غالب
10-10-2010, 10:05 AM
يوم كنّا طيبين
(غسان عقله | )
بتنا كسوريين أكثر قناعةً بحقيقة أن رياح "التغيير" التي هبّت على سورية، في السنوات القليلة الماضية، أوشكت على تمزيق تلك "الصورة الرومانسية" اللطيفة التي كنّا نحتفظ بها في ذاكرتنا عن هذا البلد يوم كانت "البساطة" العنوان الأبرز في ثنايا تفاصيله اليومية.
لم يعد مهمّاً الآن الحديث عن متى وكيف حصلت تلك التغييرات التي طاولت مفاصل الحياة السورية، السياسية منها والاقتصادية، فقد حصلت وانتهى الأمر، المهم هو الاعتراف أن تعقيدات السياسية والاقتصاد في السنوات الأخيرة انعكست بشكل مباشر على حياتنا الاجتماعية والنفسية نحن (كمواطنين سوريين)، وما عاد ممكناً اليوم تلمّس تلك القيم الحميمية التي كانت سائدة في مجتمعنا يوم كنّا أكثر طيبة وأقل قسوة من الآن.
قد لا يدرك كثيرون مدى التغيير الذي نتحدّث عنه، فنحن تغيرنا ببطء على مدار هذه السنوات، لكن دعونا نعيد النظر في أدق تفاصيل حياتنا اليومية لنكتشف كم رمينا من القيم وراء ظهورنا حين اتخذنا قرارنا الظالم بأن نصبح أبناء هذا الزمان وشطّار وواقعيين وعصريين ومنفتحين.. إلى آخره من تسميات نحاول بها يومياً القفز فوق فشلنا بالحفاظ على ما كان يميزنا في سورية من قيم وعادات كانت تثير إعجاب العالم بأسره فينا.
اليوم؛ لم يعد من المعيب ألاّ نسمح لسيدةٍ أن تأخذ دورنا في البنك أو على الفرن، كما أصبح بإمكاننا أيضاً أن نجلس ببرودٍ على مقعدٍ في باص يزدحم بالنساء الواقفات، كل ذلك لأننا اقتنعنا أخيراً بمبدأ "المساواة بين المرأة والرجل".
اليوم؛ أصبح ممكناً تحت ذريعة الانفتاح على الآخر أن نعطي الشواذ منابر إعلامية ليقنعونا عبرها بشذوذنا نحن، ينتقدونا حيناً لأننا لا نقتنع كم هم طبيعيون، ويشتموننا أحياناً كثيرة حين نصر على رغبتنا بالحفاظ على جنسنا البشري.
باسم الحريّة وتحت شعار "لا للكبت الجنسي" أصبح انتشار ظاهرة "المساكنة" أمراً طبيعيّاً وحتى علنيّاً، بل إن أيّ انتقاد توجهه لأحد "المساكنين"، ذكراً كان أو أنثى، قد يستوجب سلّة مواقف عنيفة ضدك ملأى بتهم التعصب والتحجر والتخلف..
بات من العادي جداً أن يمر شهرٌ دون أن تجتمع الأسرة على مائدة الطعام، أو دون أن تتحدث مع بعضها البعض حتى لو كانت تعيش في منزل واحد، كل ذلك بات ممكناً طالما كانت حجتنا التي نشهرها بوجوه الآخرين: سرعة إيقاع الحياة وضغوط العمل المتزايدة.
قائمة الأمثلة على عمق التغيير الذي أصابنا كثيرة، وقائمة المسؤولين عنه تطول أكثر، كل من حولنا متهم وكله مدان، "سطل" دجاج الكنتاكي الذي تربّع بوقاحة على موائدنا مكان "طنجرة" الدجاج المسلوق متهم، بطاقة "الكريديت" وصلافتها بالتعامل معنا متهمة، سيرياتل وmtn اللتان "سهلتا علينا حياتنا" متهمتان، ونحن أيضاً متهمون، نحن الذين سمحنا بسرقة طيبتنا وبساطتنا عنوةً ونحن الذين استعضنا عنها بمجموعة شاشات ديكتاتورية (تلفاز، كومبيوتر وموبايل) لا تترك لنا وقتاً للحديث.. لا معها ولا عليها
(غسان عقله | )
بتنا كسوريين أكثر قناعةً بحقيقة أن رياح "التغيير" التي هبّت على سورية، في السنوات القليلة الماضية، أوشكت على تمزيق تلك "الصورة الرومانسية" اللطيفة التي كنّا نحتفظ بها في ذاكرتنا عن هذا البلد يوم كانت "البساطة" العنوان الأبرز في ثنايا تفاصيله اليومية.
لم يعد مهمّاً الآن الحديث عن متى وكيف حصلت تلك التغييرات التي طاولت مفاصل الحياة السورية، السياسية منها والاقتصادية، فقد حصلت وانتهى الأمر، المهم هو الاعتراف أن تعقيدات السياسية والاقتصاد في السنوات الأخيرة انعكست بشكل مباشر على حياتنا الاجتماعية والنفسية نحن (كمواطنين سوريين)، وما عاد ممكناً اليوم تلمّس تلك القيم الحميمية التي كانت سائدة في مجتمعنا يوم كنّا أكثر طيبة وأقل قسوة من الآن.
قد لا يدرك كثيرون مدى التغيير الذي نتحدّث عنه، فنحن تغيرنا ببطء على مدار هذه السنوات، لكن دعونا نعيد النظر في أدق تفاصيل حياتنا اليومية لنكتشف كم رمينا من القيم وراء ظهورنا حين اتخذنا قرارنا الظالم بأن نصبح أبناء هذا الزمان وشطّار وواقعيين وعصريين ومنفتحين.. إلى آخره من تسميات نحاول بها يومياً القفز فوق فشلنا بالحفاظ على ما كان يميزنا في سورية من قيم وعادات كانت تثير إعجاب العالم بأسره فينا.
اليوم؛ لم يعد من المعيب ألاّ نسمح لسيدةٍ أن تأخذ دورنا في البنك أو على الفرن، كما أصبح بإمكاننا أيضاً أن نجلس ببرودٍ على مقعدٍ في باص يزدحم بالنساء الواقفات، كل ذلك لأننا اقتنعنا أخيراً بمبدأ "المساواة بين المرأة والرجل".
اليوم؛ أصبح ممكناً تحت ذريعة الانفتاح على الآخر أن نعطي الشواذ منابر إعلامية ليقنعونا عبرها بشذوذنا نحن، ينتقدونا حيناً لأننا لا نقتنع كم هم طبيعيون، ويشتموننا أحياناً كثيرة حين نصر على رغبتنا بالحفاظ على جنسنا البشري.
باسم الحريّة وتحت شعار "لا للكبت الجنسي" أصبح انتشار ظاهرة "المساكنة" أمراً طبيعيّاً وحتى علنيّاً، بل إن أيّ انتقاد توجهه لأحد "المساكنين"، ذكراً كان أو أنثى، قد يستوجب سلّة مواقف عنيفة ضدك ملأى بتهم التعصب والتحجر والتخلف..
بات من العادي جداً أن يمر شهرٌ دون أن تجتمع الأسرة على مائدة الطعام، أو دون أن تتحدث مع بعضها البعض حتى لو كانت تعيش في منزل واحد، كل ذلك بات ممكناً طالما كانت حجتنا التي نشهرها بوجوه الآخرين: سرعة إيقاع الحياة وضغوط العمل المتزايدة.
قائمة الأمثلة على عمق التغيير الذي أصابنا كثيرة، وقائمة المسؤولين عنه تطول أكثر، كل من حولنا متهم وكله مدان، "سطل" دجاج الكنتاكي الذي تربّع بوقاحة على موائدنا مكان "طنجرة" الدجاج المسلوق متهم، بطاقة "الكريديت" وصلافتها بالتعامل معنا متهمة، سيرياتل وmtn اللتان "سهلتا علينا حياتنا" متهمتان، ونحن أيضاً متهمون، نحن الذين سمحنا بسرقة طيبتنا وبساطتنا عنوةً ونحن الذين استعضنا عنها بمجموعة شاشات ديكتاتورية (تلفاز، كومبيوتر وموبايل) لا تترك لنا وقتاً للحديث.. لا معها ولا عليها