BROKER
19-10-2011, 07:46 PM
محمد العمادي الرجل الذي عايش كبرى الأزمات: ليبيا قدمت مساعدة مالية لسورية ثم تراجعت عنها وقصة العقد النفطي الذي أسقط وزيراً .
حاوره: حمود المحمود
ناهز من العمر ثمانين حولاً، ومازال يقدم من خبرته العالمية والعربية التي اكتسبها في عمله الخارجي حتى الآن في سورية.
صنّفته مجلة الاقتصادي في العام 2009 بين أبرز 15 مسؤولاً اقتصادياً خلال مئة عام في سورية ضمن قائمة (فرسان الاقتصاد السوري)، كما أطلقت عليه مجلة المجلة السعودية عام 1991 لقب (أفضل اقتصادي عربي).
الرجل الأطول عمراً كمسؤول اقتصادي في سورية، منذ عودته في الستينات إلى سورية، بدءاً بعمله في التخطيط، ثم وزيراً لأكثر من ثلاثين عاماً، ورئيساً للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت، ثم رئيساً لهيئة مفوّضي سوق دمشق للأوراق المالية وحتى اليوم، إلى جانب عمله حتى الآن كرئيس لمجلس أمناء الجامعة العربية الدولية، ورئيس لمجلس إدارة دور النعيم للأيتام.
هذا الرجل الذي ما زال حتى اليوم يعمل نحو عشر ساعات خلال يومه، يحلّ ضيفاً على مجلة الاقتصادي في حوار الذكريات، والذي يقدم لنا فيه من تجربته في الأزمات الاقتصادية التي عايشتها سورية، والتي نشهد ربما بعض ما يشابهها اليوم.
كتبت إحدى صحف الحزب الشيوعي السوري حول تعيين العمادي في منصب رسمي بداية عمله: إنه سيترك طابعاً يعكس التوجّهات الليبرالية والتعاطف مع القطاع الخاص، ولذلك نصح البعض العمادي أن يضع اشتراطاً لقبوله المنصب الجديد بالسير بالمنهج الذي يريده. رفض العمادي ذلك، ويقول: "إني قادر أن أتكيّف مع الجو الفكري الذي سأعيش فيه، وأن أقبل التغيير البطيء، فأنا لم أكن انقلابياً في حياتي، بل كنت دائماً أؤمن بالتطوّر الممنهج". فإلى تفاصيل الحوار والذي ننقله على أجزاء متسلسلة على موقع الاقتصادي نقلاً عن مجلة الاقتصادي التي لازالت تنشر الحوار:
+ عشت أزمتين اقتصاديتين كبيرتين كمسؤول اقتصادي في تاريخ سورية، مرحلة ما بعد حرب تشرين، والثانية خلال وبعد أزمة الثمانينات، فأيهما وجدته أصعب وما السبب؟
++ أزمة الثمانينات كانت هي الأصعب في حياتي المهنية، لأنّنا في مرحلة ما بعد حرب تشرين كان لدينا دعم وتعاطف عربي، وكان الأشقاء يقدمون لنا المعونات، ولاسيما أنهم كانوا يعيشون الفورة النفطية في أوجها. وقد كلّفت على سبيل المثال من سيادة الرئيس بزيارة الشيخ زايد آل نهيان في الإمارات، وكان مقيماً في البر خارج أبو ظبي. وصلت إلى هناك فوجدت بعض الكرفانات وخيمة فرشت بالسجاد والطنافس وفي صدرها جلس سمو الشيخ زايد ومن حوله بعض رجاله، فقال لي: "قل للرئيس حافظ أخوك زايد ما يخيبك".
ووصلتنا مساعدات كثيرة من العرب غير أن الأمر لم يخل من بعض المفاجآت، فقد حوّل الأشقاء الليبيون مبلغاً لمساعدتنا وبعد أن حوّلته بدوري إلى الخزينة، أبلغنا الليبيون أنهم حوّلوا المبلغ بطريق الخطأ، فطلبوا استعادته.
+ هل كانوا فعلاً مخطئين؟
++ من المحتمل أن يكون ذلك، فهذه قضايا ليست عفوية.
+ لنبق قليلاً في هذه المرحلة، كيف كان حال النفط السوري على سبيل المثال؟
++ في هذه المرحلة بدأت أيضاً عملية الانفتاح الاقتصادي، وبدأنا توقيع عقود التنقيب عن النفط التي سميت بعقود الخدمة. لم تكن سورية محظوظة باكتشاف حقول نفطية جديدة بالتكنولوجية الروسية التي كانت متعاقدة معها ومستخدمة لخبرائها.
فبدأنا بتوقيع عقد للتنقيب عن النفط مع رومانيا، وكانت حصيلة تنفيذه مع الأسف سلبية، أدّت إلى إقصاء وزير النفط الروماني من منصبه، تلا ذلك توقيع عقود مع شركات غربية.
كان يطلب إليّ أن أتعاون مع وزير النفط المختص في الدفاع عن هذه العقود في مجلس الشعب، وإني لأذكر النقاش الذي تمّ حول عقد شركة شل. وقد كان وزير النفط لبقاً ودبلوماسياً، ولا يريد إزعاج رفاقه من ممثلي الطبقة العاملة من أحزاب الجبهة. فقد كان ردّه على أحد المعترضين: "أنت تعلم أني كنت معكم من قيادات الطبقة العاملة عندما كنت مديراً عاماً للشركة الخماسية، وهي أكبر شركة قطاع عام في البلد إلا أن هذا الأمر هو توجه سياسي أملته الضرورة وعلينا أن ننفذه".
يتبع..
حاوره: حمود المحمود
ناهز من العمر ثمانين حولاً، ومازال يقدم من خبرته العالمية والعربية التي اكتسبها في عمله الخارجي حتى الآن في سورية.
صنّفته مجلة الاقتصادي في العام 2009 بين أبرز 15 مسؤولاً اقتصادياً خلال مئة عام في سورية ضمن قائمة (فرسان الاقتصاد السوري)، كما أطلقت عليه مجلة المجلة السعودية عام 1991 لقب (أفضل اقتصادي عربي).
الرجل الأطول عمراً كمسؤول اقتصادي في سورية، منذ عودته في الستينات إلى سورية، بدءاً بعمله في التخطيط، ثم وزيراً لأكثر من ثلاثين عاماً، ورئيساً للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت، ثم رئيساً لهيئة مفوّضي سوق دمشق للأوراق المالية وحتى اليوم، إلى جانب عمله حتى الآن كرئيس لمجلس أمناء الجامعة العربية الدولية، ورئيس لمجلس إدارة دور النعيم للأيتام.
هذا الرجل الذي ما زال حتى اليوم يعمل نحو عشر ساعات خلال يومه، يحلّ ضيفاً على مجلة الاقتصادي في حوار الذكريات، والذي يقدم لنا فيه من تجربته في الأزمات الاقتصادية التي عايشتها سورية، والتي نشهد ربما بعض ما يشابهها اليوم.
كتبت إحدى صحف الحزب الشيوعي السوري حول تعيين العمادي في منصب رسمي بداية عمله: إنه سيترك طابعاً يعكس التوجّهات الليبرالية والتعاطف مع القطاع الخاص، ولذلك نصح البعض العمادي أن يضع اشتراطاً لقبوله المنصب الجديد بالسير بالمنهج الذي يريده. رفض العمادي ذلك، ويقول: "إني قادر أن أتكيّف مع الجو الفكري الذي سأعيش فيه، وأن أقبل التغيير البطيء، فأنا لم أكن انقلابياً في حياتي، بل كنت دائماً أؤمن بالتطوّر الممنهج". فإلى تفاصيل الحوار والذي ننقله على أجزاء متسلسلة على موقع الاقتصادي نقلاً عن مجلة الاقتصادي التي لازالت تنشر الحوار:
+ عشت أزمتين اقتصاديتين كبيرتين كمسؤول اقتصادي في تاريخ سورية، مرحلة ما بعد حرب تشرين، والثانية خلال وبعد أزمة الثمانينات، فأيهما وجدته أصعب وما السبب؟
++ أزمة الثمانينات كانت هي الأصعب في حياتي المهنية، لأنّنا في مرحلة ما بعد حرب تشرين كان لدينا دعم وتعاطف عربي، وكان الأشقاء يقدمون لنا المعونات، ولاسيما أنهم كانوا يعيشون الفورة النفطية في أوجها. وقد كلّفت على سبيل المثال من سيادة الرئيس بزيارة الشيخ زايد آل نهيان في الإمارات، وكان مقيماً في البر خارج أبو ظبي. وصلت إلى هناك فوجدت بعض الكرفانات وخيمة فرشت بالسجاد والطنافس وفي صدرها جلس سمو الشيخ زايد ومن حوله بعض رجاله، فقال لي: "قل للرئيس حافظ أخوك زايد ما يخيبك".
ووصلتنا مساعدات كثيرة من العرب غير أن الأمر لم يخل من بعض المفاجآت، فقد حوّل الأشقاء الليبيون مبلغاً لمساعدتنا وبعد أن حوّلته بدوري إلى الخزينة، أبلغنا الليبيون أنهم حوّلوا المبلغ بطريق الخطأ، فطلبوا استعادته.
+ هل كانوا فعلاً مخطئين؟
++ من المحتمل أن يكون ذلك، فهذه قضايا ليست عفوية.
+ لنبق قليلاً في هذه المرحلة، كيف كان حال النفط السوري على سبيل المثال؟
++ في هذه المرحلة بدأت أيضاً عملية الانفتاح الاقتصادي، وبدأنا توقيع عقود التنقيب عن النفط التي سميت بعقود الخدمة. لم تكن سورية محظوظة باكتشاف حقول نفطية جديدة بالتكنولوجية الروسية التي كانت متعاقدة معها ومستخدمة لخبرائها.
فبدأنا بتوقيع عقد للتنقيب عن النفط مع رومانيا، وكانت حصيلة تنفيذه مع الأسف سلبية، أدّت إلى إقصاء وزير النفط الروماني من منصبه، تلا ذلك توقيع عقود مع شركات غربية.
كان يطلب إليّ أن أتعاون مع وزير النفط المختص في الدفاع عن هذه العقود في مجلس الشعب، وإني لأذكر النقاش الذي تمّ حول عقد شركة شل. وقد كان وزير النفط لبقاً ودبلوماسياً، ولا يريد إزعاج رفاقه من ممثلي الطبقة العاملة من أحزاب الجبهة. فقد كان ردّه على أحد المعترضين: "أنت تعلم أني كنت معكم من قيادات الطبقة العاملة عندما كنت مديراً عاماً للشركة الخماسية، وهي أكبر شركة قطاع عام في البلد إلا أن هذا الأمر هو توجه سياسي أملته الضرورة وعلينا أن ننفذه".
يتبع..