ArcadA
30-01-2010, 04:33 AM
الإدارة بالأهداف
الاقتصاد المزدهر هو أحد مقوّمات نجاح وقوة الأمة.. والصناعة هي قاطرة الاقتصاد (الأرقام من أمريكا – البلد المهووس بالإحصاءات -: كل وظيفة بمجال التصنيع تفرز 2،5 وظيفة في قطاع الخدمات، ومدخول العاملين بالتصنيع أعلى بـ20% وسطياً مقارنةً بالقطاعات الأخرى، 70% من صادرات أمريكا للعالم هي سلع مصنعة)...
وإذا تابعنا هذا النقاش المنطقي المتسلسل نجد أنّ أهم مشكلات الإداري في بلدنا هي إيجاد اليد العاملة، وتدريبها، ومن ثم إدارتها (من الطريف أنها تأتي في استبيان دولي - في تعداد صعوبات الاستعداد لتصنيع سلع أو تقديم الخدمات - قبل نواقص البنى التحتية، وصعوبة الحصول على تراخيص، والضرائب ورسوم الجمارك الخ..).
وهنالك نظريات لاحصر لها لإدارة العناصر في مؤسسة ما (يمكن أن نضيف لها «خصوصيتنا السورية» وتتلخص بإدارة الحجي – وهي خليط من مزاج وحدس وحبتين عواطف..-)!!!
سأكتفي باستعراض نظريتين؛
الأولى X&Y
طرحها دوغلاس ماكريجور في ستينات القرن الماضي، ونص النظرية بسيط للغاية: تعرض النظرية نهايتي الطيف، حيث X تعتبر العامل مجبولاً على الكسل، لا يحب العمل، يجب القيام بضبطه وإلاّ «ضاعت الطاسة»، ويجب إبقاء سيف العقوبة مسلطاً عليه..
أما Y فهي على العكس من ذلك تماماً ؛ تعتبر العامل يستمتع بأداء واجبه، وهو مكرّسٌ لعمله، ومتابعٌ لشؤونه دون تدخل.
ومن الواضح أنّ كلاً منهما مبالغ في تقديراته..
- الثانية Z
تحوي بين طياتها الروح التعاونية Co Operational، وقد نشرها في نهاية السبعينات الياباني وليام أوشي، والذي ضمنها النظرية الآسيوية في الطاعة للإدارة، وفيها يعتبر الوظيفة التزاماً طوال العمر، وبها وسائل لحل مشكلات العمل، وبناء الإجماع على القرارات التي يتم اتخاذها ومن ثم تنفيذها..
لعل غرس القيم التي يقوم بها أسلوب الإدارة الياباني هو الذي جعلها سائدةً حتى في دول الغرب، وجعل عمالقة الشركات الغربية تستعين بمديرين يابانيين بعقود باهظة كالتي نسمع عنها للاعبي كرة القدم الدوليين..
وهذا التطعيم في الإدارة انتشل بعض الشركات الأمريكية من محنتها، ووطد ضمنها معايير الجودة الكلية Total Quality Management- TQM والتي أضحت نظاماً سائداً بدل أن يهتم العامل فقط بالإنتاج، ويكرّس مسؤول الجودة وقته لمراقبة تطبيق المعايير في السلعة / الخدمة المقدّمة، صار الكل مراقباً للجودة في عملية الإنتاج..
تعلمون تلك الطرفة عن المدير الجديد الذي استلم إدارة مؤسسة ما، وسلمه المدير القديم ثلاثة مغلفات قائلاً: إنها تعينه في نوائب عمله، ويجب عدم استعمالها إلاّ وقت الأزمات.. بعيد فترة عانى من مشكلة ففتح الأول؛ إذ به نصيحة «ألق باللوم على سلفك بالإدارة»، وهكذا كان؛ وزالت المشكلة..
جاءت بعدها أزمة كبيرة فتح لديها المغلف الثاني، وجد فيه «أعد هيكلة المؤسسة»، وقد قام بذلك، وبذا انقشعت غيوم الأزمة..
أخيراً ألمت كارثة ماحقة بالمؤسسة، هرع صاحبنا للمغلف الثالث والأخير، فوجد الجملة المربكة التالية «حضر المغلفات الثلاثة لخلفك»!!!
لا ننسى في خضمّ التقييم الملموس، الجانب الإنساني والروحي من الأمور، فيروى عن سيدنا عمر أنه كان يزور من يبغي استخدامه للولاية – في بيته- ولما وجد في أحدهم غلظة مع طفل له، عدل عن تعيينه...
يروى في السياق نفسه من الغرب عن طفلٍ استقبل أباه المدير لدى عودته من العمل متعباً وسأله كم يكسب بالساعة، فأجابه بغضب «هذا ليس من شؤونك»، فلما أصرّ الصغير.. أجابه الأب «50 دولاراً بالساعة»، هنا طلب الطفل أن يستدين 25 دولاراً فردّه الأب بخشونة «أنا أتعب كي تنفق بأنانية النقود على ألعابك التافهة!! اذهب إلى سريرك..»، ذهب الطفل في استخذاء وصمت، وبعيد ساعة خف غضب الأب فذهب لتفقد طفله، ويعطيه النقود.. هنا سحب الطفل 25 دولاراً أخرى من تحت وسادته، وأضافها للأخرى وطلب من والده أن يأتي في الغد مبكراً ليجلس معه ساعة قبل العشاء... هنا شعر الأب بانسحاق بين ضلوعه، وضم ابنه له طالباً المغفرة..
هذا يذكرنا بأنّ كافة النظريات بجمودها لا تعادل لحظة إنسانية واحدة مع من تعمل/ تعيش معهم... (أليس واجب المدير أبويّاً تجاه مرؤوسيه؟؟)...
ختاماً إنّ أهم مؤشر لنجاح تنفيذ إحدى النظريات أو المزيج منها هو النتائج القابلة للقياس (فما لا يمكن قياسه، لا يمكن تقييمه)، وهذا ما بدأ القطاع العام بتطبيقه مؤخراً ويدعى الإدارة بالأهداف Management By Objectives – MOB حيث التعويل على النتائج المحسوسة؛ وليس على الشعارات أو حتى أصدق النيات الحسنة...
الاقتصاد المزدهر هو أحد مقوّمات نجاح وقوة الأمة.. والصناعة هي قاطرة الاقتصاد (الأرقام من أمريكا – البلد المهووس بالإحصاءات -: كل وظيفة بمجال التصنيع تفرز 2،5 وظيفة في قطاع الخدمات، ومدخول العاملين بالتصنيع أعلى بـ20% وسطياً مقارنةً بالقطاعات الأخرى، 70% من صادرات أمريكا للعالم هي سلع مصنعة)...
وإذا تابعنا هذا النقاش المنطقي المتسلسل نجد أنّ أهم مشكلات الإداري في بلدنا هي إيجاد اليد العاملة، وتدريبها، ومن ثم إدارتها (من الطريف أنها تأتي في استبيان دولي - في تعداد صعوبات الاستعداد لتصنيع سلع أو تقديم الخدمات - قبل نواقص البنى التحتية، وصعوبة الحصول على تراخيص، والضرائب ورسوم الجمارك الخ..).
وهنالك نظريات لاحصر لها لإدارة العناصر في مؤسسة ما (يمكن أن نضيف لها «خصوصيتنا السورية» وتتلخص بإدارة الحجي – وهي خليط من مزاج وحدس وحبتين عواطف..-)!!!
سأكتفي باستعراض نظريتين؛
الأولى X&Y
طرحها دوغلاس ماكريجور في ستينات القرن الماضي، ونص النظرية بسيط للغاية: تعرض النظرية نهايتي الطيف، حيث X تعتبر العامل مجبولاً على الكسل، لا يحب العمل، يجب القيام بضبطه وإلاّ «ضاعت الطاسة»، ويجب إبقاء سيف العقوبة مسلطاً عليه..
أما Y فهي على العكس من ذلك تماماً ؛ تعتبر العامل يستمتع بأداء واجبه، وهو مكرّسٌ لعمله، ومتابعٌ لشؤونه دون تدخل.
ومن الواضح أنّ كلاً منهما مبالغ في تقديراته..
- الثانية Z
تحوي بين طياتها الروح التعاونية Co Operational، وقد نشرها في نهاية السبعينات الياباني وليام أوشي، والذي ضمنها النظرية الآسيوية في الطاعة للإدارة، وفيها يعتبر الوظيفة التزاماً طوال العمر، وبها وسائل لحل مشكلات العمل، وبناء الإجماع على القرارات التي يتم اتخاذها ومن ثم تنفيذها..
لعل غرس القيم التي يقوم بها أسلوب الإدارة الياباني هو الذي جعلها سائدةً حتى في دول الغرب، وجعل عمالقة الشركات الغربية تستعين بمديرين يابانيين بعقود باهظة كالتي نسمع عنها للاعبي كرة القدم الدوليين..
وهذا التطعيم في الإدارة انتشل بعض الشركات الأمريكية من محنتها، ووطد ضمنها معايير الجودة الكلية Total Quality Management- TQM والتي أضحت نظاماً سائداً بدل أن يهتم العامل فقط بالإنتاج، ويكرّس مسؤول الجودة وقته لمراقبة تطبيق المعايير في السلعة / الخدمة المقدّمة، صار الكل مراقباً للجودة في عملية الإنتاج..
تعلمون تلك الطرفة عن المدير الجديد الذي استلم إدارة مؤسسة ما، وسلمه المدير القديم ثلاثة مغلفات قائلاً: إنها تعينه في نوائب عمله، ويجب عدم استعمالها إلاّ وقت الأزمات.. بعيد فترة عانى من مشكلة ففتح الأول؛ إذ به نصيحة «ألق باللوم على سلفك بالإدارة»، وهكذا كان؛ وزالت المشكلة..
جاءت بعدها أزمة كبيرة فتح لديها المغلف الثاني، وجد فيه «أعد هيكلة المؤسسة»، وقد قام بذلك، وبذا انقشعت غيوم الأزمة..
أخيراً ألمت كارثة ماحقة بالمؤسسة، هرع صاحبنا للمغلف الثالث والأخير، فوجد الجملة المربكة التالية «حضر المغلفات الثلاثة لخلفك»!!!
لا ننسى في خضمّ التقييم الملموس، الجانب الإنساني والروحي من الأمور، فيروى عن سيدنا عمر أنه كان يزور من يبغي استخدامه للولاية – في بيته- ولما وجد في أحدهم غلظة مع طفل له، عدل عن تعيينه...
يروى في السياق نفسه من الغرب عن طفلٍ استقبل أباه المدير لدى عودته من العمل متعباً وسأله كم يكسب بالساعة، فأجابه بغضب «هذا ليس من شؤونك»، فلما أصرّ الصغير.. أجابه الأب «50 دولاراً بالساعة»، هنا طلب الطفل أن يستدين 25 دولاراً فردّه الأب بخشونة «أنا أتعب كي تنفق بأنانية النقود على ألعابك التافهة!! اذهب إلى سريرك..»، ذهب الطفل في استخذاء وصمت، وبعيد ساعة خف غضب الأب فذهب لتفقد طفله، ويعطيه النقود.. هنا سحب الطفل 25 دولاراً أخرى من تحت وسادته، وأضافها للأخرى وطلب من والده أن يأتي في الغد مبكراً ليجلس معه ساعة قبل العشاء... هنا شعر الأب بانسحاق بين ضلوعه، وضم ابنه له طالباً المغفرة..
هذا يذكرنا بأنّ كافة النظريات بجمودها لا تعادل لحظة إنسانية واحدة مع من تعمل/ تعيش معهم... (أليس واجب المدير أبويّاً تجاه مرؤوسيه؟؟)...
ختاماً إنّ أهم مؤشر لنجاح تنفيذ إحدى النظريات أو المزيج منها هو النتائج القابلة للقياس (فما لا يمكن قياسه، لا يمكن تقييمه)، وهذا ما بدأ القطاع العام بتطبيقه مؤخراً ويدعى الإدارة بالأهداف Management By Objectives – MOB حيث التعويل على النتائج المحسوسة؛ وليس على الشعارات أو حتى أصدق النيات الحسنة...