رندة
14-02-2012, 01:45 PM
http://www.getprograde.com/images/article_images/Cayenne_peppers_lg.jpg (http://www.getprograde.com/images/article_images/Cayenne_peppers_lg.jpg)
كُتب لي أن أقابل السيدة الصينية "هيزل ماه" صاحبة المطعم الصيني الشهير في مونتريال Le Piment Rouge (http://www.lepimentrouge.com/) و التي تعني "الفلفل الأحمر" باللغة الفرنسية . هذا المطعم المصنف من فئة المطاعم الراقية , حصل على كثير من الجوائز على المستوى المحلي و الإقليمي و زاره الكثير من الوزراء و الرؤساء , منهم على سبيل المثال لا الحصر: رئيس وزراء كندا حالياً , و خمسة من رؤساء وزراء كندا السابقين ، و الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب , و الكثير من المشاهير و الممثلين و رجال الأعمال .
أمضيت في ضيافة هذه المرأة الكريمة 4 ساعات متواصلة , ثم تشرفنا بإستضافتها في إحدى المحاضرات في الجامعة لنتحدث عن ما وجدناه من خلال بحثنا عن حياتها و مطعمها و قصة كفاحها و نجاحها . ثم أسعدتنا لمَا وقفت مستقبلة سيل الأسئلة بكل رحابة صدر , و كان مما أدهشني فعلاً هو كرمها في إسداء المعلومة دون تحفظ .
ولدت السيدة هيزل ماه في الصين في عام 1943 و تبلغ من العمر حاليا 69 عاماً . ُقتل والدها الجنرال العسكري في حروب الثورة الشيوعية في الصين و عمرها 6 سنوات , تاركاً وراءه 5 أطفال . كانت هيزل هي كبرى الفتيات , و لها أخ يكبرها . عانوا كثيراً من الفقر و الشقاء بعد والدهم . فقام صديقٌ لوالدهم بتقديم معروفٍ للعائلة , و أرسل أخوها الأكبر إلى مدينة أخرى ليدرس في مدارسها على حسابه . و بقيت هيزل و أخواتها مع والدتهم يصارعون الحياة من أجل لقمة العيش .
دعاها جدها يوماً من الأيام بعد مقتل والدها فقال لها: "يا ابنتي , قد كبر بي السن , و لا أظن أني استطيع النفقة عليكم كلكم . أنت البنت الكبرى , و أخشى أنك ستكونين مسؤولة عن إطعام أخواتك" ..
مرت الأيام و السنون , و هاهي هيزل تتخرج من قسم المحاسبة من تايوان بعد أن انتقلت والدتهم إلى هناك بحثاً عن عمل . ثم انضمت هي إلى العمل ضمن أحد الوفود الرسمية الزائرة إلى كندا في عام 1966 , و أعجبتها البيئة هناك و خصوصاً في مونتريال , كما وقعت في حب مهندس صيني يكبرها بعشر سنوات . فقررت العودة إلى كندا بعد هذه الزيارة بعامين .
تزوجت هيزل فور وصولها إلى كندا , و رزقت بطفلين ذكرين يفصل بين أعمارهما سنة واحدة فقط . كانت الحياة عليها صعبة جداً , فهي غريبة و صغيرة و أم لطفلين , و لا تتكلم لا اللغة الإنجليزية و لا الفرنسية التي كانت لغة هذه المقاطعة . ثم قررت هيزل بعدها أن تدرس البكالوريوس مرة أخرى في تخصص التجارة لتستطيع العمل هنا فالنفقة لم تعد تكفي لعائلتها . لكن هذه المرة باللغة الإنجليزية في جامعة كونكورديا بعد أن تكفل أحد أصدقاء العائلة بتكاليف دراستها دعماً لهم . كانت أيام الدراسة صعبة جداً عليها مع عدم إتقانها للغة الإنجليزية , و فكرت كثيراً في ترك دراستها لولا منظر الصبية الجياع الذي كان يترآى بين عينيها في كل لحظة ..
مضت الأعوام , و تخرجت هيزل من البكالوريوس , ثم عملت كمحاسبة في شركة أمريكية تبيع المنتجات المنزلية . و أنهت الماجستير في إدارة الأعمال بدوام جزئي من نفس الجامعة . ثم ترقت في مناصبها حتى وصلت لمنصب نائب الرئيس للشؤون المالية في شركتها . كانت جادّة , حاذقة , متقنة , منجزة , لا تؤجل أي عمل . و هذا ما جعلهم يختارونها لترأس الفرع الكندي من الشركة , لكن من المبنى الرئيسي للشركة في نيويورك . رفضت هيزل هذا العرض لأسباب كثيرة , من أهمها فرقة العائلة . فما كان عليها إلا البحث عن وظيفة جديدة لأن المكان لم يعد لها . انهالت العروض عليها من المنافسين , لكن كان في عقدها السابق ما يمنع العمل مع أي منافس . ثم أتهاها عرضٌ مغري من شركة "دخان" , لكن أخلاقها و مبادئها لم تسمح لها بالعمل هناك .
باتت هيزل عاطلةً عن العمل , و أصبحت تمشي في الأسواق و المحلات بحثاً عن عمل . ثم دخلت مطعماً صينياً لتتناول غداءها . و في وقت انتظارها للطعام , تحدثت معها صاحبة المطعم , ثم عرضت عليها أن تبيع لها نصف المطعم بـ 80 ألفاً و تكون شريكتها مناصفة فيه . كانت لدى هيزل مشكلتان: فهي لا تملك مالاً , و لا تعرف الطبخ . أخبرتها صاحبة المطعم أنها تريدها للشؤون الإدارية و للتنظيف , و لن تُكلّف بمهمة الطبخ . و بالنسبة للمال , فتدفعه أقساطاً من أرباحها في المحل . و بعد 3 أشهر فقط , استطاعت هيزل أن تسدد الثمانين ألفاً . و استمرت بعدها لثلاثة أشهر أخرى , ثم باعت نصيبها مرة أخرى لشريكتها في المطعم .
ذُهلت هيزل من مدى حجم الأرباح في ذلك المطعم , مع أن الطعام المقدم في نظرها لم يكن لذيذاً و لم يكن فعلاً صينياً مع أن المطعم صيني . بل إن الطعام المقدم -كما تقول- هو عبارة عن وجبات دهنية و مقلية لا تُؤكل في الصين و إنما عرفت في شمال أمريكا على أنها وجبات صينية . كما أن المطعم كان قذراً و لا يركّز على جوانب جودة الطعام إطلاقاً . و هذا أحد أسباب بيعها لحصتها مرة أخرى لصاحبة المطعم , بجانب إختلاف الرؤية و الأطباع و مستوى التعليم و التفكير بينهما .
http://3.bp.blogspot.com/public/1o_RL1a0D4qsiaC_oSaG3l-mI6aYrR89hyZxI3XsB8cDBJYvlGxdzutIbRonM-wVsL9zO3BCFcIbY__C5htNspjhdyr_yZ27zHXSCg7YKHbsdyVU 4fYCHno (http://3.bp.blogspot.com/public/1o_RL1a0D4qsiaC_oSaG3l-mI6aYrR89hyZxI3XsB8cDBJYvlGxdzutIbRonM-wVsL9zO3BCFcIbY__C5htNspjhdyr_yZ27zHXSCg7YKHbsdyVU 4fYCHno)
قرّرت هيزل أن تفتح مطعماً صينياً بتصنيف خمسة نجوم , يقدم الطعام الصيني الأصلي اللذيذ , و لا يوجد له شبيه لطبقته في مدينة مونتريال كلها . لم تكن تنقصها الأدوات المطلوبة للنجاح سوى بعض التمويل , فذهبت إلى 3 بنوك و رفضوها جميعاً . ثم دخلت على مدير أحد الفروع الذين يعرفونها لعملها السابق في الشركة , فقالت له: "قد كانت تواقيعي تُمضى على شيكات بالملايين , و الآن لا تقبلون مني قرضاً بـ 25,000 دولار لمشروعي الخاص؟" . فطلب منها أن تحضر دراساتها المالية لمطعمها , فأمضت طوال الليل تعمل عليها حتى صبّحته بها من الغد . ذُهل مدير البنك من قدراتها و وثق من نجاحها , و صرف لها مبلغ القرض خلال 3 أيام .
استأجرت هيزل مكاناً مميزاً لمطعمها , و أطلقت عليه اسم "الفلفل الأحمر" لأنه يستخدم في معظم أطباقهم الرئيسية في الصين . و بدأت في عام 1980 بـ 18 موظفاً فقط , و أحضرت طباخيها من نيويورك و الصين . و عملت ليلاً و نهاراً على إنجاحه حتى أصبح هو البيت لها و لأبناءها الصغار من كثرة ما يقضونه فيه من الوقت ..
لم يخب ظن هيزل كثيراً , و استطاعت أن ترد القرض الذي أخذته من البنك خلال 3 أشهر فقط . و بدأت شهرة مطعمها تطير في الآفاق , و اصطف الزبائن بالطوابير أمام المطعم , يقضون الساعة و الساعتين انتظاراً لخلو طاولة . و وصل عدد زبائن مطعمها في اليوم الواحد إلى 5000 زبون , كما بلغت صافي أرباحها السنوية أكثر من 5 مليون دولار . و بلغ عدد موظفي مطعمها 400 موظفاً ..
لم تركن هيزل إلى نجاحها و تقف , ففي كل ثلاثة أشهر تقوم هيزل بتغيير قائمة الطعام و إدخال أصناف جديدة . كما قامت بترميم المكان 3 مرات -كل عشر سنوات- و أوكلت ذلك إلى مصمم ديكور مشهور , و كلفتها كل ترميمة مبلغ مليون دولار . و بجانب تركيز هيزل على مسألة الراحة في المكان , كانت تركّز كثيراً على التميّز و البشاشة في الخدمة , و قبل ذلك كله , تركزّ على جودة الطعام المقدم . كما أنها تقوم دوماً بتصفح النت لرؤية ما يكتبه الناس من ملاحظات حول مطعمها لتقوم بتفاديه و تصحيحه ..
تنام هيزل يومياً عند الواحدة صباحاً و تستيقظ عند الخامسة صباحاً . ثم تؤدي مهام بيتها و أبناءها و مطعمها حتى الحادية عشر ليلاً . هذا جدولها اليومي منذ أن شرعت في تجارتها . كما أنها لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد إطلاقاً . و أذكر مثالاً من تجربتي معها : فقد قمت و مجموعتي بإرسال مجموعة من الأسئلة قبل اللقاء بيوم لتطّلع عليها و تعرف طبيعة لقاءنا , فتفاجأنا بردها على جميع الأسئلة في الساعة الثالثة و النصف صباحاً و عبر البلاك بيري !
تملك هيزل حالياً عددا من المطاعم الفخمة و المميزة في أمريكا و كندا , لكنها تقضي معظم وقتها في هذا المطعم الذي كان سبباً بعد الله في نجاحها و شهرتها التي صاحبتها في كل مكان . كما أنها تقوم كثيراً بمساعدة المهاجرين و المغتربين بتوظيفهم لديها لأنها عاشت ظروفهم و تعرف ما يعانونه . و يعمل لديها حالياً أبناء موظفيها و طباخيها السابقين لما وجدوا فيها من الصدق و الأمانة و الكرم .
تعطي هيزل المدراء و كبار الطباخين في مطاعمها حصصاً من رأس المال حتى يبقوا معها و يتحفزوا للإبداع و إنجاح المطعم . فلذلك تغيب عنهم فترة طويلة بحثاً عن فرص للتوسع و التطوير , ثم تعود فتجد كل شيء على أحسن ما يكون . و قد حصل أن غابت عنهم مدة 3 أشهر في إحدى عملياتها الجراحية , فما تأثرت مبيعاتها و لا أرباحها إطلاقاً ..
شبّ أبناء هيزل و نالوا الماجستير من جامعة هارفرد في إدارة الأعمال , و صاروا يقودون شركاتهم الخاصة في المطاعم و الضيافة . تقول هيزل أن أحد أبناءها اتصل عليها قبل أيام يقول لها : "يا أمي , علمتينا كل شيء إلا الراحة , فأنت لم تعلمينا كيف نسترخي " !!
هذه بإختصار , قصة كفاح و نجاح السيدة الصينية الكريمة , صاحبة مطعم "الفلفل الأحمر" .. :)
المصدر مدونة عقد 3qd.blog- (http://www.3qd.me/2012/02/blog-post.html#ixzz1mLjh4JTo)
كُتب لي أن أقابل السيدة الصينية "هيزل ماه" صاحبة المطعم الصيني الشهير في مونتريال Le Piment Rouge (http://www.lepimentrouge.com/) و التي تعني "الفلفل الأحمر" باللغة الفرنسية . هذا المطعم المصنف من فئة المطاعم الراقية , حصل على كثير من الجوائز على المستوى المحلي و الإقليمي و زاره الكثير من الوزراء و الرؤساء , منهم على سبيل المثال لا الحصر: رئيس وزراء كندا حالياً , و خمسة من رؤساء وزراء كندا السابقين ، و الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب , و الكثير من المشاهير و الممثلين و رجال الأعمال .
أمضيت في ضيافة هذه المرأة الكريمة 4 ساعات متواصلة , ثم تشرفنا بإستضافتها في إحدى المحاضرات في الجامعة لنتحدث عن ما وجدناه من خلال بحثنا عن حياتها و مطعمها و قصة كفاحها و نجاحها . ثم أسعدتنا لمَا وقفت مستقبلة سيل الأسئلة بكل رحابة صدر , و كان مما أدهشني فعلاً هو كرمها في إسداء المعلومة دون تحفظ .
ولدت السيدة هيزل ماه في الصين في عام 1943 و تبلغ من العمر حاليا 69 عاماً . ُقتل والدها الجنرال العسكري في حروب الثورة الشيوعية في الصين و عمرها 6 سنوات , تاركاً وراءه 5 أطفال . كانت هيزل هي كبرى الفتيات , و لها أخ يكبرها . عانوا كثيراً من الفقر و الشقاء بعد والدهم . فقام صديقٌ لوالدهم بتقديم معروفٍ للعائلة , و أرسل أخوها الأكبر إلى مدينة أخرى ليدرس في مدارسها على حسابه . و بقيت هيزل و أخواتها مع والدتهم يصارعون الحياة من أجل لقمة العيش .
دعاها جدها يوماً من الأيام بعد مقتل والدها فقال لها: "يا ابنتي , قد كبر بي السن , و لا أظن أني استطيع النفقة عليكم كلكم . أنت البنت الكبرى , و أخشى أنك ستكونين مسؤولة عن إطعام أخواتك" ..
مرت الأيام و السنون , و هاهي هيزل تتخرج من قسم المحاسبة من تايوان بعد أن انتقلت والدتهم إلى هناك بحثاً عن عمل . ثم انضمت هي إلى العمل ضمن أحد الوفود الرسمية الزائرة إلى كندا في عام 1966 , و أعجبتها البيئة هناك و خصوصاً في مونتريال , كما وقعت في حب مهندس صيني يكبرها بعشر سنوات . فقررت العودة إلى كندا بعد هذه الزيارة بعامين .
تزوجت هيزل فور وصولها إلى كندا , و رزقت بطفلين ذكرين يفصل بين أعمارهما سنة واحدة فقط . كانت الحياة عليها صعبة جداً , فهي غريبة و صغيرة و أم لطفلين , و لا تتكلم لا اللغة الإنجليزية و لا الفرنسية التي كانت لغة هذه المقاطعة . ثم قررت هيزل بعدها أن تدرس البكالوريوس مرة أخرى في تخصص التجارة لتستطيع العمل هنا فالنفقة لم تعد تكفي لعائلتها . لكن هذه المرة باللغة الإنجليزية في جامعة كونكورديا بعد أن تكفل أحد أصدقاء العائلة بتكاليف دراستها دعماً لهم . كانت أيام الدراسة صعبة جداً عليها مع عدم إتقانها للغة الإنجليزية , و فكرت كثيراً في ترك دراستها لولا منظر الصبية الجياع الذي كان يترآى بين عينيها في كل لحظة ..
مضت الأعوام , و تخرجت هيزل من البكالوريوس , ثم عملت كمحاسبة في شركة أمريكية تبيع المنتجات المنزلية . و أنهت الماجستير في إدارة الأعمال بدوام جزئي من نفس الجامعة . ثم ترقت في مناصبها حتى وصلت لمنصب نائب الرئيس للشؤون المالية في شركتها . كانت جادّة , حاذقة , متقنة , منجزة , لا تؤجل أي عمل . و هذا ما جعلهم يختارونها لترأس الفرع الكندي من الشركة , لكن من المبنى الرئيسي للشركة في نيويورك . رفضت هيزل هذا العرض لأسباب كثيرة , من أهمها فرقة العائلة . فما كان عليها إلا البحث عن وظيفة جديدة لأن المكان لم يعد لها . انهالت العروض عليها من المنافسين , لكن كان في عقدها السابق ما يمنع العمل مع أي منافس . ثم أتهاها عرضٌ مغري من شركة "دخان" , لكن أخلاقها و مبادئها لم تسمح لها بالعمل هناك .
باتت هيزل عاطلةً عن العمل , و أصبحت تمشي في الأسواق و المحلات بحثاً عن عمل . ثم دخلت مطعماً صينياً لتتناول غداءها . و في وقت انتظارها للطعام , تحدثت معها صاحبة المطعم , ثم عرضت عليها أن تبيع لها نصف المطعم بـ 80 ألفاً و تكون شريكتها مناصفة فيه . كانت لدى هيزل مشكلتان: فهي لا تملك مالاً , و لا تعرف الطبخ . أخبرتها صاحبة المطعم أنها تريدها للشؤون الإدارية و للتنظيف , و لن تُكلّف بمهمة الطبخ . و بالنسبة للمال , فتدفعه أقساطاً من أرباحها في المحل . و بعد 3 أشهر فقط , استطاعت هيزل أن تسدد الثمانين ألفاً . و استمرت بعدها لثلاثة أشهر أخرى , ثم باعت نصيبها مرة أخرى لشريكتها في المطعم .
ذُهلت هيزل من مدى حجم الأرباح في ذلك المطعم , مع أن الطعام المقدم في نظرها لم يكن لذيذاً و لم يكن فعلاً صينياً مع أن المطعم صيني . بل إن الطعام المقدم -كما تقول- هو عبارة عن وجبات دهنية و مقلية لا تُؤكل في الصين و إنما عرفت في شمال أمريكا على أنها وجبات صينية . كما أن المطعم كان قذراً و لا يركّز على جوانب جودة الطعام إطلاقاً . و هذا أحد أسباب بيعها لحصتها مرة أخرى لصاحبة المطعم , بجانب إختلاف الرؤية و الأطباع و مستوى التعليم و التفكير بينهما .
http://3.bp.blogspot.com/public/1o_RL1a0D4qsiaC_oSaG3l-mI6aYrR89hyZxI3XsB8cDBJYvlGxdzutIbRonM-wVsL9zO3BCFcIbY__C5htNspjhdyr_yZ27zHXSCg7YKHbsdyVU 4fYCHno (http://3.bp.blogspot.com/public/1o_RL1a0D4qsiaC_oSaG3l-mI6aYrR89hyZxI3XsB8cDBJYvlGxdzutIbRonM-wVsL9zO3BCFcIbY__C5htNspjhdyr_yZ27zHXSCg7YKHbsdyVU 4fYCHno)
قرّرت هيزل أن تفتح مطعماً صينياً بتصنيف خمسة نجوم , يقدم الطعام الصيني الأصلي اللذيذ , و لا يوجد له شبيه لطبقته في مدينة مونتريال كلها . لم تكن تنقصها الأدوات المطلوبة للنجاح سوى بعض التمويل , فذهبت إلى 3 بنوك و رفضوها جميعاً . ثم دخلت على مدير أحد الفروع الذين يعرفونها لعملها السابق في الشركة , فقالت له: "قد كانت تواقيعي تُمضى على شيكات بالملايين , و الآن لا تقبلون مني قرضاً بـ 25,000 دولار لمشروعي الخاص؟" . فطلب منها أن تحضر دراساتها المالية لمطعمها , فأمضت طوال الليل تعمل عليها حتى صبّحته بها من الغد . ذُهل مدير البنك من قدراتها و وثق من نجاحها , و صرف لها مبلغ القرض خلال 3 أيام .
استأجرت هيزل مكاناً مميزاً لمطعمها , و أطلقت عليه اسم "الفلفل الأحمر" لأنه يستخدم في معظم أطباقهم الرئيسية في الصين . و بدأت في عام 1980 بـ 18 موظفاً فقط , و أحضرت طباخيها من نيويورك و الصين . و عملت ليلاً و نهاراً على إنجاحه حتى أصبح هو البيت لها و لأبناءها الصغار من كثرة ما يقضونه فيه من الوقت ..
لم يخب ظن هيزل كثيراً , و استطاعت أن ترد القرض الذي أخذته من البنك خلال 3 أشهر فقط . و بدأت شهرة مطعمها تطير في الآفاق , و اصطف الزبائن بالطوابير أمام المطعم , يقضون الساعة و الساعتين انتظاراً لخلو طاولة . و وصل عدد زبائن مطعمها في اليوم الواحد إلى 5000 زبون , كما بلغت صافي أرباحها السنوية أكثر من 5 مليون دولار . و بلغ عدد موظفي مطعمها 400 موظفاً ..
لم تركن هيزل إلى نجاحها و تقف , ففي كل ثلاثة أشهر تقوم هيزل بتغيير قائمة الطعام و إدخال أصناف جديدة . كما قامت بترميم المكان 3 مرات -كل عشر سنوات- و أوكلت ذلك إلى مصمم ديكور مشهور , و كلفتها كل ترميمة مبلغ مليون دولار . و بجانب تركيز هيزل على مسألة الراحة في المكان , كانت تركّز كثيراً على التميّز و البشاشة في الخدمة , و قبل ذلك كله , تركزّ على جودة الطعام المقدم . كما أنها تقوم دوماً بتصفح النت لرؤية ما يكتبه الناس من ملاحظات حول مطعمها لتقوم بتفاديه و تصحيحه ..
تنام هيزل يومياً عند الواحدة صباحاً و تستيقظ عند الخامسة صباحاً . ثم تؤدي مهام بيتها و أبناءها و مطعمها حتى الحادية عشر ليلاً . هذا جدولها اليومي منذ أن شرعت في تجارتها . كما أنها لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد إطلاقاً . و أذكر مثالاً من تجربتي معها : فقد قمت و مجموعتي بإرسال مجموعة من الأسئلة قبل اللقاء بيوم لتطّلع عليها و تعرف طبيعة لقاءنا , فتفاجأنا بردها على جميع الأسئلة في الساعة الثالثة و النصف صباحاً و عبر البلاك بيري !
تملك هيزل حالياً عددا من المطاعم الفخمة و المميزة في أمريكا و كندا , لكنها تقضي معظم وقتها في هذا المطعم الذي كان سبباً بعد الله في نجاحها و شهرتها التي صاحبتها في كل مكان . كما أنها تقوم كثيراً بمساعدة المهاجرين و المغتربين بتوظيفهم لديها لأنها عاشت ظروفهم و تعرف ما يعانونه . و يعمل لديها حالياً أبناء موظفيها و طباخيها السابقين لما وجدوا فيها من الصدق و الأمانة و الكرم .
تعطي هيزل المدراء و كبار الطباخين في مطاعمها حصصاً من رأس المال حتى يبقوا معها و يتحفزوا للإبداع و إنجاح المطعم . فلذلك تغيب عنهم فترة طويلة بحثاً عن فرص للتوسع و التطوير , ثم تعود فتجد كل شيء على أحسن ما يكون . و قد حصل أن غابت عنهم مدة 3 أشهر في إحدى عملياتها الجراحية , فما تأثرت مبيعاتها و لا أرباحها إطلاقاً ..
شبّ أبناء هيزل و نالوا الماجستير من جامعة هارفرد في إدارة الأعمال , و صاروا يقودون شركاتهم الخاصة في المطاعم و الضيافة . تقول هيزل أن أحد أبناءها اتصل عليها قبل أيام يقول لها : "يا أمي , علمتينا كل شيء إلا الراحة , فأنت لم تعلمينا كيف نسترخي " !!
هذه بإختصار , قصة كفاح و نجاح السيدة الصينية الكريمة , صاحبة مطعم "الفلفل الأحمر" .. :)
المصدر مدونة عقد 3qd.blog- (http://www.3qd.me/2012/02/blog-post.html#ixzz1mLjh4JTo)