عضو مشارك
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 305
شكراً: 240
تم شكره 645 مرة في 232 مشاركة

رد: سعر صرف الدولار مقابل الليرة 21-4-2012 بالسوق السوداء
لماذا يعتبر الاقتصاد السوري اقتصاد مضاربة حتى قبل الأزمة
ورد هذا المقال في العدد رقم ( 135 ) من مجلة الاقتصادي
الكاتب: حمود المحمود | تاريخ المقال: 2012-04-19
كتب رئيس التحرير التنفيذي حمود المحمود
قبل أيام جرى نقاش في إحدى الندوات الاقتصادية بدمشق: هل المال جبان أم هو ذكي؟
ساق المشاركون في هذا الجدل أدلتهم التي تدعم كلا الفكرتين، فكان المال جباناً لأنّه يتخوّف من الأحداث والقرارات والأسواق غير المستقرة، ولذا فهو ينكمش على نفسه من التوسع أو البحث في مشاريع جديدة، ويتجه للحفاظ على قيمته الحالية بالبحث عن ملاذات آمنة Safe Havens.
وكان المال ذكياً لأنّه لايقبل الركود بل يبحث باستمرار عن منافذ للنمو وعن طرق تتناسب مع مختلف الظروف لكي يكون الرابح في كل ظرف، فهو الذي يستثمر في المشروعات الاستراتيجية قليلة الربح لكنها ذات قيم مضافة في الحالات المستقرة والقوانين والمناخات المشجّعة، وهو في الوقت ذات الذي يستثمر في التجارة سريعة الربح في الحالات الأقل استقراراً.
***
في أول تصنيف ائتماني لسورية حصل في عام 2010 من قبل وكالة كابيتال انتلجينس والذي أجري بطلب من الحكومة السورية تم تصنيف سورية كاقتصاد "مضاربة"، كما ترون في الدراسة المنشورة في هذا العدد من مجلة الاقتصادي.
وطبعاً تلاحظون أنّ هذه النتيجة جاءت قبل حصول الأزمة السورية التي بدأت عام 2011، وهذا ما يؤكّد أن عوامل المضاربة سابقة للأسباب التي انتجتها هذه الأزمة والتي زادت فيها عوامل المضاربة بالنسبة لرأس المال.
صحيح أنّ الدراسة عزت مبررات هذه المضاربة في الاقتصاد السوري إلى أسباب جيوسياسية خارجية ومحيطة بهذا البلد، إلاّ أنّها ركّزت كثيراً على أسبابها الداخلية والتي لم تفلح الحكومات المتعاقبة في تخطيها، بل كانت تشهد بانتظام تراجعاً في القدرة التنافسية والترهل وانتشار الفساد وتراجع حرية الإعلام وزيادة التعقيدات الجمركية وتعقيدات التجارة الخارجية وجودة القوانين والثقة بها وبأصحاب القرار الاقتصادي.
وهذه النقاط المذكورة آنفاً شهدت جميعها تراجعاً بالأرقام وفقاً للتقارير التالية: تقرير التنافسية السوري الذي صدر عن جهة حكومية سورية هي المرصد الوطني للتنافسية، وتقرير الشفافية الدولية وتقرير بيئة الأعمال الصادر عن البنك الدولي وتقرير بيئة الأعمال العربية.
***
من كل ما سبق نكتشف أنّ التباكي على انتشار المضاربة إبّان الأزمة لامبرر له، لأنّ جذور المضاربة تفرضها مكونات الاقتصاد السوري وطريقة إدارته والتشريعات الناظمة له.
ومع الأزمة: ازدادت البراهين لرأس المال بما يهز ثقته أكثر وأكثر بالقرار الاقتصادي ومصدريه، وازدات الأدلة على ارتباك القرارت والتشريعات الاقتصادية وازدادت الأدلة على التعقيدات في الاستيراد والتصدير عندما أعلنت وزارة الاقتصاد التي يرأس وزيرها فريق ترويج وتسويق المنتجات السورية في ظل الأزمة، أعلن أسماء خمس وزارات ومؤسسات حكومية لايمكن للتجارة والتصدير أنّ تعمل بدونها، ووصفها القرار بأنّها تعرقل تنفيذ مقترحات إنقاذ الاقتصاد والصادرات السورية، لدرجة أطلقت فيها بعض وسائل الإعلام على هذه الوزارات والمؤسسات اسم "القائمة السوداء".
ورغم أنّ المضاربة في أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية والمضاربة على العملات، وجدت مناخاً رسمياً يشجعها أكثر فأكثر بل إننا لانبالغ إن قلنا يدفع إليها ويبررها، فإنّ المسؤولين الاقتصاديين اختاروا الحل الأسهل وهو اتهام التجار والمواطنين بالجشع والمضاربة.
***
جبان وذكي في آن معاً، هذا هو رأس المال، لكن طبيعة الفريق الاقتصادي في أي بلد تفرض نفسها على إثارة الجانب المثمر من هاتين الصفتين، ففي بعض البلدان، يجد رأس المال نفسه مدفوعاً نحو الذكاء في اختيار المشاريع وذكياً في أن يكون جزءاً من المشروع الاستراتيجي بعيد المدى لهذا البلد أو ذاك.
وفي الوقت نفسه فإنّ بعض المسؤولين الاقتصاديين في بعض الدول يدفعون رأس المال هذا ليكون جباناً، يمشي في هذا البلد كالكفيف بلا رؤية واضحة، فهو لايدري متى يقع في الحفرة من تحت قدمية ولا متى سيقع على رأسه في هذه العتمة.