ستة ملايين طن عجز الوطن العربي من الحديد سنويا

[سليم نجار]

صناعة الحديد والصلب العربية... الإنتاج لايكافئ الاستهلاك والعجز 6 ملايين طن سنوياًً

في الربع الأول من العام الجاري تحولت مصر إلى أكبر مستورد لحديد التسليح في منطقة الشرق الأوسط ،
فقد ارتفعت وارداتها من حديد التسليح من صفر تقريباً في ٢٠٠٨ إلى ٢٢% من إجمالي الواردات العربية له في الربع الأول من العام الجاري والتي بلغت نحو ٢.٢ مليون طن حديد تسليح.‏

ويرافق هذه الاخبار الفصلية نمو الصادرات التركية إلى الأسواق العربية خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام لتصل الى 4.2 ملايين طن مقابل 2.9 مليون طن لنفس الفترة من عام 2008، أي بزيادة بلغت (45%)، وتشكل السوق المصرية أكبر مستورد لمنتجات الصلب من تركيا، حيث بلغ إجمالي مستورداتها خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام 1.7 مليون طن مقابل 58 ألف طن للفترة نفسها من عام 2008، وبذلك احتلت السوق المصرية المرتبة الأولى بدلاً من الإمارات العربية المتحدة التي كانت تحتل هذه المرتبة ، حيث تراجعت مستورداتها خلال الأشهر الأربع الأولى من هذا العام إلى 553 ألف طن مقابل 1.7 مليون طن لنفس الفترة من عام 2008.‏

وتأتي العراق في المرتبة الثالثة من حيث حجم المستوردات تليها الجزائر في المرتبة الرابعة، ويشكل إجمالي مستوردات هذه الدول الأربع 3.1 ملايين طن خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مقابل 2.3 مليون طن للفترة نفسها من عام 2008. وكل ما تقدم يؤكد بطريقة قاطعة نمو الطلب على المادة ، ما يدحض اخبار تراجع اداء قطاع البناء في معظم الدول العربية، ويؤكد بالمقابل ان تراجع الانتاج العربي من الحديد ، وخاصة في الدول ذات الانتاج الكبير له ، كمصر مثلا، انما يعود الى انخفاض اسعاره عالميا ، فبعد ان بلغ سعر الطن اوائل العام الماضي نحو 1200 دولار ، تراجع في أواخره- العام الماضي – الى 350 دولارا ، الامر الذي دفع بالمنتجين الى تخفيف دورات الانتاج واللجوء الى الاستيراد ، كما فعل حديد عز، اكبر منتج في مصر وثاني اكبر منتج عربي بعد حديد سابك السعودية.‏

20 مليون طن حديد‏
وفقا لإحصائيات معهد الصلب العربي نجد ان الدول العربية تستهلك سنوياً 20 مليون طن من حديد التسليح ، وكمية الاستهلاك هذه سجلت في عام 2007، وهو ما يمثل 20٪ من إجمالي الاستهلاك العالمي للحديد، حيث تأتى الدول العربية في المرتبة الثالثة عالميا بعد الصين والهند من حيث نمو الاستهلاك، وتنفرد دول مجلس التعاون الخليجي باستهلاك 12 مليون طن من الحديد سنوياً، نظراً للطفرة العقارية الهائلة، ويلي دول الخليج مصر التي يصل استهلاكها من الحديد إلى 4 ملايين طن سنوياً.‏

إذ يتزايد استهلاك العالم العربي من الحديد سنوياً بنسبة 9٪، بينما لا يزيد معدل النمو العالمي للطلب على الحديد على3% فقط، وليس هناك سوى الصين والهند اللتين تسبقان الدول العربية في معدل تزايد طلبها على الحديد سنويا والذى يقدر بـ13٪ ، ومن المتوقع أن يصل حجم استهلاك الدول العربية من حديد التسليح إلى 30 مليون طن سنويا بحلول عام 2012.‏

ومقابل كميات الاستهلاك هذه نجد ان الاتحاد العربي للحديد والصلب، الذي أسس في الجزائر عام 1971 يشير إلى أن الطلب المتزايد على الحديد في الدول العربية ساهم في تزايد توجهات رؤوس الأموال العربية للدخول في مشروعات جديدة لإنتاج حديد التسليح، ما ساهم في ازدهار هذه الصناعة عربياً، وتفيد تقديرات الاتحاد بأن الطاقة الإنتاجة للمشروعات الحديدية ستصل إلى 6 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2011، وهو ما يعني أن إنتاج الشركات العربية سيصل إلى 26 مليون طن في عام 2011، ومن ثم ستبقى هناك فجوة مقدارها ستة ملايين طن من حديد التسليح ستضطر الدول العربية إلى استيرادها لتغطية حجم الاستهلاك المقدر بـ32 مليون طن بحلول 2012، وهذه الفجوة بين الاستهلاك والانتاج تتمركز حاليا في منطقة الخليج العربي .‏

7% معدل النمو السنوي‏
وتشير التقارير والدراسات المختصة بهذا القطاع إلى أن أهم ما يميز صناعة الحديد والصلب العربية، هو تسارع نموها بمعدلات تصل إلى 7% سنوياً، وهو ثالث أكبر معدل نمو للصناعة في العالم بعد الهند التي تنمو فيها صناعة الصلب بمعدل %9 سنوياً، والصين التي تنمو فيها الإنتاجية من هذه السلعة بمعدل 13% سنوياً، ولكن لا تزال حصة الدول العربية في إنتاج الصلب ضعيفة على المستوى العالمي، حيث لا تزيد على 1.4% فقط من الإنتاج العالمي للصلب، ولكن ما يبعث على التفاؤل هو أن حجم الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك العربي للصلب، يضيق سنوياً، وإن كان الاستيراد سيبقى قائماً للمنتجات المدرفلة على البارد والأنابيب والمواسير.‏

واذا ابتعدنا عن انتاجية الدول العربية واتجهنا الى الانتاج العالمي الذي ترسم خارطته الجمعية الدولية للصلب نرى ان الإنتاج العالمي من الصلب الخام وصل الى 1.329 مليون طن في عام 2008، بانخفاض نسبته 1.2% بالمقارنة مع عام 2007، ويعتبر عام 2008 السنة الثانية على التوالي التي يكون فيها الإنتاج العالمي من الصلب أكثر من 1300 مليون طن.‏

تراجع الانتاج في الدول الأم‏

لقد انخفض إنتاج الصلب تقريباً في جميع البلدان والمناطق الرئيسية المنتجة للصلب بما فيها الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية في عام 2008، غير أن آسيا وعلى وجه الخصوص الصين، والشرق الأوسط، قد أظهرت نمواً إيجابياً في عام 2008، وقد أظهر إنتاج الصلب في جميع أنحاء العالم تسارعاً في النمو السلبي ابتداء من شهر أيلول 2008 حتى نهاية السنة، وقد سجل الإنتاج العالمي من الصلب الخام في شهر كانون الأول عام 2008 انخفاضاً قياسياً بلغ 24.3% بالمقارنة مع عام 2007.‏

والصين أصبحت أول بلد يتجاوز إنتاجه أكثر من 500 مليون طن في سنة واحدة، حيث وصل إنتاجها من الصلب الخام في عام 2008 إلى 502 مليون طن ، وهذا يشكل زيادة بنسبة 2.6% عن عام 2007، وقد ازداد حجم الإنتاج في الصين أكثر من الضعف في غضون خمس سنوات فقد كان 222 مليون طن في عام 2002، وقد استمرت حصة الصين في الإنتاج العالمي للصلب في النمو في عام 2008 منتجة 38% من إجمالي الإنتاج العالمي من الصلب الخام. ولتبق الصين رائدة لجأت الى الاستثمار في مناجم ليبيرية وستبدأ بضخ نحو 2.6 مليار دولار لهذه الغاية