عاد السائق ومعه رجلان يحملان اخر جريحا.. فهمنا فيما بعد ان الرجلين ما كانا من اللصوص او قطاع الطريق انما خشيا الا ينتظرهما السائق ريثما يصل رفيقهما الجريح فاضطرا ان ينزلاه من السيارة كي لايغدر بهما .....قال ابني: لا تهتمي ياامي هذه قسمتنا غدا لابد ان تخرج الليرات من جوفي والفرنكات ايضا..وساعيدها لك كاملة.الفرنكات طبعا..وضحك. ونصل الى البلد ويمضي يوم ويومان وثلاثة ولم تخرج الليرات ولا الفرنكات من جوف ابني....وبدأ يشعر بآلام كأنها تمزق أحشاءه كان اذا ربت على خاصرته اليمنى نسمع خشخشة النقود!!!!... ويصبح المسكين تسلية اولاده!! واحد رائح وآخر آتي....يربتون على خاصرة ابيهم ليسمعوا الخشخشه ثم يفرون ضاحكين!!..صغار ما يدركون شيئا .....
وتضج القاعة بالضحك مرة اخرى وتتحول العجوز ثم تستأنف كلامها :صار ابني ياسيدي القاضي يخشى الخروج من البيت لاسيما في الليل لأن الخبر كان قد شاع في حارتنا وربما تعقبه أحد أولاد الحرام فاذا سنحت له فرصه بقر بطنه ليسرق منه الذهبات.....اولاد الحرم كثار يا سيدي والفقر كافر ..ويضطر ابني اخيرا ان يذهب الى المستشفى ويعرض نفسه على الاطباء..
قالو له لابد من اجراء عمليه جراحيه والا فحياته في خطر...اذعن لاقوالهم ودخل يا نار قلبي عليه الى غرفه العمليات على رجليه مثل الحصان طول وعرض وصحه وبعد ساعتين اخرجوه لي ميتا
طار عقلي من راسي...انا والدة يا سيدي وقد رأيت وحيدي جثه هامده..!!.نسيت ان اسال عن الذهبات...!!..بعد ثلاثه ايام رأيت اولاد ابني حولي يبكون من الجوع...قمت وجررت نفسي الى المستشفى وهناك طالبت بمالي واذا هم يدفعون لي عشرين فرنكا وعشر ذهبات فقط.!!؟؟..قالو لي هذا ما وجدناه في جوف ابنك..!!!.اقسم لك يا سيدي القاضي ان الفرنكات كانت عشره والذهبات عشرين انكليزيه ام حصان كما قلت لك.!.قد فحص ابني كل واحده منها على الوجهين قبل ان يقبضها ودفعها الي واحده اثر واحده وانا وضعتها في الكيس وعلقته في عنقي ثم اخفيته في صدري الى جانب كيس الفرنكات ثم بلعها ابني كلها .!...فكيف انقلبت الفرنكات في جوفه الى ذهبات والذهبات الى فرنكات؟؟؟؟
انا يا سيدي القاضي امرأه مغلوبه على امري فقيره ومسكينه وعندي ايتام وليس لي من سند....
سيدي نسيت ان اقول لك ان امرأه ابني وضعت بعد موته باسبوع واحد توأمين بنات لقد اصبحنا عشرة.....عشرة افواه لا تعرف الشبع وانى لها ان تعرفه .
تمت
قصة قصيرة للكاتبة السورية الفة الادلبي بعنوان قضية خاسرة