najm
09-05-2012, 05:51 AM
ومن أعظم ماوقفت عليه وأغرب ماجرى للسلطان العادل نور الدين بن زنكي رحمه الله
حديث يكتب بماء الذهب .
:)
وذلك أن بعض العجم جاء إلى دمشق وأخذ ألف دينار مصرية وبردها ,
ثم أخذ لها دق الفحم وعقاقير وطحن الجميع ثم عجنها بغراء السمك , وجعله بنادق وجففه جفافا بالغا , ثم لبس دِلقا وتزيا بزي الفقراء , وجعل هذه البنادق في مخلاة , وأتى إلى بعض
العطارين وقال له :
أتشتري هذه مني ؟ فقال العطار : وأي شيء هذا ؟
فقال طبرمك خراساني !
وهذه كلمة مصحفة معناها ( طترمك )
فقال العطار : هذا ولأي شيء ينفع ؟
فقال : ينفع من السموم .
ويدخل في جميع الأدوية التي تدفع الأخلاط وفيه نفع عظيم . ولولا أن أدركتني الحاجة ولم أقدر على حمله مابعته لأنه يساوي عند من يعرفه وزنا بوزن ....
فقال العطار : بكم هو ؟ فقال : بعشرة دراهم ...
فقال له العطار بثلاثة ...
فأبى ثم اشتراه منه بخمسة ...
وجعله في برنية وأخذ العجمي الدراهم وراح .
فانظر إلى هذا الرجل ما أجسره باع ألف دينار بخمسة ,
فهذه جسارة عظيمة
وقد قال القائل : من خاطر بنفيس ملك نفيسا .
فلما انفصل عنه لبس بزة حسنة من ملابس الوزراء ,
ورتب خلفه مملوكا ونزل أكبر دار تصلح لوزير ,
وصار يمشي في الجامع ويتعرف إلى الأكابر من أهل البلد ويعمل السماعات ويخسر جملة ,
ويدعي الوصول في علم الصنعة وأنه يقدر أن يعمل في يوم واحد جملة من المال , وشاع ذلك في دمشق ,
فسأله الكبراء أن يعمل عندهم فكان يقول : ما أنا محتاج إلى شيء ,
فالذي يريدني أن أعمل عنده ماحاجتي إليه ؟
وأنا آليت ألا أعمل شيئا إلا لملك , ومع ذلك فأنا لاأعمل شيئا إلا بعد أن يحلف لي أن مهما عملته لاينفقه في شيء إلا في سبيل الله .
فاتصل خبره بالوزير
فأحضره وآنسه وذاكره بشيء من ذلك فقال : قد كان من أمري أني حلفت ألا أعمل شيئا إلا لملك ,
بعد أن يعاهدني ألا ينفق منه شيئا إلا في سبيل
الله , فإن حصل هذا الشرط عملت وإلا فلا سبيل إلى ذلك .
فلما سمع الوزير ذلك
افتكر وقال : والله إن هذا لسعادة لبلاد المسلمين والسلطان
هذه البلاد كلها للأفرنج إلى بانياس ,
وكل يوم الغارات إلى ديارنا وإذا عمل شيئا
نفتح به هذه البلاد وهذه نعمة عظيمة !!
ثم قال : اُعَرف السلطان ؟ قال نعم ,
إلا أنك تجمع بيني وبينه حتى أستوثق منه باليمين , فركب الوزير ثم اختلى بالسلطان فعرًفه
ذلك , فقال : والله لقد هجس في فكري أنه لابد من شيء يوصلنا لقلع شأن هؤلاء
الملاعين ,
فأحضر الرجل في غاية الكرامة .
فأخذ له خلعة حسنة وبغلة بسرج ملجمة , فألبسه الخلعة وأركبه إلى جانبه , ثم صعد واجتمع به السلطان ,
ثم تحدثا فقال : أصحيح ماقال الوزير عنك ؟
فقال :
نعم يامولانا لكن كل من ادعى هذه الدرجة فهو كذاب نصاب دكاك , بل أنا شرطي مع السلطان أن ألا أمس شيئا بيدي , بل أكون بعيدا عن مولانا وأقول له أفعل كذا و اصنع كذا , ومولانا يفعل , فلما تقررالأمر على هذه القاعدة : قال السلطان أشرع على بركة الله .
فأخذ العجمي ورقة وكتب لهم عليها أسم الحوائج , من العقار الفلاني كذا ومن الفلاني كذا , ومن الطَبَرْمَك الخراساني مائة مثقال , ثم دفع الورقة لأستاذ الدار وقال له أحضر هذه الحوائج , فأحضر الجميع إلا الطبرمك , فقال إنه ماوجد عند العطارين ,
فقال العجمي : في مثل دمشق يعدم الطبرمك ؟
فقال السلطان : مالنا شيء يغني عنه ؟
فأجاب : لاوالله ولا تخلو دمشق منه ,,
بل إن مولانا السلطان يتقدم إلى المحتسب بتفتيش دكاكين العطارين , فإذا كان الغد ركبت أنا وهو وشهود عدول نفتح حانوتا حانوتا ونفتشه فلا بد أن نجده .
فقال : نعم .
وكان المحتسب يدعى القائد فأرسلوا إليه ففعل ذلك , وركب العجمي من الغد وأخذ معه العدول ونزلوا مع القائد وجعلوا يفتحوا دكاكين العطارين حتى انتهوا إلى دكان الذي باعه العجمي الطبرمك , فقعد الشهود والمحتسب ونزل صاحب الدكان وجعل
يضع قدامهم برنية بعد برنية ,
إلى أن جاءت البرنية التي فيها الدكة , فلما رآها العجمي تهلل وجهه فرحا ,
وقال : هذا السلطان سعيد ....ثم قال للشهود والمحتسب : أختموا عليها بختومكم وابعثوا بها إلى القلعة ففعلوا ذلك .
فقال لصاحب الدكان : من أين لك هذه ؟ فقال ابتعتها من رجل فقير , قال بكم ؟
قال بخمسة دراهم , فأخذ منديله وقال : هذه عشرة دراهم ولا تبطل شغلك ولا تطلع
إلى الديوان .
ثم ركبوا جميعا وطلعوا إلى القلعة وعرًفوا السلطان وقال له العجمي : هذه أول سعادتك هذا يعمل شيئا كثيرا , فيشرع مولانا من الليلة وبالله التوفيق .
فلما أمسى عليهم المساء . استدعوا ما يحتاجون من الآلة , ثم قعد السلطان وخدمه في صفة واعتزل عنهم العجمي في ناحية ثانية ...
ثم قال : يزن مولانا من العقار الفلاني كذا ومن الفلاني كذا , وجعل يعد العقاقير جميعها , ثم قال ومن الطبرمك مائة مثقال . ففعل ذلك حتى احترقت جميع تلك الحوائج ودار الذهب . ثم قال أقلب على بركة الله تعالى , فقلب البودقة فنزلت سبيكة ذهب مصري لايكون أحسن منه ,
فلما نظر السلطان إلى ذلك حار ودهش , ثم قدم للعجمي شيئا يساوي مقداره ألف دينار .
ولم يزالوا يعملون حتى فرغ ذلك الطبرمك , فطلبوه فلم يجدوه . فقال السلطان كيف نعمل بالطبرمك ؟ فقال العجمي نبعث نجيب منه من خراسان , فإنه معدن في الجبل في مغارة إذا أراد الأنسان أن يحمل منه ألف حمل جمل , وأنا دخلت إليها وأخذت منه شيئا كثيرا وعندي منه في الدار مقدار قنطار .
فلما سمع السلطان قوله قال : مالهذا الأمر غيرك , فإن تعذر الوصول للمغارة فاحمل الذي عندك , وإن وصلت إلى المغارة فاحمل منها مااستطعت , وأنا أكتب كتابا إلى السلطان الأعظم مايمنعك أحد من ذلك !!
فلما سمع العجمي قال :إن رأى السلطان يبعث غيري فأنا طابت لي الأقامة بدمشق وخدمة السلطان . فقال : لاغنى عن رواحك فإن لك في ذلك أعظم الأمر , ولم يزل عيه
حتى أنعم بالسفر , فلما شرع يتجهز جهزه بستين حمل منها شُرب عمل تنيس ودمياط من أعمال اسكندرية , ومنها سكر بالأحمال والجمال والجمالين ,ثم أعطاه خيمة ومطبخا وفراشين ونفقة السفر من دمشق إلى بغداد ثم إلى بلاد العجم , وكتب معه كتبا إلى سائر البلاد بالمراعاة والخدمة والإعانة ,. ثم خرج السلطان وسائر أرباب الدولة إلى وداعه , وراح وقد وصل هذا إلى الحجر المعظم وحصل له الإكسير الأعظم .
ومن أعجب مافي هذه القضية أنه كان بدمشق رجل يكتب أسماء المغفلين المخارفين
فسمع بهذه القضية فكتب في رأس جريدته
( السلطان محمود بن نور الدين زنكي رأس المغفلين ) فشاع ذلك ولم يعلم أحد باطن القضية , حتى قيل للسلطان : قد كتبك شخص
رأس المغفلين , فقال : وأي شيء أبصر من تغفلي حتى يكتب أسمي هاتوه !!
فنزلت إليه الجندارية وقالوا : باسم الله , كلم السلطان . فأخذ الرجل الجريدة في كمه
ومشى معهم .
فلما وقف أمام السلطان قال له : أنت الذي تكتب أسماء المغفلين ؟ قال : نعم فقال له
وكتبتني ؟
قال : نعم ....وهذا أسمك !!
ثم أظهره ,
فقال السلطان : ومابان لك من تغفلي حتى كتبتني ؟فقال : ومن يكون أغفل منك ؟؟
جاءك عجمي نصاب عمل عليك حيلة حتى دك عليك ألف دينار , أخذ بها مال المسلمين وراح !
فقال له : راح يأتي بطبرمك وكأني به وقد جاء ومعه ةالطبرمك نعمل به أموالا لاتحصى .
فقال له : ياخوند إن رجع العجمي وجاء محوت أسمك من الجريدة وكتبت أسمه , وما يكون في الأرض أغفل منه !!
فلما سمع السلطان ذلك ضحك وقال أعطوه شيئا ينفقه عليه فأعطوه شيئا وراح وكان كلما أفلس , أخذ الجريدة ووقف على باب القلعة , فإذا ركب السلطان فتح الجريدة
وهو يقول : ماجاء ...وهذا أسم السلطان مكتوب ...فيضحك ويطلق له شيئا ...
فانظر إلى هذا الدَكَ والجسارة على بيع ألف دينار بخمسة دراهم ...
فأقام السلطان على ذلك حتى مات والطبرمك لم يأت ....
المختار في كشف الأسرار ---عن دفاتر شامية عتيقة لأحمد ايبش
حديث يكتب بماء الذهب .
:)
وذلك أن بعض العجم جاء إلى دمشق وأخذ ألف دينار مصرية وبردها ,
ثم أخذ لها دق الفحم وعقاقير وطحن الجميع ثم عجنها بغراء السمك , وجعله بنادق وجففه جفافا بالغا , ثم لبس دِلقا وتزيا بزي الفقراء , وجعل هذه البنادق في مخلاة , وأتى إلى بعض
العطارين وقال له :
أتشتري هذه مني ؟ فقال العطار : وأي شيء هذا ؟
فقال طبرمك خراساني !
وهذه كلمة مصحفة معناها ( طترمك )
فقال العطار : هذا ولأي شيء ينفع ؟
فقال : ينفع من السموم .
ويدخل في جميع الأدوية التي تدفع الأخلاط وفيه نفع عظيم . ولولا أن أدركتني الحاجة ولم أقدر على حمله مابعته لأنه يساوي عند من يعرفه وزنا بوزن ....
فقال العطار : بكم هو ؟ فقال : بعشرة دراهم ...
فقال له العطار بثلاثة ...
فأبى ثم اشتراه منه بخمسة ...
وجعله في برنية وأخذ العجمي الدراهم وراح .
فانظر إلى هذا الرجل ما أجسره باع ألف دينار بخمسة ,
فهذه جسارة عظيمة
وقد قال القائل : من خاطر بنفيس ملك نفيسا .
فلما انفصل عنه لبس بزة حسنة من ملابس الوزراء ,
ورتب خلفه مملوكا ونزل أكبر دار تصلح لوزير ,
وصار يمشي في الجامع ويتعرف إلى الأكابر من أهل البلد ويعمل السماعات ويخسر جملة ,
ويدعي الوصول في علم الصنعة وأنه يقدر أن يعمل في يوم واحد جملة من المال , وشاع ذلك في دمشق ,
فسأله الكبراء أن يعمل عندهم فكان يقول : ما أنا محتاج إلى شيء ,
فالذي يريدني أن أعمل عنده ماحاجتي إليه ؟
وأنا آليت ألا أعمل شيئا إلا لملك , ومع ذلك فأنا لاأعمل شيئا إلا بعد أن يحلف لي أن مهما عملته لاينفقه في شيء إلا في سبيل الله .
فاتصل خبره بالوزير
فأحضره وآنسه وذاكره بشيء من ذلك فقال : قد كان من أمري أني حلفت ألا أعمل شيئا إلا لملك ,
بعد أن يعاهدني ألا ينفق منه شيئا إلا في سبيل
الله , فإن حصل هذا الشرط عملت وإلا فلا سبيل إلى ذلك .
فلما سمع الوزير ذلك
افتكر وقال : والله إن هذا لسعادة لبلاد المسلمين والسلطان
هذه البلاد كلها للأفرنج إلى بانياس ,
وكل يوم الغارات إلى ديارنا وإذا عمل شيئا
نفتح به هذه البلاد وهذه نعمة عظيمة !!
ثم قال : اُعَرف السلطان ؟ قال نعم ,
إلا أنك تجمع بيني وبينه حتى أستوثق منه باليمين , فركب الوزير ثم اختلى بالسلطان فعرًفه
ذلك , فقال : والله لقد هجس في فكري أنه لابد من شيء يوصلنا لقلع شأن هؤلاء
الملاعين ,
فأحضر الرجل في غاية الكرامة .
فأخذ له خلعة حسنة وبغلة بسرج ملجمة , فألبسه الخلعة وأركبه إلى جانبه , ثم صعد واجتمع به السلطان ,
ثم تحدثا فقال : أصحيح ماقال الوزير عنك ؟
فقال :
نعم يامولانا لكن كل من ادعى هذه الدرجة فهو كذاب نصاب دكاك , بل أنا شرطي مع السلطان أن ألا أمس شيئا بيدي , بل أكون بعيدا عن مولانا وأقول له أفعل كذا و اصنع كذا , ومولانا يفعل , فلما تقررالأمر على هذه القاعدة : قال السلطان أشرع على بركة الله .
فأخذ العجمي ورقة وكتب لهم عليها أسم الحوائج , من العقار الفلاني كذا ومن الفلاني كذا , ومن الطَبَرْمَك الخراساني مائة مثقال , ثم دفع الورقة لأستاذ الدار وقال له أحضر هذه الحوائج , فأحضر الجميع إلا الطبرمك , فقال إنه ماوجد عند العطارين ,
فقال العجمي : في مثل دمشق يعدم الطبرمك ؟
فقال السلطان : مالنا شيء يغني عنه ؟
فأجاب : لاوالله ولا تخلو دمشق منه ,,
بل إن مولانا السلطان يتقدم إلى المحتسب بتفتيش دكاكين العطارين , فإذا كان الغد ركبت أنا وهو وشهود عدول نفتح حانوتا حانوتا ونفتشه فلا بد أن نجده .
فقال : نعم .
وكان المحتسب يدعى القائد فأرسلوا إليه ففعل ذلك , وركب العجمي من الغد وأخذ معه العدول ونزلوا مع القائد وجعلوا يفتحوا دكاكين العطارين حتى انتهوا إلى دكان الذي باعه العجمي الطبرمك , فقعد الشهود والمحتسب ونزل صاحب الدكان وجعل
يضع قدامهم برنية بعد برنية ,
إلى أن جاءت البرنية التي فيها الدكة , فلما رآها العجمي تهلل وجهه فرحا ,
وقال : هذا السلطان سعيد ....ثم قال للشهود والمحتسب : أختموا عليها بختومكم وابعثوا بها إلى القلعة ففعلوا ذلك .
فقال لصاحب الدكان : من أين لك هذه ؟ فقال ابتعتها من رجل فقير , قال بكم ؟
قال بخمسة دراهم , فأخذ منديله وقال : هذه عشرة دراهم ولا تبطل شغلك ولا تطلع
إلى الديوان .
ثم ركبوا جميعا وطلعوا إلى القلعة وعرًفوا السلطان وقال له العجمي : هذه أول سعادتك هذا يعمل شيئا كثيرا , فيشرع مولانا من الليلة وبالله التوفيق .
فلما أمسى عليهم المساء . استدعوا ما يحتاجون من الآلة , ثم قعد السلطان وخدمه في صفة واعتزل عنهم العجمي في ناحية ثانية ...
ثم قال : يزن مولانا من العقار الفلاني كذا ومن الفلاني كذا , وجعل يعد العقاقير جميعها , ثم قال ومن الطبرمك مائة مثقال . ففعل ذلك حتى احترقت جميع تلك الحوائج ودار الذهب . ثم قال أقلب على بركة الله تعالى , فقلب البودقة فنزلت سبيكة ذهب مصري لايكون أحسن منه ,
فلما نظر السلطان إلى ذلك حار ودهش , ثم قدم للعجمي شيئا يساوي مقداره ألف دينار .
ولم يزالوا يعملون حتى فرغ ذلك الطبرمك , فطلبوه فلم يجدوه . فقال السلطان كيف نعمل بالطبرمك ؟ فقال العجمي نبعث نجيب منه من خراسان , فإنه معدن في الجبل في مغارة إذا أراد الأنسان أن يحمل منه ألف حمل جمل , وأنا دخلت إليها وأخذت منه شيئا كثيرا وعندي منه في الدار مقدار قنطار .
فلما سمع السلطان قوله قال : مالهذا الأمر غيرك , فإن تعذر الوصول للمغارة فاحمل الذي عندك , وإن وصلت إلى المغارة فاحمل منها مااستطعت , وأنا أكتب كتابا إلى السلطان الأعظم مايمنعك أحد من ذلك !!
فلما سمع العجمي قال :إن رأى السلطان يبعث غيري فأنا طابت لي الأقامة بدمشق وخدمة السلطان . فقال : لاغنى عن رواحك فإن لك في ذلك أعظم الأمر , ولم يزل عيه
حتى أنعم بالسفر , فلما شرع يتجهز جهزه بستين حمل منها شُرب عمل تنيس ودمياط من أعمال اسكندرية , ومنها سكر بالأحمال والجمال والجمالين ,ثم أعطاه خيمة ومطبخا وفراشين ونفقة السفر من دمشق إلى بغداد ثم إلى بلاد العجم , وكتب معه كتبا إلى سائر البلاد بالمراعاة والخدمة والإعانة ,. ثم خرج السلطان وسائر أرباب الدولة إلى وداعه , وراح وقد وصل هذا إلى الحجر المعظم وحصل له الإكسير الأعظم .
ومن أعجب مافي هذه القضية أنه كان بدمشق رجل يكتب أسماء المغفلين المخارفين
فسمع بهذه القضية فكتب في رأس جريدته
( السلطان محمود بن نور الدين زنكي رأس المغفلين ) فشاع ذلك ولم يعلم أحد باطن القضية , حتى قيل للسلطان : قد كتبك شخص
رأس المغفلين , فقال : وأي شيء أبصر من تغفلي حتى يكتب أسمي هاتوه !!
فنزلت إليه الجندارية وقالوا : باسم الله , كلم السلطان . فأخذ الرجل الجريدة في كمه
ومشى معهم .
فلما وقف أمام السلطان قال له : أنت الذي تكتب أسماء المغفلين ؟ قال : نعم فقال له
وكتبتني ؟
قال : نعم ....وهذا أسمك !!
ثم أظهره ,
فقال السلطان : ومابان لك من تغفلي حتى كتبتني ؟فقال : ومن يكون أغفل منك ؟؟
جاءك عجمي نصاب عمل عليك حيلة حتى دك عليك ألف دينار , أخذ بها مال المسلمين وراح !
فقال له : راح يأتي بطبرمك وكأني به وقد جاء ومعه ةالطبرمك نعمل به أموالا لاتحصى .
فقال له : ياخوند إن رجع العجمي وجاء محوت أسمك من الجريدة وكتبت أسمه , وما يكون في الأرض أغفل منه !!
فلما سمع السلطان ذلك ضحك وقال أعطوه شيئا ينفقه عليه فأعطوه شيئا وراح وكان كلما أفلس , أخذ الجريدة ووقف على باب القلعة , فإذا ركب السلطان فتح الجريدة
وهو يقول : ماجاء ...وهذا أسم السلطان مكتوب ...فيضحك ويطلق له شيئا ...
فانظر إلى هذا الدَكَ والجسارة على بيع ألف دينار بخمسة دراهم ...
فأقام السلطان على ذلك حتى مات والطبرمك لم يأت ....
المختار في كشف الأسرار ---عن دفاتر شامية عتيقة لأحمد ايبش