المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيمة العطاء


حبيب
03-08-2011, 09:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

كثيرة هي المعاني النبيلة التي تزكي الإنسان، وترتقي به في سلم الكمال ، و كم تدهشني يا سادة قيمة العطاء هذه!، إذ هي بحق أنشودة إنسانية عذبة ، تملأ الكون جمالاً و رقة ، فمن اللازم أن نقف عندها وقفة ، والعطاء الذي أريده ما يقدمه الإنسان للآخرين و لا ينتظر رده ، فيضيف إلى روحه شعوراً بالجلال يصقلها صفاء وتزكية.
ما رأيكم أن أروي لكم قصة عن هذا الموضوع ، أجزم أنها ستكفيني مؤنة الحديث عن قيمة العطاء، حسناً! بما أنك لم تمانع ، دعني أأخذك إلى أمريكا ، فبطل قصتي هناك ، يذكر أن أحد تجارها الكبار مل من حياته، واختنق من دنياه ، حدث طبيبه النفسي كثيراً بأنه يريد الانتحار ، و الطبيب في كل مرة يثنيه عن هذا القرار ، و يصف له أدوية لتحد من انفعالاته ، و بعد تردد امتد لسنوات قرر أن يتوقف عن أخذ الأدوية و يرمي بنفسه من أعلى شاهق ليرتاح من هذا العناء ، و لكنه استشار الطبيب مالذي عليه فعله قبل أن يرحل عن الدنيا ، قال الطبيب / أنت تملك من النقود ، ما يمكنك به إسعاد الكثير من الناس ، فاذهب إلى الحي الفلاني ، ووزع مالك فيه قبل أن تموت ، ذهب التاجر وقد كتب وصيته ، و باع كل ما يملكه من الشركات = دخل الحي الفقير من كل رفاهية ، تلفت يميناً و يساراً فوجد الأطفال و النساء يملئون المكان ، تأمل وجوههم ليراها ضاحكة بالرغم من المعانة ، أنزل حقيبته على الأرض و فتحها ، و الناس ينتظرون نهاية مسلسل هذا الرجل الأبيض ، فتوقعوا أنه من رجال الإف بي آي، مطاردي تجار المخدرات ، فبدلته سوداء قاتمة وربطة عنقه قرمزية اللون ، و يضع على عينيه نظارات تغطي أكثر وجهه ، وبينما هم يتهامسون فيما بينهم و ينظرون إليه باستغراب ، أخرج النقود من حقيبته ثم رمى بها في السماء و هو يصرخ / تعالوا خذوا شقائي ! ، لم يأبهو كثيراً بفلسفته و انطلقوا ناحيته و راح كل واحد منهم يجمع في يديه و جيوبه ما أمكنه جمعه ، تراجع الرجل قليلاً عنهم و بدا يتأملهم ، كانوا يتشاجرون و هم يجمعون المال ، و بعضهم من شدة الحماس يلكم البعض ، لقد أحال اجتماعهم و وحدتهم إلى أسى ، ولكنه مع ذلك شعر بالسعادة تغمر قلبه ، لما أن انتهت النقود توجه الأطفال و النساء إليه ، شعر بالخوف و بدت معالم القلق تعلو محياه ، و هو يحدث نفسه بالركض أقصى ما يمكنه؟! ، و قبل أن يقرر انحنى أحدهم عند قدميه و أشار لمن معه أن يحملوه على كتفيه ، أراد أن يرفض هذا الطلب ، ولكنهم ابتدروه و وضعوه قسراً على كتفيه ، و طفقوا يدورون به في أنحاء الحي و يتغنون فرحاً به و زهو ، وهو على رؤوسهم قرر التراجع عن الانتحار لأنه ذاق طعم العطاء !
لا قيمة تعدل قيمة العطاء يا أحبة ، فشعوره الذي يماسس الروح لهو أعظم جزاء و أقوى دافع لاستمرار في العطاء ، ومتى كوفئت في الدنيا على عطاءك فقد فقدت قيمته.
وهنا دعني أوجه الحديث إليك عزيزي القارئ ، هل جربت مرة أن تعطي و لا تنتظر الجزاء ، سأعطيك مثالاُ ، لو علمت مثلاً أن عمتك الأرملة لا راتب لها غير الضمان الاجتماعي ، و تعلم يقيناً أنه لا يفي بمتطلبات حياتها و أبناءها ، ثم قررت أن تعطيها من غير أن تعلم ، وبطريقة ما أوصلت إليها النقود دون أن تعلم من أعطاها ، و بعد أيام دخل عليك طفلها و قد ابتاع ملابس جديدة، ياه! أي شعور جميل ستشعر به في تلك اللحظة!
أحياناً لأقول أننا لا نعطي بل نأخذ ، نعم عندما نعطي مالاً لفقير أو ابتسامة لبائس ، فنحن بذلك نأخذ في المقابل شعوراً دافئاً جميلاً يرف بين جوانحنا، و أكمل العطاء ما كان مخبأ لا يطلع عليه إلا الله ، جربوه - يا سادة – عندها ستذكرون ما أقول لكم ..
طاب يومكم

غسان
04-08-2011, 01:06 AM
شكرا لك العطاء هدف وغاية سامية