abu mhd
18-02-2013, 01:01 PM
قال الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:6].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لاَ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا فَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟» [رواه أبو داود وأحمد].
كثرت في أيَّام الأزمة -التي نرجو الله كشفها- الأيادي الممدودة إلى الخير، وتنوعت جهات العطاء والبر، ومع هذه الكثرة والتنوع والتعدد رأيت أُناساً يتعفَّفُون عن السؤال مع حاجتهم إليه، ويترفعون عن الأخذ مع اضطرارهم له، غيرَ أنَّ أقواماً آخرين مدوا أيديهم وهم غيرُ محتاجين، ووقفوا على أبواب الجمعيات الخيرية وهم غيرُ مضطرين، وربَّما سألوا الناس وعندهم مايكفيهم.
لذلك أحببت أن أحدثكم عن حكم سؤال الناس، وعن حكم من أُعطي من غيرِ مسألة.
أولاً- حكم سؤال النَّاس: يرد على سؤال الناس: الحرمة، والجواز، والوجوب.
أمَّا الحُرمة: فهي الأصل في سؤال الناس، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (حرَّم الشرع السّؤال على من يملك ما يغنيه من مالٍ أو قدرةٍ على التّكسّب، سواءٌ كان ما يسألُه زكاةً أو تطوّعاً أو كفّارةً، ولا يحلّ له أخذ ذلك إن أعطي بالسُّؤال أو إظهار الفاقة، فلو أظهر الفاقة وظنّه الدّافع متّصفاً بها لم يملك ما أخذه، لأنّه قبضه من غير رضا صاحبه، إذ لم يسمح له إلا على ظنّ الفاقة. لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ، أَوْ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ» [رواه أبو دواد والترمذي]) ا.هـ.
وأمَّا الجواز: فمن كان محتاجاً إلى الصَّدقة، وممَّن يستحقّونها لفقرٍ أو زَمانةٍ، أو عجزٍ عن الكسب فيجوز له السُّؤال بقدر الحاجة، وبشرط أن لايذلَّ نفسه، وأن لايؤذي المسؤول. فإن أذل نفسه أو آذى المسؤول بإلحاحٍ أو إحراجٍ، لم تجز له المسألة وأخذ الصّدقة وإن كان محتاجاً إليها، وحَرُمَ أخذُها، ووجب ردُّها إلَّا إذا كان مضطرّاً بحيث يخشى الهلاك إن لم يأخذ الصَّدقة.
ومثّل العلماء للمحتاج: بالمريض الذي يحتاج إلى دواءٍ لا يخلو عن خوفٍ إذا لم يستعمله، وكمن له جبةٌ لا قميص تحتها في الشتاء، وهو يتأذى بالبرد تأذياً لا ينتهي إلى حدِّ الضرورة، وكذلك من يسأل لأجل الكراءِ وهو قادر على المشي بمشقة.
أما الوجوب: فمن خاف هلاكاً وكان عاجزاً عن التكسب وجب عليه السُّؤال، فإن ترك السُّؤال في هذه الحالة حتّى مات أثم لأنَّه ألقى بنفسه إلى التَّهلكة، والسُّؤال في هذه الحالة في مقام التَّكسُّب، لأنَّها الوسيلة المتعيِّنة لإبقاء النَّفس، ولا ذلَّ فيها للضَّرورة، والضَّرورة تبيح المحظورات كأكل الميتة.
ثانياً- حكم من أُعطي من غير مسألةٍ:
من أُعطي شيئاً من غير مسألةٍ ولا تطلعٍ إليه جاز له قبوله إن كان من غير الزكاة؛ لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن عمر رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعطني العَطَاءَ، فأقول: أعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَر إليه مِني، فقال: «خُذْهُ، وَإِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، فَإِنْ شِئْتَ كُلْهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا لَا فَلا تُتْبِعْةُ نَفْسَك»، قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسألُ أحداً شيئاً، ولا يرُدّ شيئا أعْطِيَهُ.
قال النووي رحمه الله: (إذا عُرض عليه مالٌ من حلالٍ على وجهٍ يجوز أخذه، ولم يكن مِنْهُ مسألةٌ ولا تطلعٍ إليه، جاز أخذه بلا كراهةٍ، ولا يجب). وقال القرطبي: (إن جاءه شيءٌ من غير سؤالٍ فله أن يقبله ولا يرده، إذ هو رزق رزقه الله).
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
والحمد لله رب العالمين
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لاَ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا فَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟» [رواه أبو داود وأحمد].
كثرت في أيَّام الأزمة -التي نرجو الله كشفها- الأيادي الممدودة إلى الخير، وتنوعت جهات العطاء والبر، ومع هذه الكثرة والتنوع والتعدد رأيت أُناساً يتعفَّفُون عن السؤال مع حاجتهم إليه، ويترفعون عن الأخذ مع اضطرارهم له، غيرَ أنَّ أقواماً آخرين مدوا أيديهم وهم غيرُ محتاجين، ووقفوا على أبواب الجمعيات الخيرية وهم غيرُ مضطرين، وربَّما سألوا الناس وعندهم مايكفيهم.
لذلك أحببت أن أحدثكم عن حكم سؤال الناس، وعن حكم من أُعطي من غيرِ مسألة.
أولاً- حكم سؤال النَّاس: يرد على سؤال الناس: الحرمة، والجواز، والوجوب.
أمَّا الحُرمة: فهي الأصل في سؤال الناس، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (حرَّم الشرع السّؤال على من يملك ما يغنيه من مالٍ أو قدرةٍ على التّكسّب، سواءٌ كان ما يسألُه زكاةً أو تطوّعاً أو كفّارةً، ولا يحلّ له أخذ ذلك إن أعطي بالسُّؤال أو إظهار الفاقة، فلو أظهر الفاقة وظنّه الدّافع متّصفاً بها لم يملك ما أخذه، لأنّه قبضه من غير رضا صاحبه، إذ لم يسمح له إلا على ظنّ الفاقة. لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ، أَوْ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ» [رواه أبو دواد والترمذي]) ا.هـ.
وأمَّا الجواز: فمن كان محتاجاً إلى الصَّدقة، وممَّن يستحقّونها لفقرٍ أو زَمانةٍ، أو عجزٍ عن الكسب فيجوز له السُّؤال بقدر الحاجة، وبشرط أن لايذلَّ نفسه، وأن لايؤذي المسؤول. فإن أذل نفسه أو آذى المسؤول بإلحاحٍ أو إحراجٍ، لم تجز له المسألة وأخذ الصّدقة وإن كان محتاجاً إليها، وحَرُمَ أخذُها، ووجب ردُّها إلَّا إذا كان مضطرّاً بحيث يخشى الهلاك إن لم يأخذ الصَّدقة.
ومثّل العلماء للمحتاج: بالمريض الذي يحتاج إلى دواءٍ لا يخلو عن خوفٍ إذا لم يستعمله، وكمن له جبةٌ لا قميص تحتها في الشتاء، وهو يتأذى بالبرد تأذياً لا ينتهي إلى حدِّ الضرورة، وكذلك من يسأل لأجل الكراءِ وهو قادر على المشي بمشقة.
أما الوجوب: فمن خاف هلاكاً وكان عاجزاً عن التكسب وجب عليه السُّؤال، فإن ترك السُّؤال في هذه الحالة حتّى مات أثم لأنَّه ألقى بنفسه إلى التَّهلكة، والسُّؤال في هذه الحالة في مقام التَّكسُّب، لأنَّها الوسيلة المتعيِّنة لإبقاء النَّفس، ولا ذلَّ فيها للضَّرورة، والضَّرورة تبيح المحظورات كأكل الميتة.
ثانياً- حكم من أُعطي من غير مسألةٍ:
من أُعطي شيئاً من غير مسألةٍ ولا تطلعٍ إليه جاز له قبوله إن كان من غير الزكاة؛ لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن عمر رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعطني العَطَاءَ، فأقول: أعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَر إليه مِني، فقال: «خُذْهُ، وَإِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، فَإِنْ شِئْتَ كُلْهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا لَا فَلا تُتْبِعْةُ نَفْسَك»، قال سالم بن عبد الله: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسألُ أحداً شيئاً، ولا يرُدّ شيئا أعْطِيَهُ.
قال النووي رحمه الله: (إذا عُرض عليه مالٌ من حلالٍ على وجهٍ يجوز أخذه، ولم يكن مِنْهُ مسألةٌ ولا تطلعٍ إليه، جاز أخذه بلا كراهةٍ، ولا يجب). وقال القرطبي: (إن جاءه شيءٌ من غير سؤالٍ فله أن يقبله ولا يرده، إذ هو رزق رزقه الله).
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
والحمد لله رب العالمين