29-08-2013, 11:59 PM | #51 |
عضو أساسي
شكراً: 7,450
تم شكره 8,841 مرة في 2,338 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
العلم في سوريا اذا نزل صاروخ اهربوا عالقبو واذا كيماوي اطلعوا عالسطح !!! هيفاء بيطار تُمثل يارا ذات السنوات التسع، شريحة كبيرة من الطلاب السوريين، يارا التي نزحت مرتين، المرة الأولى من حمص إلى حي جرمانا في دمشق قبل أن يأتي دوره في القصف، والمرة الثانية من دمشق بعد إصابة المنزل الذي استأجرته أسرتها في جرمانا بصاروخ أدى إلى تهدمه كلياً، ومن حسن الحظ أنها وأهلها لم يكونوا في البيت. حالياً أسرة يارا تسكن في حي شعبي هو الرمل الفلسطيني في اللاذقية. تهدر يارا وقتها في اللعب مع الأطفال المكوبين مثلها في شوارع قذرة تزينها هضاب حقيقية وعملاقة من القمامة! وبما أن موعد المدارس قريب شغلتني أسئلة عدة: هل سيذهب الأطفال إلى المدرسة؟ وهل من مدارس أصلاً في سوريا بعد أن صار معظمها مأوى للاجئين، أو بعد أن تهدم .الربيع العربي جر وراءه خريف دراسي، منظر الأطفال في حي الرمل الفلسطيني في اللاذقية يلعبون ويصرخون بقرب هضاب القمامة يجعل الإنسان يخجل كونه إنساناً، كانوا أشبه بقطط وكلاب الشوارع، هائمون وتائهون، بلا مأوى ولا رعاية، وبعض هؤلاء الأطفال ينبش في القمامة باحثاً عن طعام لم يفسد كلياً. استوقفتني يارا بين حشد الأطفال، بعد أن صرخت مُبتهجة أنها وجدت في القمامة كيساً من الرز اللذيذ، التهمته بسرعة خوفاً أن يقاسمها الأطفال غنيمتها، اقتربتُ منها وأنا أقاوم عاصفة غثيان من رائحة القمامة، وأغويتها كي تتحدث معي بأن قدمت لها عدة قطع من الحلوى، خطفتها من يدي وخبأتها داخل ثوبها العتيق، وجدتني أسألها عن المدرسة فقالت إنها في الصف الثالث، واستدركت قائلة: حين كنت في حمص. فالنزوح الأول ثم الثاني جعل من المستحيل أن تلتحق بالمدرسة. وسألتها: طيب ألم تذهبي إلى مدرسة و... لم تتركني أكمل، انفجرت بضحك صاخب آلمني ذلك، فقد بين لي كم هي متألمة ومرتبكة بألمها لدرجة لا تجد سوى الضحك الهستيري عوضاً عن البكاء، تجمهر الأطفال حولنا وبدت لارا راغبة بالكلام عن مدرستها أمام جمهور من المشردين، الأطفال السوريين المنكوبين والنازحين: وضعت يديها القذرتين على بطنها وانطوت من الضحك ونظرت إلى رفاقها وقالت بصوت يتقطع من الضحك: الآنسة تسألني عن المدرسة! فاستفزتها طفلة تماثلها في العمر وقالت لها: طيب إحكي لها عن مدرستك. تمالكت يارا نفسها ونظرت إلي بلامبالاة وقالت: مدرستي في حمص جميلة جداً، تصوري باحتها تغص بالأزهار وفيها شجرة بلوط عملاقة، نحفر على لحائها أسماءنا ونكتب أيضاً كلمات وأشعاراً، لكن لما أخذتني أمي إلى المدرسة يوم افتتاحها ـ تحكي يارا قبل سنه من الآن ـ لم أصدق أن هذه هي مدرستي، رأيت أطفالاً يتغوطون في باحة المدرسة ورجالاً يفترشون الأرض. هرعت إلى صفي فصعقتُ أن السبورة مثقلة بالمسامير التي علقت عليها الثياب المغسولة والقذرة، وأن بعض الرجال والنساء يحملون فؤوساً لكسر المقاعد وإشعال النار في خشب مقاعد الدراسة للطهو والتدفئة، وجدتني كالمجنونه أبحث عن مقعدي الذي حفرت عليه حرف اسمي داخل قلب يخترقه سهم. لم تعرف لارا أن السهم الذي رسمته على مقعدها قد أصاب قلبها حقاً. وتكمل يارا: لا أعرف لماذا نزعت شرائط شعري الملونة الجديدة ومزقتها وأنا أبكي، حتى اقتربت مني إحدى النساء وسألتني: خير يا ابنتي من أين أنت نازحة؟ ما بك هل ضيعت أهلك؟ هل ماتوا؟ هربت، وصرخت بأمي هذه ليست مدرستي، هذه ليست مدرستي، ووعدتني أنها ستأخذني إلى مدرسة أخرى، لكنها اخذتني إلى مدينة أخرى بعد أن قُصف بيتنا في حمص، ووجدتني في جرمانا لدى أقارب يتضجرون منا، ثم هوى صاروخ على منزل أقربائنا فنزحنا كلنا إلى اللاذقية وهنا ..قاطعتها لأسألها: يعني يا يارا، ألم تتعلمي شيئاً خلال عامين؟ انفجرت بالضحك وقالت: أجل أجل تعلمت، ثم مسحت وجوه رفاقها المُتعبة البائسة الطفولية بنظرة تواطؤ وقالت كما لو أنها تنطق نيابة عنهم: نعم يا آنسة تعلمنا، قالوا لنا في الغرفة الحقيرة التي ذهبنا إليها ذلك اليوم: شوفوا يا أولاد إذا صاروخ نزل على بيتكم لازم تنزلوا الملجأ، وإذا كيماوي نزل وانضرب عليكن لازم تطلعوا السطح. جمدني كلام يارا البسيط لكنه يلخص جوهر المأساة. فمدارس سوريا تنوس بين ملجأ وسطح، يحيا العلم، فعلاً العلم نور، لكن ألا يبدو الحديث عن المدارس ضرباً من الترف والتفاهة في وطن تحول إلى ساحة للمجازر ولاختبارات كل أنواع الأسلحة المُتطورة، أليس من المعيب أن نرى طاقماً من العلماء الأنيقين يقفون أمام الكاميرا ويشرحون للعالم التواق للعلم والمعرفة تأثير الغاز الكيماوي على الأحياء وأمامهم قفص زجاجي كبير فيه حيوانات تجربة! أظن الحيوان كان نعجة، كانت تقوم بحركات هوجاء وتلطم نفسها بأطرافها وتدور رأسها كالمجنونة لأنها تختنق، ربما لم يتسع قفص التجربة لوضع مواطن سوري، ربما الشرح المبدئي على حيوان أسهل، أما التطبيق الواسع فعلى الشعب السوري، الذي يكاد يفقد عقله من هول إجرام العالم، منظر أناس يحدثون أنفسهم في الشارع صار عادياً، حالات الاكتئاب المُروعة صارت عادية أيضاً، يكفي أن نلقي نظرة سريعة لما يكتبه السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي لندرك هول الآلام والانهيارات النفسية التي يعانون منها، وسادة العالم يحكون بالخطوط الحمراء، التي يبدو أنها تحولت إلى أشعة حمراء لحرق الأخضر واليابس وحرق الأمل وحب الحياة في نفوس السوريين. تركتني يارا أسيرة ذهولي وسؤالي الغبي عن المدرسة والعلم، عن حال ملايين الأطفال السوريين المحرومين من العلم والذين يعيشون في خيم بائسة إن لم يُقتلوا أو يُعطبوا أو يجنوا، العلم الوحيد الذي قُدم لهم: إذا نزل عليكم صاروخ إنزلوا الملجأ، وإذا نُسفتم بالكيماوي إطلعوا إلى السطح. يحيا العلم في سوريا!! نقلا عن جريدة السفير |
4 أعضاء قالوا شكراً لـ مجرد إنسان على المشاركة المفيدة: |
30-08-2013, 12:21 AM | #52 |
عضو أساسي
شكراً: 5,792
تم شكره 3,932 مرة في 660 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
مساء الخير للجميع الله يحميكم جميعا |
30-08-2013, 12:24 AM | #53 |
عضو أساسي
شكراً: 5,792
تم شكره 3,932 مرة في 660 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
مساء الخير مدام ام معاذ افتقدناكي انا و الصالون مجرد وجود اشخاص يشعرني بالسعادة و التفاؤل اتمنى ألا تفقدونا متعة وجودكم الحزن كبير و انا مقدر ذلك و لكن بلا امل لاقيمة للحياة أنيروا صفحتكم بوجودكم لتشعلوا امالنا |
30-08-2013, 01:00 AM | #54 |
عضو أساسي
شكراً: 5,792
تم شكره 3,932 مرة في 660 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
|
30-08-2013, 01:02 AM | #55 |
عضو أساسي
شكراً: 7,450
تم شكره 8,841 مرة في 2,338 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
التعود على المأساة السورية رجل يحمل طفلين بعد انفجار في الرقة (ا ف ب) هيفاء بيطار من أجل رند كنت مستعدة أن أذهب معها إلى آخر العالم، لكن آخر العالم في سوريا هو مراكز توزيع المعونات للاجئين! التقيت رند في العيادة العينــية في المستشفى الوطني. كانت في الثانية عشرة من عمرها، وتضع نظارة طبـــية مهترئة، وثمة سلك حديدي يصل قطعتي النظارة المكسورة. لم تستوقفـــني رند لأنها نازحة من حلب، فقد اعتدت ُ- رغما عني - على النازحين أحبائي السوريين. لكن ما أدهشني حقا أن هذه الطفلة لم تفقد حيوية روحها، لم يخبُ بريق عينيها، ولم يجف صوتها ويذبل. كانت برفقة امرأة غارقـــة في السواد أشبه بصنم، لا تتكلم وتبدو في عالم آخر، كـــما لو أن روحـــها مخطوفة. سألت رند: أهي أمك؟ ابتسمت، وقالت: لا هذه خالتي. فسألت: أين أمك ؟ قالت: أمي في البيت. لا يجوز أن تخرج منه لأنها في العدة، فقد وضعت طفلة ووالدي وأخي ماتا في حلب بعد سقوط الصاروخ على بيتنا. هممت أن أسألها إن كانت قد شاهدت الصاروخ كيف يسقط ويقتل أباها وأخاها، لكني لم أجرؤ على السؤال. لم أكن بقادرة على تحمل جوابها مهما كان. كنت جبانة إذ صرت أخشى حقا أن يُغمى علي وأنا أرى معاناة أطفال سوريا تحديدا. وبدا جواب رند بالطريقة الطبيعية التي تحكي فيها، فضيحة عصرنا اللاأخلاقي. لم تنس رند أن تسرح شعرها الأسود الطويل وأن تربطه بمطاطة زرقاء. لم تنس أن تضع بضعة مناديل ورقية في حقيبتها الصغيرة الخاوية، وأن تخرج منديلا لتمسح قطرات العرق عن جبينها، وهي تبتسم لي بعذوبة، وتقول: كم يختلف مناخ حلب عن مناخ اللاذقية، هنا الرطوبة عالية جدا. في حلب لا نتعرق هكذا! فكرت أن رند مشتاقة للابتسام، مشتاقة لطفولتها التي لا تريد أن تعترف أن الصاروخ نسفها، كما قتل والدها وأخاها. ابتسامة رند المُشعة جعلتني أذوب حبا لكل أطفال سوريا. قلت لها: كم كان عمر والدك وأخيك؟ قالت أبي كان عمره 45 وأخي تسع سنوات لما قتلهما الصـــاروخ!. أردت أن أقـــول لهـــا: أحســـنت، إذ تحـــددين ســـبب الوفـــاة. عرفت من المرأة الصنم التي ترافقها أنهم نزحوا من حلب واستأجروا بيتا في حي الرمل الفلسطيني، وأن أختها، أم رند، مصابة بصدمة عصبية بعد موت زوجها وإبنها، وبأنها بالكاد تعتني بالطفلة الرضيع. أما الخالة المرأة الذاهلة فقد توفي زوجها برصاص قناص، وابنها مفقود لا تعرف هل هو حي أم ميت، والأختان لا تعرفان اللاذقية أبدا وتفتشان عن مراكز لإعانة النازحين. اتصلت بإحدى المؤسسات التي تعني بالنازحين وكتبت للمرأة العنوان، ووعدت رند أنني سأغير لها النظارة، فشع وجهها بابتسامة، ووجدتني أردد: رند المُنتصرة! أليست الإبتسامة أكبر نصر؟ بعد أقل من ربع ساعة اتصلت بي خالة رند تبكي، وقالت: يبدو أنني تهت، أرجوك ساعدينا. قلت لها: انتظري أنا قادمة حالا. من أجل رند كنت مستعدة أن أذهب حتى آخر العالم، ووصلت إلى المركز الذي يقدم مساعدات للنازحين السوريين، كانت شمس من رصاص تصهر مئات النازحين وتُخمرهم بالعرق والرطوبة، ورند ركضت نحوي مبتسمة ورمت جسدها النحيل في حضني وهي تقول: شكرا لأنك أتيت. ثم مسحت بخار الماء عن نظارتها الطبية المُخلعة، وقبل أن أشق لنفسي طريقا وسط حشد النازحين انفجر شجار مدو لم أستطع أن أحدد بدقة أطرافه، لكن ما فهمته وسط سيل الشتائم أن نازحات عدة من الحفة لم يحظين بالمعونات، لأن الحفة منطقة آمنة! هكذا قالوا لهن! صوت إمرأة يمزق الهواء تصرخ: أي أمان هذا؟! يا أخي تدمر بيتي في الحفة، وأعيش مع أسرتي في كاراج للسيارات سمح لنا أحد المُحسنين أن نعيش فيه، فأي أمان هذا؟ اذهب إلى الحفة، هل ترى حياة؟ والله مثل صمت القبور! وجدتني أهذي ربما بسبب الشمس الحارقة والرطوبة الخانقة وسط لوحة البؤس السوري المُكتمل، وأستعيد لقطات بديعة من فيلم «صمت القصور» للمخرجة التونسية أمينة فيلالي... وربما بسبب الحرارة التي تزيد عن 33 توسع الشجار واشتعل بين نازحة من حلب وأخرى من الحفة، وتبادلت المرأتان الشتائم الفاحشة وكل منهما تعتبر أنها أحق بالمعونات من الأخرى. كانت رند تقف بكبرياء من دون أن تخسر سلاحها إبتسامتها لتذهلني: كيف تستطيع طفلة أن تحافظ على عفويتها وأناقة روحها وسط هذا الجحيم؟. طلبت من المسؤول أن يساعد رند وخالتها فطلب دفتر العائلة، وإن كان ثمة عقد إيجار للبيت الذي يقيمون فيه في اللاذقية، إن كانوا قد تمكنوا من إستئجار بيت ولم يسكنوا خيمة أو ينامو في ظل شجرة؟ لم أتوقع أن رند تخفي عقد إيجار البيت في حقيبتها الصغيرة البالية. قالت لي وهي تقدم الورقة بحرص شديد: خفت أن تضيع أمي الورقة لأنها حزينة جدا ومشغولة بأختي الرضيع. سألتها بفضول لم أستطع كبحه: من أين حصلتم على المال يا رند؟ أطرقت وقد غابت ابتسامتها، ثم تحسست عنقها بحركة لا شعورية، لعنت نفسي لأنني تسببت لرند بتفجر كل هذا الحزن الطفولي في عينيها الساحرتين، لكنها أخذت نفسا ونزعت نظارتها الطبية، وقالت: كنت أملك عقدا وحيدا، سلسلة رفيعة من الذهب تقول أمي إن والدي أهداني إياها حين وُلدت، وتحمل اسمي بالذهب. لقد بعنا السلسلة لنستأجر البيت، لكني أشعر أن السلسلة في يد أبي، كل يوم أراه في منامي يناديني وهو يضحك ويفتح يده لأرى السلسلة الذهبية ذاتها، ثم يُلبسني إياها. شعرت الخالة بالإنتصار حين أعطوها بطاقة تُمكنها كل شهر من الحصول على مساعدات، وأعطوها علبة سمن صغيرة وزيت نباتي وعدة مٌعلبات. وبرغم الحر الذي كاد يُفقدني صوابي اصطحبت رند إلى محل بصريات. كان رجلا عظيما في دعمه للنازحين، وأمام واجهة أنيقة للنظارات الطبية طلبت من رند أن تختار نظارة. لم أفهم لم أصرت أن تستدير بحيث لا أتمكن من رؤية وجهها، وكلما حاولت التحديق بوجهها تناور كي لا أراه، لكنني اكتشفت ان بإمكاني مراقبتها في مرآه جانبية موضوعة فوق رف النظارات. كانت تبكي بصمت، وتتلقف دموعها بطرف منديل مُجعد. شعرتُ أن دموعها تسقط في قلبي كماء من نار، ولم أجرؤ أن أخدش قدسية تلك اللحظة. ترى لأي سبب وسبب تبكين يا رند؟ لأي سبب وسبب تبكون يا أطفال سوريا الذين تشهدون المجازر وتتعثرون ببقايا جثث آبائكم وبقايا دفاتركم المدرسية وبقايا طفولتكم المُشوهة بوحشية الكبار؟ وجدتني أستمد الشجاعة والأمل من ابتسامة رند التي أذهلتني بها أول ما التقيتها، فقلت بصوت يصطنع الفرح: أظن أن الإطار الوردي الفاتح يليق بعينيك الجميلتين يا رند. ما رأيك؟ التفتت إلي فجأة وثمة دموع عالقة بأهدابها، شهقت وهي تقول: ياه هذا ما كان يقوله لي محمد تماما. سألتها: من محمد؟ ردت وقد استعادت إبتسامتها: محمد أخي الذي مات. أكملت عبارتها بقلبي: محمد ابن السنوات التسع الذي قتله صاروخ في بلد الصواريخ والرصاص، سوريا. كم فرحت رند بالنظارة الجديدة، ولا أعرف لم طلبت منها أن تعطيني نظارتها العتيقة المُخلعة. ابتسمت وهي تقدمــــها لي: أتريدينها ذكرى مني؟ قلت لها: أبدا يـــا حبيبـــتي، لن تكـــون ذكـــرى لأننـــا سنلتـــقي دوما. راقبتها تبتعد تمسك يد خالتها التي أصابها داء الخرس لهول المعاناة. وجدتني ذاهلة من عظمة هذا الشعب الذي لا يزال قادرا على الوقوف والمشي! رغم حمم النار الهابطة عليه من السماء والمُتفجرة من الأرض. أليست رند معجزة العصر؟ من يبالي بطفلة عظيمة مثل رند لا تزال بقدرة إلهية قادرة على الإبتسام. فكرتُ وأنا أعصر نظارة رند في يدي، والسلك الحديدي يكاد ينغرس في لحمي، بأننا دخلنا مرحلة التعود على المأساة، وبأن هذا التعود أخطر من المأساة ذاتها. وكم أشفقت على نفسي حين وجدت شيئا من عزاء في أنني اتفقت مع محمد الذي قصف الصاروخ جسده الصغير وأحاله أشلاء، أن اللون الزهري الفاتح يليق برند. |
30-08-2013, 01:11 AM | #56 |
عضو أساسي
شكراً: 7,450
تم شكره 8,841 مرة في 2,338 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
سوريا.. بروفة طبق الأصل من الجحيم صورة وزعها "صحافي" حمصي للدمار الذي حل بمسجد خالد بن الوليد في حمص (ا ب) هيفاء بيطار يتفق السوريون بجميع انتماءاتهم وولاءاتهم، على أن عيشهم صار جحيما، ولو حاولوا تخيل شكل الجحيم فسيكون طبق الأصل ما يعيشونه. ليتني كنتُ أبالغ! بل في الحقيقة أشعر أن لغتي قاصرة عن التعبير عما يعانيه الشعب السوري، ولا تكفي الفضائيات التي تنقل صور المعارك الحية، بأصواتها وصور الدم السوري السخي وأشلاء السوريين... بل يجب أن تُخصص قناة صامتة من دون أي تعليق ولا موسيقى تصويرية لتصور سحنة السوريين المتبقين على قيد الحياة، لتصور الوجوم اليائس الذي تعجز الكلمات عن وصفه، ولتسلط الضوء على العيون المُطفأة باليأس وقد يبست أهدابها من البكاء حتى جف الدمع... ولتصور المظاهر الهستيرية العديدة، والتي يعتبرها الكثيرون عادية، لأن الجنون أو الهستيريا في عالمنا العربي - بشكل عام - لا يُشخص إلا إذا تعرى المرء وركض صارخا في الشارع. ما يحدث يفوق حقا قدرة الخيال على التخيل، وأتحدى أي روائي أن يتمكن من ابتكار تفاصيل يومية لعيش السوريين كما هو في الواقع. لم يعد من شيء اسمه حديث عادي، أي حديث عن فيلم أو مسلسل أو زيارة أو وفاة طبيعية أو رحلة، أو نشاط ثقافي أو اجتماعي أو مدرسي... ألخ. الحديث كله من نوع: فلان استشهد، يكون السؤال: هل استلم أهله الجثة أم لا؟ فلان خُطف، ويكون السؤال: كم المبلغ المطلوب كفدية؟! وعادة ما يكون الجواب لقد دفع الأهل الفدية المطلوبة كما طلب الخاطفون، لكن رغم ذلك قُتل ابنهم. يسأل سائل: طيب لماذا قتلوه وقد قبضوا الفدية؟! حديث آخر يكون من نوع التخمين عن أصوات الإنفجارات الرهيبة التي دوت في اللاذقية. يحاول الناس التكهن وننتظر أن نقرأ شريط الأخبار أو أن تصلنا رسائل نصية عن الإنفجار المدوي. في تلك اللحظة يبرق الهاتف الخليوي لأحد الأصدقاء بخبر نتلهف لسماعه لاعتقادنا أننا سنعرف سبب الانفجار، لكن الرسالة تكون كالتالي: «يمكنكم متابعة كل المحاضرات القيمة لناصر قنديل على الموقع كذا كذا». ثم يؤكد أحد المعارف بأن الانفجار الذي هز اللاذقية كان سببه تفجير مستودعات للأسلحة في الحفة، التي مررت بها منذ أيام وكانت مدينه أشباح بدكاكينها المُحترقة! ولم أمنع نفسي من التساؤل: هل سينبت العناب هذه السنة في الحفة، وهل سيكون طعمه طعم الدم؟! لم يعد فعلا من حديث طبيعي، فالناس يتحدثون عن زيادة الرواتب، ويسخرون من تلك الحصوة التي لن تسند الخابية، لكن ذاكرتي تصفعني بمسرحية قديمة لدريد لحام حين كان يربط قطعة النقانق بالخيط وحال بيعه السندويشة المحشوة بالنقانق كان يسحب الخيط، وتعود له قطعة النقانق. أية زيادة وسط جنون أسعار يومي وغير منطقي!! صُعقت حين اعترفت لي إحدى الأمهات النازحات أن الحليب الذي يعطونه لابنها الرضيع لا يكفيه وأنها تضطر أن تمده باليانسون كي ينسى الرضيع جوعه ويتوقف عن البكاء الذي يتحول إلى أنين، لأن المسكين لا يفهم لم يجوع رضيع؟ لم أتى إلى العالم كي تبدأ معاناته من أيامه الأولى، كي لا يشبع الحليب. أطرقت الأم وقالت: اليانسون يهدئه وصرت أكثر منه كي ينام. بحلقت بها وقلت: لكن هكذا لن ينمو بطريقة صحية ولن... لم تتركني أكمل كلامي، نظرت إلي نظرة لا تخفي سخرية حارقة، وقالت: مش أحسن ما يموت؟. من يدفع الثمن كالعادة هم الفقراء، فسكان حي الرمل الجنوبي والرمل الفلسطيني وبعض الأحياء الفقيرة أذهلهم صدور قرار بأنهم لا يستطيعون الخروج من حيهم واجتياز الحواجز الأمنية، إلا بأن يُبرزوا فواتير الكهرباء والماء! ومن لا يُبرز هذه الفواتير لا تسمح له الحواجز بالعبور ويظل مسجونا في حيه، الذي يتميز بهضاب القمامة المتعفنة! حكت لي إحدى الأمهات، التي تعمل خادمة في البيوت، أنهم بالكاد سمحوا لها بمغادرة شارع الرمل الفلسطيني، حيث بيتها، بعد أن اضطرت لدفع مبلغ ألف ليرة من أصل 10 آلاف ليرة فاتورة كهرباء، ووعدتهم أنها ستزيد من عملها في البيوت كخادمة من أجل دفع باقي المبلغ. قصاصة الورق التي حصلت عليها تحولت إلى خاتم سليمان، إذ لم تبقَ جارة أو قريبة إلا واستعارت منها تلك القصاصة بأنها دفعت ألف ليرة من قيمة فاتورة الكهرباء! والله كدت أموت من الضحك وأنا أستمع لها متخيلة المشهد المُهين والمُخزي للسوريين! كما لو أنه لا يجوز أن نفلت من معاناة أو إهانات. الحديث عن زيادة الراتب يتشعب: أن ثمة قرارا يقضي باقتطاع مبلغ مُحترم من رواتب كل الموظفين بهدف إعادة إعمار سوريا! لا أنسى حالة الهستيريا التي أصابت أحد الموظفين فانفجر بسيل فاحش من السباب، وهو يقول، ولعابه يتناثر كرشاش من الغضب: طيب ما لازم يتوقف الهدم والدمار لإعادة الإعمار!! بعدين نحن شو علاقتنا، ليش نحن اللي عم نهدم!! جمدني انفعاله الصادق وحسدته على جرأته في التعبير، لكن جنون غضبه فتح أمامي تساؤلا أرعبني: من سيعيد إعمار سوريا؟! أين هو الجيل الشاب الطموح، صحيح النفس والجسد الذي سيعيد إعمار سوريا؟ ولو استمر موت الشباب العبثي المجنون واللامعقول بهذه الطريقة سيكون على الأمهات الثكالى والزوجات والحبيبات الثكالى والمفجوعات أن يعدن إعمار سوريا؟! ستتحول سوريا إلى عاصمة لفنتازيا الإجرام في الكرة الأرضية، حيث نجد الرجال متكومين في مقابر جماعية أو محتشدين بصور نعواتهم على الجدران والأشجار، وسيكون على النساء اللاتي تمكن من الحفاظ على بقايا عقل وبقايا منطق وبقايا همة للعمل، أن يعدن إعمار بلد بلا رجال وبالتالي بلا أطفال!. ستلهم سوريا الفنانين التشكيليين والمبدعين الذين لا يطيقون أن يستلهموا إبداعهم من الواقع، بل من الجحيم أن يتخيلوا كيف سيتم إعمار سوريا التي لن تعود سوريا... ولن يعود السوريون سوريين لأن للدماغ البشري طاقة على التحمل. سوريا الآن مستودع للسلاح وللموت وللدمار ولليأس القاتل، سوريا هي بروفة للجحيم، والبعض يؤمن أن الفردوس والجحيم هما فعليا على الأرض. السؤال اللجوج الذي لا يرحمني: لماذا يريد العالم تدمير سوريا إلى هذه الدرجة؟! وكل التحليلات والمقالات التي قرأتها لم تقدم لي جوابا شافيا. ثمة شر مُطلق، نقي، غير مغشوش بشيء من رحمة يصب حممه ونار انتقامه على السوريين، وفي سوريا التي ما عاد فيها شيء طبيعي. |
30-08-2013, 01:53 AM | #57 |
متابع جديد
شكراً: 0
تم شكره 53 مرة في 10 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
بلادي وان جارت علي عزيزة أهلي وان ضنوا علي كرام يذهب كل شيئ ويبقى الوطن ما بقيت السماوات والأرض .. مهما كان عذرك للخيانة فلا عاذر لك.. الوطن لا ينسى من غدر به وخان الخيانة: تبقى خيانة وجه قبيح لا يجمله شيئ وان صفح عنك كان من كان ولاي غاية ... تذكر ان الوطن لا يصفح والتاريخ لاينسى سيبقيان يذكران الخائن ولا يغفران لخائن ابدا مساكن سعيد ... ربي يحمي بلدنا |
30-08-2013, 02:23 AM | #58 |
مشرفة
شكراً: 38,651
تم شكره 41,326 مرة في 8,578 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
"ان الارادة التي لا تؤثّر لايعوّل عليها" محي الدين ابن عربي |
30-08-2013, 02:26 AM | #59 |
مشرفة
شكراً: 38,651
تم شكره 41,326 مرة في 8,578 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
" نيرون مات ولم تمت روما بعينيهاتقاتل وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل " محمود درويش |
30-08-2013, 08:32 AM | #60 |
عضو أساسي
شكراً: 20,745
تم شكره 20,602 مرة في 2,748 مشاركة
|
رد: صالون سيرياستوكس للعطلات(29-30-31-8 &1ايلول)- 2013
صباح الخير النا 3 اسابيع و المي مقطوعة عم نعبي من الصهاريج الزراعية اذا صحلنا حدا يرضى يبيع متر ماء و بالسعر يلي بدو اياه.. من يومين صارت جريمة قتل بسبب المي واحد قتل شوفير التراكتور لأنو ما عبالو دغري متل الافلام سحب المسدس و قوصو 3 رصاصات .. كأنو عم ينتقم من كلشي بهالدنيا الشوفير شب فقير .. و زحمة و طلب كتير كبير عالمي .. الناس تغيرت كتير و صارت البارودة و القنبلة هي اللغة السائدة بكلشي .. الله يرّحمنا و يتلطف فينا |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
صالون سيرياستوكس للعطلات ( 22&23&24&25 )-8-2013 | omar1964 | صالون سيرياستوكس بعطلة التداول | 65 | 26-08-2013 01:22 AM |
صالون سيرياستوكس للعطلات ( 15&16&17&18 ) - 8 - 2013 | abu mhd | صالون سيرياستوكس بعطلة التداول | 216 | 18-08-2013 04:58 PM |
صالون سيرياستوكس للعطلات (9&10&11&12)-5-2013 | abu mhd | صالون سيرياستوكس بعطلة التداول | 204 | 12-05-2013 04:42 PM |
صالون سيرياستوكس للعطلات(24-25-26-27)-1-2013 | رندة | صالون سيرياستوكس بعطلة التداول | 148 | 28-01-2013 01:10 AM |
صالون سيرياستوكس للعطلات(3-4-5-6)-1-2013 | رندة | صالون سيرياستوكس بعطلة التداول | 178 | 07-01-2013 08:13 AM |