Rihab
25-11-2010, 11:17 PM
أروقة المصارف السورية متخمة بالسيولة الفائضة وتعاني منها مصارفنا العامة والخاصة على حدٍ سواء، وما هو إلا دليل العجز عن توفير قنوات استثمارية قادرة على امتصاص هذا الفائض، مما يجعله عائقاً بوجه التنمية الاقتصادية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني اليوم أكثر من أي وقت مضى، وذلك لتوفر سيولة مجمدة في أروقة هذه المصارف- والاقتصاد يبحث عنها أساساً- ويبحث عن ممول لمشروعاته الاقتصادية الضرورية، من خلال اللجوء إلى الاقتراض الخارجي من الاتحاد الأوروبي أو المؤسسات الدولية، أو استجداء الاستثمار الأجنبي للقدوم إلينا عبر منحه التسهيلات والإعفاءات الكبيرة، فمصارفنا ليست الوحيدة التي تعاني من هذا الفائض، بل إن هناك دولاً عديدة لها تجاربها في مجال معالجة مشكلة هذا المخزون المصرفي الاستراتيجي الضروري عند نسبة معينة من جهة، والمعيق لعملية التنمية من جهة أخرى، إذا ما زاد عن الحد المطلوب.
الفائض مؤكد
عشرون مصرفاً يعملون في سورية اليوم بين عام وخاص، وهم الذين يخلقون فائضاً كبيراًَ من السيولة التي وصلت في العام 2010 بحسب التقرير الأخير للمصرف المركزي السوري إلى 260 مليار ليرة (بالليرة السورية، والقطع الأجنبي)، بمعدل نمو 9.0 في المائة مقارنة بالربع الأول من عام 2009، وتركز فائض السيولة لدى المصارف العامة بنسبة 63 في المائة من إجمالي فائض القطاع المصرفي، في حين بلغت نسبة فائض المصارف الخاصة نحو 37 في المائة في عام 2010، وأوضح التقرير أن إجمالي الودائع الموجودة لدى المصارف المحلية ارتفع 1238 مليار ليرة سورية في نهاية الربع الأول من عام 2010.
فالفائض إلى ارتفاع بنسبة 10% تقريباً، وكذلك إجمالي الودائع، وهذا لا يبشر بالكثير من الخير إذا ما استمر هذا الفائض مجمداً دون تشغيل أو تفعيل، لذلك قرر مجلس النقد والتسليف تخفيض أسعار الفائدة على الودائع المصرفية على أمل ترحيل السيولة الفائضة إلى القنوات الاستثمارية، وهي الخطوة التي نفذتها أغلب الدول العربية التي تعاني من مشكلة السيولة المصرفية كمصر، ولبنان، والجزائر، والأردن، وغيرها من الدول العربية، فهل سينجح هذا الإجراء المطبق حديثاً عندنا؟!، وهل نجحت هذه الخطوة أساساً في ترحيل السيولة المصرفية إلى قنوات استثمارية في هذه الدول، ليكون ذلك مؤشراً على فاعلية قرار هيئة التسليف والنقد لدينا مستقبلاً، هذا هو ما يجب لحظه والتوقف عنده؟!.
احتياطي إلزامي
الاحتياطي ليس بمعظمه فائضاً، بل إن جزءاً منه إلزامياً سواء بالليرة أو بالعملات الأجنبية للحفاظ على استقرار الليرة السورية ودعمها، والذي يعد إحدى أدوات السياسة النقدية الهامة والضرورية، وفي هذا المجال قرر مجلس النقد والتسليف رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي المفروضة من قبل المصرف المركزي على المصارف من 5 في المائة إلى 10 في المائة من مجموع الودائع بالليرة السورية والعملات الأجنبية، وهذا الاحتياطي يحقق الاستقرار في الاقتصاد الوطني أيضاً.
استشعار الخطر
بعد استشعار الإدارة المصرفية في سورية خطورة تحول فائض السيولة إلى مشكلة للاقتصاد الوطني، أصدر مجلس النقد والتسليف في أواخر الشهر الثامن من العام 2010 قراراً يقضي بتخفيض معدلات الفوائد على الودائع لأجل بمقدار نصف نقطة مئوية واحدة حيث كان سعر الفائدة على الودائع لأجل من 6-8 بالمئة ±2، وأصبح بموجب القرار الجديد 5.5–7.5 بالمئة ±2، كما تضمن القرار المذكور تخفيض أسعار الفائدة على ودائع التوفير بمقدار نصف نقطة مئوية لتصبح 5.5 بالمئة ±2، أملاًُ بإخراج هذه السيولة الفائضة، لأن التسليفات المصرفية لا تتجاوز 25 – 30% من إجمالي ودائع المصارف السورية، بينما تصل نسبة توظيف الودائع إلى نحو 52 في المئة في مصر، وعلى الرغم من ذلك اعتبرت مصر أن بنوكها تعاني من سيولة فائضة كبيرة، ولجأت إلى تخفيض أسعار الفائدة على الودائع بنسبة 3 في المئة، مما أدى إلى هروب صغار المدخرين إلى قنوات أخرى، علماً أن المعدل الدولي لنسبة توظيف الودائع يتراوح بين 60 إلى 65 في المئة.
امتصاص السيولة ممكن!
بالتأكيد هناك آليات عدة لامتصاص السيولة المصرفية الفائضة، فتخفيض سعر الفائدة على الودائع بنسبة 0.5% مفيد نسبياً لكنه ليس حلاً ناجعاً كلياً لفائض السيولة، والتجربة المصرية تؤكد ذلك، فالمطلوب زيادة قيمة القروض وتنويعها مما يسمح بمرور السيولة إلى شرايين الاقتصاد الوطني، وبالتالي زيادة معدلات النمو في المحصلة، بدلاً من حصر القروض المصرفية بالقطاع السكني الذي يستحوذ على اهتمام المصارف السورية على اختلافها، وخصوصاً المصارف الخاصة، ويشكل جزءاً غير قليل من حجم القروض، لا سيما في ظل الطلب على شراء العقارات من الشرائح المختلفة، كما يتوجب على المصارف اللجوء إلى القروض طويلة الأجل عوضاً عن سياسة القروض القصيرة الأجل المتبعة اليوم من قبل أغلب مصارفنا.
بل إن المطلوب على المستوى الكلي هو أكثر من ذلك، حيث يجب إدخال السيولة الفائضة في مجال تمويل عملية التنمية الاقتصادية، من خلال تمويل مشاريع كبيرة في قطاعات الصناعة، والزراعة، البنية التحتية..إلخ، لأن هذه النشاطات تحتاج إلى تمويلات كبيرة قادرة على امتصاص فائض السيولة والاستغناء عن القنوات التمويلية الأخرى التي قد تكون أكثر عبئاً على الاقتصاد الوطني، حيث إن مصرف لبنان مثلاً موّل الدولة والاقتصاد في الوقت الذي عجزت الدولة اللبنانية عن إيجاد من يمولها.
ففائض السيولة في المصارف السورية يشكل نحو 15% من الاستثمارات التي قررت الحكومة استقدامها من الخارج خلال الخمسية الحادية عشرة، وستصل هذه النسبة إلى نحو 25% إذا ما استمر فائض السيولة على وتيرة الارتفاع ذاتها، فلماذا لا يتم توظيف هذه السيولة في القنوات الاستثمارية الضرورية للاقتصاد السوري بدلاً من البحث عنها أو استجدائها من المستثمرين الأجانب بتسهيلات كبيرة قد تكون مجحفة أحياناً بحق الاقتصاد الوطني، خصوصاً وأن هذه الـ15% إذا ما تم توجيهها بشكل مدروس بما يخدم الاقتصاد الوطني، فإنها ستكون قادرة على إنجاز وتحقيق تنمية اقتصادية تصل إلى 50% مقارنة بقدرة الاستثمارات الأجنبية الموعودة التي تختار هي مجالات استثمارها بما يحقق لها الأرباح المناسبة بعيداً عن الحاجة الضرورية الحالية للاقتصاد الوطني.
شام لايف
الفائض مؤكد
عشرون مصرفاً يعملون في سورية اليوم بين عام وخاص، وهم الذين يخلقون فائضاً كبيراًَ من السيولة التي وصلت في العام 2010 بحسب التقرير الأخير للمصرف المركزي السوري إلى 260 مليار ليرة (بالليرة السورية، والقطع الأجنبي)، بمعدل نمو 9.0 في المائة مقارنة بالربع الأول من عام 2009، وتركز فائض السيولة لدى المصارف العامة بنسبة 63 في المائة من إجمالي فائض القطاع المصرفي، في حين بلغت نسبة فائض المصارف الخاصة نحو 37 في المائة في عام 2010، وأوضح التقرير أن إجمالي الودائع الموجودة لدى المصارف المحلية ارتفع 1238 مليار ليرة سورية في نهاية الربع الأول من عام 2010.
فالفائض إلى ارتفاع بنسبة 10% تقريباً، وكذلك إجمالي الودائع، وهذا لا يبشر بالكثير من الخير إذا ما استمر هذا الفائض مجمداً دون تشغيل أو تفعيل، لذلك قرر مجلس النقد والتسليف تخفيض أسعار الفائدة على الودائع المصرفية على أمل ترحيل السيولة الفائضة إلى القنوات الاستثمارية، وهي الخطوة التي نفذتها أغلب الدول العربية التي تعاني من مشكلة السيولة المصرفية كمصر، ولبنان، والجزائر، والأردن، وغيرها من الدول العربية، فهل سينجح هذا الإجراء المطبق حديثاً عندنا؟!، وهل نجحت هذه الخطوة أساساً في ترحيل السيولة المصرفية إلى قنوات استثمارية في هذه الدول، ليكون ذلك مؤشراً على فاعلية قرار هيئة التسليف والنقد لدينا مستقبلاً، هذا هو ما يجب لحظه والتوقف عنده؟!.
احتياطي إلزامي
الاحتياطي ليس بمعظمه فائضاً، بل إن جزءاً منه إلزامياً سواء بالليرة أو بالعملات الأجنبية للحفاظ على استقرار الليرة السورية ودعمها، والذي يعد إحدى أدوات السياسة النقدية الهامة والضرورية، وفي هذا المجال قرر مجلس النقد والتسليف رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي المفروضة من قبل المصرف المركزي على المصارف من 5 في المائة إلى 10 في المائة من مجموع الودائع بالليرة السورية والعملات الأجنبية، وهذا الاحتياطي يحقق الاستقرار في الاقتصاد الوطني أيضاً.
استشعار الخطر
بعد استشعار الإدارة المصرفية في سورية خطورة تحول فائض السيولة إلى مشكلة للاقتصاد الوطني، أصدر مجلس النقد والتسليف في أواخر الشهر الثامن من العام 2010 قراراً يقضي بتخفيض معدلات الفوائد على الودائع لأجل بمقدار نصف نقطة مئوية واحدة حيث كان سعر الفائدة على الودائع لأجل من 6-8 بالمئة ±2، وأصبح بموجب القرار الجديد 5.5–7.5 بالمئة ±2، كما تضمن القرار المذكور تخفيض أسعار الفائدة على ودائع التوفير بمقدار نصف نقطة مئوية لتصبح 5.5 بالمئة ±2، أملاًُ بإخراج هذه السيولة الفائضة، لأن التسليفات المصرفية لا تتجاوز 25 – 30% من إجمالي ودائع المصارف السورية، بينما تصل نسبة توظيف الودائع إلى نحو 52 في المئة في مصر، وعلى الرغم من ذلك اعتبرت مصر أن بنوكها تعاني من سيولة فائضة كبيرة، ولجأت إلى تخفيض أسعار الفائدة على الودائع بنسبة 3 في المئة، مما أدى إلى هروب صغار المدخرين إلى قنوات أخرى، علماً أن المعدل الدولي لنسبة توظيف الودائع يتراوح بين 60 إلى 65 في المئة.
امتصاص السيولة ممكن!
بالتأكيد هناك آليات عدة لامتصاص السيولة المصرفية الفائضة، فتخفيض سعر الفائدة على الودائع بنسبة 0.5% مفيد نسبياً لكنه ليس حلاً ناجعاً كلياً لفائض السيولة، والتجربة المصرية تؤكد ذلك، فالمطلوب زيادة قيمة القروض وتنويعها مما يسمح بمرور السيولة إلى شرايين الاقتصاد الوطني، وبالتالي زيادة معدلات النمو في المحصلة، بدلاً من حصر القروض المصرفية بالقطاع السكني الذي يستحوذ على اهتمام المصارف السورية على اختلافها، وخصوصاً المصارف الخاصة، ويشكل جزءاً غير قليل من حجم القروض، لا سيما في ظل الطلب على شراء العقارات من الشرائح المختلفة، كما يتوجب على المصارف اللجوء إلى القروض طويلة الأجل عوضاً عن سياسة القروض القصيرة الأجل المتبعة اليوم من قبل أغلب مصارفنا.
بل إن المطلوب على المستوى الكلي هو أكثر من ذلك، حيث يجب إدخال السيولة الفائضة في مجال تمويل عملية التنمية الاقتصادية، من خلال تمويل مشاريع كبيرة في قطاعات الصناعة، والزراعة، البنية التحتية..إلخ، لأن هذه النشاطات تحتاج إلى تمويلات كبيرة قادرة على امتصاص فائض السيولة والاستغناء عن القنوات التمويلية الأخرى التي قد تكون أكثر عبئاً على الاقتصاد الوطني، حيث إن مصرف لبنان مثلاً موّل الدولة والاقتصاد في الوقت الذي عجزت الدولة اللبنانية عن إيجاد من يمولها.
ففائض السيولة في المصارف السورية يشكل نحو 15% من الاستثمارات التي قررت الحكومة استقدامها من الخارج خلال الخمسية الحادية عشرة، وستصل هذه النسبة إلى نحو 25% إذا ما استمر فائض السيولة على وتيرة الارتفاع ذاتها، فلماذا لا يتم توظيف هذه السيولة في القنوات الاستثمارية الضرورية للاقتصاد السوري بدلاً من البحث عنها أو استجدائها من المستثمرين الأجانب بتسهيلات كبيرة قد تكون مجحفة أحياناً بحق الاقتصاد الوطني، خصوصاً وأن هذه الـ15% إذا ما تم توجيهها بشكل مدروس بما يخدم الاقتصاد الوطني، فإنها ستكون قادرة على إنجاز وتحقيق تنمية اقتصادية تصل إلى 50% مقارنة بقدرة الاستثمارات الأجنبية الموعودة التي تختار هي مجالات استثمارها بما يحقق لها الأرباح المناسبة بعيداً عن الحاجة الضرورية الحالية للاقتصاد الوطني.
شام لايف