جريـــدة القــنديــل الاقتصــادية الأســـبوعية :
إعداد د.محمد وائل سعيد حبش
دكتوراه في الأسواق المالية
سنبقى نعترض على الزيادة ....
يبدو غريباً تمسك البنك المركزي بقرار زيادة رؤوس أموال البنوك الخاصة بعشرة مليارات للبنوك الخاصة العادية وبخمسة عشرة مليار بالنسبة للبنوك الخاصة الإسلامية تحت شعار دعم الاقتصاد الوطني وقيام البنوك الخاصة بمهامها الوطنية من حيث تمويل المشاريع الاستثمارية العامة المتعلقة بالبنية التحتية والمشاريع الخاصة الضخمة التي تحتاج إلى تمويلات خاصة .
فالحديث من حيث المبدأ يبدو صحيحاً ولكن إن كان في تطبيق هذه القرار تخريب للاقتصاد الوطني بدلاً من بناؤه فلماذا التعنت والإصرار على المضي في هذا القرار ؟! والسؤال الذي يطرح نفسه هل اختفت جميع السياسات المالية الأخرى لتمويل الاقتصاد الوطني أم لم تبق سوى المصارف الخاصة لتقوم على عاتقها بهذه المهمة النبيلة منفردة ولماذا لا تنبري المصارف التجارية العامة والبنوك العقارية لهذه المهمة والتي تشكل ودائعها أكير من نصف الودائع السورية في المصارف المحلية ، كذلك فإن وزارة المالية بدأت بإصدار السندات بأنواعها فلماذا لا يتم التمويل عن طريق السندات الوطنية وهي الوسيلة المعروفة عالمياً في تمويل الاقتصاد واستخدامها في بناء المشاريع الحيوية التي تحتاجها الحكومة لتأهيل وتطوير البنى التحتية الضعيفة في سوريا ؟
ألا يبدو جلياً من خلال الزيادات المتتالية في رؤوس أموال البنوك الخاصة أن هناك مجموعة من المستثمرين لا يتجاوزون العشرين ألفاً هم من يقومون بعمليات الاكتتاب نفسها في عدة بنوك ولعل حكم المعنيين كان خاطئاً عندما وجدوا أن الاكتتابات كان يتم تغطيتها عدة مرات عند تأسيس بنك خاص ما فأخذوا النتيجة دون أن يفطنوا إلى أن رأس المال التأسيسي كان صغيراً نسبياً أولا بالمقارنة مع الزيادات المطلوبة الآن أما ثانياً فكان هناك فترات متباعدة بين تأسيس بنك خاص وآخر الأمر الذي لم يكن يرهق هؤلاء المستثمرين في ذلك الوقت .
أما النقطة الثانية المهمة فهي أن العديد من البنوك الخاصة هذه والمؤسسة حديثاً لم تبدو إداراتها بأنها قادرة على إدارة الأموال بالكفاءة العالية المطلوبة تحت العديد من المبررات فنجد كفاءة منخفضة لرأس المال مع معدلات أرباح هزيلة نسبياً إذا ماتم مقارنتها مع بنوك خاصة متميزة محلياً أو مع بنوك إقليمية في دول مجاورة وخليجية فما هي الحكمة من إجبار هذه البنوك الخاصة على رفع رأسمالها سوى أنه سيزيد من انخفاض الكفاءة التشغيلية لهذه البنوك المتعثرة بعض الشيء .
لماذا لا يكون هذا القرار ملك الهيئات العامة لهذه البنوك وأن يكون ذلك مشروطاً بعائدية محددة دنيا لهذه البنوك لكي يتم رفع رأسمالها بعد ذلك , ألا يبدو الإصرار على القرار بعد العديد من الانتقادات له نوعاً من الكبرياء الشخصي الذي لا قيمة له في هذه الأوضاع ؟
أما الآثار السلبية لهذا القرار على السوق المالي فهو واضحاً جلياً فالسوق حساس سلباً بشكل طبيعي بالأحداث السياسية والاقتصادية العامة فكيف إذا أصررنا على قرار من الممكن أن يدمر السوق في هكذا أوضاع ؟
إذن فلتعلم الهيئة وإدارة البنك المركزي أن أفواهنا لن تصمت حتى نرى تعديلاً إيجابياً لهذا القرار على أرض الواقع .