البلخي
12-05-2010, 09:20 PM
فتوى الشيخ المنيع قد تصل إلى سورية... أزمة دبي كشفت حقيقة الصكوك الإسلامية
بقلم: نادر الشيخ الغنيمي (http://www.aliqtisadi.com/pages/writer.aspx?writerid=35)
منشور في العدد (85) من مجلة الإقتصادي (http://www.aliqtisadi.com/pages/Magazine.aspx?magazinid=59)
حين بدأت أزمة المال العالمية تحصد مئات المليارات من الدولارات كما تأكل النار الحطب استفاق الناس من غفلتهم ليكتشفوا أن النظام المالي العالمي بني على شفا حفرة. وبدأت التحليلات تنهال علينا من كل حدب وصوب، والذي يحزن القلب أن جميع هؤلاء الاقتصاديين تغافلوا عن هذه الحقائق البديهية منذ فترة طويلة.
ويمكن إيجاز أسباب الأزمة أنه بسبب سياسة الولايات المتحدة الأميركية النقدية وعدم ضبط آلية إصدار العملات والحفاظ على سعر فائدة منخفض جداً أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تشكّل كتلة نقدية هائلة استخدمتها البنوك وفق ما يعرف بالرافعة leverage لإقراض عشرة أضعاف ما عندها مما نشأ عنه ارتفاع حاد في أسعار العقارات تجاوز كل الحدود، ولما هوت أسعار العقارات أصبحت البنوك في وضع لا يحسد عليه، فلو تم إعادة استملاك المنازل المرهونة مقابل القروض فلن تستفيد البنوك لأن أسعار المنازل انخفضت لدرجة لا تغطي المبالغ المتبقية من الرهون العقارية، وتشكّلت كرة ثلج بدأت تكبر حتى انهارت كثير من البنوك ويكفي أن نعرف أن 133 بنكاً أفلس في أميركا هذا العام لنعرف أن الأزمة مازالت تحصد الضحايا يوماً بعد يوم.
واستطاعت الولايات المتحدة أن تفرمل مفاعيل الأزمة باكتشاف ماكان علماء الكيمياء سابقاً يبحثون عنه وهو تحويل المعادن إلى ذهب، فلجأت إلى استخدام الحبر والورق ونشأ مصطلح Print your way out of crisis الخروج من الأزمة عن طريق الطباعة. لقد ضخت أميركا مايعادل 3 تريليونات من الدولارات تماماً كما يفعل صبي الحلاب حين ينسكب منه الحليب فيغشه بالماء.
لكن ماذا حصل لمن لا يملك هذه الأدوات؟
عانت دولة إيسلندا كثيراً حين تسبّبت الفقاعة والطفرة العقارية فيها بعد أن انهارت إلى إفلاس بنوكها وحكومتها. وهنا برز المفكّرون المنظّرون للصكوك الإسلامية بممارسة حملاتهم التضليلية حين زعموا أن ما يسمّى بالصيرفة الإسلامية لا يمكن أن تقع بالأخطاء التي وقعت فيها البنوك التقليدية، وعلى العالم أن يتبع نظام الصيرفة الإسلامية ويجب تعميم فكرة الصكوك الإسلامية.
لو كانت شروط المنافسة الحرة مراعاة، لأمكن لمن يريد تفسير الأمور باحتمالاتها المنطقية مقاضاة مصدّري هذه الصكوك بتهمة التحايل لاكتساب زبائن مستغلين شعارات وهمية، لأن هذه الصكوك هي نسخة مطابقة لسندات الدين, تعتمد على فكرة الريع الثابت دون المشاركة الحقيقية في الربح أو الخسارة, ولأنها تزعم إسلاميتها فحين يتم استحقاق الدفع لا يستطيع المدين أن يؤجّلها لعدم إمكانية دفع فوائد تأخير, ولو لم تدفع أبو ظبي لإنقاذ دبي لحدثت أزمة كبيرة عصفت بالصكوك الإسلامية ومن يملكها.
ومما يُدمي القلب أن الكثيرين غفلوا عن أمر مهم, أنه لو كانت هذه الصكوك بالفعل كما يتحدثون عنها لما وقعت دبي أصلاً في أزمة، لأنه وفقاً للصكوك الإسلامية الحقيقية القائمة على الاستصناع فإن الاستحقاق لا يتوجب حتى إتمام المشروع ويتم تقييمه ويتقاسم صاحب المشروع وصاحب الصك الخسارة أو الربح. لذلك لا يندفع المرء إلى الإقراض في الاستصناع الحقيقي قبل دراسة الجدوى الاقتصادية الحقيقية. أما في حالة الريع الثابت كما هي الحال في الصكوك الحالية, فلا يهتم المرء بالجدوى الحقيقية ويجازف مثله مثل شاري سندات الدين لأنه لن يُشارك في الخسارة.
ولكن ماذا حدث في دبي؟
اضطرت شركة النخيل إلى تسديد صكوك مستحقة بمقدار 4 مليارات دولار ولم تكن المشاريع انتهت وكذلك يُدرك المقرضون أن الأصول تضاءلت بسبب انخفاض أسعار العقارات بأكثر من 50%, وأن الشركة إذا اضطرت لتسييل بعض أصولها فستضطر إلى بيعها بسعر أقل. وهذا ما حصل مع مالكي العقارات في الولايات المتحدة.
فكيف غفل العلماء عن هذا؟ تم استخدام مصطلحات إسلامية لترويج الصكوك, مثل الاستصناع والإجارة والشراكة والمرابحة وهي متجذرة في الفقه الإسلامي, فاستأنس العلماء لسماع وقعها على آذانهم وفاتهم أن يدقّقوا في جوهرها.
جرّبت شركة النخيل ما يُعانيه المواطن العادي في الاقتراض من البنك الإسلامي. فحين التعثر يستوجب الدفع لأن البنك لا يستطيع فرض فوائد على التأخير. وبما أن الفوائد مدفوعة سلفاً, فحتى لو رغب المقترض التسديد المبكر فإنه لا يستفيد لأن البنك الإسلامي لا يعيد له الفوائد التي تم دفعها سلفاً.
استطاعت دبي الاتفاق على إعادة هيكلة ديونها التقليدية، وذلك مع دفع فوائد إضافية ولكن لحفظ ماء الوجه للصكوك الإسلامية التي لا يمكن تأجيلها مقابل فوائد اضطرت أبو ظبي لدفع مستحقات صكوك شركة النخيل مقابل إصدار صكوك إسلامية جديدة.
إنّ أزمة دبي لا تفرق كثيراً عن أزمة أيسلندا, كلاهما اعتمد على فكرة التطوير العقاري والخدمات البنكية وكلاهما عانى من انهيار أسعار العقارات وهروب المستثمرين. ولكن لحسن حظ دبي أن بجوارها شقيق يمكن أن ينقذها ولكن إلى متى؟ لا أحد يعلم. فحتى الكرم له حدود، ويحتاج الأمر إلى إعادة رسم استراتيجية جديدة. وبينما عانت أيسلندا من الرهون العقارية وسندات الدين، فإن أزمة دبي كشفت أن الصكوك لها مخاطر السندات نفسها و لا عجب في ذلك فهي نسخة طبق الأصل بلباس عباءة إسلامية.
قد يظن البعض أن في ما قلناه تحاملاً على الصكوك الإسلامية، لكن لنستمع إلى من كان يؤيد هذه الصكوك إلى فترة قريبة.
فتوى
في منتصف هذا العام طالب عضو هيئة كبار العلماء في السعودية ونائب رئيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حكومة السعودية بعدم إدراج سندات الدين للتداول في السوق السعودي وطالبها بالاكتفاء بإدراج الصكوك الإسلامية ولا يشك أحداً، أن هذا كان بدافع غيرته على دينه ولكن غفل عن أمر خطير أنه روّج لمنتج مشابه ويكاد يكون صورة طبق الأصل لكنه مغطى بعباءة إسلامية وهو الصكوك الإسلامية.
وينبغي لنا أن ننوّه إلى شجاعته وإخلاصه حين نشر مقالة في جريدة الرياض بتاريخ 27/10/2009 تبرأ فيها من فتواه السابقة ووصف الصكوك بأنها صيغة ربوية مظللة بصيغة شرعية مزيفة وبدعوى إسلامية.
وشرح كيف أن إحدى الحكومات الخليجية أصدرت صكوكاً إسلامية كان هو أحد أعضاء هيئتها الشرعية "وشاركه في عضوية الهيئة عبد الستار أبو غدة والشيخ محمد تقي العثماني" على أساس شراء مرفق حكومي بمليار دولار، ثم تم وضع شرطين بأن يُباع هذا المرفق للحكومة بعد فترة بسعر الشراء نفسه، وأن يُؤجر هذا المرفق للحكومة بإيجار سنوي متغير مرتبط بمؤشر الفوائد العالمي اللايبر مثلاً libor "تماماً مثل البائع الذي يبيعك شراباً حلالاً ويحدد سعره بسعر مبيع جاره لزجاجة الويسكي" وتبرأ من فتواه بعد أن تم سحب 30 مليار دولار وفقاً لإجازته لمثل هذه الصكوك.
والمصيبة الكبرى أن إصدار الصكوك لم يتوقف على حكومات في العالم العربي والإسلامي، بل تجاوز الأمر الحد، إذ أصدرت أكثر الشركات والحكومات مثل الحكومة البريطانية وشركة GE وبنك HSBC, حتى لم يبق بنك لم يفتتح فرعاً إسلامياً أو يصدر صكوكاً إسلامية.
حسب تقديرات بنك HSBC تم إصدار ما يعادل 800 مليار دولار من الصكوك الإسلامية.
ألم يتساءل أحد أين هذه الأموال؟ وما هي المشاريع التي تتوجه إليها؟ وهل تحقق المقاصد الشرعية؟
إذا فتحت موسوعة ويكيبيديا WIKIPIDIA لتتعرف على الصكوك تجد أنه يتم نقدها على أساس أنها تحايل على فكرة الربا USURY وأنها لا تفرق شيئاً، فالغرب يعرف حقيقتها ولم يهمه ماهيتها طالما تحقق له أن يسحب الأموال بريع ثابت.
لقد أساءت الصكوك الإسلامية إلى الإسلام بطريقتين أولها أنها استغلال لعباءة الإسلام، من أجل ترويج منتجات غير إسلامية، وثانيها أنها شوّهت فكرة الاقتصاد الإسلامي الحقيقي القائم على مبدأ تنمية المجتمع من خلال تنمية المال، وأن كل قرض جر منفعة فهو ربا، وأنه لابد من المشاركة في المخاطرة من حيث الربح أو الخسارة وأنه يجب مراعاة المقاصد الشرعية.
وعلى العلماء المسلمين أن يتخذوا موقفاً حاسماً لبيان حقيقة هذه الصكوك, لأن حجم الأموال المستثمرة فيها كبير، والخطر القادم يستوجب تدخلاً لتفادي أضرارها وخاصة أنها بدأت تلقى الرواج في سورية.
بقلم: نادر الشيخ الغنيمي (http://www.aliqtisadi.com/pages/writer.aspx?writerid=35)
منشور في العدد (85) من مجلة الإقتصادي (http://www.aliqtisadi.com/pages/Magazine.aspx?magazinid=59)
حين بدأت أزمة المال العالمية تحصد مئات المليارات من الدولارات كما تأكل النار الحطب استفاق الناس من غفلتهم ليكتشفوا أن النظام المالي العالمي بني على شفا حفرة. وبدأت التحليلات تنهال علينا من كل حدب وصوب، والذي يحزن القلب أن جميع هؤلاء الاقتصاديين تغافلوا عن هذه الحقائق البديهية منذ فترة طويلة.
ويمكن إيجاز أسباب الأزمة أنه بسبب سياسة الولايات المتحدة الأميركية النقدية وعدم ضبط آلية إصدار العملات والحفاظ على سعر فائدة منخفض جداً أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تشكّل كتلة نقدية هائلة استخدمتها البنوك وفق ما يعرف بالرافعة leverage لإقراض عشرة أضعاف ما عندها مما نشأ عنه ارتفاع حاد في أسعار العقارات تجاوز كل الحدود، ولما هوت أسعار العقارات أصبحت البنوك في وضع لا يحسد عليه، فلو تم إعادة استملاك المنازل المرهونة مقابل القروض فلن تستفيد البنوك لأن أسعار المنازل انخفضت لدرجة لا تغطي المبالغ المتبقية من الرهون العقارية، وتشكّلت كرة ثلج بدأت تكبر حتى انهارت كثير من البنوك ويكفي أن نعرف أن 133 بنكاً أفلس في أميركا هذا العام لنعرف أن الأزمة مازالت تحصد الضحايا يوماً بعد يوم.
واستطاعت الولايات المتحدة أن تفرمل مفاعيل الأزمة باكتشاف ماكان علماء الكيمياء سابقاً يبحثون عنه وهو تحويل المعادن إلى ذهب، فلجأت إلى استخدام الحبر والورق ونشأ مصطلح Print your way out of crisis الخروج من الأزمة عن طريق الطباعة. لقد ضخت أميركا مايعادل 3 تريليونات من الدولارات تماماً كما يفعل صبي الحلاب حين ينسكب منه الحليب فيغشه بالماء.
لكن ماذا حصل لمن لا يملك هذه الأدوات؟
عانت دولة إيسلندا كثيراً حين تسبّبت الفقاعة والطفرة العقارية فيها بعد أن انهارت إلى إفلاس بنوكها وحكومتها. وهنا برز المفكّرون المنظّرون للصكوك الإسلامية بممارسة حملاتهم التضليلية حين زعموا أن ما يسمّى بالصيرفة الإسلامية لا يمكن أن تقع بالأخطاء التي وقعت فيها البنوك التقليدية، وعلى العالم أن يتبع نظام الصيرفة الإسلامية ويجب تعميم فكرة الصكوك الإسلامية.
لو كانت شروط المنافسة الحرة مراعاة، لأمكن لمن يريد تفسير الأمور باحتمالاتها المنطقية مقاضاة مصدّري هذه الصكوك بتهمة التحايل لاكتساب زبائن مستغلين شعارات وهمية، لأن هذه الصكوك هي نسخة مطابقة لسندات الدين, تعتمد على فكرة الريع الثابت دون المشاركة الحقيقية في الربح أو الخسارة, ولأنها تزعم إسلاميتها فحين يتم استحقاق الدفع لا يستطيع المدين أن يؤجّلها لعدم إمكانية دفع فوائد تأخير, ولو لم تدفع أبو ظبي لإنقاذ دبي لحدثت أزمة كبيرة عصفت بالصكوك الإسلامية ومن يملكها.
ومما يُدمي القلب أن الكثيرين غفلوا عن أمر مهم, أنه لو كانت هذه الصكوك بالفعل كما يتحدثون عنها لما وقعت دبي أصلاً في أزمة، لأنه وفقاً للصكوك الإسلامية الحقيقية القائمة على الاستصناع فإن الاستحقاق لا يتوجب حتى إتمام المشروع ويتم تقييمه ويتقاسم صاحب المشروع وصاحب الصك الخسارة أو الربح. لذلك لا يندفع المرء إلى الإقراض في الاستصناع الحقيقي قبل دراسة الجدوى الاقتصادية الحقيقية. أما في حالة الريع الثابت كما هي الحال في الصكوك الحالية, فلا يهتم المرء بالجدوى الحقيقية ويجازف مثله مثل شاري سندات الدين لأنه لن يُشارك في الخسارة.
ولكن ماذا حدث في دبي؟
اضطرت شركة النخيل إلى تسديد صكوك مستحقة بمقدار 4 مليارات دولار ولم تكن المشاريع انتهت وكذلك يُدرك المقرضون أن الأصول تضاءلت بسبب انخفاض أسعار العقارات بأكثر من 50%, وأن الشركة إذا اضطرت لتسييل بعض أصولها فستضطر إلى بيعها بسعر أقل. وهذا ما حصل مع مالكي العقارات في الولايات المتحدة.
فكيف غفل العلماء عن هذا؟ تم استخدام مصطلحات إسلامية لترويج الصكوك, مثل الاستصناع والإجارة والشراكة والمرابحة وهي متجذرة في الفقه الإسلامي, فاستأنس العلماء لسماع وقعها على آذانهم وفاتهم أن يدقّقوا في جوهرها.
جرّبت شركة النخيل ما يُعانيه المواطن العادي في الاقتراض من البنك الإسلامي. فحين التعثر يستوجب الدفع لأن البنك لا يستطيع فرض فوائد على التأخير. وبما أن الفوائد مدفوعة سلفاً, فحتى لو رغب المقترض التسديد المبكر فإنه لا يستفيد لأن البنك الإسلامي لا يعيد له الفوائد التي تم دفعها سلفاً.
استطاعت دبي الاتفاق على إعادة هيكلة ديونها التقليدية، وذلك مع دفع فوائد إضافية ولكن لحفظ ماء الوجه للصكوك الإسلامية التي لا يمكن تأجيلها مقابل فوائد اضطرت أبو ظبي لدفع مستحقات صكوك شركة النخيل مقابل إصدار صكوك إسلامية جديدة.
إنّ أزمة دبي لا تفرق كثيراً عن أزمة أيسلندا, كلاهما اعتمد على فكرة التطوير العقاري والخدمات البنكية وكلاهما عانى من انهيار أسعار العقارات وهروب المستثمرين. ولكن لحسن حظ دبي أن بجوارها شقيق يمكن أن ينقذها ولكن إلى متى؟ لا أحد يعلم. فحتى الكرم له حدود، ويحتاج الأمر إلى إعادة رسم استراتيجية جديدة. وبينما عانت أيسلندا من الرهون العقارية وسندات الدين، فإن أزمة دبي كشفت أن الصكوك لها مخاطر السندات نفسها و لا عجب في ذلك فهي نسخة طبق الأصل بلباس عباءة إسلامية.
قد يظن البعض أن في ما قلناه تحاملاً على الصكوك الإسلامية، لكن لنستمع إلى من كان يؤيد هذه الصكوك إلى فترة قريبة.
فتوى
في منتصف هذا العام طالب عضو هيئة كبار العلماء في السعودية ونائب رئيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حكومة السعودية بعدم إدراج سندات الدين للتداول في السوق السعودي وطالبها بالاكتفاء بإدراج الصكوك الإسلامية ولا يشك أحداً، أن هذا كان بدافع غيرته على دينه ولكن غفل عن أمر خطير أنه روّج لمنتج مشابه ويكاد يكون صورة طبق الأصل لكنه مغطى بعباءة إسلامية وهو الصكوك الإسلامية.
وينبغي لنا أن ننوّه إلى شجاعته وإخلاصه حين نشر مقالة في جريدة الرياض بتاريخ 27/10/2009 تبرأ فيها من فتواه السابقة ووصف الصكوك بأنها صيغة ربوية مظللة بصيغة شرعية مزيفة وبدعوى إسلامية.
وشرح كيف أن إحدى الحكومات الخليجية أصدرت صكوكاً إسلامية كان هو أحد أعضاء هيئتها الشرعية "وشاركه في عضوية الهيئة عبد الستار أبو غدة والشيخ محمد تقي العثماني" على أساس شراء مرفق حكومي بمليار دولار، ثم تم وضع شرطين بأن يُباع هذا المرفق للحكومة بعد فترة بسعر الشراء نفسه، وأن يُؤجر هذا المرفق للحكومة بإيجار سنوي متغير مرتبط بمؤشر الفوائد العالمي اللايبر مثلاً libor "تماماً مثل البائع الذي يبيعك شراباً حلالاً ويحدد سعره بسعر مبيع جاره لزجاجة الويسكي" وتبرأ من فتواه بعد أن تم سحب 30 مليار دولار وفقاً لإجازته لمثل هذه الصكوك.
والمصيبة الكبرى أن إصدار الصكوك لم يتوقف على حكومات في العالم العربي والإسلامي، بل تجاوز الأمر الحد، إذ أصدرت أكثر الشركات والحكومات مثل الحكومة البريطانية وشركة GE وبنك HSBC, حتى لم يبق بنك لم يفتتح فرعاً إسلامياً أو يصدر صكوكاً إسلامية.
حسب تقديرات بنك HSBC تم إصدار ما يعادل 800 مليار دولار من الصكوك الإسلامية.
ألم يتساءل أحد أين هذه الأموال؟ وما هي المشاريع التي تتوجه إليها؟ وهل تحقق المقاصد الشرعية؟
إذا فتحت موسوعة ويكيبيديا WIKIPIDIA لتتعرف على الصكوك تجد أنه يتم نقدها على أساس أنها تحايل على فكرة الربا USURY وأنها لا تفرق شيئاً، فالغرب يعرف حقيقتها ولم يهمه ماهيتها طالما تحقق له أن يسحب الأموال بريع ثابت.
لقد أساءت الصكوك الإسلامية إلى الإسلام بطريقتين أولها أنها استغلال لعباءة الإسلام، من أجل ترويج منتجات غير إسلامية، وثانيها أنها شوّهت فكرة الاقتصاد الإسلامي الحقيقي القائم على مبدأ تنمية المجتمع من خلال تنمية المال، وأن كل قرض جر منفعة فهو ربا، وأنه لابد من المشاركة في المخاطرة من حيث الربح أو الخسارة وأنه يجب مراعاة المقاصد الشرعية.
وعلى العلماء المسلمين أن يتخذوا موقفاً حاسماً لبيان حقيقة هذه الصكوك, لأن حجم الأموال المستثمرة فيها كبير، والخطر القادم يستوجب تدخلاً لتفادي أضرارها وخاصة أنها بدأت تلقى الرواج في سورية.