المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شكراً لسيول جدة بقلم جمال بنون


Speculator
01-12-2009, 03:54 PM
شكراً للمطر!!
جمال بنون
http://www.hafr-albatin.com/upme/hafralbatin2506a23fcc.jpg
جزى الله الشدائد التي جعلتني أعرف العدو من الصديق... وجزى الله الأمطار التي كشفت لنا عورة المشاريع المنفذة، وقصص ألف ليلة وليلة من حكايات البنية التحتية الوهمية وهشاشتها... هكذا يقول سكان مدينة جدة. فيكفي أن المدينة تعيش طوال العام مشكلات متعددة، من تلوث بيئي وحفريات تملأ الشوارع، وطرقات مزدحمة، فضلاً عن تدني مستوى الخدمات البلدية، وتأخر تنفيذ المشاريع، إضافة إلى مشكلات في المطار وخدمات النقل الجوي والميناء التجاري ووسائل النقل. إن أهالي جدة ينسون هذه المشكلات والهموم، أمام التصريحات الصحافية للمسئولين والوزراء حينما يتحدثون عن مدينة جدة ومستقبلها، وكأنها بالفعل ستتحول إلى مدينة تشبه مدناً عالمية مثل نيويورك أو لندن أو حتى دبي. هذا الكلام يسمعه أهالي جدة منذ نحو 30 عاماً، وفي كل يوم يستيقظ سكان هذه المدينة الحالمة على أنها ستدخل موسوعة المدن العالمية أو تفوز بجائزة مميزة، لكنهم اكتشفوا أن جدة حصدت مراكز متقدمة في مجال التلوث البيئي وسوء التخطيط العمراني، وعدم وجود مخططات لذوي الدخل المحدود، وعشوائية الأحياء، وفقدان الهوية الرسمية لمدينتهم، إن بصفتها مدينة اقتصادية أو سياحية، أو حتى بوابة للحرمين الشريفين.
مع كل ذلك بقي أهالي جدة يسايرون وضعهم، على رغم التمدد العمراني واتساع رقعة المدينة وزيادة عدد سكانها، إلا أن الشيء الوحيد الذي ينغص حياتهم ويقلب المواجع ويفتح الملفات القديمة، هي الأمطار التي تزور المدينة في فترات متقطعة، عندها يتساءل السكان عن الخطط والاستراتيجيات والمشاريع التي سمعوا أو قرأوا عنها، أو حتى تلك التي صدح بها بعض المسئولين، وكأنة يتعامل مع مجموعة من المكفوفين والمعاقين.
الأربعاء الأسود لمدينة جدة هو بالفعل صورة سوداء، فقد غيّرت الأمطار وجه جدة، من كان يتصور أن طريق الحرمين، وهو الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، يتحول إلى منظر بشع مرعب يكشر عن أنيابه ويخطف الأرواح ويلحق الضرر بكثير من الممتلكات؟ لقد شاهدت بنفسي مساء الأربعاء الأضرار التي لحقت بممتلكات الناس وقصمت أرواحهم، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة وأن يعوض ذويهم خيراً.
طابور طويل من السيارات والشاحنات اصطدمت بعضها ببعض، وسيارات جرفتها السيول من شرق جدة تجاه الخط السريع، فيما كان الناس في حي غليل والنزلة اليمانية وأحياء كيلو 14 و10 مغمورين بالأمطار وخرجوا إلى الشارع بحثاً عن مكان ينامون فيه، استغربت جداً لنفق طريق الملك عبدالله في اتجاه الغرب، الذي افتتح حديثاً وقد غمرته المياه إلى أعلى، وعلقت فيه حافلة وسيارات أخرى، وهالتني جسور وطرق تهدمت.
الحادثة مهما وصفناها لا يمكن الوصول إلى حقيقتها المطلقة، نظراً لبشاعة المنظر، وأيضاً لأن كثيرين لم يكونوا يتوقعون أن يشاهدوا هذه الحوادث قبل أسابيع من فرحة أمين محافظة جدة بإعلان خططه المستقبلية، والحقيقة أن كل ما سمعناه منذ 30 عاماً فقط خطط واستراتيجيات طويلة المدى لم نرَ شيئاً يتحقق على ارض الواقع.
تعالوا من دون مجاملة نتحاسب، استحلفكم بالله... أنا واحد من الصحافيين الذين حضروا توقيع عقود مشاريع تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي في مدينتي جدة ومكة المكرمة قبل أكثر من 25 عاماً وفي كل مرة كنت أكتب أرقاماً خيالية، وكنا نكتب ما يقال عن مشاريع وأشياء تفرح الناس، كان المسؤول يتحدث عن قرب انتهاء المشكلة، المشاريع كثيرة، تعليمية، صحية، خيرية، خدمات نقل ومواصلات.
لكن الأمطار كشفت عورة المشاريع الوهمية الهشة، هل يمكن أن تخبروني عن المقاول الذي نفذ مشروع طريق الملك عبدالله الذي كلف أكثر من 600 مليون ريال لم يراعِ فيه مشروع تصريف مياه أمطار الجسور الجديدة؟ هل نُفذت المشاريع بمعايير عالية الجودة والمواصفات أم أنها هشة؟ مشروع الصرف الصحي الذي أرهق سياراتنا من الحفريات، كم بقي وكيف نُفذ؟ لا أحد يعلم شيئاً! وكأنها معلومات عسكرية سرية.
الكل يتحدث عن المستقبل، فهل نبقى فقط نتحدث؟ لن نرى شيئاً على أرض الواقع، إلى هذا الحد لا يوجد تنسيق بين أجهزة الأرصاد والجهات الحكومية الأخرى من دفاع مدني وهلال الأحمر. لماذا لم تبادر الجهات المعنية إلى تجهيز مخيمات للمتضررين في الأحياء الشعبية؟ الجواب أننا لا نزال مبتدئين في إدارة الأزمات.
أمطار جدة تفتح ملف الثواب والعقاب، وتفتح ملف مكافحة الفساد الإداري الذي دعا إليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز والقيادة الرشيدة، من المهم جداً أن نفتح ملف الحساب والمكاشفة والتحقيق عن المسؤول عما وصلت إليه حال جدة من سوء خدمات خصوصاً وتحديداً ما حدث نتيجة الأمطار. وأكاد أجزم بأن الأرقام المعلنة أقل بكثير مما رأيته وشاهدته.
الحقيقة أن انتقال الخدمات إلى المشاعر المقدسة لخدمة الحجيج أسهم كثيراً في فقدان الخدمة للمتضررين، سواء من حيث توفر آليات الدفاع المدني أو الأجهزة الأمنية وكذلك فرق النظافة وعمالها، ولم تتعامل الجهات المعنية بحزم وشدة مع تداعيات الأمطار، فالأشخاص الذين تضرروا بسحب السيول لسياراتهم أو خرجوا من منازلهم، يستغلهم بعض ضعاف النفوس بسرقة محتويات سياراتهم أو المنازل التي تركوها، وكان من المفترض أن توفر الأجهزة الأمنية أفراداً يحمون هذه الأماكن من السرقة أو العبث ببيوت الناس واستغلال الظرف السيئ.
من المهم جداً محاسبة المقصرين في أداء الواجب، وأيضاً تعويض من خسروا جراء الأمطار سواء في الأرواح أو الممتلكات.
يمر عيد الأضحى اليوم على أهالي جدة وقد اكتسى اللون الأسود... في انتظار ما تسفر عنه التحقيقات.

* جمال بنونإعلامي وكاتب اقتصادي

خالد الحاج
02-12-2009, 09:08 PM
شكرا اخي على الموضوع 000000اذا بالسعودية بلد المليارات هيك فالحمد لله احنا بألف خير

Speculator
03-12-2009, 03:10 PM
شكرا اخي على الموضوع 000000اذا بالسعودية بلد المليارات هيك فالحمد لله احنا بألف خير

أخي بركة الحاج نحن عايشين - متل ما بقولوا- بالبركة..........ug11;