Tigerssound
03-05-2012, 04:42 PM
جورج اورويل ورواية 1984
جورج أورويل كاتب و روائي بريطاني اسمه الحقيقي إريك آرثر بلير (George Orwell) ، وجورج أورويل هو الاسم المستعار له والذي اشتهر به. ولد في قرية مونتهاري بولاية البنجاب الهندية لأسرة متوسطة الحال.
كان يحب الحرية ويكره سيطرة وهيمنة الإنسان على الإنسان وكان يعتقد بأن الإدارة الاستعمارية في بورما كان أساسها الهيمنة على الآخرين وليس فقط البورميين بل أيضا الإنجليز من الطبقة العاملة. في عام 1928 عاد إلى لندن ومارس عيشة وحياة الفقراء ليتجاوز بذلك عقدة النفور الموروثة لديه ولدى أبناء الطبقة الوسطى التي ينتمي إليها من الفقراء، ثم سافر إلى باريس حيث عاش في أحد أحياء العمال، وعمل في غَسل الصحون.
في ديسمبر عام 1929 بدأ إريك في كتابة أول كتبه، وكان عبارة عن تقرير عن تلك الفترات التي عاشها في كل من لندن وباريس بين الفقراء، لكن التقرير لم ير النور إلا عام 1933 وجاء بعنوان (Down And Out In Paris And London)، ونشره باسم مستعار هو جورج أورويل, ونشر كتابه الثاني أيام بورمية (Burmese Days) الذي تناول فيه خبراته في فترة الخدمة الاستعمارية في بورما.
في عام 1935 م كتب رواية ابنة قسيس, وفي عام 1936 م كتب روايته دع الزنبقة تطير (Keep The Aspidistra Flying), في عام 1937 كتب تقريره الطريق إلى ويجان بيير (The Road to Wigan Pier) انتقد فيه كلا من النظام الطبقي الإنجليزي و الاشتراكية الإنجليزية, وفي نهاية عام 1936 توجه أورويل إلى إسبانيا ليعمل مراسلا صحفيا وجندياً لصالح الجمهورية الثانية الإسبانية بجانب حزب ماركسي معادي للستالينية وقد دون أورويل خبراته التي عاشها في الحرب الأهلية الأسبانية في كتاب أصدره عام 1938 بعنوان تقديرا لكاتالونيا (Homage to Catalonia) رداً على الصحف البريطانية المنتقدة لليسار الإسباني، كما شارك في.
في عام 1938 أصيب أورويل بالسل و سافر لقضاء بعض الوقت في المغرب، وهناك ألف روايته الثالثة الخروج إلى المتنفس (Coming up for Air) التي نشرت عام 1939 م.
في عام 1941 التحق بالقسم الهندي بهيئة الإذاعة البريطانية، ثم ترك عمله عام 1943 بالإذاعة ليعمل محررا أدبيا بصحيفة تريبون، وبدأ في كتابة روايته المشهورة عالميا مزرعة الحيوانات (Animal Farm).
و في عام 1946 ألف روايته الأخيرة 1984 التي حولت إلى فيلم سينمائي و تنبأت بالمستقبل وعن عام 1984م
( ملخص عن الرواية )
كان "وينستون سميث" يعرف جيدا بأن ثمة شئ خاطئ بالعالم حوله. يعلم يقينا بأن وقتا قد مر عليه من قبل لم يكن فيه الطعام بهذا المذاق السئ, ولم تكن الملابس دائما خشنة, رصاصية, ولم تكن الوظائف كئيبة مملة, ولم يكن هناك هذا الخوف المسيطر والشك الدائم من كل شخص وأي شخص. لكن كيف عرف "سميث" بأن ثمة اختلافا عما كان في الماضي, وهو لا يتذكر شيئا عنه؟ كيف سمح لنفسه بأن يشك في "الأخ الأكبر", الذي يراقب الجميع دائما, وكيف يشك في الحزب؟ والذي هو دائما على صواب. لماذا يحاول دائما –وبشكل غريزي- أن يتفادى شاشة أجهزة "التليسكرين" المنتشرة في كل مكان والتي اعتاد الجميع عليها؟ ولماذا يمقت بشدة "دقيقتي الكره" والتي يجد الآخرون فيها مرحا صاخبا ينخرطون فيه حتى النخاع؟
هذه هي الأسئلة التي تشغل عقل "وينستون" بشكل دائم, وبشكل مزعج, إنه يعرف أنه مختلف بشكل أو بآخر عن الجميع, لكنه لا يعرف لماذا يختمره هذا الشعور, ولا يعرف كيف سيصل لإجابة على هذا السؤال, ولا على كل الأسئلة الأخرى.
إن العالم الذي يعرفه "وينستون" ملئ بالكره والغضب والخوف, عالم أشد ما يحتاج إلى الجمال, وإلى إجابات شافية. ودائما ما يتسائل "وينستون" عن الماضي, كيف كان؟ وهل الحقائق التي يخرج بها "الأخ الكبير" من حين لآخر هي الحقيقة فعلا, أما أنها مجرد أكاذيب. إن الماضي/التاريخ يتم إعادة كتابته بشكل مستمر عن طريق "الحزب", بل أن وظيفة "وينستون" هي أن يساعد في حبك تغيير الحقائق لتبدو واقعية, ولتناسب متطلبات الوقت الحاضر بحسب رؤية الحزب والأخ الأكبر. إنه يحب وظيفته ويكرهها في نفس الوقت, لكنه لا يستطيع عمل شيئا مقابل هذا التناقض الذي يعيش فيه.
لم يستطع "وينستون" أن يبقى على رتابة حياته أكثر من ذلك, ولقد بدأ اليوم إجراءا صغيرا –وذلك لا ينفي أنه إجراء ثوري-, لقد اشترى "وينستون" مفكرة ورقية من بائع للأنتيكات, ثم جلس في منزله بزاوية تجعله بعيدا عن شاشة التليسكرين –التي ترصد تحركات الجميع- وبدا في كتابة يومياته, على الرغم من أن ذلك يعتبر جريمة في شريعة الأخ الأكبر, بل وعقوبتها الموت.
لم تقتصر التغيرات التي طرأت على حياة "وينستون" على ذلك فقط, لقد قابل بالمصادفة في مقر عمله فتاة سوداء الشعر, ثم تتطور العلاقة بينهما إلى علاقة محظورة, إلى علاقة حب مليئة بالمشاعر التي وجدها "وينستون" فجأة تستيقظ في أعماقه, مشاعر لم يكن يتخيل من قبل أنها موجودة داخله, وبهذا الجمال, وبهذه الروعة.
بدا "وينستون" وقد غرق في مشاعر الحب والشوق تجاه "جوليا", وقد أدت تلك المشاعر المحمومة بهما إلى التفكير في شئ جرئ للغاية, لماذا لا نثور على الحزب؟
استمر "وينستون" و "جوليا" في اللقاء بشكل سري, يتحدثان عن العالم, ويتبادلان عشقهما في غرف سرية. لقد كانا يعيشان في الجنة أخيرا.
وبمصادفة أخرى, التقى "وينستون" برجل يدعى "أوبرايان", وهو أحد أعضاء الحزب الداخلي, وكان "وينستون" يعتقد بشكل ما أن "أوبرايان" ينتمي لتنظيم سري يحيك مؤامرة ضد الحزب وضد الأخ الأكبر, وأن ذلك التنظيم يدعى "الأخوية". وعلى الفور انضم "وينستون" و "جوليا" للأخوية, وأقسما أن يفعلا كل شئ في مقدورهما لمساعدة التنظيم. أخبرهما "أوبرايان" أن التغيير اللذان يطمحان إليه قد لا يحدث أثناء حياتهما, وأن ثمرة عمل الأخوية يمكن ألا تتذوقه سوى الأجيال التالية, وأخبرهما بمنتهى الصراحة, أن عملهما مع الأخوية قد يؤدي بهما إلى التعذيب أو الموت على يد أجهزة الحزب الأمنية. لكن "وينستون" و"جوليا" لم يتغير موقفهما البتة. نحن معك يا أوبرايان وحتى النهاية.
ولم يمضي وقت طويل حتى أمسكت أجهزة الأمن بالعاشقين, ( و الحقيقة أن من أبلغ عنهما لشرطة الفكر هو صاحب محل الأنتيكات, حيث كانا يتلقيان في غرفة استئجرها وينستون فوق متجره. كانا قد ائتمناه على سرهما), ثم أخذا لـ "وزارة الحب" من أجل الاستجواب والتعذيب.
ظل "وينستون" هناك لعدة أشهر, وقد قام "أوبرايان" –شخصيا- بتعذيبه, حيث اتضح أنه عضو مخلص للحزب, ولا ينتمي على الإطلاق لأي جماعات متآمرة. وقد حاول "وينستون" ان يقاوم التعذيب ويقاوم عملية "غسيل المخ" الذي يحاول "أوبرايان" إخضاعه لها, إلا أنه انهار في النهاية, اعترف, وخان جوليا, وخان نفسه. استسلم "وينستون" أخيرا لعملية غسيل المخ, وتعلم أن يحب الأخ الأكبر, فقط الأخ الأكبر. تعلم ألا تكون له أي مصالح فردية, وألا يفكر في شئ لم يسمح الحزب بالتفكير فيه, وألا يحب إنسان آخر قط.
تم إطلاق سراح "وينستون" من السجن, واعتبره الحزب "مواطنا مثاليا", وأنه لم يعد خطرا على المجتمع.
رواية 1984 من أفضل وأعمق ما كتب في القرن العشرين, أبدعها الروائي والصحفي الإنجليزي "جورج أورويل" (1903- 1950), عام 1949, وقد فسرها البعض بأنها تتحدث عما يحدث في الاتحاد السوفيتي الشيوعي, وأن أورويل يشير إلى "ستالين" عندما يتحدث عن "الأخ الأكبر", لكن الأرجح أن أورويل ببصيرة وعبقرية مدهشتين إنما يتكلم عن المستقبل, ويتكلم عن خوفه من الأنظمة الشمولية عموما, والتي ستستخدم التكنولوجيا والإعلام لطمس وتغيير الحقائق, ولتوجيه الناس بحسب رغبتهم عبر عملية "غسيل مخ" مكثفة, وهو الحادث في يومنا هذا, وحتى في أكثر البلاد التي يمكن أن نصفها بالديمقراطية.
أثر الرواية البالغ:
رواية “1984″ كان لها تأثير كبير على روايات عديدة؛ فقد أثرت في رواية “فهرنهايت 451″ لـ “راي برادبوري”, و”الرجل الراكض” لـ “ستيفن كنج”, و “البرتقالة الميكانيكية” لـ “أرثر بيرجس”, ومن جهة أخرى كان لرواية “نحن” للأديب الروسي” يفنجي زامياتين” ورواية “عالم جديد شجاع” لـ “ألدوس هكسلي” تأثيراً كبيراً على جورج أورويل أثناء كتابته لهذه الرواية.
أيضاً كان لهذه الرواية تأثير كبير على اللغة الإنجليزية؛ فقد شاع استخدام العديد من المفردات التي ابتكرت في هذه الرواية مثل: (الأخ الأكبر - Big Brother), (الغرفة 101 - Room 101), (شرطة الفكر - Thought police), ( التفكير المزدوج- Doublethink), ( اللغة الجديدة – Newspeak), بل لقد درج استخدم مصطلح (أورويلي – Orwellian) كطريقة لوصف الحالات, أو المشاهد, أو الأفكار, أو طرق التحدث التي تشبه ما جاء في أعمال أورويل عموماً وهذه الرواية خصوصاً.
العنوان الأصلي لهذه الرواية كان “أخر رجل في أوروبا” ولكن الناشر اقترح على أورويل تغييره, وبالرغم من المحاولات العديدة لتفسير سبب اختيار أورويل لعام “1984″ بالضبط كي يكون عنواناً للرواية, إلا أنها كلها غير مؤكدة, والاقتناع السائد الذي يُذكر غالباً بهذا الخصوص أن عنوان الرواية هو عكس لأخر رقمين من *** 1948, وهي ال*** التي أتم فيها أورويل كتابة الرواية والتي استغرقت كتابتها ثلاث سنوات بداية من 1945, ونشرت في عام 1949.
ترجمت هذه الرواية لـ 62 لغة, جدير بالذكر أن مجلة “التايم” اختارت هذه الرواية كواحدة من أفضل 100 رواية كتبت بالإنجليزية من عام 1923 وحتى عام 2005, هذا بالرغم من أنها منعت في الكثير من الدول والكثير من المكتبات حين صدورها باعتبارها رواية خطرة سياسيًا.
تم تحويل الرواية لفيلم سينمائي, وقد كان توقيت عرض الفيلم مثير جداً؛ فقد صدر الفيلم في عام 1984, وفي ذلك العام أيضاً أصدرت شركة “Apple” جهازها “ماكنتوش” وروّجت له بإعلان شهير جداً مستوحى من رواية 1984, تظهر فيه شركة IBM”” كأنها “الأخ الأكبر” وهو يتحدث للشعب من على إحدى الشاشات الكبيرة, وتظهر شركة “Apple” كأنها فتاة تجري حاملة مطرقة, والجنود يطاردونها, ثم تحطم الفتاة الشاشة, بعد ذلك يظهر شعار الإعلان, وقد كان: شركة أبل سوف تقدم لكم ماكنتوش وسوف تعرفون لماذا 1984 لن يشبه “1984″.
“إنها رواية تقرأ، ثم تقرأ من جديد”.
قال الكاتب الأمريكى العظيم ناعوم تشومسكى : «نعم، إن نبوءات أورويل قد تحققت، وأن ما حذرنا منه قد وقع بالفعل، على الأقل فى جوهره».
فكيف لكاتب و صحفي إنجليزي من الثلاثينات و الأربعينات قد عاصر الحربين العالميتين الأولى و الثانية أن يعلم بكل هذه الأمور المتعلقة بالنظام العالمي الجديد الذي أعلنه بوش الأب في الحادي عشر من سبتمبر عام 1991م ؟
شكرًا لك ولجميع القائمين على هذا العمل المميز ولكل الاعضاء والزوار ودمتم بأمان الله
جورج أورويل كاتب و روائي بريطاني اسمه الحقيقي إريك آرثر بلير (George Orwell) ، وجورج أورويل هو الاسم المستعار له والذي اشتهر به. ولد في قرية مونتهاري بولاية البنجاب الهندية لأسرة متوسطة الحال.
كان يحب الحرية ويكره سيطرة وهيمنة الإنسان على الإنسان وكان يعتقد بأن الإدارة الاستعمارية في بورما كان أساسها الهيمنة على الآخرين وليس فقط البورميين بل أيضا الإنجليز من الطبقة العاملة. في عام 1928 عاد إلى لندن ومارس عيشة وحياة الفقراء ليتجاوز بذلك عقدة النفور الموروثة لديه ولدى أبناء الطبقة الوسطى التي ينتمي إليها من الفقراء، ثم سافر إلى باريس حيث عاش في أحد أحياء العمال، وعمل في غَسل الصحون.
في ديسمبر عام 1929 بدأ إريك في كتابة أول كتبه، وكان عبارة عن تقرير عن تلك الفترات التي عاشها في كل من لندن وباريس بين الفقراء، لكن التقرير لم ير النور إلا عام 1933 وجاء بعنوان (Down And Out In Paris And London)، ونشره باسم مستعار هو جورج أورويل, ونشر كتابه الثاني أيام بورمية (Burmese Days) الذي تناول فيه خبراته في فترة الخدمة الاستعمارية في بورما.
في عام 1935 م كتب رواية ابنة قسيس, وفي عام 1936 م كتب روايته دع الزنبقة تطير (Keep The Aspidistra Flying), في عام 1937 كتب تقريره الطريق إلى ويجان بيير (The Road to Wigan Pier) انتقد فيه كلا من النظام الطبقي الإنجليزي و الاشتراكية الإنجليزية, وفي نهاية عام 1936 توجه أورويل إلى إسبانيا ليعمل مراسلا صحفيا وجندياً لصالح الجمهورية الثانية الإسبانية بجانب حزب ماركسي معادي للستالينية وقد دون أورويل خبراته التي عاشها في الحرب الأهلية الأسبانية في كتاب أصدره عام 1938 بعنوان تقديرا لكاتالونيا (Homage to Catalonia) رداً على الصحف البريطانية المنتقدة لليسار الإسباني، كما شارك في.
في عام 1938 أصيب أورويل بالسل و سافر لقضاء بعض الوقت في المغرب، وهناك ألف روايته الثالثة الخروج إلى المتنفس (Coming up for Air) التي نشرت عام 1939 م.
في عام 1941 التحق بالقسم الهندي بهيئة الإذاعة البريطانية، ثم ترك عمله عام 1943 بالإذاعة ليعمل محررا أدبيا بصحيفة تريبون، وبدأ في كتابة روايته المشهورة عالميا مزرعة الحيوانات (Animal Farm).
و في عام 1946 ألف روايته الأخيرة 1984 التي حولت إلى فيلم سينمائي و تنبأت بالمستقبل وعن عام 1984م
( ملخص عن الرواية )
كان "وينستون سميث" يعرف جيدا بأن ثمة شئ خاطئ بالعالم حوله. يعلم يقينا بأن وقتا قد مر عليه من قبل لم يكن فيه الطعام بهذا المذاق السئ, ولم تكن الملابس دائما خشنة, رصاصية, ولم تكن الوظائف كئيبة مملة, ولم يكن هناك هذا الخوف المسيطر والشك الدائم من كل شخص وأي شخص. لكن كيف عرف "سميث" بأن ثمة اختلافا عما كان في الماضي, وهو لا يتذكر شيئا عنه؟ كيف سمح لنفسه بأن يشك في "الأخ الأكبر", الذي يراقب الجميع دائما, وكيف يشك في الحزب؟ والذي هو دائما على صواب. لماذا يحاول دائما –وبشكل غريزي- أن يتفادى شاشة أجهزة "التليسكرين" المنتشرة في كل مكان والتي اعتاد الجميع عليها؟ ولماذا يمقت بشدة "دقيقتي الكره" والتي يجد الآخرون فيها مرحا صاخبا ينخرطون فيه حتى النخاع؟
هذه هي الأسئلة التي تشغل عقل "وينستون" بشكل دائم, وبشكل مزعج, إنه يعرف أنه مختلف بشكل أو بآخر عن الجميع, لكنه لا يعرف لماذا يختمره هذا الشعور, ولا يعرف كيف سيصل لإجابة على هذا السؤال, ولا على كل الأسئلة الأخرى.
إن العالم الذي يعرفه "وينستون" ملئ بالكره والغضب والخوف, عالم أشد ما يحتاج إلى الجمال, وإلى إجابات شافية. ودائما ما يتسائل "وينستون" عن الماضي, كيف كان؟ وهل الحقائق التي يخرج بها "الأخ الكبير" من حين لآخر هي الحقيقة فعلا, أما أنها مجرد أكاذيب. إن الماضي/التاريخ يتم إعادة كتابته بشكل مستمر عن طريق "الحزب", بل أن وظيفة "وينستون" هي أن يساعد في حبك تغيير الحقائق لتبدو واقعية, ولتناسب متطلبات الوقت الحاضر بحسب رؤية الحزب والأخ الأكبر. إنه يحب وظيفته ويكرهها في نفس الوقت, لكنه لا يستطيع عمل شيئا مقابل هذا التناقض الذي يعيش فيه.
لم يستطع "وينستون" أن يبقى على رتابة حياته أكثر من ذلك, ولقد بدأ اليوم إجراءا صغيرا –وذلك لا ينفي أنه إجراء ثوري-, لقد اشترى "وينستون" مفكرة ورقية من بائع للأنتيكات, ثم جلس في منزله بزاوية تجعله بعيدا عن شاشة التليسكرين –التي ترصد تحركات الجميع- وبدا في كتابة يومياته, على الرغم من أن ذلك يعتبر جريمة في شريعة الأخ الأكبر, بل وعقوبتها الموت.
لم تقتصر التغيرات التي طرأت على حياة "وينستون" على ذلك فقط, لقد قابل بالمصادفة في مقر عمله فتاة سوداء الشعر, ثم تتطور العلاقة بينهما إلى علاقة محظورة, إلى علاقة حب مليئة بالمشاعر التي وجدها "وينستون" فجأة تستيقظ في أعماقه, مشاعر لم يكن يتخيل من قبل أنها موجودة داخله, وبهذا الجمال, وبهذه الروعة.
بدا "وينستون" وقد غرق في مشاعر الحب والشوق تجاه "جوليا", وقد أدت تلك المشاعر المحمومة بهما إلى التفكير في شئ جرئ للغاية, لماذا لا نثور على الحزب؟
استمر "وينستون" و "جوليا" في اللقاء بشكل سري, يتحدثان عن العالم, ويتبادلان عشقهما في غرف سرية. لقد كانا يعيشان في الجنة أخيرا.
وبمصادفة أخرى, التقى "وينستون" برجل يدعى "أوبرايان", وهو أحد أعضاء الحزب الداخلي, وكان "وينستون" يعتقد بشكل ما أن "أوبرايان" ينتمي لتنظيم سري يحيك مؤامرة ضد الحزب وضد الأخ الأكبر, وأن ذلك التنظيم يدعى "الأخوية". وعلى الفور انضم "وينستون" و "جوليا" للأخوية, وأقسما أن يفعلا كل شئ في مقدورهما لمساعدة التنظيم. أخبرهما "أوبرايان" أن التغيير اللذان يطمحان إليه قد لا يحدث أثناء حياتهما, وأن ثمرة عمل الأخوية يمكن ألا تتذوقه سوى الأجيال التالية, وأخبرهما بمنتهى الصراحة, أن عملهما مع الأخوية قد يؤدي بهما إلى التعذيب أو الموت على يد أجهزة الحزب الأمنية. لكن "وينستون" و"جوليا" لم يتغير موقفهما البتة. نحن معك يا أوبرايان وحتى النهاية.
ولم يمضي وقت طويل حتى أمسكت أجهزة الأمن بالعاشقين, ( و الحقيقة أن من أبلغ عنهما لشرطة الفكر هو صاحب محل الأنتيكات, حيث كانا يتلقيان في غرفة استئجرها وينستون فوق متجره. كانا قد ائتمناه على سرهما), ثم أخذا لـ "وزارة الحب" من أجل الاستجواب والتعذيب.
ظل "وينستون" هناك لعدة أشهر, وقد قام "أوبرايان" –شخصيا- بتعذيبه, حيث اتضح أنه عضو مخلص للحزب, ولا ينتمي على الإطلاق لأي جماعات متآمرة. وقد حاول "وينستون" ان يقاوم التعذيب ويقاوم عملية "غسيل المخ" الذي يحاول "أوبرايان" إخضاعه لها, إلا أنه انهار في النهاية, اعترف, وخان جوليا, وخان نفسه. استسلم "وينستون" أخيرا لعملية غسيل المخ, وتعلم أن يحب الأخ الأكبر, فقط الأخ الأكبر. تعلم ألا تكون له أي مصالح فردية, وألا يفكر في شئ لم يسمح الحزب بالتفكير فيه, وألا يحب إنسان آخر قط.
تم إطلاق سراح "وينستون" من السجن, واعتبره الحزب "مواطنا مثاليا", وأنه لم يعد خطرا على المجتمع.
رواية 1984 من أفضل وأعمق ما كتب في القرن العشرين, أبدعها الروائي والصحفي الإنجليزي "جورج أورويل" (1903- 1950), عام 1949, وقد فسرها البعض بأنها تتحدث عما يحدث في الاتحاد السوفيتي الشيوعي, وأن أورويل يشير إلى "ستالين" عندما يتحدث عن "الأخ الأكبر", لكن الأرجح أن أورويل ببصيرة وعبقرية مدهشتين إنما يتكلم عن المستقبل, ويتكلم عن خوفه من الأنظمة الشمولية عموما, والتي ستستخدم التكنولوجيا والإعلام لطمس وتغيير الحقائق, ولتوجيه الناس بحسب رغبتهم عبر عملية "غسيل مخ" مكثفة, وهو الحادث في يومنا هذا, وحتى في أكثر البلاد التي يمكن أن نصفها بالديمقراطية.
أثر الرواية البالغ:
رواية “1984″ كان لها تأثير كبير على روايات عديدة؛ فقد أثرت في رواية “فهرنهايت 451″ لـ “راي برادبوري”, و”الرجل الراكض” لـ “ستيفن كنج”, و “البرتقالة الميكانيكية” لـ “أرثر بيرجس”, ومن جهة أخرى كان لرواية “نحن” للأديب الروسي” يفنجي زامياتين” ورواية “عالم جديد شجاع” لـ “ألدوس هكسلي” تأثيراً كبيراً على جورج أورويل أثناء كتابته لهذه الرواية.
أيضاً كان لهذه الرواية تأثير كبير على اللغة الإنجليزية؛ فقد شاع استخدام العديد من المفردات التي ابتكرت في هذه الرواية مثل: (الأخ الأكبر - Big Brother), (الغرفة 101 - Room 101), (شرطة الفكر - Thought police), ( التفكير المزدوج- Doublethink), ( اللغة الجديدة – Newspeak), بل لقد درج استخدم مصطلح (أورويلي – Orwellian) كطريقة لوصف الحالات, أو المشاهد, أو الأفكار, أو طرق التحدث التي تشبه ما جاء في أعمال أورويل عموماً وهذه الرواية خصوصاً.
العنوان الأصلي لهذه الرواية كان “أخر رجل في أوروبا” ولكن الناشر اقترح على أورويل تغييره, وبالرغم من المحاولات العديدة لتفسير سبب اختيار أورويل لعام “1984″ بالضبط كي يكون عنواناً للرواية, إلا أنها كلها غير مؤكدة, والاقتناع السائد الذي يُذكر غالباً بهذا الخصوص أن عنوان الرواية هو عكس لأخر رقمين من *** 1948, وهي ال*** التي أتم فيها أورويل كتابة الرواية والتي استغرقت كتابتها ثلاث سنوات بداية من 1945, ونشرت في عام 1949.
ترجمت هذه الرواية لـ 62 لغة, جدير بالذكر أن مجلة “التايم” اختارت هذه الرواية كواحدة من أفضل 100 رواية كتبت بالإنجليزية من عام 1923 وحتى عام 2005, هذا بالرغم من أنها منعت في الكثير من الدول والكثير من المكتبات حين صدورها باعتبارها رواية خطرة سياسيًا.
تم تحويل الرواية لفيلم سينمائي, وقد كان توقيت عرض الفيلم مثير جداً؛ فقد صدر الفيلم في عام 1984, وفي ذلك العام أيضاً أصدرت شركة “Apple” جهازها “ماكنتوش” وروّجت له بإعلان شهير جداً مستوحى من رواية 1984, تظهر فيه شركة IBM”” كأنها “الأخ الأكبر” وهو يتحدث للشعب من على إحدى الشاشات الكبيرة, وتظهر شركة “Apple” كأنها فتاة تجري حاملة مطرقة, والجنود يطاردونها, ثم تحطم الفتاة الشاشة, بعد ذلك يظهر شعار الإعلان, وقد كان: شركة أبل سوف تقدم لكم ماكنتوش وسوف تعرفون لماذا 1984 لن يشبه “1984″.
“إنها رواية تقرأ، ثم تقرأ من جديد”.
قال الكاتب الأمريكى العظيم ناعوم تشومسكى : «نعم، إن نبوءات أورويل قد تحققت، وأن ما حذرنا منه قد وقع بالفعل، على الأقل فى جوهره».
فكيف لكاتب و صحفي إنجليزي من الثلاثينات و الأربعينات قد عاصر الحربين العالميتين الأولى و الثانية أن يعلم بكل هذه الأمور المتعلقة بالنظام العالمي الجديد الذي أعلنه بوش الأب في الحادي عشر من سبتمبر عام 1991م ؟
شكرًا لك ولجميع القائمين على هذا العمل المميز ولكل الاعضاء والزوار ودمتم بأمان الله