الاسمر

للأسف الشديد تكمن المشكلة عند المضارب في الفهم الخاطئ لدور المركزي في قيمة العملة. المركزي يمكن ان يؤثر في سعر العملة وليس قيمتها. بمعنى آخر، المركزي يتدخل كمضارب قوي وذلك فقط بسبب انه يمتلك القوة الشرائية للسلعة او العملة. هذا يجعل منه مضارباً مؤثراً على سعر العملة وليس قيمتها. ما يحصل هنا انا المضارب الاصغر (الفرد) يتبع المضارب الكبير بطريقة لا ارادية ويبيع ويشتري على هذا الاساس. المطلعين على اسواق الاسهم العالمية يلاحظون ان سعر السهم في شركة ما يهبط او يرتفع مع اقبال مسثمرين برأووس اموال عالية على بيع او شراء السهم (في حال الشراء يرتفع السعر وفي حال البيع ينخفض). اي ان هذا يخلق عرض وطلب على السهم بعيداً عن القيمة الحقيقية له.

ما اريد ان اقوله هنا ان لو لم يكن سوق بيع وشراء من الاساس لما كان هناك تغير في سعر العملة. اي ان ما دفع السعر للارتفاع من الاساس هو اقبال المضارب على الشراء وهو للأسف مضارب لا يعتمد على تجارة خارجية بل السبب هو الخوف من تدهور العملة. وهذا تحديداً ما خلق سوق سوداء رأت تتأثر بعوامل مختلفة عن المحرك الرئيسي لقيمة العملة.

لو كان لأي بنك مركزي في اي دولة ان يتحكم بقيمة العملة لرأينا دول سياسات تنخرط في هذا المجال ترفع وتخفض من قيمة عملتها لتخدم مصالح معينة. والسؤال اللذي يطرح نفسه هنا هل الدول المصدرة تستفيد من رفع او خفض سعر عملتها؟ الجواب هو طبعاً من الرفع لأن المستورد سيشتري بعملة اجنبية وسيكون لهذه العملة قيمة شرائية اكبر وبالتالي سيزيد حجم التصدير وهو بحد ذاته دعم للاقتصاد في البلد المصدر.

لا اريد الدخول في تفاصيل اكثر لكن النقطة الاساسية هنا هي الاجابة على السؤال التالي:
ماذا سيحصل لو توقف المستهلك قطعياً عن بيع وشراء العملة الاجنبية؟

الجواب هو كالتالي: سيتوقف تدريجياً المتاجرة بالسوق السوداء، مما سيخفض من سعر العملة الاجنبية، وتنحسر فقط في الاستيراد. في الوقت الراهن عندما يرى المستورد ان سعر العملة الاجنبية مرتفع فلن يحقق مربح في عملية الاستيراد وبالتالي لن تتم. هذا بحد ذاته سيخلق انخفاض اخر بالطلب على العملة الاجنبية ويخفض من سعرها المحلي اكثر.

للأسف ان ما يحصل هو ان اسعار السلع ارتبط بسعر الدولار ولكن اين الرابط عندما تكون السلع باغلبها محلية المصدر؟ وهل سيبقى هذا الرابط الوهمي لفترة طويلة بعد استقرار المناخ الاقتصادي والسياسي؟