حكم جركو

الأخوة الأعزاء:

سأحدثكم حديثاً صريحاً من القلب ...فهذا الوقت لا يحتمل إلا الصراحة والوضوح...وأتمنى أن لا يظن أحد أن الكلام

موجه لشخصه.. فكلنا أخوة ونعاني مانعاني ...وهذه مجرد خواطر ونصح أبدأ به نفسي وأنقلة لأخوة أعزهم وأتلمس

مخاوفهم:

بدايــــــــــة أنني لا أنصح أي شخص بمغادرة سوريا اليوم لعدة أسباب:

1- هذه بلدنا التي تدمر وتعاني اليوم.. وهذا وطـن وليس فندق نتركه عندما تتقلص خدماته ونحن لسنا طرفاً ثالثاً غير

معني بشيء ...ماوصلت إليه البلد اليوم من إفراط بالأستبداد والقمع مسؤولية يتحملها كل سوري لأنه متسبب بها

بضعفه أو تقصيره أوخوفه القديم إن لم يكن هو فأسلافه

من قبله وعلينا اليوم دفع ثمن تقصيرنا وإهمالنا كسوريون .

2- إذا سافر المثقفين والمتنورين والأثرياء ومتوسطي الحال وحتى الفقراء بإمكانهم السفر فلديهم أولاد أو أقرباء

بالخارج سيسعون لتأمين سفرهم فلمن سنترك سوريا ...هل نستورد لها مواطنين ...أم أن أدارتها ورعايتها مسؤولية

المعدمين لأن لا خيار أمامهم سوى الصمود بربكم هل ترون أن هذا هو الحل الصائب؟.

3- هل رأيتم النظرة التي ينظرها إلينا أي عربي عندما يعلم أن الذي أمامه سوري وغادر بلاده ...

نظرة شفقة....أو ربما غيرها... صدقوني إن الموت أهون علينا من هذه النظرة وأنا أقول لكم ماحدثني به أحد الأصدقاء

الذي غادر وتعرض لذلك فما أقوله عن تجارب أشخاص وليس أفتراضات.

4- أكثر من ذلك ماذا ستقولون لأهلكم الذين تحملوا الويل عاماً ونصف وقدموا الشهداء ودمرت بيوتهم ؟

لا تؤاخذونا....لقد خفنا على أرواحنا وأعراضنا ....وهم أليس لهم أرواح وأعراض؟؟

5- اليوم علينا أن نعلم كلنا أن أي مكسب حققه سوري في أي بقعة من بقاع الأرض : جنسية أكتسبها بأمريكا بقانون

حالي كما قال أحد الأخوة....أو إقامة بأوروبا....أو مساعدة من هيئة اللاجئين السوريون ....تصوروا لقد أصبح لدينا

هيئة لاجئين!!!...تخفيض يإيجار مسكن أوتعرفة نقل .....المسافر منكم يعلم دقة ماأقول السوري له تعرفة مخفضة عند

العديد من الأشقاء....الخلاصة أن أياً من هذه الفوائد هل تعلمون ثمنها ....ثمنها دم ودم ودم ...أخوة لنا رابطوا وتحملوا

وعانوا...ونحن اليوم نرد إليهم الجميل بالسفر....

6- ماذا سنقول لشهدائنا ...رجالاً .....شباباً........أطفالاً......شيوخاً.

7- غير ذلك...لو كان عدواً خارجياً يقصفنا اليوم ...هل كنا سنغادر أيضاً ؟

8- وأقول أيضاً صدقوني مخاطر السفر معادلة لمخاطر البقاء ....لا تستغربوا وسأقول لكم كيف

أولاًـ أنت حين تسافر ستترك خلفك عائلتك ...سافرت أنت ماحال أختك وزوجها وأولادها...ماحال أخوك وأولاده....ماحال

عماتك وخالاتك أعمامك وأخوالك وأولادهم وعائلاتهم ....ماحال أصدقائك الذين هم أغلى عليك من أخوتك؟؟؟

ثانياًـ مالياً أنت تخاطر بكل ممتلكاتك في سوريا وتنفق كل ما معك بالخارج...تقولون كيف؟

سأقول لكم ...منزلكم الفارغ ومكتبكم الفارغ لن يبقى فارغاً سيسكنه من يحتاجه...هل فكرتم في مخاطر ذلك أيضاً؟

كلام ليس عبثي حدث في عام 1967 أذ سكنت أبنية فارغة في برزة ممن أضطر للنزوح وهو ساكنيها لليوم.

أيضاً في لبنان كل من غادر فقد منزله ودفع نصف ثمنه ليستعيده.

لا أقول أن هذا يقيناً سيقع ولكن على المسافر أن يتوقع أحتمالية حدوثه .

9- ثم قد تتعثرون تجارياً بالخارج وتتكبدون خسائر فادحة فمشاريعكم رسمت على عجل وبدون دراسة والخسارة

بالخارج كارثية ...إنكم تبنون توقعاتكم على سيرة ناجحة ولكن هناك المئات ممن فشلوا وخسروا وندموا؟؟

وسكان الدول الأخرى ليسوا ملائكة فيهم اللصوص والقتلة ...

8-ماآراه أننا أصبحنا جميعنا اليوم نعلم حجم ما ينتظرنا وقد أعطتنا الأيام السابقة خبرة و مقدرة على تحمل

الصعاب....الأجدى أن نرابط

ببلادنا فالموت فيها أرحم من مذلة السفر والمقام ... وحالنا من فضل الله أفضل بمئات المرات من احوال أهلنا وأخوتنا

ممن لا يملكون إلا بيوتاً هدمت وعملاً توقف ...ونستطيع أن نتنقل من الأمكنه الساخنة والتي فيها قصف

وأقتحامات الى الأمكنة الأقل سخونه ، ثم نعود لمنازلنا وهكذا حتى يفرج الله كربه وينصر المظلومين والمستضعفين

فهذا وعده الذي لن يخلفه ....وحسبنا الله ونعم الوكيل....