فانتازيا عقارية!!!

[Speculator]

فانتازيا عقارية!!!

بما أن المقدمات المرتبكة تؤدي إلى نتائج أكثر ارتباكاً، وإن سلّمنا بذلك، لم يعد من مفاجآت -بمعنى المفاجآت- يمكن أن تطالعنا من سوق العقارات المحلي، فهنا في هكذا مضمار كل شيء وارد والاحتمالات المختلفة مرشحة لأن تكون وقائع على الأرض، بغض النظر عن الاعتبار الموضوعي والتداعي المتسلسل للأحداث، كما هو مفترض في الأعراف وحتى القوانين السوقية.

من هنا لانعتقد أن ثمة مفاجأة تستحق أن نسعى لنسجل لأنفسنا «براءة اختراع» باكتشافها، وهي على شكل تناقض نعتقده أحدث إفرازات التشابك المزمن الذي يعتري سوق العقار الذي فشلت حتى الآن كل الإجراءات والجهود المكثفة لحلحلته.

فبالأمس خرجت إحدى الشركات المتخصصة بدراسة تقول أن ارتفاعاً وصل إلى 15 بالمئة طرأ على سوق العقارات بدمشق، وذلك خلافاً لكل التوقعات التي تمليها حالة الركود الراهنة.

أما التناقض اللافت، فهو أن الخبر جاء بعد تقديرات جهة رسمية متخصصة تتحدث عن ركود عقاري في سوق دمشق يصل إلى 15 بالمئة أيضاً، وكان المتحدث باسم تلك الجهة يطلق ذلك الرقم تحت عنوان تراجع التداولات العقارية في دمشق، والنبرة كانت تشبه استجداء الدعاء وطلب الرحمة والشفاء للسوق وتجارها أو من نسميهم نحن «المتشائمين» مضاربين.

فمن علينا أن نصدق أي النسبتين، هل الـ 15 بالمئة الأولى الخاصة بالانتعاش؟ أم الـ 15 بالمئة الثانية الخاصة بالركود؟ رغم طرافة الموقف وما يشبه الكوميديا، إلا أننا نصرّ على أن لا مفاجآت في الموضوع، بما أننا بصدد شيء يخص قطاع العقارات القلق و«المتمرد» حتى الآن على كل محاولات الضبط والسيطرة.

والأخبار والدراسات المتناقضة ليست إلا نتيجة لتناقضات أعمق باتت عنواناً عريضاً للقطاع بكل ما فيه.

بالطبع محبّو التفاؤل يفضلون أخبار الانتعاش لأن تحريك أكبر أسواقنا يعني حلحلة لأزمة أو مشكلة بدأت تظهر في سوق العمل، بما أن قطاع العقارات يشغل عدداً هائلاً من العمالة ويؤمّن فرص عمل مباشرة وغير مباشرة يعجز عنها أي قطاع آخر.

لكن ذلك لن يقلل من حجم الهواجس من الارتباط الدائم بين الانتعاش وارتفاع الأسعار، وهذا يعني فيما يعنيه، أن تعنت المضاربين أثمر، وفترة الركود الطويلة التي حافظت فيها الأسعار على ارتفاعها نسبياً، انتهت أو آخذة بالانتهاء والحسم، لكن ليس لمصلحة طالبي العقار بقصد السكن أي المشتري النهائي للعقار، بل لصالح مضارب وتاجر صبر ويبدو أنه نال ولم يخسر!!

أمام هكذا مشهد نعود إلى الأسئلة حول بشائر الإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها كعلاجات لمشكلات مزمنة في السوق، هل أثمرت أو متى ستثمر؟ وماذا عن الإجراءات اللاحقة الموعودة؟
لأن ما يبدو أن الجرعة العلاجية التي تم ضخها في القطاع غير كافية ولابد من المزيد.

كما يبدو أن خطأ حصل منذ البداية، ففي التعاطي مع هكذا مشكلات ما يسمى الجرعة الهجومية تماماً كما هي الحال في علاجات البؤر الالتهابية العضوية.

وسوق العقارات ملتهبة ومتورمة، لم تعد المسكنات «المستوردة أو المصنعة محلياً» تكفي للعلاج.

البعث_ناظم عيد
8-4-2010