشركة تصر على أن عدم النشر هو اجتهاد لا يستند إلى القانون وتصر على أن الهيئة استجابت لرأي مساهم – هو وزارة السياحة - من أصل أكثر من 17 ألف مساهم بشكل لا يدخل ضمن صلاحياتها .
المشكلة كما نراها أن الجميع في الجانب الحكومي يحاول إلزام الشركة بتعديل صفة أسهم وزارة السياحة من أسهم عادية إلى أسهم امتياز و يصرون على قدرة وصلاحية مجلس الإدارة على القيام بذلك رغم أن القانون صريح جداً، ويعطي الصلاحية للهيئة العامة غير العادية باتخاذ القرار العتيد.
هناك مغالطات لابد من سحبها من التداول إذا أرادت الأطراف الوصول إلى نتيجة واقعية ومرضية.. أولاً لابد من العودة إلى الأصول حيث أنّ إصدار قانون خاص للشركة هدف إلى إعطائها الصلاحية والمرونة للعمل وأن توكل إدارتها إلى القطاع الخاص وممثلي المساهمين وأن تبقى الدولة مجرد مساهم لتعطي الثقة والقوة والأمان للمساهمين، فلا يجوز على الاطلاق التذرع بأنّ حصة وزارة السياحة هي "مال عام" بحيث يجيز هكذا منطق لأي جهة التدخل في شؤون الشركة بحجة حماية المال العام، إن رأي وزارة الاقتصاد واضح بأكثر من كتاب بأنّ وزارة السياحة هي مساهم فقط مثل أي مساهم ولها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات في الشركة دون أية امتيازات حسب قانون الشركات.
المفهوم الثاني الذي يستند إليه الكثيرون في طروحاتهم هو أنّ رئيس مجلس الإدارة "الدكتور العائدي" تعهد أمام المجلس الأعلى للسياحة بتحويل أسهم وزارة السياحة إلى أسهم امتياز بموجب محضر الاجتماع الشهير، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الخيار الذي اعتمد كان بناء على اقتراح ثلاثة وزراء آنذاك هم: السياحة والمالية والاقتصاد وأقرّ السيناريو الثاني "الذي كان مرفوضاً من قبل رئيس مجلس الإدارة" وورد خطأ بالمحضر الذي يعتمدون عليه وصحح بموجب كتاب من وزير السياحة واعتمد وصدر بقرار من وزير التموين والتجارة الداخلية أنذاك، وهذا القرار وحده الذي يكتسب الصفة القانونية وليس محضر الاجتماع الذي تأكد من خلال المراسلات الرسمية وجود أخطاء فيه ومن المؤسف حقاً تصوير الأمر على أنه خطأ موظفين آنذاك وهو قرار حكوميفيه جميع الأطراف ،كما أن ممثلي وزارة السياحة في مجلس الإدارة آنذاك كانا المرحومين فوزي عثمان و عدنان الساطي معاوني وزير المالية ولا نعتقد أن أحداً يجادل في مكانة و خبرة وأخلاق الرجلين .
و هناك جدل حقيقي حول مدى الدور الذي يجوز أن تقوم به كل من وزارة السياحة مابين كونها كمساهم أو كجهة إشرافية ، و دور هيئة الأوراق المالية مابين كونها جهة إشراف تعمل بموجب قانون عام ووجود شركة لديها قانونها الخاص بالاستناد إلى القاعدة القانونية بأن "الخاص يعقل العام."..؟
إننا امام قضية مربكة يحمل أصحاب المناصب الحكومية الكثير من النوايا الطيبة لتحسين وضع الشركة ووضع مساهمة الدولة فيها لكنهم يسلكون طريقاً تعطي انطباعات غير مريحة للمستثمرين ويبتعدون عن لغة القانون والمنطق ويتحدثون كأنهم في مضافات "للسوالف" وهناك مسافة كبيرة مابين حديث الورق وحديث اللسان.
إنها شركة لا يمكن وصفها بأنها خاسرة أو فاشلة ومن يتتبع خطها البياني ويقارنها مع مثيلاتها في القطاع المشترك السياحي التي تهاوت وأفلست وتم حلّها الواحدة تلو الأخرى فسيجد أنها تستحق أن تعامل بطريقة مختلفة، ونحن في بلد نبحث فيه عن فرص عمل واستقطاب سياح ومايجري قد يطيح بحوالي 4000 فرصة عمل مباشرة وأضعافها فرص عمل غير مباشرة تؤمنها الشركة في طيف واسع من النشاطات ومن يتجاهل هذه الحقيقة فهو لا يقرأ الواقع صورة حقيقية وتضيع منه الأولويات المطلوبة حالياً.
لقد تحدثنا مع جميع من لهم علاقة بهذا الملف، ولم نحاول أن نكون كما أرادنا البعض "واسطة خير" ، فالأهم لدينا هو إظهار الحقيقة وإرضاء الضمير، ولعل الارتباك والتهرب من الإجابات واختلاق الذرائع غير المقنعة التي لا تليق بأشخاص ومناصب لها وزنها واحترامها جعلتني على قناعة بأنه لا يملكون سوى النوايا التي يريدون تحويلها إلى واقع جديد دون سند قانوني.
لذلك نجد من الضروري أن تتدخل رئاسة مجلس الوزراء وبشكل خاص السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد النائب الاقتصادي لوضع الأمور في سياق مسؤول ومنصف ، وأن يعيد الجميع وخاصة وزارة السياحة قراءة الملف - دون وثائق ناقصة- وليتخلوا عن عصا الدولة الغليظة ليستعينوا بالحوار والوسائل القانونية لتحسين واقع الشركة ووضع مساهمتهم ولا نظن أن الإدارة ولا المساهمين سيعارضون أي طرح منطقي فيه مصلحة الجميع.
عن بورصات وأسواق
أيمن قحف
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ البلخي على المشاركة المفيدة:
08-02-2011, 07:55 PM
قضية "فنادق الشام " بين "سوالف المضافات " و "نصوص القانون " !
المواضيع المتشابهه