غسان
29-11-2010, 02:41 AM
ليست بالعدل الذي نرجوه ولا حقيقية بالشكل الذي نتصوره...القيمة العادلة للأسهم... هل تبيح التدخل في قوى السوق؟
لطالما كان تحديد القيمة للأوراق المالية مثار جدل بين الماليين والمحاسبين بسبب تنوع أنواع القيم واختلاف طريقة التقييم حتى للنوع الواحد من القيمة، ومؤخراً شهدنا صدور قرار من هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية حمل الرقم (110) قضى بتعديل الحدود السعرية باتجاه الانخفاض حتى -5% مع تثبيتها باتجاه الارتفاع على قيمتها +2%، وذلك لدعم الأسعار العادلة في سوق دمشق للأوراق المالية، حيث ترى الهيئة أن أسعار الأسهم أصبحت أكبر من قيمها العادلة على نحو مهم...
ثم قامت الهيئة في اليوم التالي بالتراجع عن هذا القرار بتثبيت الحدود السعرية على +-2%.
وفيما يخص القيمة العادلة للورقة المالية.. يعرفها الاقتصاديون والماليون بأنها القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية للورقة المالية، على حين تعرف القيمة السوقية للورقة المالية بأنها القيمة التي تحدد في السوق المالي بناء على العرض والطلب.
وبناء على قوانين الاستثمار فإن القيمة السوقية المعقولة يجب أن تتراوح حول القيمة العادلة صعوداً ونزولاً لأن القيمة العادلة تمثل قيمة السهم الحالية لما سيكون عليه سعر السهم في المستقبل. ولكن هذا الافتراض يتم على أساس أن المستثمر عقلاني رشيد ويعلم القوانين والمعادلات الاقتصادية لكن التشريع الاقتصادي لا يشترط في امتلاك أي شخص لأسهم في شركة مساهمة مواصفات تجارية أو اقتصادية أو مهنية محددة بل الباب مفتوح لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين (باستثناء تحديد الحد الأعلى بالتملك لكل من الأشخاص الطبيعيين بخمسة بالمئة والاعتباريين بستين بالمئة من رأس المال المكتتب). إذاً القيمة العادلة تبقى محصورة بين الاختصاصيين والخبراء الماليين ويبقى السوق خاضعاً لقانون العرض والطلب هذا القانون الذي تحكمه عشرات المؤثرات العامة والخاصة التي تدفع بالسعر السوقي بأعلى من القيمة العادلة في حال المناخ التفاؤلي وأدنى من القيمة العادلة في حال المناخ التشاؤمي. إذاً لا أحد يقرر إذا ما كان السعر السوقي مرتفعاً كثيراً أم منخفضاً كثيراً سوى السوق نفسه بدليل قيام جميع الأسواق بحركات تصحيحية لأسعارها لتقارب المجال السعري للقيمة الجوهرية للسهم.
انتقاد الفاعلية
أيضاً من أسباب انتقادي لفعالية القيمة العادلة بأنه على الرغم من أن هدف السوق المالي هو تعبئة المدخرات الوطنية وأن السعر السوقي لا يفيد الشركة المساهمة العامة بعملياتها التشغيلية لكنه مؤشر مهم على الحالة الاقتصادية الحاضرة للشركة بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام على حين القيمة العادلة أو الجوهرية لا تعدو عن كونها قيمة افتراضية مبنية على توقعات مستقبلية لتدفقات مبنية هي الأخرى على نتائج تاريخية مالية للشركة بصورة رئيسية. وكون القيمة العادلة افتراضية فمن الممكن أن تحتسب على أكثر من معيار أي بافتراض نمو الأرباح ثابتاً أو بافتراض نمو الأرباح متغيراً أو بمزج الافتراضين معاً الأمر الذي يدخلنا في جدلية مدى صحة القيمة العادلة كمعيار مقارنة لاتخاذ قرار استثماري بدلاً من اعتبارها مجرد مؤشراً من المؤشرات المالية. إذاً فالقيمة العادلة ليست بالعدل الذي نرجوه وليست حقيقية بالشكل الذي نتصوره مادمنا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل بالشكل الجوهري الذي نريده!
هل يبيح التدخل؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل القيمة العادلة للأسهم تعطي الصلاحيات للاختصاصيين والمسؤولين بتوجيه أسعار السوق نحو قيمها الحقيقية.. أم نترك السوق نفسه يختار الاتجاه مادام الاقتصاد الحر يعني عدم التدخل بقوانين العرض والطلب إلا بحدود الرقابة على النزاهة وعلى قوانين السوق ومنع التلاعب والاحتكار؟
من الممكن أن تكون إجابة بعض المسؤولين أن السوق مازال بفترة ناشئة يحتاج فيها إلى الرعاية والوصاية عن طريق قوانين وقرارات ولكن وجهة النظر الأخرى أن السوق لا يحتاج إلى وصاية بل يحتاج إلى مراقب فقط لأن السوق يملك بحد ذاته القوى التي تعيد توازنه.
جريدة الوطن الاثنين /29 / 11
لطالما كان تحديد القيمة للأوراق المالية مثار جدل بين الماليين والمحاسبين بسبب تنوع أنواع القيم واختلاف طريقة التقييم حتى للنوع الواحد من القيمة، ومؤخراً شهدنا صدور قرار من هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية حمل الرقم (110) قضى بتعديل الحدود السعرية باتجاه الانخفاض حتى -5% مع تثبيتها باتجاه الارتفاع على قيمتها +2%، وذلك لدعم الأسعار العادلة في سوق دمشق للأوراق المالية، حيث ترى الهيئة أن أسعار الأسهم أصبحت أكبر من قيمها العادلة على نحو مهم...
ثم قامت الهيئة في اليوم التالي بالتراجع عن هذا القرار بتثبيت الحدود السعرية على +-2%.
وفيما يخص القيمة العادلة للورقة المالية.. يعرفها الاقتصاديون والماليون بأنها القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية للورقة المالية، على حين تعرف القيمة السوقية للورقة المالية بأنها القيمة التي تحدد في السوق المالي بناء على العرض والطلب.
وبناء على قوانين الاستثمار فإن القيمة السوقية المعقولة يجب أن تتراوح حول القيمة العادلة صعوداً ونزولاً لأن القيمة العادلة تمثل قيمة السهم الحالية لما سيكون عليه سعر السهم في المستقبل. ولكن هذا الافتراض يتم على أساس أن المستثمر عقلاني رشيد ويعلم القوانين والمعادلات الاقتصادية لكن التشريع الاقتصادي لا يشترط في امتلاك أي شخص لأسهم في شركة مساهمة مواصفات تجارية أو اقتصادية أو مهنية محددة بل الباب مفتوح لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين (باستثناء تحديد الحد الأعلى بالتملك لكل من الأشخاص الطبيعيين بخمسة بالمئة والاعتباريين بستين بالمئة من رأس المال المكتتب). إذاً القيمة العادلة تبقى محصورة بين الاختصاصيين والخبراء الماليين ويبقى السوق خاضعاً لقانون العرض والطلب هذا القانون الذي تحكمه عشرات المؤثرات العامة والخاصة التي تدفع بالسعر السوقي بأعلى من القيمة العادلة في حال المناخ التفاؤلي وأدنى من القيمة العادلة في حال المناخ التشاؤمي. إذاً لا أحد يقرر إذا ما كان السعر السوقي مرتفعاً كثيراً أم منخفضاً كثيراً سوى السوق نفسه بدليل قيام جميع الأسواق بحركات تصحيحية لأسعارها لتقارب المجال السعري للقيمة الجوهرية للسهم.
انتقاد الفاعلية
أيضاً من أسباب انتقادي لفعالية القيمة العادلة بأنه على الرغم من أن هدف السوق المالي هو تعبئة المدخرات الوطنية وأن السعر السوقي لا يفيد الشركة المساهمة العامة بعملياتها التشغيلية لكنه مؤشر مهم على الحالة الاقتصادية الحاضرة للشركة بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام على حين القيمة العادلة أو الجوهرية لا تعدو عن كونها قيمة افتراضية مبنية على توقعات مستقبلية لتدفقات مبنية هي الأخرى على نتائج تاريخية مالية للشركة بصورة رئيسية. وكون القيمة العادلة افتراضية فمن الممكن أن تحتسب على أكثر من معيار أي بافتراض نمو الأرباح ثابتاً أو بافتراض نمو الأرباح متغيراً أو بمزج الافتراضين معاً الأمر الذي يدخلنا في جدلية مدى صحة القيمة العادلة كمعيار مقارنة لاتخاذ قرار استثماري بدلاً من اعتبارها مجرد مؤشراً من المؤشرات المالية. إذاً فالقيمة العادلة ليست بالعدل الذي نرجوه وليست حقيقية بالشكل الذي نتصوره مادمنا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل بالشكل الجوهري الذي نريده!
هل يبيح التدخل؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل القيمة العادلة للأسهم تعطي الصلاحيات للاختصاصيين والمسؤولين بتوجيه أسعار السوق نحو قيمها الحقيقية.. أم نترك السوق نفسه يختار الاتجاه مادام الاقتصاد الحر يعني عدم التدخل بقوانين العرض والطلب إلا بحدود الرقابة على النزاهة وعلى قوانين السوق ومنع التلاعب والاحتكار؟
من الممكن أن تكون إجابة بعض المسؤولين أن السوق مازال بفترة ناشئة يحتاج فيها إلى الرعاية والوصاية عن طريق قوانين وقرارات ولكن وجهة النظر الأخرى أن السوق لا يحتاج إلى وصاية بل يحتاج إلى مراقب فقط لأن السوق يملك بحد ذاته القوى التي تعيد توازنه.
جريدة الوطن الاثنين /29 / 11