الموضوع: شاميات
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-2012, 04:57 PM
  #3
غسان
مشرف
 الصورة الرمزية غسان
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: دمشق
المشاركات: 6,194
شكراً: 23,193
تم شكره 22,349 مرة في 4,677 مشاركة
افتراضي رد: شاميات


خطافين الزعزع ... بقلم : البراغماتي

في مساهمتي السابقة العامية الشامية لم اسر بكثرة التعليقات وكثرة تداول اللفظات الشامية القديمة بقدر ما سرني روح الالفه والمحبة بين المتحاورين من خلال التعليقات وكأني في حارة من حارات الشام يربط بين أهلها رابط الود . وهذا ما كنت أنشد إليه كما شرحت في مقدمة المساهمة الأنفة الذكر


وكلما قرأت مساهمة عن الشام نشب في القلب اضطرام شوق إلى الماضي وهجر من الحاضر يذكرني بكل تفاصيل بيت جدي وحكاياته وإسرارها
سألته مرة عن ما سمعته عن لفظين كانا يقالان بكثرة – بينط متل حمصه الكي – وبيطلعلي سنجق عرض – فقال لي إن حمصة الكي كانت توضع أسفل الساق فوق المفصل لتحدث مصرفا يخرج منه كل ما يلوث الدم , وكلما خرج شيء يدفع الحمصة إلى الأمام ليخرج وهكذا تتحرك الحمصة بشكل دائم
أما السنجق وهو علم أخضر مزين بالبسملة يستعمل في العروض وكلما بدأ العرض يتقدم حامل السنجق الكوكبة ولهذا سمي الرجل الذي يقاطع فلان من الناس بأي شيء من عمل أو حديث أو فكرة بسنجق عرض
ولا أكتمكم سرا أني كنت أجد صعوبة بتصور ما يقول لي لأنني كنت لا أعرف بعد معنى المصرف والسنجق ومن الصعوبة علي أن أدرك ما لا أعرفه
وفي أحد المرات كنت أسمعه يصف أحدهم - بالا ميمي – وعندما سألته عن معنى تلك الكلمة لم يجبني ومضى دونما اكتراث وبعد أسابيع كنت معه في السوق فأدخلني إلى مكان خلف حمام المؤذن قال لي في ما بعد انه الاميم وشرح لي كيف يوقدون فيه النار لتسخين الماء ورأيت شخصا أغبر الشعر أسود الوجه ممزق القميص الداخلي يحمل القنب وأنواع من الحطب ويضعها في مكان للاحتراق وعندما خرجنا من المكان قال لي جدي ارايت هذا الشخص إنه الاميمي الذي يوقد الاميم ويأتي إليه ليلا بائعي الفول المدمس والبيض المسلوق ليضع لهم قدور من الفخار تحوي الفول أو البيض فيضعها الاميمي بجانب النار حتى تكون صباحا جاهزة . وفي ما بعد علمت أن حي الفواخير في المهاجرين سمي كذلك لأن قدور الفخار كانت تصنع في تلك المنطقة . وقد قال مرة لأبن عمي الصغير– شوف حالك متل الاميمي عالطاءة – ونظر إلي فأدرت وجهي وأنا اضحك . وللحق لم تكتمل الصورة إلا أن رأيت رسما لأحد الرسامين القديرين في دمشق يبدو فيه اميمي على الطاءة( نافذة صغيرة عليها قضبان حديدية ) بملامح تأملية حزينة في منتصف الليل وذلك بعد أن مضى سنين على وفاة جدي رحمه الله
وكان جدي يحب العلم فكان يأتي يراقب دراستي وكتابتي ويهديني ريش التخطيط والمدواة السحرية وهي التي لا ينسكب منها الحبر ولو وقعت وكان في أسفلها قطعة من اللباد تدعى (لئية ) لكي تنزل الريشة عليها فلا تتأذى
ومرة سألني ما معنى أبجد هوز فأجبته الحروف العربية فأعاد السؤال وقال من هذا أبجد فقلت له أي الأبجدية العربية ثم نظر إلي وعلى وجهه علامات الاستياء وقال لي هؤلاء هم ملوك عرب وحاول أن يتذكر شيئا ثم قال أنتظر وذهب الى غرفته وعاد يحمل بعض الأوراق الصغيرة وقال لي اقرأها
قرأت في هذه الورقة ان ابجد كان ملك مكة وهوز وحطي ملوك على الطائف ونجد وسعفص وكلمن ملوكا على مدين وقد أخذت العرب أسماءهم لتجمع الحروف العربية وما تبقى من الحروف جمعت في كلمتان (ثخذ, ضظغ )
ويقول المنتصر المزني :
ملوك بني حطي وسعفص ذو الندى وهوز أرباب البنية والحجر
هموا ملكوا أرض الحجاز بأرضه كمثل شعاع الشمس أو صورة البدر
وتابعت قراءة الورقة وفيها أيضا شعر قالته أخت كلمن عند مقتله
كلمن هد ركني هلكه وسط المحلة
سيد القوم أتاه الو قف نارا وسط ظلة
كونت نارا فأضحت نار قومي مضمحلة


ولشد ما كانت كلمة تتردد كثيرا في الأحياء الشعبية دون أن اعرف أي معنى لها وهي تشبيه الإنسان المستعجل في أمر ما بخطافين الزعزع كأن يقال – لك شبك عمتحوص متل خطافين الزعزع – إلى أن عثرت على كتيب صغير يشرح معنى الكلمة ومن الجدير ذكر المعنى لطرافته وغرابته
فيما ذكر أنه إذا شعرت الزوجة أن زوجها لم يعد يهتم بها وعينه صارت لبرا ينصحها العارفين (الدجالين ) بخطف الزعزع وهو ابن العفريت فتخرج بين المغرب والعشاء من ليلة الجمعة أو الاثنين إلى المقبرة وهي ترتدي نصف ملابسها ( مثلا فستان بكم واحد ) وإذا ما رآها احد يقول الله يستر عليها رايحة تخطف الزعزع وإذا ما وصلت إلى تقاطع طرق في المقبرة تبحث عن حجرا بحجم البيضة وتعود به إلى المنزل فترسم عليه شكل وجه إنسان تزينه من جانب واحد وقد فعلت هي بنفسها ذلك قبل أن تذهب لتخطف الزعزع ثم تضعه في صندوق وتتلو عليه عبارات وأدعية غامضة فيتحرك الحجر داخل الصندوق (لأن ابن العفريت يريد ان يرجع الى والده ) وفي اليوم التالي تأخذ الحجر إلى نفس المكان وقد تزينت بنصفها الأخر وتعود إلى البيت فتجد زوجها بانتظارها ( لان العفريت رضي عنها لاعادتها ابنه له )

التعديل الأخير تم بواسطة غسان ; 25-05-2012 الساعة 04:59 PM
غسان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
7 أعضاء قالوا شكراً لـ غسان على المشاركة المفيدة:
العربي (26-05-2012), fawazz (25-05-2012), najm (25-05-2012), رندة (28-05-2012), سندباد (28-05-2012), Tareq (26-05-2012), عابر مجيب (25-05-2012)