المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صندوق المال.. المثقوب


غسان
25-06-2011, 10:52 AM
صندوق المال.. المثقوب
لعل التحدي الأبرز على المستوى الاقتصادي الذي تواجهه حكومتنا الجديدة، هو تفكيك صندوق المال الأسود..
فعلى ما يبدو أن ممارسات وزارة المال السورية منذ أربعينيات القرن الماضي، كانت تشكل إضافات دراماتيكية تزيد شربكة الخيوط المالية وعقدها، حتى تحولت الوزارة إلى صندوق أسود يخفي حقائق اقتصادية، أقل ما يقال عنها مفاجأة للرأي العام، على حين هي أقل من منطقية، لتلك الممارسات «كمقدمات» والواقع الاقتصادي «كنتيجة»... ولعل الكثير من الأسئلة التي كانت مشروعة أو غير مشروعة، ستلقى إجابات دقيقة بعد فكفكة هذا الصندوق، وحلحلة الشربكة التاريخية التراكمية للخيوط المالية السورية، وكشف مذكرات المال السرية. وهذا الصندوق من نوع فريد، لكونه يضم صناديق سوداء فرعية، يعتبر صندوق الدين العام أحد أمثلتها الأقل تراجيدياً، والذي يضم حسابات مالية وديوناً للدولة على مؤسسات خاصة انقرضت منذ عشرات السنين!
أما صندوق رجال المال والأعمال، فحدث ولا حرج، فمن أي مادة مصنوعة جدرانه حتى صبرت عقوداً على إجراءات مالية ومحاسبية «سنسكريتية»؟ ولعل أقل الذكريات وجعاً، شفط القطع الأجنبي تحت مسمى التصدير عبر الاتجار بالدولار التصديري، على حين كانوا يلقون بالمخلل والتبن قرب الحدود، فقط للحصول على فرق الليرتين على سعر الدولار في السوق، والتي كانت تتحمل الدولة فاتورته لكي تدعم التصدير... وملفات القروض المقدمة بلا فوائد ولمدد تتجاوز العشرين عاماً، لصناعات تحويلية لا تقدم أي قيمة مضافة للاقتصاد السوري. إضافة إلى ملفات المصارف والخلافات المصرفية- المصرفية والقروض التي قدمت بـ«الموانة» محولة رجال أعمال إلى مدينين من العيار الثقيل للدولة، بينما أموالهم في المصارف الخارجية. وكذلك شيفرات الضرائب السورية الساذجة التي وجد معظم التجار مفاتيحها للف على خزانة الدولة وإيراداتها ونهب دخول المواطنين رغم تواضعها، فكل يسعر بضاعته على هواه بحجة أن رسوم الاستيراد عالية في البلد، والطقم الرجالي المعروض في أحد المحال بمئة ألف ليرة سورية، تبين أن رسومه لا تتجاوز 800 ليرة سورية... فالمقياس هو وزن البضاعة في العرف الجمركي السوري وليس السعر وتحديد نسبة مئوية منه... وقس على ذلك. أما حالياً، فالتحديات تبدأ بتأمين المبالغ المستحقة على الحكومة في مواعيد مجدولة، والذي قد يدفع إلى التمويل بالعجز، مع عدم قدرة المصارف على تقديم التمويل عبر عمليات السوق المفتوحة، وتحمل فاتورة زيادة الرواتب وتخفيض سعر المازوت وتراجع الإيرادات... وتأمين متطلبات العيش الضرورية، فكما هو واضح، الإيرادات تتراجع، والنفقات تزداد، ووفقاً للأعراف المحاسبية السائدة، التي أشبه ما تكون بالألغاز، فإن الأرقام التي كنا نتداولها عن مستويات العجز بمختلف مطارحه، أقل بكثير من الواقع. هذا جزء بسيط جداً ومتواضع لدرجة «المدقع» من تحديات وزارة المال الجديدة، نظراً لكون المطلب الأساسي اليوم هو تفكيك صندوق المال السوري، وكشف ألغازه وفك شيفراته، وإعادة بناء وزارة جديدة تعمل بأسس علمية ووطنية على المكشوف... فهذا المال، هو مال السوريين جميعاً، وهو أمانة، وليس متاعاً. والسؤال هنا: إلى أي درجة يمكن للحكومة أن تحتمل «المفاجآت» الناجمة عن عملية التفكيك.. ومعالجتها؟ إلى أي درجة يمكن العمل بالفكرة التي طرحتها سابقاً «عندما يطلب من المؤسسات تغيير نمط عملياتها، على الحكومة أولاً أن تغير نموذج إدارتها»؟.
علي نزار الاغا الوطن 23 /6