المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وتريات


غسان
19-03-2014, 03:20 PM
بقلم علي محمد أبو الحسن
فُسْحَة

" الصَّمتُ طريقاً للصَّحو - مقاربة "

الثلاثاء 3 جمادى الأولي 1435 هـ الموافق 4 مارس 2014 م

شغلني التّقابل بين [ قل خيراً ] أو [ اصمت ] التي وردت عنه صلى الله عليه و سلم ، و وافق ذلك أني كنت أقرأ كتاب " الميزياء " للمفكر الأستاذ حسن عجمي ، فاستوقفني كلام له عن الصمت يقول فيه ص 66 : " الصمت إفراغُ الكلام ، و تزداد جودة الصمت مع زيادة جودة الكلام و العكس ، لذا الصمتُ كلامٌ كامن ، و الكلام صمتٌ منطوق " و دفعني هذا إلى أهمية قيامي بتأهيل مفاهيمي حول [ الصمت ] .
و لما شرعت في رحلة تعلّم [ الصمت ] مفاهيمياً قبل أن أمارسه سلوكياً ، واجهتني مفارقات مضحكة كشفت لي عن حجم ثرثرتي ، و اكتشفت كم كنت " فَماً " و ليس لي من لغة سوى ما نطق به لساني !! و تبيّن لي كم قارفت لغو القول ، و أنّ ممّا يعزّز ذلك رِتم واقعنا الذي يُقدِّس السرعة و يُكَدِّس المشغولية و يستوطنه الضجيج حدَّ الإلهاء ، و أخذت أتلمّس هل من الطبيعي أن يشرع المرء جاهداً ليتعلّم " الصمت " رغبة منه في العودة إلى استرداد معاني السِّلم النفسي من تؤدةٍ و سكونٍ و سكينةٍ و تلطفٍ !.
و كان مما تفاجأت له كثيراً أنّ " صمتي " خديج لم يكتمل ، بل ُمكتهل ! لكوني لم أُحرِّر معناه كي يسهل عليّ تمثُّله ، و عرفت أنّ ما أمارسه على أنّه صمت لا يرقى لمستوى الـ"صمت" و أنه محاولة ، أو فلنقل " سكوت مخادع " في هيئة " صمت " و معركتي ها هنا قائمة مع التخلّص من نقيض الصمت وهو [ السكوت ] فالسُّكوت علامة الحجب عن هِبَة اختيار التّخلّق بنواتج الحكمة المرتّبة على " الصمت " و أذكر ها هنا قول الأديب سميح القاسم : [ كُلُّ سكوتٍ كلامٌ بذيء ] !! فالمهمّة الأولى هي التّفريق بين الصّمت و السّكوت .
و ما زلت لم أهتدي لـ[ صمتي ] بَعْدُ ، فالصَّمت في حقيقته عند من قاربوه " لغة المسافات " و " الإصغاء للمجهول " و " التنازل عن حديث اللسان " و " اتِّساع الرؤية في الفراغ " و " تحرير القلب من الصوت " و كبريات المعاني الجليلة التي تعني أن الصمت حال تحقّقه يرقِّيك إلى مستوى انضباط [ آن الكلمة ] و [ ميزانها ] .
أن تكون صامتاً فهذا يعني أنّ " مرآتك مصقولة " من الكُدُورات اللفظية و التلوّث السمعي و التّلوّك الفَمِي ، وأنّك " فصيحٌ " بغير لسان ؛ و الدّخول في حالة [ الصمت ] يعني أنك مسترسلٌ في التّساؤل الذي يحملك على اليقظة ، لذا من حين بدأتُ في فهم الصمت طرأت لي هذه الأسئلة :
- ألكَ من صمتك وطن تأوي إليه ؟
- هل تعرفت لغات صمتك ، و أتقنت التكلم بها ؟
- هل حصل و أن طالعتَ صمتك صفحة صفحة ، و قلّبت دفتره ؟
- هل حصل و أن ضبطت نفسك مُتلبساً بصمتك ؟
- هل جرّبت أن يكون لك من صمتك محبرة تكتب منها بقلم لا مرئي ؟
- هل ضيعت طريقك إلى صمتك ، و طريق عودتك إليه ؟
- هل لصمتك قاموسه الذي تُحيل عليه إذا خُوطبت أو خاطبت ؟
- ألك في الصمت مجالسة و مسامرة ؟
و هكذا هو الصّمتُ في بحبوحته ، يقيمك على فسحةٍ من النُّضج الذي يكسو كلامك بكسوةٍ من المعاني الوافرة التي تجعل القول قولاً لا تقوُّلاً ، و الكلمة احترافاً لا تحريفاً ، و المنطقَ أكثر من كونه نطقاً ، و الفَمَ بوابة قدسيّة

غسان
19-03-2014, 03:30 PM
بقلم علي محمد ابو الحسن

مديون عاطفيّاً

احذر فـ" كُلُّ ما ليس مرئيّاً يحفرُ [ في ] الخَفَاء " واسيني الأعرج

السبت 14 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 15 مارس 2014 م

شاع منذ سنوات وجود ما يسمّى بـ( محامي الإفلاس ) الذي يساعد الشخص المتعثِّر بالدّيون للخروج من حالة الغرق في الدين إلى التّصفير المالي ، و هناك منظمات تمويلية خلُوقة تقوم بعمل مبادرات لـ( الحمية من الدُّيون) و تساعد الناس على تعليم مبادئ ( الترشيد المالي ) في الإنفاق ، و غير ذلك من الحراك المجتمعي لفكّ الاختناقات المعيشية المعاصرة ، و على كُلّ حال ليس هذا موضوع مقالي ! إلا أنني أحببت الإشارة إلى هذا من باب فرصة التذكير .
تبدأ علاقتي بمصطلح ( الدَّين العاطفي ) من خلال قراءتي لكتاب ( المرونة العاطفية ) للطبيب النفسي المتخصص في رفع مستوى ( الكفاءة العاطفية ) و الدارس للعواطف البشرية و دائرة الشعور الدكتور ديفيد فيسكوت و الذي أثراني طرحه في إطالة الوقوف مع نفسي طويلاً !! و أخليت ساحتي من الشواغل و وسّعت ( الحيّز الخاص ) بي لأقوم بفحص ديوني العاطفية و تتبع تأثيراتها عليّ ، و ما زلت في سياق ذلك إلا أنني أحببت أن أتشارك معكم إلماحات جوهرية عن هذا الموضوع الحسّاس ، فإليكم هذه الخلاصة :
- " عندما لا يتمّ التعبير عن شعور ما يَخلقُ هذا حالة من التوتر ، تسمى هذه الحالة (التوتر العاطفي) و الذي يعني ضغط الشعور المكبوت ، و يطلق عليها أيضا حالة ( كتمان المشاعر ) " صـ 9
- " المرض العاطفي هو مرض ( تخزين ) في الحقيقة " صـ 10
- " تنطلق إشكاليات هذا التوتر من ( سمُّيّة الحنين إلى الماضي ) فمقدار المشاعر المخزّنة في الدّين العاطفي يحدّد الحجم الممكن للحنين السام للماضي ، فهذا الحنين الضار إلى الماضي يكون الواجهة التي تبرز من خلالها المشاعر المكبوتة " صـ 11
- " من وقت لآخر يقع أيٌّ منّا في شَرَك بعض مشاعر الماضي المتزعزعة التي تقتحم علينا الحاضر ، وحين تبقى أوجاع الماضي مضطربة و لا تستطيع الوصول لسلام مع نفسك و ما حولك ، فإن حياتك تبدو مكرّرة ، و تنجرف بسهولة نحو الأمزجة المعتلّة ، و هذا الاقتحام للماضي لحاضرك هو الحنين السام ، و هو الذي يقيد حريتك على التصرف المتّزن ، و يَهشِم قدرتك على التعافي العاطفي ؛ لأن المشاعر القديمة حين تستثار فإنها تربكك و تبقيك في قبضتها فتتهاوى ثقتك ، و يصبح من الصعب عليك العمل وفق اختياراتك " صـ 14
- " عندما تتورّط في دَين عاطفي تكون في معاناة دائمة ، لأن المشاعر القلقة تحيا داخلك ؛ حينها تأكّد أنك تعاني ( حملاً عاطفيّاً ) تظهر آثاره فجأة و غالبا ما تبدو مبالغاً فيها ، فيقوّض ظهورها وانفجارها احترام المرء لذاته ، و هذا أمرٌ مفهوم لأنه يترافق عندها القلق و الجرح النفسي بأحاسيس مادية تؤدي إلى تشوّه ذاتي يدفع صاحب الدَّين العاطفي على الفور إلى إخفاء الجرح الجديد حين يقع فيضيف ثقلاً جديداً ، و ينتج هذا مخاوف متزايدة " صـ 20
- " من الشائع حين تكون في دين عاطفي أن تسعى المشاعر المدفونة لفرصة ظهور من خلال الالتحاق بالإعلان عن جرحٍ حالي ، و هذا يقود إلى تضخيم الحالة و الانزواء أكثر خلف الهواجس ، في دورة لا تنتهي من اللوم الذاتي و التبرير الضار و الشعور بقلة الحيلة " صـ 21
- " إن الحنين للماضي يمكن أن يأتي في عدّة صور ، من بينها نوبات القلق ، و التقلبات المزاجية و الحزن المثبّط ، و الاستجابات العاطفية غير المناسبة ، و التحيّزات ، و لعب دور الضحية ، و التّصلّب ، و المبالغة ، و إفراط الحساسية ، و سوء التصوّر الأوّلي ، و إيجاد السلبي في المواقف الإيجابية ، و غيرها من أعمال التدمير الذاتي و الدخول في دوامة ( المنطق الاتهامي ) " صـ 24
ختاماً اسمحوا لي أن أختم هذه العجالة بكلمتين رائعتين للمؤلف يقول فيهما صـ 12 " أنت حكيم حياتك الحقيقي " و يقول في صـ 22 " عندما يتهاوى تقديرك لذاتك تتنامى شكوكك "

غسان
20-03-2014, 12:58 PM
الهدف هو الانصات الى انواع جديدة من الكتابة قد تلامس روحا متعبة
والتعرف على صيغ مختلفة من طرائق التعبير
اي الاطلاع دونما ضرورة الاتباع او حتى الاقتناع

غسان
20-03-2014, 01:35 PM
علي محمد أبو الحسن
" أرخِي "

لمسة لإحياء الأفعال المتكررة

الأربعاء 5 ربيع الآخر 1435هـ الموافق 5 فبراير 2014 م

تضحكني طريقتنا في الاسترخاء و تطلّب الرّاحة ، و أعجب من مفهوم [ الاستراحة ] في مجتمعاتنا ، و أشعر بثِقَل ضريبة غياب الرُّشد التّصوّري عن ما هو استرخاء على الحقيقة ؛ فما دمنا نسترخي و لا بد فلا مانع من تطوير وعينا حول أهمية [ الاسترخاء ] من خلال ما قاله أهل الاختصاص فيما يسمى بـ[ أبعاد ما وراء التطبيقات الجسمية ] و أرجو ألا يظنّ أنّ هذا نوع من ممارسة التعقيد ، و إنما هو رغبة في إضافة [ اللمسة ] لأفعالنا المتكرّرة يومياً .
كتيب بحجم الكف في أقل من 70 صفحة بعنوان [ الاسترخاء ضد جحيم الركض اليومي - وعياً بأنفسنا ] للباحث وأخصائي العلاج بالاسترخاء منذ 25 سنة ، والعضو الفاعل بجمعيات تكوين وعلاج الاسترخاء الحيوي والروحي حول العالم جان - دمنيك لارمي ، حيث يشرح لنا آفاقاً جوهرية لممارسة الاسترخاء ، إضافة إلى تأصيل مجموعة من القناعات المحورية لمستويات الممارسة ، فيتحدث مثلا عن كيف تكون حواسنا الخمس في كامل الوعي ، يقول صـ 35 : ” الوعي الذي نُوليه إلى أشياء الحياة ولجسمنا عن طريق حواسنا يُتيح لنا أن نعيش بأكثر تمامية كل لحظة ” .
و يُجلِّي لنا لارمي كيف يُساهم الإسترخاء في أن نمتلك نظرة جديدة عن أنفسنا والأشياء من حولنا ؟ فيقول صـ 37 :” يبدأ هذا بترك العالم المُحيط يدخل فينا كما لو كنا حديثي العهد في كل ثانية ، لنترك الأشياء على مختلف أنواعها والكائنات تصلنا دون أحكام مسبقة مع بهجة الاكتشاف ، ومع تعجب الطفل والغبطة والإنبهار ” .
و يلفتنا إلى ملحظ دقيق ، فيقول صـ 40 : ” عُوا بما حولكم ولا تهتموا بالإسترخاء ، وليس المهم التمرين بل الحالة الذهنية ، يعني وعينا بأنفسنا ووعينا بالعالم من حولنا ” و يسترسل فيشرح 12 نصيحة محورية للنجاح في كل أنواع الإسترخاء ومستوياته .
و في صـ 64 يُؤكِّد على أهمية عُمق تجربة الاسترخاء ، فيقول : ” هنا نتعلم الإنتقال من الانتباه إلى التعلم وهو فن يُسمى [ الحوسسة ] ويعني الاقتراب اللامتناهي بالوعي ، وكيف نستخدم أجسامنا للرسو ، وتسهيل الحوار الباطني مع ذاتنا أثناء ذلك ، ليُمكننا الإهتداء إلى أجوبة شخصية عن تساؤلاتنا الوجودية في الحياة ” .
إذا .. الدعوة للاسترخاء من هذا المنظور تعني التمكن من خفض التوتّر ، و الذي يعني عَوْدَةَ منظومة ما إلى حالة توازن ، و ذلك من خلال التأثيرات النافعة للإستراحة على تسيير أفكارنا و ردود أفعالنا العاطفية أو الإنفعالية ، وأن قيمة الاسترخاء تكمن في تنظيم توتّرنا السـوي الجـسمي و العــاطفي و النفساني ، و الذي يساعدنا على تحديد موضعنا في الحياة ، بالارتباط مع جسمنا و الجزء الروحي من كياننا.
هذا الكتاب ما هو إلا كما وصفه الخبراء [ وثيقة ] لثورة روحية الاسترخاء ، التي تؤكد أن الجسد مظهر من مظاهر الروح في جثمانية ، و أن الجسد كما قال الأديب جبران " قيثارة النفس " .
و عليه فليس كُلُّ استرخاء استرخاء !! و ما يؤكّد ذلك أننا لا نزال تحت وطأة اشتداد العيش داخل القبضة المحمومة المنهكة لجحيم الركض اليومي ، و كم هو تحدٍّ كبير إرخاء هذه القبضة ، لنستردّ تدفّقنا و استرسالنا الطبيعي و كأننا نتناغم مع إيقاع الوجود من حولنا ، و هذا ما أسمّيه [ استعادة الهَرْمَنَة ] هَرْمَنَة التناغمية و الاتّساق و كأننا نسيم صباح و نفحة عبير و سحابة ظلال و انسياب قطرة و ندى وردة و سقسقة عصفور و حفيف ورقة شجرة ، في صورة وادعةٍ من خلقٍ كلما وقفت له استنطقك تسبيحاً .