قرار خاطئ وغير مسؤول.. بقلم: شادي جابر

[shadi2010]

في 28 تشرين الأول الماضي وافق مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية بالقرار رقم /101/م على زيادة رأسمال بنك قطر الوطني ـ سورية بنسبة 200 بالمئة (من 5 مليارات ليرة سورية إلى 15 مليار ليرة سورية) علماً أن عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب بغرض زيادة رأسمال البنك يبلغ 20 مليون سهماً، بقيمة اسمية 500 ليرة سورية للسهم الواحد، وبقيمة إجمالية تبلغ 10 مليارات ليرة!.

ويبدو لمن يراقب سوق دمشق للأوراق المالية أن هذه الموافقة قد تسببت بأزمة غير مسبوقة في السوق، وأدت إلى تراجع حاد في العديد من أسهم الشركات المدرجة في السوق وخاصة سهم بنك قطر، بل وحتى الأسهم التي لم تدرج بعد، منذ صدور القرار المذكور، وذلك بسبب عروض البيع الكبيرة من قبل مالكي الأسهم من أجل تأمين سيولة مالية للاكتتاب على ما يحق لهم من أسهم في بنك قطر.

الآن وبالنظر إلى ما يجري من تدهور حاد ومستمر في أسعار الأسهم، يمكن القول إن موافقة هيئة الأوراق المالية السورية على زيادة رأسمال بنك قطر بنسبة 200 بالمئة دفعة واحدة كانت خطأ جسيماً ارتكبته الهيئة بحق سوق دمشق من جانب وبحق المساهمين عموماً والصغار منهم خصوصاً من جانب آخر. إذ كان بإمكان الهيئة بحكم صلاحياتها الواسعة أن توافق على زيادة رأسمال بنك قطر على مرحلتين أو ثلاث، بحيث لا تتعدى الزيادة في المرحلة الواحدة نسبة 100 بالمئة كحد أقصى، ولو فعلت ذلك لما كنا لنرى هذا الانهيار المستمر لأسعار الأسهم في سوق دمشق للأرواق المالية.

ثمة ثلاثة أهداف للهيئة وردت في موقعها الرسمي على الانترنت وهي:
1ـ تنظيم وتطوير الأسواق المالية والأنشطة والفعاليات الملحقة بها بما يضمن تحقيق العدالة والكفاءة والشفافية ويساهم في الحد من المخاطر المرتبطة بمعاملات الأوراق المالية.
2ـ حماية المواطنين والمستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة أو غير السليمة، أو التي تنطوي على احتيال أو غش أو تدليس أو تلاعب.

3ـ تشجيع النشاط الادخاري والاستثماري بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.

وتقول الهيئة أيضاً إن رسالتها هي: "تطوير قطاع الأوراق والأسواق المالية والأنشطة والفعاليات الملحقة بها وفق المعايير والممارسات الدولية ومن خلال ضمان مبادئ العدالة والشفافية وتنمية الوعي الاستثماري لتعزيز فرص الإصلاح والتنمية لتوطيد مناخ الاستثمار الآمن..".
وقبل هذا وذاك وضعت الهيئة على صفحتها الرئيسية الشعار التالي:

"استثمار آمن.. عدالة وشفافية.. سوق مالية مستقرة.. اقتصاد واعد".

فهل أداء الهيئة ينسجم مع هذا الشعار وتلك الرسالة والأهداف، وخاصة في القرار الآنف الذكر بالموافقة على زيادة رأسمال بنك قطر بنسبة 200 بالمئة دفعة واحدة؟!. ومن المستفيد من هذه الزيادة الكبيرة جداً؟!.. وهل جاءت موافقة الهيئة على تلك الزيادة في مصلحة المساهمين وسوق دمشق للأوراق المالية بشكل عام؟! وماذا تقول الهيئة للمتضررين الذين اشتروا أسهماً في بنك قطر بأسعار عالية تجاوزت 1600 ليرة للسهم الواحد من أجل الحصول على حق الأفضلية في الاكتتاب على أسهم جديدة بالقيمة الاسمية البالغة 500 ليرة؟! ولماذا أدخلت المساهمين وخاصة الصغار منهم في هذه الدوامة المخيفة وجعلتهم يلهثون وراء تأمين السيولة لأن البديل سيكون أسوأ وسيعني ضياع حقوقهم؟!. أم أن موافقة الهيئة على الزيادة دفعة واحدة لم تكن خطأ، بل فعلاً مقصوداً لأغراض معينة ستبقى طي الكتمان، كما يرى البعض؟!

تساؤلات كثيرة، لكنها ملحة ومشروعة نضعها برسم مجلس مفوضي الهيئة والقائمين عليها، ومن ثم برسم رئاسة مجلس الوزراء ليتحرك أحدهما أو كلاهما من أجل إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
كان الأجدر بهيئة الأوراق والأسواق المالية أن تكون أكثر عدالة وشفافية وحرصاً على المستثمرين من جانب وعلى سوق دمشق للأوراق المالية من جانب آخر، فهي تمثل المرآة التي تعكس الصورة الحقيقية للاقتصاد الوطني ككل.

من هنا ندعو الهيئة إلى إجراء تصحيحي فوري وعاجل لوقف هذا الانهيار، ومن ثم القيام بعملية مراجعة حقيقية لهذه التجربة واستخلاص العبر والدروس منها كي لا يتكرر ما جرى في زيادات رأسمال قادمة لبنوك أخرى.

ونقترح في هذا الصدد بعض الإجراءات التلطيفية مثل تعديل قرار الهيئة الخاص بزيادة رأسمال بنك قطر، بحيث تجرى الزيادة على مرحلتين كل واحدة منهما بنسبة 100 بالمئة وبفاصل زمني لا يقل عن 4 أشهر بين الأولى والثانية، أو تأجيل الاكتتاب لمدة ثلاثة أشهر على أقل تقدير كي يتسنى للمساهمين في بنك قطر تأمين السيولة اللازمة للاكتتاب والحفاظ على حقوقهم، أو تمديد فترة الاكتتاب على زيادة رأسمال بنك قطر في المرحلة الأولى لتصبح شهرين كاملين على أقل تقدير بدلاً من عشرة أيام، وذلك أضعف الإيمان.

المصدر: سيريا لايت 21/11/2010

[Tarouqa]

.
اقتباسات - ملخص

"استثمار آمن.. عدالة وشفافية.. سوق مالية مستقرة.. اقتصاد واعد"

"وافق على زيادة رأسمال بنك قطر الوطني ـ سورية بنسبة 200 بالمئة"

"تشجيع النشاط الادخاري والاستثماري"

"هذه الموافقة قد تسببت بأزمة غير مسبوقة في السوق"
"قرار خاطئ وغير مسؤول"

"تنظيم وتطوير الأسواق المالية"

"دفعة واحدة كانت خطأ جسيماً"

"حماية المواطنين والمستثمرين في الأوراق المالية"

"فعلاً مقصوداً لأغراض معينة ستبقى طي الكتمان"

"تنظيم وتطوير الأسواق المالية"

"تساؤلات كثيرة، لكنها ملحة ومشروعة"

"أكثر عدالة وشفافية وحرصاً على المستثمرين"

"إجراء تصحيحي فوري وعاجل لوقف هذا الانهيار"

بدنا مين يسمع