عمار ـ متابع
23-10-2011, 10:29 AM
قوس قزح..
أكله الهامور!
جريدة تشرين
رأي
الأحد 23 تشرين الأول 2011
عمّار أبو عابد
صديقي باسم يظن أنه سمكة! وأن (الهامور) أكله لحماً ورماه حسكاً! ولهذا فهو يبلعط في كل مكان، ويردد: أكلني الهامور .. أكلني الهامور؟. حتى صرت أظن أنه قد جن، أو أن مساً أصابه. ولكي أقطع الشك باليقين سألته: كيف أكلك الهامور وأنت أمامي حي ترزق؟. فراح يتحدث كالمجانين، قال: كنت من أشد المتحمسين لاقتصاد السوق الاجتماعي، لكن اجتماعي بالهامور أفسد كل شيء، واكتشفت أنني لست سوى سمكة صغيرة في حوض من أسماك الهامور المفترسة!.
لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد كان شاباً ظريفاً، لكني أردت أن أتأكد من شكوكي، فقلت له: وما علاقة الاقتصاد بمخلوقات الطبيعة؟. فرمقني وكأنني متخلف عقلياً، ثم راح يتحدث عن الرأسمالية المتوحشة والإمبريالية وشريعة الغاب وأشياء أخرى، فقلت له كما قال عادل إمام في إحدى مسرحياته: (إنت شيوعي يله؟).
لم يبتسم باسم، وأضاف: سعدنا بإقرار الحكومة مشروع قانون صندوق الاستثمار الوطني، لأنه سينقذ سوق الأوراق المالية من موجة هبوط الأسعار، ويعوض الخسائر التي لحقت بالمستثمرين، وبدأت الأسهم بالصعود، فور الإعلان عنه، لكن أحد (الهوامير) باع بعد أيام أسهماً بعشرات الملايين وأعاد السوق إلى المربع الأول، فحطم آمالنا جميعاً.
ولكي أفهم جيداً، قال: إن حصيلة التعاملات في السوق من بيع وشراء هي معادلة ناتجها صفر. أي إن الأموال المدفوعة للشراء تساوي الأموال المقبوضة لقاء البيع، وبالنتيجة فهناك دائماً خاسرون ورابحون، لكن في هذه اللعبة من يملك مالاً كثيراً يستطع أن يوجه السوق على هواه، وينهب أموال الآخرين.
سألته: ولماذا لا تستثمر على المدى الطويل؟. فقال: المستثمرون الصغار هم الضحايا دائماً، لأنهم عندما يحتاجون للسيولة يضطرون للبيع، فيأكلهم الهامور، هل فهمت؟.
فهمت، لكن من الهامور؟. قال باسم: هو صاحب الملايين الذي لا يرحم أحداً، لكن العتب ليس على الهوامير، وإنما على هيئة الأوراق المالية التي صمت آذاننا بشعاراتها حول بناء المستقبل والاستثمار الآمن، فلماذا لا تضع تعريفاً دقيقاً للصفقات الضخمة، وتمنع الكبير من أكل الصغير؟.
الهامور الذي أكل باسم ذكرني بهوامير أخرى مفترسة تستغل أزماتنا وتنكد عيشنا، ولدي اقتراحات بشأنها، لكني أدّخرها لوقت آخر، حتى لا يعضني أحدها، فأكون من الهالكين!.
أكله الهامور!
جريدة تشرين
رأي
الأحد 23 تشرين الأول 2011
عمّار أبو عابد
صديقي باسم يظن أنه سمكة! وأن (الهامور) أكله لحماً ورماه حسكاً! ولهذا فهو يبلعط في كل مكان، ويردد: أكلني الهامور .. أكلني الهامور؟. حتى صرت أظن أنه قد جن، أو أن مساً أصابه. ولكي أقطع الشك باليقين سألته: كيف أكلك الهامور وأنت أمامي حي ترزق؟. فراح يتحدث كالمجانين، قال: كنت من أشد المتحمسين لاقتصاد السوق الاجتماعي، لكن اجتماعي بالهامور أفسد كل شيء، واكتشفت أنني لست سوى سمكة صغيرة في حوض من أسماك الهامور المفترسة!.
لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد كان شاباً ظريفاً، لكني أردت أن أتأكد من شكوكي، فقلت له: وما علاقة الاقتصاد بمخلوقات الطبيعة؟. فرمقني وكأنني متخلف عقلياً، ثم راح يتحدث عن الرأسمالية المتوحشة والإمبريالية وشريعة الغاب وأشياء أخرى، فقلت له كما قال عادل إمام في إحدى مسرحياته: (إنت شيوعي يله؟).
لم يبتسم باسم، وأضاف: سعدنا بإقرار الحكومة مشروع قانون صندوق الاستثمار الوطني، لأنه سينقذ سوق الأوراق المالية من موجة هبوط الأسعار، ويعوض الخسائر التي لحقت بالمستثمرين، وبدأت الأسهم بالصعود، فور الإعلان عنه، لكن أحد (الهوامير) باع بعد أيام أسهماً بعشرات الملايين وأعاد السوق إلى المربع الأول، فحطم آمالنا جميعاً.
ولكي أفهم جيداً، قال: إن حصيلة التعاملات في السوق من بيع وشراء هي معادلة ناتجها صفر. أي إن الأموال المدفوعة للشراء تساوي الأموال المقبوضة لقاء البيع، وبالنتيجة فهناك دائماً خاسرون ورابحون، لكن في هذه اللعبة من يملك مالاً كثيراً يستطع أن يوجه السوق على هواه، وينهب أموال الآخرين.
سألته: ولماذا لا تستثمر على المدى الطويل؟. فقال: المستثمرون الصغار هم الضحايا دائماً، لأنهم عندما يحتاجون للسيولة يضطرون للبيع، فيأكلهم الهامور، هل فهمت؟.
فهمت، لكن من الهامور؟. قال باسم: هو صاحب الملايين الذي لا يرحم أحداً، لكن العتب ليس على الهوامير، وإنما على هيئة الأوراق المالية التي صمت آذاننا بشعاراتها حول بناء المستقبل والاستثمار الآمن، فلماذا لا تضع تعريفاً دقيقاً للصفقات الضخمة، وتمنع الكبير من أكل الصغير؟.
الهامور الذي أكل باسم ذكرني بهوامير أخرى مفترسة تستغل أزماتنا وتنكد عيشنا، ولدي اقتراحات بشأنها، لكني أدّخرها لوقت آخر، حتى لا يعضني أحدها، فأكون من الهالكين!.