القروض
المتعثرة و
السرية المصرفية معادلة منتاقضة في
سوريا .
بدلاً من أن يتراكض أصحاب
القروض الضخمة إلى المطالبة بقانون
السرية المصرفية الذي يقدم التسـهيلات اللازمة لتغطية : (لتهرب الضريبي ، غسيل الأموال ، تمويل الارهاب ، تضليل المقرضين من أفراد و بنوك خاصة محلية و اقليمية) .
عليهم أن يبادروا إلى تســديد قروضهم
المتعثرة أو الدخول في مفاوضات مع الجهات البنكية المقرضة ، بدلاً من الهروب من هذه
القروض ، و انتظار "انهيار الليرة السورية المزعومة " لإعادة تسـديد هذه
القروض ، علماً أن الأســماء المعلنة لديها من يكفي من الأصول الثابتة و المتداولة لإلقاء الحجز عليها لصالح أموال المقرضين أولاً ، و أموال المسـاهمين الصغار ثانياً .
لم يكن مســتغرباً خلال الأشـهر الستة الماضية الحملة الكبيرة من الاسـتقالات الجماعية في المناصب التنفيذية الرفيعة و أعضاء في مجالس إدارة البنوك الخاصة السـورية التي ســهلت تقديم هذه
القروض و التي بالتأكيد مخالفة للشروط المتعلقة بتقديم القرض البنكي أولاً ، و متعارضة حتى مع توصيات مؤتمر بازل (2) من حيث الضمانات البنكية و الموازنة بين حجم
القروض البنكية و رأس مال البنك الخاص .
بالتأكيد فإن طبقة رجال الأعمال الجديدة نسبياً قد اسـتفادت كثيراً من البنوك الخاصة لتحويل أموال الطبقة الوسطى المودعة إلى جيوبها أولاً و " نهب " أموال المسـاهمين الصغار و المتوسـطين ثانياً في عملية " نهب وطنية و ممنهجة بكل معنى الكلمة " ففي الوقت الذي امتلأت الصحف في عقد التسعينيات و بداية العقد الأول من الألفية الثانية بسـوء القطاع المصرفي العام و حالات الفساد فيه و ضعف الأداء البنكي العام ، طل علينا قانون ترخيص المصارف الخاصة عام 2005 ليكون من المفترض انطلاقة للقطاع " الوطني " الخاص ، و أشــدد هنا على كلمة الوطني ، فكان من المفترض أن تدعم البنوك الخاصة عجلة الاقتصاد الوطني ، لكنها في الواقع كانت " الرافعة و الداعم " لعجلة الاقتصاد "المتسـلق " الذي يجعل الأموال العامة تدور في حلقة ضيقة من رجال الأعمال و أعضاء مجالس الإدارة و كبار الموظفين التنفيذين ، و أما المقرض لأمواله فعليه الحصول على العائد من الفتات ، و المسأهم الصغير و المتوسط يحصل على عائد ســنوي لا يزيد في أفضل البنوك الخاصة أداء على " العشرة بالمئة " .
لقد طبقنا الرأسمالية أو اقتصاد السوق الاجتماعي بأسـوأ أشــكاله و أكثرها قرفاً على الاقتصاد السـوري ، فدخلنا أوســع أبوابه الســفلية بدلاً من أبوابه العلوية ، و ذهبت ما ناضل فيه الاقتصاد الاشتراكي الفقير من أجله ، و كأننا كان يجب أن نأخذ أسـوأ مافي الاقتصاد الاشــتراكي و أسوأ مافي الاقتصاد الرأســمالي ، لنخرج باقتصاد سوري فاســد و لا يتبع أي نظرية اقتصادية إلا نظرية واحدة و هي " نظرية الفسـاد " .
د.محمد وائل حبش