مع بداية عام 2010 كان عدد الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية 12 شركة، وبمرور الأيام ازداد العدد تدريجياً ووصل إلى 19 شركة تمثل القطاع المصرفي بشكل خاص، وقطاع التأمين، يليه قطاع الخدمات، بلغت قيم التداول فيها خلال عام حدود 9.5 مليارات ليرة سورية. لم يخلُ الحديث مع وزير المال محمد جليلاتي حينما كان يشغل منصب المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية من نقد ذاتي للأداء، فالرجل لا يكترث لمن يوصفون بأنهم (يضعون العصي في العجلات)، ويحبطون السوق بأساليب عديدة كما يقول، والذين يصف بعضهم بأنّهم من يجرون مقارنات بين سوق دمشق وأسواق خليجية وعربية مجاورة، فيظهر الفرق في قيم التداولات وحجوم الأسهم بين السوقين، انطلاقاً من أننا نسير - حبة حبة -في اقتصاد كله يتوجه نحو السوق. ورغم تواضع قيم التداول على مدار العام مقارنة بأسواق مالية مجاورة، إلا أنّ حالة من الرضا بدت على وجه المدير التنفيذي، والذي باح في حديثه للاقتصادي عن أبرز مشكلات وهموم السوق، وأهم التطورات التي مرت بها خلال عامين، إضافة إلى الخطط المستقبلية التي تعدّها الإدارة لاستقطاب مزيد من الشركات لتدرج في السوق. وعي استثماري يستهل جليلاتي الحديث بالإشارة إلى حجوم التداول في 2010، ويجري مقارنة توضيحية بين سوق دمشق ونظيرتها في الأردن فيقول: "إن قيم التداول في سوق دمشق قد لا تعني شيئاً إذا ما قورنت بقيم التداول في الأسواق العربية المجاورة، لكنها في تلك الأسواق يقدّر عدد الشركات المدرجة بالمئات، فعلى سبيل المثال في سوق عمّان المالي يبلغ عدد الشركات المدرجة 300 شركة، والأسهم الحرة القابلة للتداول هناك بحدود 40 إلى 50%، أضف إلى ذلك الوعي الاستثماري وعدد المتعاملين في السوق والذي يصل إلى حدود 500 ألف إنسان". وكذلك الأمر ينطبق على البورصة المصرية، وعلى البورصات الخليجية التي تمتاز بتوفر السيولة النقدية بكميات هائلة وارتفاع متوسط دخل الفرد أي لا يمكن إجراء مقارنة بين متوسط دخل الفرد في سورية ومتوسط دخل الفرد في الخليج، فدخل الفرد ينقسم إلى جزأين (ادّخار واستهلاك)، وكلما كانت نسبة الادّخار عالية كلما أدت إلى تشجيع المواطنين على استثمار مدخراتهم في جميع المجالات ومنها سوق الأوراق المالية، وفي سورية لم يمض على تأسيس السوق سوى عامين أو أقل، ابتدأنا مع تأثيرات قوية للأزمة المالية العالمية وتحديداً على البلدان النامية، وفي فترة ركود اقتصادي، والتي غالباً ما تؤثر وبشكل مباشرة على الأسواق وعلى الاقتصاديات. المضاربة ماحجم تداول الأسهم الحرّة؟ وماعدد المستثمرين؟ وإلى أي مدى ظهرت المضاربة التي طالما تخوّفتم منها؟ لدينا نحو 5700 مستثمر، لكن المستثمرين الحقيقيين لا يزيد عددهم عن 50، ولا يزال جو المضاربة هو المنتشر، فالمضاربة تعتمد على التداول قصير الأجل دون الاهتمام بمصلحة الشركة، وهناك مضارب هاوٍ ومضارب محترف، يحاولان التأثير على السوق في عمليات البيع والشراء. فكبار المضاربين قاموا بالبيع فانقاد صغار المستثمرين خلفهم، ونحن لا نستطيع حماية المستثمر إلا من الممارسات غير القانونية. ومن هذه الممارسات على سبيل المثال (كأن يكون لأحد الأشخاص 1000 سهم يبيع منهم كل يوم 200 سهم وهو العدد المحدد لنقل الحدود السعرية، وبهذا الإجراء يؤثر على السوق وعلى الحدود السعرية التي تؤدي بالتالي إلى تجميد الأسهم صعوداً أو هبوطاً)، علماً أن الحدود السعرية كانت 2%، والآن أصبحت 3%، حتى لا تؤدي الحدود السعرية الضيقة إلى تجميد الأسهم. هل هناك علاقة بين ارتفاع أسعار الأسهم في سوق دمشق وبين انخفاض معدّل دورانها؟ هناك فرق بين معدّل الدوران وارتفاع الأسعار، فمعدّل الدوران هو العلاقة بين عدد الأسهم المتداولة وعدد الأسهم المصدّرة، مثلاً (أحد الأسهم بدأ بـ 140 ليرة سورية، وصل العام الماضي 700 ليرة) فمعدّل دوران الأسهم هنا نصف بالمئة فهل هناك علاقة؟ بالطبع لا، من البديهي كلما ازداد معدّل دوران الأسهم كلما أدّى إلى زيادة أحجام التداول، وبالتالي رفع قيم التداول صعوداً أو هبوطاً؟ مدّخرات المواطنين هل تعقدون الأمل على تغيير الشركات لشكلها القانوني لتدرج في السوق؟ يجب الانطلاق من أن السوق وجميع القوانين والمؤسسات الاقتصادية هدفها الأول والأخير هو تحقيق التنمية الاقتصادية، وتأمين الرفاهية المطلوبة للمواطن، ومعالجة مشكلة البطالة، وتوفير فرص العمل، والحد من مستويات الفقر، إذاً السوق ليس هدفاً بل وسيلة لتعبئة مدّخرات المواطنين وزجّها في الاستثمار، فالمدّخرات تتراكم
عاماً بعد عام ففي 2010 كان معدّل الادّخار 25% من الناتج المحلي، أما قبل سنوات فكان 15% إذاً يجب الاستفادة من هذه المدّخرات أكثر بدلاً من توظيفها في مبان عقارية أو إيداعها في مصارف أو وضعها في جيوب المواطنين كسيولة. وإن هدف السوق هو خدمة السوق الأولية أي تأسيس شركات جديدة، والتوسّع في شركات قائمة، إذ تأسّس في 2010 ثمانية شركات مساهمة عامة، 6 منها في القطاع المصرفي، وبالتالي هذا القطاع خدمي أكثر منه إنتاجي، في حين بلغ عدد الشركات المرخّصة المحدودة المسؤولية (تجارية أو صناعية أو خدمية) 500 شركة، وهنا نلاحظ أنه لا يزال هناك إقبال على الشركات العائلية، ونحن نسعى إلى إقناع المستثمرين الجدد الذين يرغبون بتأسيس شركات أن تكون مساهمة تطرح نسبة من رأسمالها على الاكتتاب العام، وتكون فاعلة في سوق الأوراق المالية فيما لو أدرجت. هل تأسيس 8 شركات مساهمة عامة في 2010 فقط مؤشر إيجابي وكاف؟ هناك دائماً هوة بين ترخيص الشركات وبين بدئها العمل أي تسديد رأسمالها كاملاً، وطرح الأسهم على الاكتتاب العام، والبدء بالاستثمار، وقد تصل مدة هذه الإجراءات إلى 3 سنوات، لذلك وصل عدد الشركات إلى 19 شركة، وهناك شركات غير مدرجة يتوقع إدراجها في 2011 عندما تتوافق أوضاعها مع شروط الإدراج وسداد كامل رأس المال، فلدينا نحو 10 شركات يمكن أن تدرج بحلول 2011، وعندما صدر قانون التأجير التمويلي شجع نوعين من الشركات على الدخول في السوق وهي شركات التأجير التمويلي التي تعمل وفق العقلية التجارية أي أنها تقوم بتأجير المباني والمصانع وبنهاية عقد الإيجار يؤول ملكية الأصل إلى المستأجر، وهناك شركات الإجارة المنتهية بالتمليك وهي شركات التأجير التمويلي نفسها، لكنها تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وهذين النوعين من الشركات نص القانون وبشكل صريح أن تكون بشكل شركات مساهمة عامة. كما أنّ قانون التطوير العقاري الذي أكّد أن الشكل القانوني الأفضل لهذة الشركات، هي الشركات المساهمة العامة، ونأمل أن تكون الشركات التي ستنفذ المشاريع العقارية والسياحية مساهمة عامة تخضع للرقابة من عدة جهات لجهة تكاليف أنشطتها وأرباحها وإيرادتها، ومن خلال توسيع قاعدة الملكية وبياناتها المالية، وأن تكون معدّة وفق المعايير الدولية، وأن تستفيد من التسهيلات المالية من المصارف بشكل أفضل لتستطيع عقد شراكات وتحالفات مع شركات أجنبية. وهناك شركات صناعية كأسمنت البادية التي من المنتظر أن يتم تسديد القسط الأخير منها ليتم إدراجها، وذلك بعد اجتماع الهيئة العامة للمساهمين، وأتوقع قبل نهاية آذار (مارس) الجاري، ولدينا بنك الشام الإسلامي الذي سدّد كامل رأسماله عدا 180 مليون ليرة من أصل 5 مليارات، علماً أن إدارة البنك تسعى لإبلاغ المساهمين المتأخرين عن الدفع بضرورة السداد أو بيعها الأسهم بموجب القانون. ولدينا أيضاً شركة ماس لتوزيع المواد الغذائية والتي يمكن إدراجها وننتظر تقديم طلبات الإدراج بعد أن سدّد كامل الرأسمال من قبل المساهمين، ونأمل من شركات الأدوية الحالية أن تحوّل شكلها القانوني إلى المساهمة العامة لتدرج في السوق، وتتمكن من التصدير بعد أن ضاهت منتجاتها نظيرتها الأوروبية. هل هناك توجّه لاستقطاب شركات الاتصال الخليوي؟ طبعاً نحن جاهزون لاستقبال شركات الاتصالات في أي وقت، والتي تم إنشاؤها وفق نظام (bot) والتي تقوم الآن بتحويل عقودها إلى دائمة بالاتفاق مع شركة الاتصالات، كما أننا بدأنا نتلقّى استفسارات من المشغّلين تتعلق بشروط الإدراج في دلالة على رغبتهما بدخول السوق. تحذير لماذا حذّرتم في الفترة الأخيرة من عمليات نصب واحتيال تطال السوق؟ هناك عمليات نصب واحتيال في مكاتب تتداول الأسهم وهي غير مرخّصة، كمن يفتح مكتب غير مرخّص ويقوم بتداول الأسهم غير المدرجة، ويكون وسيطاً يبيع ويشتري أسهماً عن طريق شركات تجارية صناعية اسمها غير مدرج في السوق، هذه العملية مخالفة للقانون قد يقوم بها الشخص عن حسن نية، لكن مخالفة للقانون أو أن يستغل هذه العمل ويتلاعب في الموضوع. وعمله هذا مغاير لعمل شركات الوساطة المرخّصة من قبل الهئية، والتي تقوم بتداول الأسهم المدرجة في سوق دمشق وسمح لها في الفترة الأخيرة بالأسهم غير المدرجة. ما الإجراءات القانونية المتخذة بحق المخالفين؟ الإجراءات القانونية تقوم بها هيئة الأوراق المالية مباشرة، وعند علمها تقوم بإغلاق هذه المكاتب عن طريق السلطات المعنية. لماذا تعارضون دخول الأموال
الساخنة للبلد؟ أرى أنه في السنوات الخمس الأولى من عمر السوق لا مبرّر لدخول رؤوس الأموال الأجنبية والتي توصف بـ (الساخنة) للتداول في السوق مباشرة خلال مدة قصيرة، ما يؤدي إلى إلحاق ضرر في الأسعار بالسوق، وفي الاقتصاد السوري بشكل عام، ولقد وضعت الدولة تعلميات ناظمة لهذه العملية، إذ يسمح لرؤوس الأموال بالتداول في السوق
شريطة أن تبقى سنة كاملة، وإذا سحبت أموالها قبل 6 أشهر عليها أن تدفع
ضريبة 50% من الأرباح. برأيك هل حجم الأسهم الحرة والذي قدره فقط 15% كاف؟ نعم، لأن الشريك الاستراتيجي، وهو المصارف الأجنبية تمتلك من 49-60%، وأعضاء مجلس الإدارة يملكون من 70-80%، والأسهم الحرة نظرياًً قد تصل إلى 30%، وفعلياً دون 5 أو 6% لأن المواطن السوري اعتاد أن يحتفظ بسهمه دون أن يتداول، ومن يتداول هو من يدخل للسوق بائعاً أو مشترياً بهدف تحقيق الأرباح الرأسمالية، وهذه الأسهم الحرّة فعلياً نتيجة نص قانوني يحول دون السماح للمساهمين بتداول أسهمهم إلا بعد خمس سنوات، وهؤلاء يشكّلون 80%، منهم 60% أجانب، و20% سوريين، وهؤلاء جاؤوا للمشاركة والبقاء في السوق السورية، وبالتالي ليس لهم مصلحة بأن يتداولوا. إلى أي مدى تلتزم الشركات في الإفصاح والشفافية؟ حالياً نحو 99% من الشركات المدرجة في السوق تلتزم بالإفصاح بالشفافية.