عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2010, 07:52 PM
  #1
manar
عضو أساسي
 الصورة الرمزية manar
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: سوريا
المشاركات: 6,637
شكراً: 393
تم شكره 6,182 مرة في 2,354 مشاركة
افتراضي الشاعر سليمان العيسى

==من ثمارهم تعرفونهم==
الشيخ أحمد العيسى شجرة تشبّثت جذورها في قرية النّعيرية ـ حارة بساتين العاصي ـ الواقعة غربي مدينة أنطاكية، وأثمرت الشاعر سليمان العيسى عام 1921، ومرّرَتْ إليه ماء الثقافة، فحفظ سليمان العيسى القرآن، والمعلّقات، وديوان المتنبّي، وآلاف الأبيات من الشّعر العربي، مستأنساً بشجرة توت ترمي بظلالها على باحة الدّار، ولم يكن في القرية مدرسة غير الكُتّاب الذي كان في الحقيقة بيت الشّاعر الصّغير، والذي كان والده الشّيخ أحمد يسكنه.

كطفل في التاسعة من عمره، يحب أن يتذوّق كلّ شيء بنفسه، ويبلغ بحواسّه العالم، بدأ الشاعر بتأمّل النّاس من حوله، وبإدراك الواقع، فكتب أوّل ديوان في القرية، يتحدّث عن هموم الفلاحين في القرية وبؤسهم.
النضال القومي


دخل المدرسة الابتدائية في مدينة أنطاكية حيث وضعه المدير في الصف الرابع مباشرة، وكانت ثورة اللواء العربية قد اشتعلت عندما أحس عرب اللواء بمؤامرة فصله عن الوطن الأم سورية.

شارك بقصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء وهو في الصف الخامس، والسادس الابتدائي.
الشاعر سليمان العيسى
غادر لواء الإسكندرونة بعد سلخه ليتابع مع رفاقه الكفاح ضد الانتداب الفرنسي، وواصل دراسته الثانوية في ثانويات حماة واللاذقية ودمشق. وفي هذه الفترة ذاق مرارة التشرد وعرف قيمة الكفاح في سبيل الأمة العربية ووحدتها وحريتها.

دخل السجن أكثر من مرة بسبب قصائده ومواقفه القومية. ويقول عن ذلك في كتابه





«أنا والعروبة»
أنا خليّة في جسد
تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها
وتكافح بلا هوادة
لكي يتحرّك الجسد، وتتفتّح الحياة
وجسدي هو أمّتي
هذه الأمّة العربية العظيمة
المنكوبة، الممزّقة
التي مدّت جسور الحضارة بيني وبين العالم
منذ وُجِد العالم، وكانت الحضارات
من هنا، تبدأ قصّة الشّعر في حياتي
وهنا ستنتهي
والشريط الذي سيعرضه
ديوان سليمان العيسى على القارئ
في هذه الصّفحات
ليس إلا حلماً رائعاً
يقاتل ليتحقّق
كل منجزات التاريخ العظيمة
كانت في يوم من الأيام أحلاماً عظيمة
من هذه القناعة، انطلقْتُ
ومازلتُ مصرّاً على قناعتي وأحلامي الصّلبة
أنا في أعماق قومي صرخة
تتشظّى، لا قصيد يُقرأ
حسب لحن ينتهي في وتري
أنّه في صدر غيري يبدأ».

وفي قصيدته «اللهب الشاعر» والتي يهديها إلى روح أبي القاسم الشابي، حادي قافلة النضال العربي في تونس يقول:
«أبا اللّهبِ العتيّ، جرى غناءً
وداعب في دم الموتى، ذُماء!
صدَمْتَ بجرحك الوضّاء ليلاً
فهل لمسَتْ جوانحنا الضياء؟
وغنّيتَ الحياةَ.. فهل رشفْنا
على أكوابها.. إلا الشّقاء؟!
قرأتُك..ثورة في قلب شعب
تزلزل في ظلامتها السّماء!
وأغنية.. أحس بها دمائي
تضجّ بكل جارحة.. نداء!».

شارك في تأسيس البعث منذ البدايات وهو طالب في ثانوية جودة الهاشمي بدمشق ـ كانت «التجهيز الأولى» في ذلك العهد ـ في أوائل الأربعينات من القرن العشرين. أتم تحصيله العالي في دار المعلّمين العالية ببغداد، بمساعدة من العراق الشقيق. عاد من بغداد وعين مدرساً للغة والأدب العربي في ثانويات حلب.
الشاعر سليمان العيسى
وقد كتب إلى بغداد التي تعرف كيف تغسل العار وتهزم التتار قصيدة بعنوان «سمراء صحرائي»، في «مقتطفات من ديوان العمر»:

«سمراء صحرائي، ونسري أسمر
ورسالتي ورق الخلود الأخضر
وتمرّ قافلتي.. صُواها آية
تهدي.. ودرب بالنجيع معطّر
لا أمسح الجرح الشموخ بجبهتي
دعه بمعركة الرسالة يقطر
باسم العروبة.. فالطريق مواكب
بالحاقدين على الضحى تتعثّر
باسم العروبة.. لا الضباب بمطفئٍ
شمسين ولا لهب الحقود المُسعر
باسم العراق.. يضيء في جنباته
سعد، ويمرح بالمثنى أشقر
لا أمسح الجرح الشموخ بجبهتي
غار انتصاري من جراحي يُضفَر
بغداد يزرعها التتار خناجراً
ودماً، وتصمت كالإله وتصبر
أعرَفتها يوماً إذا ما زمجرت؟
الويل للطغيان يوم تزمجر».

بقي في حلب من سنة 1947 وحتى سنة 1967م، يدرس ويتابع الكتابة والنضال القومي.
manar غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس