أقرت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية اليوم الاثنين 22 تشرين الثاني قراراً عجيباً بعض الشيء ينص على تعديل الحدود السعرية لتغير أسعار الأسهم بين يوم وآخر, من 2% إلى 5% لكن نحو الانخفاض فقط, وأبقت حدود التغير عند 2% باتجاه الارتفاع, وبدأً من جلسة التداول القادمة (أي يوم الأربعاء) سيصبح مسموحاً لأسعار الأسهم الانخفاض حتى 5% عن السعر المرجعي, ولا يسمح لها بالارتفاع أكثر من 2% عن ذلك السعر, والسعر المرجعي يعرف عادة بالنسبة للأسهم المتداولة أنه سعر إغلاق الجلسة السابقة إلا في بعض الحالات الخاصة.

أسباب تغيير الحدود السعرية
في الفترة الأخيرة شهدت سوق دمشق المالي انخفاضات متكررة في الأسعار, قاد ذلك الانخفاض سهم بنك قطر الوطني سورية, الذي أعلن عن نيته توسيع رأسماله بنسبة 200%, ما أدى بمساهمي البنك بالبدء ببيع جزء من أسهمهم للاكتتاب في أسهم التوسعة, وخاصة أن أسهم البنك كانت قد ارتفعت بشكل كبير في السابق, حيث تجاوزت وقتها 1700 ليرة سورية, مع العلم أنها طرحت ب 500 ليرة أثناء الاكتتاب الأولي, بالإضافة أن العديد من الأسهم في سوق دمشق ارتفعت عن أسعارها الطبيعية مقارنة بربحية الشركات, ما أدى لبدء موجة تصحيح في الأسعار منذ بداية هذا الشهر.

هذا الانخفاض العام, ومع حدود التداول الضيقة التي كانت مفروضة سابقاً, ومع ضعف السيولة المتوافرة في حسابات المستثمرين مقارنة بحجم السوق, أدى لغياب المشترين عن العديد من الأسهم وانتظارهم حتى تنخفض الأسعار بشكل أكبر, ما أدى لتراكم طلبات البيع وغياب طلبات الشراء على تلك الأسهم, ودفع إلى صعوبة تسييل الناس لها, وهذا ظهر بشكل جلي وواضح في على سهم بنك قطر الوطني, فمع إغلاق اليوم كانت طلبات البيع على سهم البنك تحوي 34,140 سهماً ولا يوجد طلبات شراء, ووصلت تداولات اليوم عليه إلى 231 سهماً فقط, ما يعني رغبة الكثيرين بالبيع والتسييل دون جدوى, وهنا تدخلت الهيئة اليوم ووسعت نطاق الانخفاض المسموح به ليصل إلى 5% بدلاً من 2%, ولم تسمح بارتفاع مماثل, وذلك بهدف إيجاد مشترين في مستويات أخفض من الأسعار والسماح لمن يريد البيع بالقدرة على تسييل أسهمه ولو بخسارة معينة, القرار الذي انتقده الكثيرون لعدم رفعه للحدود السعرية حين الارتفاع أيضاً, وقالوا عنه أنه يخل بالسوق المالي ويدفع الناس إلى الهروب منها, فالمستثمر حين يشتري السهم هناك احتمال أن يخسر خلال يوم واحد 5% بينما محكوم بربح 2% فقط, ويحتاج ثلاثة أيام تقريباً من الصعود للحدود القصوى مقابل يوم هبوط كامل ليحقق أرباحاً, وهذا خلل في نظام المخاطرة للربح المتوقع وقد يؤذي تدفق الاستثمارات إلى السوق بشكل كبير

نلاحظ تراكم طلبات البيع على سهم بنك قطر الوطني سورية دون وجود طلبات شراء, وكذلك على بعض الشركات الأخرى, وهذه الطلبات كانت متوافرة لحظة إغلاق سوق دمشق اليوم

شركات الوساطة : لا يوجد في العالم مثل هذا القانون
تكلمنا مع العديد من المسؤولين في شركات الوساطة, حيث استغربوا لمثل هكذا قرار وقالوا أنه لا يوجد في العالم اختلاف في نسب الحدود السعرية بين الانخفاض والارتفاع, ولا يوجد سوق تهتم بانخفاض الأسعار أكثر من اهتمامها بارتفاعها, ولا يجب حل مشكلة السيولة لتوسيع اكتتاب بنك قطر الوطني بوضع مشكلة أكبر منها, وعند قولنا لأحد مسؤولي شركات الوساطة "أنذكر أن شركات الوساطة نفسها كانت تطالب بتوسيع الحدود" فأجابنا "إذا ما فتحت الحدود السعرية يجب أن تفتح بالاتجاهين, أي توسيع الحدود باتجاه الارتفاع كما الانخفاض, وإلا سيصبح هناك خلل حقيقي في السوق وسيهرب المستثمرون ونخسر الفائدة من السوق المالي في قدرتها على جذب السيولة وفعالية التقييم, ما قد يضر بالاقتصاد ككل" .

كما أفاد مسؤولون في شركات الوساطة أن ردود الأفعال بدأت بالتدفق من قبل المستثمرين فور سماعهم الخبر, حيث بدأوا بالاتصال والطلب بوضع أوامر للبيع عند افتتاح الجلسة القادمة, كما قال العديد من مسؤولي شركات الوساطة أنهم لم يشاوروا لا هم ولا السوق المالي في هذا القرار, إضافة إلى إصرارهم على أن الجهات المعنية يجب أن تتصرف بروية في التعامل مع أموال ومصالح المستثمرين.

نقلاً عن دي برس