إشكاليات زيادات رأسمال المصارف

[غسان]

قال رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور محمد العمادي لـ«الوطن»: إنه تم تمديد فترة زيادة رأسمال المصارف العاملة لمدة 90 يوماً وقد تم تمديد فترة الاكتتاب بأسهم زيادة رأس مال فرنسبنك – سورية لغاية 23/10/2011، وحيث إنه تم الاكتتاب بالنسبة للمصرف بكامل الحصة، ولكن الاكتتاب لم يتم من قبل المستثمرين، ونحاول التمديد والتماشي مع الواقع الحالي لكن الحوار والنقاش مازال قائماً مع المصرف المركزي حول تمديد الفترة المنوحة لزيادات رأسمال المصارف.

وأشار العمادي إلى أنه لا علم له حالياً بأي دارسة حول تمديد أو تأجيل زيادات رأسمال المصارف العاملة، وإن هذا الموضوع شأن حاكم مصرف سورية المركزي، والزيادة ستتم وفق الجدول الزمني ولم يتم إعلامنا بأي تعديل. وأضاف العمادي: هناك واقع يتم أخذه بالحسبان، ولكن لا مانع من الناحية العملية في زيادة رأسمال المصارف وفق القانون رقم 3 لعام 2010 إذا دفعت الشركات الأم للمصارف هذه الزيادات، وأعتقد أن هذا الأمر لا يتعلق بالسيولة المحلية وليس هناك أي غبن إذا ما تم الطلب من هذه الشركات دفع حصتها برأس المال، والمطلوب الآن التوسع بالإقراض الأمر الذي يتطلب حتماً رؤوس الأموال، أما فيما يتعلق بالأفراد والسيولة فإن عدداً كبيراً من المساهمين شخصيات اعتبارية مساهمة، إضافة إلى الشركات الأم.
من جانبه قال المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية مأمون حمدان في تصريح لـ«الوطن»: إن قرار التمديد لفترة زيادة رأسمال المصارف العاملة يجب أن يصدر أصولاً لأن مسألة زيادات رؤوس الأموال بالنسبة للمصارف الخاصة قد صدرت بموجب قانون.
نشير إلى أن موضوع تمديد فترة زيادات رؤوس أموال المصارف تم طرحه بشكل أولي للدراسة ومن المتوقع أن يصدر قرار لتمديد فترة زيادات رؤوس الأموال بعد الانتهاء من الدراسة. وأن أغلب الشركات المدرجة لم تستجب لشراء أسهم خزينة لأنه في سوق دمشق على اعتبار 60% مصارف فإنه لا يجوز شراء أسهم خزينة في الوقت الذي تقوم فيه بزيادة رأس المال، أما الشركات التي أنهت زيادة رأسمالها فيتعين عليها أن يكون لديها السيولة الكافية وأرباح محتجزة واحتياطيات.
من جانبه قال المدير التنفيذي لشركة بايونيرز-سورية للوساطة المالية لؤي حبّال في حديث لـ«الوطن»: «طالبنا بتأجيل وبإعادة النظر في قرار زيادة رأسمال المصارف، وقد تأخر المصرف المركزي كثيراً بإصدار قرار أو إعطاء جواب رسمي، وما زلنا حتى الآن نسمع إشاعات تقول إن هناك ما سيصدر».
وبيّن الحبّال أن هناك جدولاً زمنياً ينظم عملية زيادات رأس المال، وهناك وقت محدد لتقديم الطلب (الملف) إلى الهيئة تتبعه الموافقة في وقت محدد في الجدول، وهذا الجدول ليس فيه مرونة وهو محدد بدقّة، وما حصل أن عدة مصارف لم تقدم ملفاتها، علماً بأن عدم تقديم الملفات في وقتها المحدد يحدث مشكلة في تتابع الجدول الزمني لدى المصرف المركزي، وكل ذلك يوحي بوجود تأجيل قادم في موضوع الزيادات.
ويرى الحبّال من واقع خبرته أن مدة التأجيل يجب ألا تقل عن سنتين ويفضّل ثلاث سنوات وعندها تصبح الحدود الزمنية الجديدة لإنهاء الزيادات بدلاً من نهاية عام 2012 هي نهاية عام 2015، واعتبر تأجيل الزيادات ذا أثر إيجابي جداً على كل من المصارف والمساهمين وعلى سوق دمشق المالي، وبيّن أنه سيكون له صدى إيجابي لا يقل عن صدى الصندوق السيادي. ورأى الحبّال أن القاعدة الرئيسية التي تحكم حاجة المصرف إلى رأس المال هي تمويله للمشاريع، ما يولد طلباً على رأس المال لديه، وهذا ما يجعله يبحث عن الطرق الكفيلة لتوفير هذا المال المطلوب لاستثماره في هذه المشاريع، وهذا جوهر عمل المصرف بأن يأخذ من طرف ويقرض آخر، ولكن في ظل الظروف الراهنة من الحكمة عدم الضغط على المصارف بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي والتمويل التجاري وإيداعات العملاء وهذا أدى إلى تأثر نشاط المصارف بسبب الأثر في طرفي الميزانية لديه، وهذا يعني أن المصرف الذي يحتاج فعلاً إلى زيادة رأسماله سوف يتقدم بطلب الزيادة لأنه سيكون على معرفة مسبقة بأن هذه الزيادة سيستخدمها فوراً وبأن المساهمين لديه جاهزون للاكتتاب، على حين وضع المصارف تحت الأمر الواقع لن يساعد البنك، وهذا يعني أن رأس المال الإضافي غير المستخدم سيكون عبئاً على البنك وعلى السهم، وهذا سيؤثر في تراجع نتائج المصارف وعلى مردودية وعائد السهم.
وأضاف الحبّال: إن عملية زيادة رأسمال المصارف تعني تحميل المصارف عبئاً جديداً، والمساهم الذي كان يمتلك ألف سهم أو ألفين أيضاً تحمّل عبئاً جديداً، وحمّلت عبئاً جديداً لسوق دمشق للأوراق المالية، وعبئاً جديداً على السهم نفسه، وهذا الهمّ كان يتداول الحديث عنه منذ عدة شهور لما يمثله من همّ كبير على السوق والمستثمر والمساهمين، كما أنها تمثّل خطراً للمساهمين بشكل خاص بسبب أن حملة مختلف الأسهم في سورية هم أنفسهم الذين دخلوا في فترة الإصدارات الأولية، وليس لدينا قائمة كبيرة من المساهمين منتشرة على جميع شرائح المواطنين.
وبيّن الحبال أن ذلك يعني أن المساهمين يملكون أسهماً في أكثر من مصرف وعند الزيادة ربما يستطيعون المساهمة في زيادة رأسمال أول مصرف وبصعوبة في الثاني لكن سيتوقفون تماماً عند الثالث ولاسيما أن الزيادات مبرمجة زمنياً خلف بعضها البعض فهي تمثل طلب سيولة عقب سيولة ومن ثم يفترض أن تأثير زيادات رأس المال واضح جداً أمام المصرف المركزي وأن الوقت غير مناسب له. ويرى حبّال أن تُعطى المصارف حرية لزيادة رأسمالها في الوقت المناسب لها وألا يقلّ عن ثلاث سنوات، وأما قرار الزيادة بالقانون رقم 3 لعام 2010 فقد صدر في وقت تختلف معطياته عن اليوم، ففي ذلك الوقت كان التردد فقط حول موضوع قصر الوقت لغاية 2012، وفي ذلك الحين تمنينا أن يكون الوقت المعطى للزيادة 2013 بدلاً من 2012 وهذه كانت ملاحظتنا الوحيدة، لكن الظروف الحالية اليوم جعلت تنفيذ الزيادة غير مناسب لظروف المرحلة، وتوقّع أن يصدر عن المركزي ما يبرر حالة تأخر المصارف عن تقديم ملفاتها ويؤجل زيادة رأس المال فيها.
واعتبر الحبّال أن خبر تأجيل زيادات رأس مال المصارف سيكون له أثر إيجابي في السوق بما لا يقل عن الأثر الإيجابي للصندوق السيادي، لأن الزيادة وضعت المستثمر في خانة صعبة جداً حيث إن عدم اكتتابه هي خسارة محققة، لأن صدور أسهم جديدة تؤدي إلى انخفاض سعر السهم يعوّضه مالك السهم القديم عن طريق اكتتابه، فإذا لم يستطع الاكتتاب فهذا يعني خسارة محققة له، بسبب تخفيف ملكيته أو ما يطلق عليه «dilution»، ومن هنا جاءت فكرة بيع حقوق الأفضلية وساعدت نظرياً، لأن صاحب السهم الذي لا يستطيع الاكتتاب بإمكانه البيع ولكن عملياً السوق لا طلب فيها.
وخلص حبّال إلى أن أهم العوائق التي تعوق زيادة رأسمال المصارف حالياً تعود للأحداث التي تمر بها البلاد، وضعف السيولة، وهبوط أسعار الأسهم بشكل كبير، حيث أصبح المستثمر يشتري السهم من السوق بأقل من قيمته الاسمية لذا فإنه يفضّل الشراء من السوق بدلاً من الاكتتاب، وهذا الموضوع يتطلّب أن يتم أخذه بالحسبان وهو انخفاض سعر السهم عن القيمة الاسمية التي بدأ منها السهم وبعض المستثمرين كان يعتقد أن السهم لا ينزل دون هذه القيمة وعندما نزل أول سهم في السوق دون هذه القيمة شكّل صدمة لدى بعض المستثمرين.
وأوضح حبّال أن الهيئة طالبت وأوضحت بشكل رسمي وجميع الجهات أيّدت موضوع تأجيل زيادة رأس المال ولكن التأخير من صاحب القرار في الموضوع وهو مصرف سورية المركزي لذا نتوجه إليه بهذا الموضوع بشكل مباشر، ويستغرب عدم صدور قرار حتى الآن.

[خالد الحاج]

عدم صدور الموافقة على تأجيل زيادة رأسمال البنوك هي بمثابة اصدار شهادة وفاة لسوق دمشق للأوراق المالية ولكل طامح للأستثمار فيها0