الموضوع
:
عالـــم آخــــر ......!!
عرض مشاركة واحدة
14-12-2013, 02:09 AM
#
1
Sana
عضو مشارك
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: USA
المشاركات: 271
شكراً: 958
تم شكره 1,752 مرة في 271 مشاركة
عالـــم آخــــر ......!!
عالـــم
آخــــر
......!!
من منكم تخيل يوما أن كارثة ما قد تحل به ، أن يفقد أحد أطفاله ، أن يحترق منزله ، أن يُصاب بضائقة مالية قد تدفعه للانتحار ، أن يفقد أحد أطرافه أو ربما أن يُصاب بمرض شرس وخطير كالسرطان مثلا .
.........................
أعلم أن تسعين بالمائة من قارئي هذا الكلام لم يتخيلوا أن يمر عليهم شيء مثل هذا أبدا ... وأعلم أيضا أن أغلبكم قد أغلق الموضوع وابتعد ليقرأ شيئا آخر أقرب لخياله مِن هذه الكلمات ، ولو كنتُ أنا أقرأ نفسي قبل ثلاث سنين فقط ، لكنتُ أنا أول من سيغلق هذه الصفحة وسأعِدُ نفسي بأنّي لن أقرأ لهذا الكاتب مرة أخرى ...،
مهما توقعنا أن خيالنا واسع ، فلن نتخيل أن ما في هذا الكون من مصائب وفجائع قد يصيبنا يوما ، ولا أعلم لماذا ، ... نحن البشر تفكيرنا محدود غالباً ، نتخيل دائما أننا الأفضل ، وأن العالم خُلق ليكون ملك لنا ، وأن أطفالنا باقين في أحضاننا ، وأن منازلنا لن تُصاب بأذى ....!
لا أعلم لماذا نعتقد أن لا أحد أفضل منّا ، وأنه يحق لنا أن نتكلم عن كل أحد ، ويحق لنا أن نهزأ من كل أحد ، ويحق لنا أن نعلو على كل أحد ، و أننا جميعا دائما أفضل من ذلك الأحد.
يالتلك السطحية التي نعيشها ، وكم نحن محرومين من أن نكون فعلا الأفضل ،
كثيرٌ ما تمضي الساعات وأنا أشاهد من خلف شاشة التلفاز أطفالا مشردين وبيوتا مدمرة و كوارث حقيقية ، متابعة ارتشاف قهوتي رغم كل ذلك الألم الذي يحيط بي ، لكنه ألم بعيد ، لم أعتقد أن يصل لي أبدا طالما أنّي هنا ، وطالما أنهم هم ... خلف تلك الشاشة .
أعوام حياتي مرت بي كلمح البصر ، دون أن يكون للألم فيها ذلك الوقع في حياتي ، ألمٌ لا يُذكر ذلك الذي مر بي وأنا أعيش مع عائلتي ولولا قليل لأقسمت أنه ما من شيء سيفرقني عنهم ، أو عن صحتي ، أو عن قهوتي هذه التي ما أظنني سأحيا جيدا إلا إن شربتها .
لم أتخيل يوما أن أكون أنا فوق سفينة التايتنك التي غرقت ، إلا كعاشقة مات حبيبها وبقيت هي على قيد الحياة ، تُعاني آلام أشواقها وهي بخير وسلامة،
أن أكون مكان ذلك الليبي الذي عاد من عمله إلى منزله ليجد أن منزله أُحرق بأولاده ،
أن أهجّر من بيتي ولا مال لدي ولا ملابس ، ولا طعام ،
أن أكون ذلك المريض المُقعد ، أو الجريح المترنح ،
لم أتخيل نفسي ذلك الميت الملقى هناك ، وشاشات التلفاز تلاحقه ، وهو بحاجة فقط لأن يدفنه أحد ، ولا أحد هناك ...
وبعد كل ما رأيته ، لم أتعدّى بحدود خيالي إلّا إلى ذلك المشاهد الحزين ، لكن من بعيد ، أكيدة بأن لن يصيبني ما أصابهم ، وكأنني إنسان تعلو رأسه تلك الريشة ، وهم جميعهم بشر ، بشرٌ فقط .
يالنفسي كم أخذتها الدنيا وظنت لسنوات أنها في جنة تكرهها ، جنة ملّت ممارسة الحياة الطبيعية فيها، يالنفسي ...
كل هذه السنوات وأنا أعيش حياة كريمة ، لا ينقصني من تفاصيلها سوى أجنحة ملونة أطير بها حيثما أشاء ووقتما أشاء .
إلى أن حان موعد الخروج من ذلك العالم الطبيعي ، والذي لم أعلم أنه جميل إلاّ بعدما دخلت في صراعي مع عالم آخر ، غريب عني ، بعيد تماما عن كل خيال مر أمامي ، عالم أظنني لو لم أستطع أن أتعايش معه كما يجب ، لما كنتُ قد كتبت كلماتي هذه الآن ، ولا كنتم أنتم قد قرأتموها أيضا .
لم أكن أعلم أن هناك عوالم أخرى سنعيشها رغبنا أم رفضنا ، ولم أكن أعلم أن لحظات قصيرة قد نمر بها ، ستأخذنا بعيدا جدا عن هذا العالم الطبيعي والذي دائما ما عشناه بهدوء وسلام .
و لكن ما يعزينا دوما .. أن الله رحيم جدا وهو أرحم من الأم بأطفالها ، فما نعيشه الآن مجرد كابوس ، من مات منا خلاله سيستيقظ ليجد نفسه في جنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله ، ومن بقي على قيد الحياة فليحمد الله ، وليبقى على قيدها ما استطاع ، نحن هنا لنعبده ، نحن هنا لأنه كتب لنا أن نكون هنا ، بفضل الله ولا فضل علينا إلا فضله.
نحن جميعنا محظوظون مع اختلاف كمية الحظوظ وأنواعها ،
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ(214)
سورة البقرة
وطني ... أرجوك كن بخير ....
إلى منزلي الذي طالما عشت فيه أجمل ذكريات حياتي بين جدرانه مع إخوتي ، أرجوك ابق واقفا بصمود ، فأنا احتاج أن ألثم جدرانك واتنشق رائحتها ، أن أعود وألقاك كما تركتك ، أن استرجع ذكرياتي ولو قليلا منها .
جامعتي الحبيبة ، من هنا ، من بعيد ، إلى شجرتك الشامخه في ساحتك الواسعة أرسل سلامي ، حفرت يوما ما اسمي عليها ، دعيني أعود إليك ، لأحدد موعدا مع أصدقاء الحياة الذين وجدتهم بين قاعاتك ومدرجاتك ، دعيني ألقى أساتذتي لأخبرهم ماذا أصبحتُ الآن ، رجاءا ، احفظي لي ذكرياتي معك فأنا أعيشها حتى وقتي هذا ، وكوني بخير.
وطني ... أقبلك ، أحن إليك ، أعانق كل شبر فيك ، اتنشق كل حبة تراب في أرضك ، و أتنفس كل ذرة هواء في سماءك ، أنت حنين يوقظني ليلا ويُبكيني نهارا ، على أرضك الآن أناس أحببناهم ، احفظهم لنا ، وبين حناياك ذكريات لنا ، لا تُخبر بها أحدا ، سنعود صدقني ، وسنسترجع تاريخنا ، فقط حاول أن تكون بخير .
ماعادت تتسع لنا هذه الأيام لكثرة ما تعبنا ، حنينا وشوقا إليك وطني ، سامح دموعنا التي لوثناك بها ، و أنبت من دماء شهدائنا أشجارا يستظل بها أبناؤنا ولو بعد حين ، و إلى أن يحين موعدنا معك ، نرجو الله أن تكون و أهلك بخير .
منقــــــــــــــــــول
7 أعضاء قالوا شكراً لـ Sana على المشاركة المفيدة:
لقماان
(14-12-2013),
BROKER
(14-12-2013),
حكم جركو
(14-12-2013),
حكيم الزمان
(14-12-2013),
Sameh
(14-12-2013),
عابر مجيب
(14-12-2013),
غسان
(14-12-2013)
Sana
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها Sana