ArcadA
22-01-2010, 12:59 AM
«بردى» «الشرق» «سيرونكس» الغائبون
( دراسة كاملة )
منذ السبعينات وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، كان من النادر أن يخلو منزل سوري من المنتجين الوطنيين؛ براد «بردى» وتلفاز «سيرونيكس»، وكانت منتجات أخرى حال بسكوت وألبان «الشرق» ماركة معروفة ومتداولة، ومازالت مرتبطة بذاكرة العديد حتى تاريخه. لتتحوَّل اليوم هذه المنتجات إلى إطلالة في دفتر ذكريات وزارة .
الصناعة، التي تطرح قطاعاتها الصناعية تباعاً للاستثمار تحت مبرّر الخسارة المتكرِّرة، وانفتاح الأسواق وإغراقها بالمنتجات المثيلة، وانعدام القدرة التنافسية.
طبعاً، المسألة ليست مسألة منافسة، لجهة أنَّ هذه المنتجات كانت منافسة وتستطيع الاستمرار، بدليل إبقاء شركة «الشرق» على خط إنتاج البيرة الرابح والمنافس بقوة، رغم توافر المنتجات المثيلة؛ ما يعني وجود أسباب أخرى، أهمها رغبة القيمين على الصناعة الوطنية، في طرح هذه القطاعات للاستثمار وخصخصتها، وتحقيق راحة البال؟!.
¶رصاصة الرحمة :v9v9net_074:
جاء قرار وزارة الصناعة بعد دراسة قامت بها مديرية تخطيطها، بإيقاف خطي إنتاج شركة «الشرق» (ألبان وبسكويت الشرق)، على قاعدة عدم وجود جدوى اقتصادية من استمرارهما، وتحوُّلهما إلى عبء ثقيل على الشركة التي استطاعت تحقيق توازن لسنوات طويلة من خلال معادلة الربح في مكان والخسارة في مكان آخر. في حين أكَّدت وزارة الصناعة أنَّ شركة «بردى» لاتزال قائمة، وخطوط إنتاجها تعمل، خلاف إدارة الشركة التي أكَّدت من خلال ضبابية أجوبتها وعزوفها عن تقديم الأرقام، أنَّ الشركة تترنَّح، وهي قاب قوسين بين رصاصة الرحمة والتوقُّف عن الإنتاج، وبين طرحها للاستثمار، مبيِّنة أنَّ السبب الرئيس في ما آلت إليه حال الشركة، هو المنافسة القوية التي تتعرَّض لها في الأسواق المحلية، وعدم وجود منافذ بيع خارجية، إلا أنَّ مؤشرات أرض الواقع تفضي إلى تخلُّف منتجات الشركة، تقنياً وفنياً وجمالياً، عن باقي المنتجات المثيلة، حيث لم يطلها التطوير والتحديث منذ بداية إطلاقها كمنتج؛ لا في خطوط إنتاجها، ولا جودة منتجها؛ ما جعلها خارج لعبة الأسواق.. وخارج حسابات المستهلك الذي تعدَّدت الخيارات أمامه.
¶ عقلية تسويقية :0069:
سرَّ لي صديق يعمل على خطوط إنتاج شركة «سيرونيكس»، أنَّ إنتاج الشركة منذ خمس سنوات كان يصل إلى حوالي 600 جهاز في اليوم الواحد، وبعد هذه السنوات الطويلة من الخبرة والعراقة، أصبح إنتاج الشركة حوالي 50 جهازاً في اليوم الواحد، مع لحظ تكدُّس الإنتاج في المستودعات وعدم قدرة الشركة على بيع الخمسين جهازاً؛ حصيلة إنتاجها اليومي، بسبب ضياع الأسواق المحلية المغرقة بأنواع مثيلة منافسة من حيث الجودة والسعر، وعدم وجود عقود تصدير وبيع خارجي.
وعليه، أصبحت حصيلة العمل اليومي الفعلي للعامل في شركة «سيرونيكس» قرابة النصف ساعة يومياً، ومن بعدها يتَّجه عمال خطوط الإنتاج إلى تناول وجبات الطعام وشرب المتة والتسلية، ومنهم مَن يصعد إلى الطوابق العليا للنوم بعد أن تحوَّلت طاولات التطبيق الصناعي إلى أسرَّة نوم، حال صديقنا الذي يعمل طوال الليل ويخلد للنوم في شركة «سيرونيكس» من الساعة العاشرة وحتى نهاية الدوام. وبعد كلِّ ما تقدَّم، هل المشكلة في موظف القطاع الحكومي الذي تراجعت حوافزه، وندرت مكافآته وأصابه الملل والعجز الفكري والانتاجي، أم المشكلة في المُنتج والأسواق، أم في خطوط الإنتاج والتقانة.. قد تكون المشكلة في كلِّ ذلك، ولكنها تعتبر مشكلات ثانوية في حال المقارنة بين القطاع الصناعي الخاص، والقطاع الصناعي العام، الوطنيين، لنجد الفرق في العقلية الاقتصادية والمؤسساتية، وتمتُّع الخاص بالديناميكية والمقدرة على المناورة، واختلاق الفرص والاستفادة من الطاقات البشرية، واستثمار أدقِّ المقومات المحيطة. إذاً، تتبلور المشكلة في العقلية الإدارية للقطاع الصناعي العام؟!.
¶ التطوير :005:
هناك العديد من الشركات الإنتاجية، حال «بردى»، لم يطلها التحديث والتطوير منذ سبعينات القرن الماضي، فكلُّ شيء في الشركة بقي على حاله؛ من خطوط الإنتاج، إلى المعدات والتقانة، والمواد الخام، وطريقة التسويق والعرض، مروراً بنوعية المنتج وجودته وميزاته وشكله؛ وقد باتت هذه الأمور بمجملها عبئاً ثقيلاً على المنتج، وأحد أسباب كساده. وأما السبب، فهو كما المضحك المبكي؛ لجهة أنَّ هذه الشركات التي تبلغ تكلفتها مليارات الليرات السورية لاتوجد فيها مكاتب تصميم ودراسات لتطوير مواصفات وميزات منتجها، بحيث يغدو منتجاً سلعياً منافساً، يقول غسان طيارة، وزير الصناعة الأسبق: «شركة بردى متخلّفة في أمرين؛ التسويق والتطوير والتصميم الجيد، ففي العام 1983 كنت في المجلس الأعلى للتخطيط، وقتها طرح وزير الصناعة بأن يأخذوا براءة اختراع صناعي من إحدى الشركات العالمية العريقة في صناعة البرادات، وطلبت حينها أن يتمَّ إحداث مكاتب تصميم ودراسات في شركاتنا لإنتاج أفضل البرادات، ورغم إعجاب الحكومة بالطرحين، إلا أنه لم يتم العمل بهما. واستمرَّ إنتاج البراد بأشكال متخلّفة، تبعه تخلُّف الإمكانات تباعاً؛ الأمر الذي أوصلها إلى هذه النهاية، فهذه الشركة وغيرها من الشركات الأخرى لن يكتب لها الاستمرار إن لم يكن هناك قسم متخصِّص بالتصميم والتطوير، ولا أدري أسباب إسقاط هذا المكتب من حساب الشركات الإنتاجية». ويتابع طيارة: «تحتاج شركة برادات بردى إلى 300 مليون ليرة كحدٍّ أدنى، وبقرض طويل الأمد. ويجب أن ينشأ مكتب متميِّز للتصميم يقوم بوضع تصاميم منافسة للبرادات وفق مواصفات عالمية. إذاً، يجب أن ترصد أموال واعتمادات كافية لهذه الشركات».
¶ 45 مليوناً.. الأرباح ug3;
يقول مدير شركة «الشرق»، المهندس ناصر حنينو: «بلغت أرباحنا السنوية من البيرة للعام 2008، بعد المنافسة التي فرضت خفض الأسعار، وتقليص هامش الربح، بحدود 45 مليون ليرة سورية، وانخفض الرقم في العام 2009، نتيجة وضع الشركة ككل.. والدراسات التي تمَّت نية تطوير الأنشطة الإنتاجية الخاسرة، بيَّنت أنَّ الأمر يتطلَّب استثمارات كبيرة جداً، فعمر جهاز تعقيم الحليب 59 عاماً، واستبداله يكلِّف قرابة 150 مليون ليرة، ومع التوجيهات التي تنصُّ على عدم الاستثمار في القطاعات الخاسرة، كان الحلُّ في إيقاف النشاطين الخاسرين. والبحث عن كيفية الحفاظ على هذا القطاع وتضمينه مقومات الحياة من خلال البحث عن منتجات بديلة».
¶ الإنقاذ ممكن cr
يبقى السؤال المهم: هل هناك إمكانية لتطوير هذه الشركات وتحويلها إلى رابحة؟.. يقول الهندس طيارة: «لكلِّ شركة من هذه الشركات مشكلة.. فمثلاً شركة «الشرق» معاملها قديمة جداً، و»بردى» أيضاً.. لكن بشكل عام، معظم شركاتنا تفتقد الخبرة التسويقية؛ فخلال الفترة السابقة كان التسويق مقتصراً على مؤسسات الدولة مثل الاستهلاكية وغيرها، أما الآن فشراء المؤسسات الاستهلاكية من مواقع مختلفة ممكن، وما يهمُّها هو أن تربح، لذلك أصبح عالة عليها أن تتعاقد مع بعض المؤسسات الإنتاجية العامة، لتسويق منتجاتها، حيث يرتبط التسويق مباشرة بعناصر الجودة والشكل، وكيفية التعامل مع الزبون، ومعظم هذه العناصر تفتقدها شركاتنا.. إلا أنَّ هذه المشكلات ليست الوحيدة، بدليل سماح الدولة لشركة الإسمنت بالقيام بعمليات بيع مباشرة للمستهلك، وهنا هرعت الشركة للاستعانة بالوكلاء لشراء بضاعتها، ومن ثم بيعها للمستهلك، علماً بأنَّ الإسمنت مادة مطلوبة ووحيدة لا تحتاج إلى وكلاء، والمواطن يجب أن يذهب إلى الشركة مباشرة لشراء الاسمنت، خلاف شركة «تاميكو» مثلاً التي تحتاج إلى مسوِّقين نتيجة تعدُّد أصنافها؛ ما يعني أنَّ التسويق قد أصبح بعيداً عن عقول المديرين العامين، مع تأكيدي على أنَّ لكلِّ شركة ظروفها التي قد تساعدها لتصبح رابحة وبإمكانات مادية محدودة. والسؤال: هل يمكن أن تتطوَّر هذه الشركات دون أن تنفق المال؟، أعتقد أنَّ الإنفاق مطلوب، والسرعة في العمل مطلوبة، فالشركات تحتاج إلى قوانين فنية وتسويقية وجودة، وسبر ما يحتاج إليه المستهلك. ومن دون الحديث عن التسويق والتصميم والجودة، من الصعب إنقاذ القطاع العام.. مع الإشارة إلى أنَّ الآلات القديمة قادرة على أن تصنع وأن تربح».
¶ شركة «الشرق».. تبحث عن مقومات استمرارها :v9v9net_102:
يقول مدير شركة «بردى»، المهندس حنينو: «لشركة بردى ثلاثة نشاطات إنتاجية (البيرة، البسكويت، الألبان)، وكان نشاطا البسكويت والألبان يعرِّضانها لخسائر كبيرة، يغطّيها هامش ربح منتج البيرة، ولكن الموقف تبدَّل كلياً؛ فخلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحديداً بعد تواضع قدرة مؤسسة المباقر على تلبية احتياجاتنا، وارتفاع أسعار الحليب، زادت خسائرنا في خطوط إنتاج البسكويت والألبان، أضف إليها عوامل قدم الآلات والتجهيزات؛ ما حرمنا من المقدرة التنافسية في الأسواق الداخلية. مجمل هذه الأسباب لم تكن عاملاً مباشراً في اتخاذ قرار إيقاف هذين الخطين، إنما أيضاً دخول كميات كبيرة مخالفة من البيرة المستوردة، وضع منتجنا أمام منافسة كبيرة منته بخسائر كبيرة، وباتت تؤثِّر سلباً في قدرة البيرة على تغطية خسائر الخطوط الإنتاجية الأخرى للشركة، حيث بلغت الخسائر المالية لكلِّ خط إنتاجي 20 مليوناً سنوياً؛ ما دفع الوزارة من خلال مديرية تخطيطها إلى إجراء دراسة اقتصادية، وعلى ضوئها كان هناك قرار بوقف نشاطي الألبان والبسكويت».
( دراسة كاملة )
منذ السبعينات وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، كان من النادر أن يخلو منزل سوري من المنتجين الوطنيين؛ براد «بردى» وتلفاز «سيرونيكس»، وكانت منتجات أخرى حال بسكوت وألبان «الشرق» ماركة معروفة ومتداولة، ومازالت مرتبطة بذاكرة العديد حتى تاريخه. لتتحوَّل اليوم هذه المنتجات إلى إطلالة في دفتر ذكريات وزارة .
الصناعة، التي تطرح قطاعاتها الصناعية تباعاً للاستثمار تحت مبرّر الخسارة المتكرِّرة، وانفتاح الأسواق وإغراقها بالمنتجات المثيلة، وانعدام القدرة التنافسية.
طبعاً، المسألة ليست مسألة منافسة، لجهة أنَّ هذه المنتجات كانت منافسة وتستطيع الاستمرار، بدليل إبقاء شركة «الشرق» على خط إنتاج البيرة الرابح والمنافس بقوة، رغم توافر المنتجات المثيلة؛ ما يعني وجود أسباب أخرى، أهمها رغبة القيمين على الصناعة الوطنية، في طرح هذه القطاعات للاستثمار وخصخصتها، وتحقيق راحة البال؟!.
¶رصاصة الرحمة :v9v9net_074:
جاء قرار وزارة الصناعة بعد دراسة قامت بها مديرية تخطيطها، بإيقاف خطي إنتاج شركة «الشرق» (ألبان وبسكويت الشرق)، على قاعدة عدم وجود جدوى اقتصادية من استمرارهما، وتحوُّلهما إلى عبء ثقيل على الشركة التي استطاعت تحقيق توازن لسنوات طويلة من خلال معادلة الربح في مكان والخسارة في مكان آخر. في حين أكَّدت وزارة الصناعة أنَّ شركة «بردى» لاتزال قائمة، وخطوط إنتاجها تعمل، خلاف إدارة الشركة التي أكَّدت من خلال ضبابية أجوبتها وعزوفها عن تقديم الأرقام، أنَّ الشركة تترنَّح، وهي قاب قوسين بين رصاصة الرحمة والتوقُّف عن الإنتاج، وبين طرحها للاستثمار، مبيِّنة أنَّ السبب الرئيس في ما آلت إليه حال الشركة، هو المنافسة القوية التي تتعرَّض لها في الأسواق المحلية، وعدم وجود منافذ بيع خارجية، إلا أنَّ مؤشرات أرض الواقع تفضي إلى تخلُّف منتجات الشركة، تقنياً وفنياً وجمالياً، عن باقي المنتجات المثيلة، حيث لم يطلها التطوير والتحديث منذ بداية إطلاقها كمنتج؛ لا في خطوط إنتاجها، ولا جودة منتجها؛ ما جعلها خارج لعبة الأسواق.. وخارج حسابات المستهلك الذي تعدَّدت الخيارات أمامه.
¶ عقلية تسويقية :0069:
سرَّ لي صديق يعمل على خطوط إنتاج شركة «سيرونيكس»، أنَّ إنتاج الشركة منذ خمس سنوات كان يصل إلى حوالي 600 جهاز في اليوم الواحد، وبعد هذه السنوات الطويلة من الخبرة والعراقة، أصبح إنتاج الشركة حوالي 50 جهازاً في اليوم الواحد، مع لحظ تكدُّس الإنتاج في المستودعات وعدم قدرة الشركة على بيع الخمسين جهازاً؛ حصيلة إنتاجها اليومي، بسبب ضياع الأسواق المحلية المغرقة بأنواع مثيلة منافسة من حيث الجودة والسعر، وعدم وجود عقود تصدير وبيع خارجي.
وعليه، أصبحت حصيلة العمل اليومي الفعلي للعامل في شركة «سيرونيكس» قرابة النصف ساعة يومياً، ومن بعدها يتَّجه عمال خطوط الإنتاج إلى تناول وجبات الطعام وشرب المتة والتسلية، ومنهم مَن يصعد إلى الطوابق العليا للنوم بعد أن تحوَّلت طاولات التطبيق الصناعي إلى أسرَّة نوم، حال صديقنا الذي يعمل طوال الليل ويخلد للنوم في شركة «سيرونيكس» من الساعة العاشرة وحتى نهاية الدوام. وبعد كلِّ ما تقدَّم، هل المشكلة في موظف القطاع الحكومي الذي تراجعت حوافزه، وندرت مكافآته وأصابه الملل والعجز الفكري والانتاجي، أم المشكلة في المُنتج والأسواق، أم في خطوط الإنتاج والتقانة.. قد تكون المشكلة في كلِّ ذلك، ولكنها تعتبر مشكلات ثانوية في حال المقارنة بين القطاع الصناعي الخاص، والقطاع الصناعي العام، الوطنيين، لنجد الفرق في العقلية الاقتصادية والمؤسساتية، وتمتُّع الخاص بالديناميكية والمقدرة على المناورة، واختلاق الفرص والاستفادة من الطاقات البشرية، واستثمار أدقِّ المقومات المحيطة. إذاً، تتبلور المشكلة في العقلية الإدارية للقطاع الصناعي العام؟!.
¶ التطوير :005:
هناك العديد من الشركات الإنتاجية، حال «بردى»، لم يطلها التحديث والتطوير منذ سبعينات القرن الماضي، فكلُّ شيء في الشركة بقي على حاله؛ من خطوط الإنتاج، إلى المعدات والتقانة، والمواد الخام، وطريقة التسويق والعرض، مروراً بنوعية المنتج وجودته وميزاته وشكله؛ وقد باتت هذه الأمور بمجملها عبئاً ثقيلاً على المنتج، وأحد أسباب كساده. وأما السبب، فهو كما المضحك المبكي؛ لجهة أنَّ هذه الشركات التي تبلغ تكلفتها مليارات الليرات السورية لاتوجد فيها مكاتب تصميم ودراسات لتطوير مواصفات وميزات منتجها، بحيث يغدو منتجاً سلعياً منافساً، يقول غسان طيارة، وزير الصناعة الأسبق: «شركة بردى متخلّفة في أمرين؛ التسويق والتطوير والتصميم الجيد، ففي العام 1983 كنت في المجلس الأعلى للتخطيط، وقتها طرح وزير الصناعة بأن يأخذوا براءة اختراع صناعي من إحدى الشركات العالمية العريقة في صناعة البرادات، وطلبت حينها أن يتمَّ إحداث مكاتب تصميم ودراسات في شركاتنا لإنتاج أفضل البرادات، ورغم إعجاب الحكومة بالطرحين، إلا أنه لم يتم العمل بهما. واستمرَّ إنتاج البراد بأشكال متخلّفة، تبعه تخلُّف الإمكانات تباعاً؛ الأمر الذي أوصلها إلى هذه النهاية، فهذه الشركة وغيرها من الشركات الأخرى لن يكتب لها الاستمرار إن لم يكن هناك قسم متخصِّص بالتصميم والتطوير، ولا أدري أسباب إسقاط هذا المكتب من حساب الشركات الإنتاجية». ويتابع طيارة: «تحتاج شركة برادات بردى إلى 300 مليون ليرة كحدٍّ أدنى، وبقرض طويل الأمد. ويجب أن ينشأ مكتب متميِّز للتصميم يقوم بوضع تصاميم منافسة للبرادات وفق مواصفات عالمية. إذاً، يجب أن ترصد أموال واعتمادات كافية لهذه الشركات».
¶ 45 مليوناً.. الأرباح ug3;
يقول مدير شركة «الشرق»، المهندس ناصر حنينو: «بلغت أرباحنا السنوية من البيرة للعام 2008، بعد المنافسة التي فرضت خفض الأسعار، وتقليص هامش الربح، بحدود 45 مليون ليرة سورية، وانخفض الرقم في العام 2009، نتيجة وضع الشركة ككل.. والدراسات التي تمَّت نية تطوير الأنشطة الإنتاجية الخاسرة، بيَّنت أنَّ الأمر يتطلَّب استثمارات كبيرة جداً، فعمر جهاز تعقيم الحليب 59 عاماً، واستبداله يكلِّف قرابة 150 مليون ليرة، ومع التوجيهات التي تنصُّ على عدم الاستثمار في القطاعات الخاسرة، كان الحلُّ في إيقاف النشاطين الخاسرين. والبحث عن كيفية الحفاظ على هذا القطاع وتضمينه مقومات الحياة من خلال البحث عن منتجات بديلة».
¶ الإنقاذ ممكن cr
يبقى السؤال المهم: هل هناك إمكانية لتطوير هذه الشركات وتحويلها إلى رابحة؟.. يقول الهندس طيارة: «لكلِّ شركة من هذه الشركات مشكلة.. فمثلاً شركة «الشرق» معاملها قديمة جداً، و»بردى» أيضاً.. لكن بشكل عام، معظم شركاتنا تفتقد الخبرة التسويقية؛ فخلال الفترة السابقة كان التسويق مقتصراً على مؤسسات الدولة مثل الاستهلاكية وغيرها، أما الآن فشراء المؤسسات الاستهلاكية من مواقع مختلفة ممكن، وما يهمُّها هو أن تربح، لذلك أصبح عالة عليها أن تتعاقد مع بعض المؤسسات الإنتاجية العامة، لتسويق منتجاتها، حيث يرتبط التسويق مباشرة بعناصر الجودة والشكل، وكيفية التعامل مع الزبون، ومعظم هذه العناصر تفتقدها شركاتنا.. إلا أنَّ هذه المشكلات ليست الوحيدة، بدليل سماح الدولة لشركة الإسمنت بالقيام بعمليات بيع مباشرة للمستهلك، وهنا هرعت الشركة للاستعانة بالوكلاء لشراء بضاعتها، ومن ثم بيعها للمستهلك، علماً بأنَّ الإسمنت مادة مطلوبة ووحيدة لا تحتاج إلى وكلاء، والمواطن يجب أن يذهب إلى الشركة مباشرة لشراء الاسمنت، خلاف شركة «تاميكو» مثلاً التي تحتاج إلى مسوِّقين نتيجة تعدُّد أصنافها؛ ما يعني أنَّ التسويق قد أصبح بعيداً عن عقول المديرين العامين، مع تأكيدي على أنَّ لكلِّ شركة ظروفها التي قد تساعدها لتصبح رابحة وبإمكانات مادية محدودة. والسؤال: هل يمكن أن تتطوَّر هذه الشركات دون أن تنفق المال؟، أعتقد أنَّ الإنفاق مطلوب، والسرعة في العمل مطلوبة، فالشركات تحتاج إلى قوانين فنية وتسويقية وجودة، وسبر ما يحتاج إليه المستهلك. ومن دون الحديث عن التسويق والتصميم والجودة، من الصعب إنقاذ القطاع العام.. مع الإشارة إلى أنَّ الآلات القديمة قادرة على أن تصنع وأن تربح».
¶ شركة «الشرق».. تبحث عن مقومات استمرارها :v9v9net_102:
يقول مدير شركة «بردى»، المهندس حنينو: «لشركة بردى ثلاثة نشاطات إنتاجية (البيرة، البسكويت، الألبان)، وكان نشاطا البسكويت والألبان يعرِّضانها لخسائر كبيرة، يغطّيها هامش ربح منتج البيرة، ولكن الموقف تبدَّل كلياً؛ فخلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحديداً بعد تواضع قدرة مؤسسة المباقر على تلبية احتياجاتنا، وارتفاع أسعار الحليب، زادت خسائرنا في خطوط إنتاج البسكويت والألبان، أضف إليها عوامل قدم الآلات والتجهيزات؛ ما حرمنا من المقدرة التنافسية في الأسواق الداخلية. مجمل هذه الأسباب لم تكن عاملاً مباشراً في اتخاذ قرار إيقاف هذين الخطين، إنما أيضاً دخول كميات كبيرة مخالفة من البيرة المستوردة، وضع منتجنا أمام منافسة كبيرة منته بخسائر كبيرة، وباتت تؤثِّر سلباً في قدرة البيرة على تغطية خسائر الخطوط الإنتاجية الأخرى للشركة، حيث بلغت الخسائر المالية لكلِّ خط إنتاجي 20 مليوناً سنوياً؛ ما دفع الوزارة من خلال مديرية تخطيطها إلى إجراء دراسة اقتصادية، وعلى ضوئها كان هناك قرار بوقف نشاطي الألبان والبسكويت».