تجنيد آلاف الإسرائيليات للعمل في شبكات التواصل الاجتماعي

دأبت الاستخبارات الإسرائيلية على الاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة في مجال التكنولوجيا وعلى استغلال التطورات المتلاحقة في مجال تقانة المعلومات خدمةً لمصالح «إسرائيل» وتنفيذاً لمخططاتها العدوانية ضد البلدان العربية،
*ولعل المجال الأهم الذي يجري التركيز عليه حالياً من قبل الاستخبارات الإسرائيلية هو شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر ويوتيوب، وذلك بسبب انتشار هذا النوع من التطبيقات بكثرة في معظم الدول العربية من ناحية، وللطيف الواسع من المعلومات الممكن نشره بسهولة بين مستخدمي هذه التطبيقات من ناحيةٍ أخرى.
*نتناول في مقالنا هذا أهم الطرق التي تتبعها بعض الوحدات الخاصة بالاستخبارات الإسرائيلية بهدف التأثير على جزء معين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وجذبهم على نحو غير مباشر للعمالة لمصلحة إسرائيل.
أسباب الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي

اهتمام العديد من وكالات الاستخبارات (ومن بينها الإسرائيلية) بدور وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة بكثرة على شبكة الإنترنت ليس وليد اللحظة بل تجلى بشكلٍ واضحٍ منذ بداية انتشار هذا النوع من التطبيقات، وذلك نظراً للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في ضخ الكثير من المعلومات والأخبار، إلى أكبر عدد من المستخدمين، خلال وقتٍ قصيرٍ، وبتكلفةٍ منخفضةٍ، وبغض النظر عن صحة الأخبار المتناقلة، ولم يعد مستغرباً من قبل أحد ما تقوم به العديد من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والغربية وبعض أجهزة الاستخبارات العربية العميلة من أدوار مشبوهة لنشر الأكاذيب ومحاولات حرف الحقائق وتضخيم الأحداث عن طريق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن المستغرب بحق هو أن بعض هذه الأجهزة بات يجهر علانيةً بتشكيل فرق خاصة للعمل على هذه المواقع، ومن بينها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الذي أعلن صراحةً عن تجنيد آلاف الإسرائيليات لتشكيل وحدات عمل خاصة بشبكات التواصل الاجتماعي مهمتها نشر المعلومات التي تخدم الكيان الصهيوني، وتنظيم التواصل مع منشئي بعض الصفحات التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار ونشر الأفكار الطائفية والمذهبية في العديد من البلدان، كما تتضمن مهام عناصر هذه الوحدات محاولة إقامة علاقات وهمية مع شبان عرب لإيقاعهم في فخ العمالة لـ«إسرائيل».
بدايات الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي

بدأ الاهتمام بتقنيات الإنترنت خدمةً لمصالح الجيش الإسرائيلي منذ انتشار الإنترنت في منتصف تسعينيات القرن العشرين، ولكن لم يجرِ الإعلان عنه على نحو صريح وواضح إلا في عام 2000، من خلال ما يسمى قوة الدفاع اليهودية على الإنترنت JIDF *Jewish Internet Defense Force والتي تشكلت بهدف استعمال وسائط التقانة الاجتماعية (Social Media) على الإنترنت لدعم المنظمات الإسرائيلية ضد ما يسمى الإرهاب الإسلامي «Islamic Terrorism» ومعاداة السامية «Antisemitism». ومنذ ذلك الوقت تهتم هذه المنظمة إضافة إلى العديد من المنظمات الأخرى بمحاولة جمع الجهود الخبيرة في مجال استعمال أحدث تقنيات الإنترنت وتخديمها لمصلحة إسرائيل. *
تجنيد إسرائيليات

الخبر الذي أثار اهتمام العديد من المراقبين هو التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية منذ عدة أيام عن تشكيل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لوحدة خاصة من المجندات بهدف التواصل المباشر مع شبان عرب وإيقاعهم في شرك العمالة لـ«إسرائيل»، الشيء الذي جاء متزامناً مع تقرير تلفزيوني بثته إحدى القنوات الإسرائيلية يؤكد الخبر السابق، ويعلن عن قيام الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مؤخراً بتشكيل وحدتين على درجة عالية من التخصص في مجال التجسس الإلكتروني هما:
•وحدة «الرصد عبر الإنترنت» وتهتم بمراقبة الأوضاع في البلدان العربية وفي إيران عن طريق الإنترنت.
وقد أظهر التقرير التلفزيوني إحدى المجندات وهي تقوم بالتواصل مع شبان عرب عبر أحد المنتديات التي تدعو لإثارة الفتن الطائفية، وتشجعهم على الأفكار التي يتبنونها، وأشار التقرير التلفزيوني إلى أن المجندات الجدد يجري تعليمهن اللغتين العربية والفارسية بهدف تسهيل تواصلهن مع الشبان العرب والإيرانيين، وبهدف مراقبة العديد من الصفحات الخاصة بأشخاص معروفين في البلدان العربية وفي إيران، أو أشخاص يتوقع إسقاطهم بسهولة في مستنقع العمالة لـ«إسرائيل»، كما يجري نقل جميع المعلومات الموجودة على صفحات هؤلاء الأشخاص إلى خبراء في علم النفس والاجتماع لدراسة صفاتهم ومعرفة أفضل الطرق المناسبة للتأثير عليهم.
•أما الوحدة الثانية المتخصصة بمكافحة الهجمات الإلكترونية فهي مكلفة بالتصدي للهجمات الإلكترونية على المواقع الحكومية الإسرائيلية، وتتولى أيضاً مهمة اتخاذ كل الاحتياطات التي تكفل الحماية قدر الإمكان من الهجمات الإلكترونية، وتتبع هذه الوحدة للقسم سي 41 (C41)، وهو أحد أقسام الجيش الإسرائيلي، متخصص في مواجهة الهاكرز (منفذي الهجمات الإلكترونية)، والذي يتبع بدوره مباشرةً لقيادة المخابرات العسكرية الإسرائيلية، كما تتواصل هذه الوحدة على نحو مباشر مع ما يعرف بالوحدة 8200، وهي التي تضم صفوة من الخبراء التقنيين الإسرائيليين المختصين في مجال التجسس الإلكتروني.
إثارة الفتن وطرح الأفكار المغرية

لا يقتصر عمل الوحدات السابقة على التجسس الإلكتروني أو مراقبة صفحات خاصة من مواقع التواصل الاجتماعي، بل يتعداه إلى محاولة إثارة النعرات والفتن الطائفية وذلك من خلال إنشاء صفحات خاصة تتبنى أفكاراً طائفية، أو كتابة التعليقات المشجعة ضمن الصفحات المنشأة مسبقاً والتي تتبنى النهج الطائفي والمذهبي، هذا الشيء بدا واضحاً من خلال العدد الكبير من المنتسبين إلى مثل هذه الصفحات على الرغم من قصر زمن نشأتها، أو من خلال العبارات المكتوبة والتي تدل بوضوح أن صاحبها ليس عربي اللفظ، بل تكون في أغلبها ترجمة لعبارات مكتوبة باللغة العبرية ومترجمة حرفياً للغة العربية، وهو الشيء الذي أكده خبراء في اللغتين العربية والعبرية، ويجري في كثير من الأحيان إنشاء منتديات إلكترونية تتبنى الكثير من الأفكار المغرية للشباب، سواءً الأفكار التي تناقش مواضيع لا يمكن للشباب العربي مناقشتها في المجتمعات المحافظة، أو الأفكار التي تبدو في مظهرها براقة ومبهرة للشباب ولكن في المضمون تهدف إلى تقسيم انتماءاتهم إلى كيانات مختلفة من دون أن يدركوا هذا الشيء، كأفكار تقسم الأوطان تحت مفهوم الفيدراليات.
*
تقرير تلفزيوني «إسرائيلي»: مجندات للتواصل مع مواقع الجهاد العالمية

نشر التلفزيون الإسرائيلي مؤخراً تقريراً عن وحدة الرصد عبر الإنترنت، التابعة لسلاح الاستخبارات، وهي الوحدة المكلفة برصد ومتابعة مايسمى الثورات العربية.
وأشار التقرير إلى أن: «الجنود والمجندات الذين تعلموا اللغتين العربية والفارسية، يعملون على مدار الساعة، في رصد التغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط، إضافة إلى التخطيط لتجنيد عملاء جدد». وأظهر التقرير التلفزيوني "مجندة تراسل أشخاصاً في منتديات عربيه"